نظراً لحاجة الشعوب للعيش المشترك، والحصول على الغذاء، واللباس، والخدمات، وغيرها من الأشياء الهامة، نشأ مفهوم الاقتصاد. وقام على أسس بدائية محددة، وغير موسّعة في السابق، فكان يدل قديمًا على إدخار الأموال، والصرف باقتصاد وحذر. لكنه مع تطور الزمن اختلف معناه، وتوسّع مفهومه، وزادت ثقافة، ومعرفة الشعوب بعلم الاقتصاد، ومدى أهميته في تحقيق عيش مناسب، وخلق ظروف جيدة للحياة. وهو من أهم جوانب النشاط الإنساني الذي اهتم العلماء بدراسته على مر الأزمنة، ودراسة التحليل الاقتصادي الجزئي والعام، وعلاقات الاقتصاد بين الدول بعضها البعض. فهو يساهم في بناء الدول، وتحديد مستوى ارتقائها، وتقدمها. سوف نتعرّف معًا عن كل ما يخص الاقتصاد ونشأته في هذا المقال.

مفهوم الاقتصاد

يهتم هذا العلم بدراسة الموارد في مكان ما أو دولة، وسُبل استخراجها، واستغلالها للحصول على سلع منها، وإشباع حاجات الناس. وتبادلها مع جهات أخرى لغاية المنفعة المشتركة، وتقديمها وتقاسمها بين أفراد الدولة الواحدة، أو بين عدة دول. وتحقيق الربح المادي عن طريق وجود عوامل أساسية تتمثل بـ: رأس مال مناسب، ومشروع مدروس، وأرض جاهزة للتنفيذ، ومقومات مناسبة للعمل المطلوب.

ويشمل هذا المفهوم الدراسة الموسعة لمنطقة معينة من نواحي متعددة تشمل: المواد الرائجة في هذه المنطقة، ودراسة الطلب عليها، والثروات الموجودة، وأساليب الحفاظ عليها. فهو مفهوم غني جدًا، وواسع الأفكار.

أنواع الاقتصاد

  • الاقتصاد الكلي : ذكر الِاقتصاد النرويجي هذا النوع لأول مرة عام 1993م، وهو الفرع الذي يدرس الاقتصاد الخاص ببلد ما في فترة زمنية محددة. بذلك يمكننا القول أن الِاقتصاد الكلي مهتم بتفاعل الأسواق الكبيرة مع بعضها بنحو كلي، وبمستوى جماعات، لا بمستوى شركات معينة. ويركّز على معدل البطالة، وشكل الخدمات والسلع، وطريقة تقديمها، وطبيعة الأسعار واستقرارها.
  • الاقتصاد الجزئي: وهو القسم الذي يدرس القرارات الاقتصادية للشركات الخاصة، أو للأفراد، أو لجماعة معينة. بالإضافة أنه يهتم بدراسة الوحدات الاقتصادية لأسواق محددة. كما يدرس أسعار الخدمات، والسلع بعد التنافس الحاصل بينها واستقرارها. فهو حاصل تحليل سلوك وحدة فردية مثل شركة، أو شخص مستثمر أي بنحو فردي.
  • الاقتصاد التقليدي: يعبّر هذا المصطلح عن اقتصاد الشركة الصغيرة، أو الفئة القليلة من الناس. كما يعتمد مبدأ الإنتاج فيه على الأرض، أو العمل لا على الثقافة، أو المعرفة مثل الصيد، والزراعة…

بالتالي يعتمد العاملين في هذا المجال أسلوب المقايضة ( شيء مقابل شيء)  دون الحاجة لاستخدام المال. ومن الجدير بالذكر أن أغلب الاقتصادات التقليدية تستخرج حاجتها فقط من المواد دون بقاء فائض عن الحاجة.

  • الاقتصاد المختلط: نظام اقتصادي منظّم بين النظام الاشتراكي، والنظام الرأسمالي. ومع أنّ هذا النظام يسمح لأصحاب الأموال، والشركات بمستوى عالٍ من الحرية الاقتصادية، لكنّه من جهة أخرى يعطي أذن للحكومة بالتدخل في مختلف النشاطات الاقتصادية لغايات اجتماعية.كما ينظر البعض لهذا النوع على أنّه لا يكافئ الأسواق الحرة.
  • الاقتصاد الاشتراكي: يقوم هذا النوع على أساس الملكية الجماعية، وإعطاء الشعب صلاحية إدارة الإنتاج، و لذلك هو يوافق النظرية الاشتراكية. ومن الطبيعي عند ذكرنا لهذا النوع ألا يخفى علينا عيوبه القائمة بضعف الإنتاج، وضعف الكفاءات الاقتصادية، وقلة الحوافز.
  • الاقتصاد الموجّه: هو الاقتصاد الذي تتحكم فيه الدولة عن طريق مؤسساتها العامة. فتطرح أسعار السلع في السوق.

العوامل التي تساعد في نمو الاقتصاد

لكي تدور عجلة الاقتصاد لابد من وجود عوامل تساهم في نموه، وتطوره، وهي تقسم إلى:

  • عوامل داخلية: تتمثل ضمن اقتصاد البلد الواحد، أو المنطقة الواحدة. وتشمل عدة نقاط أساسية:
    • الأرض: وتتمثل في المساحات الممتدة على طول الدولة، والقابلة للاستثمار وإنشاء المشاريع عليها.
    • اليد العاملة: تضم أصحاب المهن، والعمال في مختلف القطاعات. كما أنها عامل مهم جدًا، لأن أي استثمار لا يقوم بلا أيدي عاملة.
    • رأس المال: لابد لكل تجارة من توافر رأس المال الكافي، وكذلك حُسن الأموال لخدمة المشروع، وإدارة تقديم المال لليد العاملة.
    • التنظيم: وذلك يتمثل بقدرة المسؤولين على تنظيم الأعمال، وإعطاء الأولويات للمشاريع الرابحة، من خلال وضع كل عامل بالمكان المناسب له. كما أنه لا ينمو اقتصاد بلا تنظيم دقيق، وقيادة اقتصادية حكيمة.
  • عوامل خارجية: تشمل عدة عوامل عالمية تؤثر في اقتصاد العالم، سوف نذكر منها:
    • الحكومات: وذلك من خلال السياسة التي تتبعها حكومة كل دولة. فالسياسة المالية تؤثر بشكل كبير في السوق العالمية، من خلال السياسة النقدية التي يقودها المجلس الفيدرالي. وكذلك إيقاف تصدير أو استيراد البضائع من دول معينة للتأثير على اقتصادها.
    • المعاملات الدولية: وتشمل أسعار الصرف، وعملة كل دولة، وبشكل أساسي الدولار، واليورو. وبما أن زيادة مقدار الأموال المغادرة من الدولة يؤثر سلبًا في اقتصادها فيعتبر هذا العامل مهم جدًا في ضعف الاقتصاد.
    • التوقعات والتنبؤات: يشمل التوقعات، والدراسات التي يقوم الاقتصاديون بها للتنبؤ بالمستقبل الاقتصادي. من خلال دراسة حركة الأسواق، وكفاءة الموارد، وقيمة العملات، فيرسمون الاتجاه العام الذي سيحدث بالعالم.

مزايا مفهوم علم الاقتصاد

  • دعم عجلة الإنتاج: يسعى علم الاقتصاد إلى توافر الموارد كافة، وزيادة المردودات المادية، والاستثمار الصحيح للثروات الباطنية. كما يهتم بخدمة قطاع الصناعة، وتقديم التسهيلات له. وكذلك يساهم بدعم قطاع الزراعة أيضًا، وتأمين كل مايحتاجه المزارع. كل ذلك يساهم في دفع عجلة الإنتاج في البلاد.
  • دراسة سلوك الفرد والمجتمع: تتم من خلال مختصين بهدف معرفة احتياجات الناس، وزيادة الدخل للفرد، وتقدير أصحاب الخبرات ومكافأتهم.
  • دراسة سياسة العرض والطلب: لتحديد المواد الأكثر طلبا للشراء، وتأمينها للمستهلك بجودة عالية، وأسعار مدروسة. وذلك من خلال تقديم عروض مميزة بين حين وآخر للترويج لكافة السلع، وإيصالها إلى الناس.
  • دراسة الطرق النفعية للأفراد والمجتمع: يساهم الاقتصاد في تحقيق النفع للفرد من خلال إعطائه دخل جيد، وتوفير السلع اللازمة، والضرورية، وتأمين فرص العمل.

يركّز مفهوم الاقتصاد بشكل أساسي على معاني متنوعة تهدف للوصول إلى تأسيس نظام اقتصادي متين ومتكامل بأدواره، وقيام دول قوية قادرة على تلبية احتياجات شعوبها. وذلك واضح من اهتمام علماء الاقتصاد بدراسة هذا المفهوم، وتطوره عبر الزمن.