يظن الكثير من الأشخاص أن مفهوم الرأسمالية يعني الإقطاع وحده، لكن في الحقيقة هذا المفهوم أوسع بكثير من أن يعتمد على منحى واحد، لهذا سنذكر في مقالنا أهم أنواع الرأسمالية على مر العصور والتي بدأت بالرأسمالية الإقطاعية، ومن ثم تطورت ليظهر مفهوم الرأسمالية التجارية، ونتيجة لتطور المجتمعات الإنسانية وكثرة حاجياتها، إضافة إلى الثورات التي قامت، ظهر مفهوم الرأسمالية الصناعية وبقي مسيطرًا على دول كثيرة حتى وقتنا هذا، ومما ساعد في ظهور هذه المفاهيم هو سيطرة الطبقية على المجتمع، ووجود أشخاص أغنياء جدًا وفي الجانب الآخر طبقة كادحة لا تملك إلا لقمتها. وقد أصبح النظام الرأسمالي من أكثر الأنظمة الاقتصادية اعتمادًا حتى وصل للعالمية بعد الحرب العالمية الثانية.
تعريف الرأسمالية
تُعرف باللغة الانجليزية (Capitalism) وتتمحور فكرتها حول الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والتي تهدف إلى تحقيق الأرباح المادية، ويكون مفهوم الرأسمالية ذا سيطرة واسعة جدًا تصل للتحكم في الأوضاع الاقتصادية للدول ويعمل على توفير كافة المنتجات التي يحتاجها السوق بأسعار محددة، ومن أهم أسس الرأسمالية هو تبادل الثروات المتنوعة والمتوفرة والقيام بتوزيعها حسب رؤية صاحب رأس المال على كل من الأفراد والجماعات وحتى الدول.
خصائص الرأسمالية
من أهم خصائص الرأسمالية هي:
- الإدارة الحكومية لنشاط الرأسمالية: لا يمكن ترك النظام الرأس مالي يتحكم وحده في الوضع الاقتصادي، لأنه قد يؤدي إلى تدهور أوضاع المواطنين على حساب غنى المالكين، لهذا تقوم الحكومات في جميع الدول بتوزيع المنتجات ووضع أسعار محددة لها لا يمكن تجاوزها.
- توزيع الأرباح: ويكون الربح هو الهدف الأساسي للرأسمالية ويتم توزيعه بين المالكين (الرأسماليين) وأما العاملين فيتم اعطاؤهم الأجرة فقط.
- المنافسة: طبعًا تتنوع الجهات الرأسمالية ويتم المنافسة بينها ضمن السوق الحر.
- الاهتمام بقوانين السوق: لتحقيق الأرباح بأفضل طريقة ممكنة لابد من معرفة الأسعار المحددة في السوق وتطبيق قوانين العرض والطلب، والتركيز على المنتجات والخدمات الأكثر طلبًا.
- المتابعة الدائمة لتطورات الأسواق المالية: من المهم متابعة كافة العناصر المرتبطة بالاقتصاد بشكل عام وبالأسواق المستهدفة بشكل خاص.
جوهر الرأسمالية
يتمركز مبدأ الرأسمالية على قدرة مالك أو مالكين رأس المال على تحقيق أرباح كبيرة جدًا. ويسعى كل رأس مالي إلى احتلال السوق بمنتجاته واغتنام الفرص بغرض الحصول على القوة النابعة من امتلاك الاقتصاد الأقوى. ففي فكر الرأسماليين المال يمثل القوة وتعد كل من الحيلة والمقدرة التقنية والاستراتيجية وكفاءة المنظمة سبل الوصول الأمثل للقوة، لهذا يجب أن تكون صيادًا ماهرًا في استغلال الأوضاع لصالحك في جميع أنواع الرأسمالية، لا أن تكون فريسة ضعيفة أمام الرأسماليين الباقين. ومن أهم النظريات التي وضعت في هذا المجال هي الأفكار التي قام بطرحها Sombart والتي تخص مفهوم العقلانية الاقتصادية التي تعتمد على عنصرين أساسيين هما التخطيط والموضوعية والتعامل مع المخاطر الرأسمالية.
أنواع الرأسمالية
مع تقدم العصور ظهرت أنواع عدة للرأسمالية نتيجة دخولها في الأنظمة الاقتصادية العالمية، وقسمت إلى أنواع هي:
الرأسمالية الإقطاعية
حيث تعد الرأسمالية الإقطاعية هي الرأسمالية الأولى التي ظهرت من قبل أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة والجدير بالذكر أنها لم تسمى بالرأسمالية حينها بل جمعت بين فئة الإقطاعيين وفئة العاملين، وكانت سلبية في وقتها بسبب قيام أصحاب رؤوس الأموال باستغلال العمال وعدم اعطائهم حقهم من المال الذي يوازي عملهم، والجدير بالذكر أن الإقطاعيين أو (أصحاب رؤوس الأموال) كانوا يملكون أراضي كثيرة، أما العمال فكانوا غالبًا من سكان الريف الفقراء ويضطرون للعمل لكسب عيشهم.
الرأسمالية التجارية
بنيت فكرة الرأسمالية التجارية على تجارة وتبادل المنتجات بين المدن والدول الأوروبية لتعزيز تنوع السلع في السوق، حيث ظهر نشاط الرأسمالية التجارية بين القرن السادس عشر والثامن عشر، كما هدفت إلى دعم الصادرات التجارية، والجدير بالذكر أن هذا النوع لم يساهم بشكل كبير في تعزيز أرباح الرأسماليين بشكل كبير، لكن آثره كان إيجابيًا في تنوع المنتجات المطروحة في السوق.
الرأسمالية الصناعية
ظهرت الرأسمالية الصناعية تزامنًا مع ظهور الثورة الصناعية، وهي من أهم الأنواع التي سعى آدم سميث لتطبيقها وقد لاقت نجاحًا كبيرًا في تقدم القطاع الصناعي وكان تطور المجتمعات الأوروبية معتمدًا عليها نتيجة لنقص الثروات الطبيعية لديهم وعدم قدرتهم على التوسع في الزراعة أو التجارة، وبدأت من خلال بناء المصانع المختلفة والتي ساهمت بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد واعتمدت على السلع الرأسمالية.
ميزات النظام الرأسمالي
- يتمتع بمعدل ضرائب منخفض.
- كذلك يعد بيئة داعمة لكل صاحب رأس مال يريد استثمار أمواله.
- الطريقة الأمثل لجمع الثروة بشكل أسرع من الوسائل الأخرى.
- يعتمد على النظرية العلمية والتي تعطي بقدر الإنتاج، مما يحفز الأشخاص على العمل النشيط.
- يدعم التطور التكنولوجي لأنه يساهم في زيادة الأرباح.
- يسهم في نمو الاقتصاد ودعم الدخل القومي.
- يعد نظام مريح ويعطي حرية أكثر من غيره في الاستثمار.
عيوب النظام الرأسمالي
- يعتمد النظام الرأسمالي بشكل أساسي على الاستهلاك، ويعد العجلة التي تشغله.
- نظام مربح بالنسبة لصاحب رأس المال لكنه ظالم بالنسبة للفرد لأنه يعطيه نسب قليلة بالنسبة للربح.
- الجدير بالذكر أن النظام الرأسمالي لا يملك أي تكافؤ للفرص بين العمال.
- يقسم المجتمع إلى طبقة من الأغنياء المستبدين وطبقة من الفقراء الجائعين، بمعنى آخر أنه أقرب إلى الاستعباد.
- نظام غير عادل لأنه لا يعطي أي أهمية للأشخاص ذوي القدرات المحدودة ويعامل الإنسان كروبوت.
- يجعل عدة شركات كبيرة وعالمية تسيطر على السوق وربما على دول بأكملها.
في الختام نكون قد عرفنا معنى النظام الرأس مالي بجميع أنواعه ومميزاته وعيوبه، والجدير بالذكر أن الميزات التي توجد فيه لا يمكن أن تغطي العيوب غير الإنسانية الموجودة في هذا النظام.