أهم الاستثمارات الرياضية في الجزائر. مع اقتحام الجزائر لعالم الاحتراف في الرّياضة، وانتقالها من مجرّد هواية ومتعة إلى مهنة ومكسب رزق. كان لا بد لها من مواكبة ركب التقدم بمحاولة الاستثمار في أنديتها. لطالما كان الاقتصاد والرياضة توأمان لا ينفصلان؛ ففي حين يشكّل الاقتصاد شريانًا تنتعش الرياضة به، كذلك تعدّ الرياضة أحد الروافد الأساسية للاقتصاد المحلي من خلال الاستثمار فيها. وانطلاقًا من خصوصية الاحتراف الرياضي في الجزائر شُرّعت عدد من القوانين المنظمة للرياضة والاستثمار فيها ومتطلباتها.
يضمّ الاستثمار بالرياضة في الجزائر مجالاتٍ عديدة، كالاستثمار في كلٍّ من المنشآت الرياضية وكذا الطاقات الرياضية. وذلك تيمّنًا بتجارب الأندية الأوروبية كنادي برشلونة وغيره التي شكلت بعوائد مالية تجاوزت مليارات الدولارات إضافةً هامةً للناتج القومي. فتسعى الجزائر لاستبدال الطرق التقليدية في التمويل الرياضي كالتبرعات وإعانات الدولة بطرق أكثر حداثةً تعود بالربح الوفير. وهو ما سنسلّط الضوء عليه في هذا المقال فأرجو المتابعة.
واقع الاستثمارات الرياضية في الجزائر
على الرغم من القرارات الهامة في مجال الرياضة والاستثمار الرياضي التي أصدرتها الحكومات الجزائرية المتوالية منذ استقلال الجزائر، إلا أنه ما زال يعاني اليوم من العديد من المشاكل. تعود في معظمها إلى تحجيم دور القطاع الخاص والاعتماد على الإعانات الحكومية التي حافظت على حقوق الملكية، كما ضمانات الائتمان في البنوك الجزائرية والقروض المتوسطة والطويلة الأجل واستثمارات بيع الأسهم وغيرها. وهو ما ظهر عام 2010 من خلال شركة مساهمة ذات الطابع المالي التي أسستها الدولة لتسيير النوادي الجزائرية وإدارتها والإشراف على الاستثمار الرياضي. بالإضافة لصدور المرسومين التنفيذيين 17/101 والمرسوم 16/261 الذين وبموجبها استثنى المُشرِّع الاستثمار الرياضي من الأنشطة المستفيدة من قانون الاستثمار. وبذلك يبقى الاستثمار الرّياضي في الجزائر غامض بعض الشيء وبحاجة لتغيير جذري والتحوّل من إدارة الهواة للأندية إلى الاحتراف.
مجالات الاستثمارات الرياضية في الجزائر
تختلف طرق الاستثمار الرياضي ومجالاته في الجزائر بين نوعين محددّين هما:
- الاستثمار الرياضي بالمؤسسة الرياضية: حقوق البثّ التلفزيوني والإعلان، ورعاية الفرق الرياضية، واستضافة الفرق الأجنبية، وحقوق الحصول على ريع تذاكر المباريات، وبيع وشراء اللاعبين، وإنشاء مدارس ومراكز التدريب الرياضي وغيرها.
- الاستثمار العام في المؤسسة الرياضية: كالمراكز العلاجية، والصالات، والمطاعم، ومحطات الوقود، وتنظيم الدورات، وبيع الملابس، والأحذية الرياضية، واستغلال المنشآت الرياضية في نشاطات وأحداث عامة وغيرها.
ومن أهم الاستثمارات الرياضية في الجزائر ما يلي:
الاستثمار في الإعلام الرياضي الجزائري
تلعب القنوات الإعلانية بمختلف أنواعها من تلفاز ومجلات ووسائل إلكترونية دورًا هامًا في تسليط الضوء على القطاع الرياضي في الجزائر، وربطه بالمجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية. ممّا يساهم في التشجيع على الاستثمار في المجال الرياضي، من خلال تناوله مواضيع الدعاية والإعلان والإشهار للمؤسسات الاقتصادية، ويستقطب المزيد من المستثمرين، حيث تساعد القنوات التلفزيونية في التعريف بمحتوى دفتر الشروط الخاصّ بكلّ نادي، ويوسّع القاعدية الجماهيرية من المتابعين. وعلى الرّغم من ذلك إلا أنّ القطاع الإعلامي قد يلعب دورًا سلبيًّا في المرحلة الراهنة؛ لأنه يعكس صراعات الوسط الرياضي التي مازال يعاني منها، بالإضافة لهشاشة الأساس القانوني والتنظيمي لقطاع الرياضة والإعلام، لذلك ما زال الإعلام الرياضي بمختلف أنواعه غائبًا عن الساحة حاليًّا.
رعاية الأندية الرياضية في الجزائر
تخضع جميع الأندية الرياضية في الجزائر لرعاية الدولة، لذلك يعاني الاستثمار في هذا المجال من الضعف، بسبب سوء الإدارة المالية، ونقص التمويل للمنشآت الرياضية، وتهميش دور التسويق في تأمين الدخل المادي للنادي. وبذلك لا تتوفّر في الأندية الجزائرية فرص الاستثمار فيها. ولكن تبقى الآفاق المستقبلية مفتوحةً أمام تنويع مصادر الرعاية للأندية الجزائرية وآلياته، من خلال مجموعة من القوانين والتشريعات التي تنظم عمليات التسويق والإعلان بالاعتماد على الأندية المحترفة أو الرياضيين أو الهيئات الرياضية.
الاستثمار في المدارس الكروية الجزائرية
بغرض استهداف الطاقات الرياضية الفردية، والاستفادة منها لاحقًا أنشئت المدارس الكروية في الجزائر، بحيث تستقطب مختلف الفئات العمرية لتكوينها وصقل موهبتها وتدريبها على الاحتراف مستقبلًا. على سبيل المثال أكاديمية برشلونة واسي ميلان وبارادو حيث استطاعت الأخيرة أن تصدّر للعالم نخبةً من اللاعبين المحترفين، من خلال اتباعها إستراتيجية البحث والتنقيب في أرجاء القطر الجزائري عن أفضل المواهب بغضّ النظر عن الربح المادي. ويكمن الدور الأساسي للمدارس الكروية في الاستثمار الرياضي في رفد الأندية بلاعبين محترفين، مما يرفع سوية تلك الأندية ويسلّط الضوء عليها كفرصٍ استثمارية. بالإضافة لما تحققه من عائدٍ مادي من خلال الاشتراك فيها.
الاستثمار في بيع وشراء اللاعبين الجزائريين
استخدم الجزائر في السنوات الأخيرة إستراتيجيةً ذكيةً في استثمار اللاعبين، من خلال البحث عن مواهب شابة من بعض الدول الإفريقية وتطويرها وإعدادها حتى يصبحوا لاعبين محترفين، ومن ثمّ اشراكهم في البطولات المحلية والدولية. مما ساعد على التسويق للأندية واللاعبين الذين شكّلوا فرصةً استثماريّةً من خلال بيعهم وفسح المجال لشراء مواهب جديدة. إلا أن الجزائر يعاني أيضًا من مشكلتي ارتفاع أجور اللاعبين المحليين الذي تجاوز لبعضهم 200 مليون سنتيم ممّا شكّل ضغطًا على خزينة الدولة، ومن مشكلة عجز الأندية عن الاحتفاظ بنجومها أمام العروض المغرية التي تقدمها أندية عالمية؛ فسببت هجرة اللاعبين المحليين الباحثين عن الأموال ضعفًا في مستوى البطولات المحلية.
أحكام الاستثمار الرياضي في القانون الجزائري
منذ أن استقطب القطاع الرياضي في الجزائر الأضواء إليه كأحد سبل دعم الاقتصاد المحلي، صدرت القوانين المنظمة للقطاع بنية تهيئته ليتلاءم مع خطط الاستثمار الرياضي. فصدر المرسومان التاليان:
الاستثمار الرياضي في الجزائر وفق القانون 13/ 05
صدر القانون ذو الرقم (13/ 05) في 23 يوليو عام 2013؛ لتنظيم الاستثمار الرياضي في الموارد البشرية والهيئات الرياضية في الأنشطة البدنية والرياضية في الجزائر. حيث سمح المشرّع الجزائري بمشاركة القطاع الخاص سواء الشخصي أو المعنوي في الاستثمار في عدة مجالات ومنها:
- الاستثمار في الموارد البشرية في ما يلي:
- التكوين: إعداد وتكوين المواهب الشابة وتطوير أدائها البدني والمعنوي بمشاركة القطاع الخاص.
- صناعة رياضة النخبة والمستوى العالي: بمساهمة الشخص الطبيعي أو المعنوي الخاضع للقطاع العام أو الخاص.
- عالم الشغل: السماح للشخص الخاضع للقانون العام أو الخاص بإنشاء نوادٍ لتنظيم النشاطات البدنية والرياضية وتمويلها وتطويرها.
- النوادي الرياضي: فيمكن لأي ناد هاو أو شخص طبيعي أو معنوي تأسيس نادٍ احترافيٍّ باعتباره شركةً ذات أهداف رياضية وتجارية.
- الاستثمار في الهيئات الرياضية:
- إنجاز وتهيئة المنشآت الرياضية للأنشطة البدنية والرياضية بالمستلزمات والأجهزة الرياضية بإشراف القطاع العام بالتعاون مع الاتحادات الرياضية.
- إنجاز المنشآت الرياضية أو الترفيهية وتطويرها بمشاركة القطاع الخاص الشخصي أو المعنوي.
الاستثمار الرياضي في الجزائر في ظل قانون الاستثمار 16/ 09
- عانى القطاع الرياضي في ظل قانون الاستثمار الجديد من مشكلتين أساسيتين:
- وفقًا للمرسوم (17/101) أضيف القطاع الرياضي لقائمة الجهات غير المستفيدة من مزايا الاستثمار. كما حدّد المرسوم الخدمات والنشاطات الإنتاجية غير المستفيدة من مزايا الاستثمار مثل:
- بناء وتجهيز المسابح.
- تدريب الحيوانات للسباق.
- كراء القاعات الرياضية.
- مؤسسات الرهانات واليانصيب الرياضي الخاص بالدولة.
- مؤسسة الرياضات المائية الخاصة بالربح.
- صدور المرسوم (16/261) الذي حدّد الشروط الواجب اتباعها من قبل الجمعيات الرياضية المعترف لها بالمصلحة العامة والصالح العام . لإنجاز الاستثمارات وتحديد القوائم السلبية غير المستفيدة من مزايا الاستثمار والمبالغ الدنيا للاستفادة من المزايا.
- وفقًا للمرسوم (17/101) أضيف القطاع الرياضي لقائمة الجهات غير المستفيدة من مزايا الاستثمار. كما حدّد المرسوم الخدمات والنشاطات الإنتاجية غير المستفيدة من مزايا الاستثمار مثل:
تبقى الأجواء العامة لأهم الاستثمارات الرياضية في الجزائر ضبابيّةً في ظلّ الفهم والتطبيق الخاطئ للاستثمار الرياضي. وغياب المرونة في تشريعات وقوانين الاستثمار الرياضي. ولكن مع خطواتٍ بسيطة وتوجهاتٍ وحركاتٍ فردية يبقى الباب مفتوحًا لإنجازات أكبر ترقى بمستوى الرياضة الجزائرية لمصاف الأندية الأوروبية. وتفتح المجال أمام ربح كبير يحول القطاع الرياضي إلى دعم الخزينة عوضًا عن إضافة المزيد من الأعباء لها.