تعتبر تربية الإبل في الإمارات موروثًا شعبيًا قديمًا، يحظى باهتمام كبير، سواءً من قبل المواطنين أو من قبل الدولة. ومع زحف الحضارة الحديثة، وتراجع دور الإبل. قررت الدولة دعم تربية المواشي. لأنها جزء من حضارة البلاد، وعاملًا أساسيًا ساعد على تتطور الدولة عبر العصور.
وفي سياق مقالتنا سنتحدث عن الأمور التي قدمتها الدولة تشجعيًا على تربية الإبل. وبعض المشاكل التي يواجهها مربوا الإبل في الإمارات.
دعم الأعلاف لتربية الإبل في الإمارات
من أجل انعاش تربية الإبل في الإمارات، ركزت الدولة على تقديم الدعم الغذائي للجمال. حيث يمنح المواطن 150 كيلو غرامًا شهريًا لكل رأٍس من الإبل. ويباع الكيلو غرام بمقابل 30 فلسًا فقط. بينما يباع الكيلو غرام الواحد من قبل تجار السوق بـ 95 فلسًا.
وقسم برنامج دعم الأعلاف لفئتين: إذ تضم الفئة الأولى أصحاب المزارع. وتشمل الفئة الثانية شريحة أصحاب العزب العشوائية الراغبين بنقل إبلهم إلى مزارع خاصةٍ.
مزارع تربية الإبل في الإمارات
قامت الدولة بإنشاء مزرعةٍ كبيرةٍ لتربية الإبل في الإمارات. بهدف إنتاج الحليب ومشتقاته. وتبلغ مساحة المزرعة 12 كم مربٍع، وتعتبر من أكبر مزارع تربية الإبل في العالم.
تلتزم المزرعة بمعايير وقواعد الصحة الصارمة التي تفرضها دولة الإمارات. إضافةً للقوانين المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي، ومنظمات الصحة العالمية التي تعتني بصحة الإنسان وسلامة غذائه.
وتضم المزرعة أحدث المعدات، والمختبرات وتعتبر من أفضل المزارع في مجال إنتاج الحليب ومشتقاته. كما أن المزرعة توفر الراحة اللازمة للجمال أثناء عملية إنتاج الحليب والحلب الآلي.
مع العلم يبلغ عدد الجمال في المزرعة حوالي 3000 جمل وهو قابل للزيادة. وتنتج المزرعة حوالي 4000 ليتر من الحليب يوميًا. وبفضل ذلك، أصبح الحليب يطرح في الأسواق بعد أن كان حكرًا على عدٍد من مربي الإبل.
كما طرحت المرزرعة أول جبنةٍ من حليب الإبل في العالم بعد سنتين من الدراسات والأبحاث الصعبة لتركيب الجبنة. لأن طبيعة حليب الإبل تختلف عن طبيعة حليب البقر أو الماعز. حيث لا يمكن رفع درجة حرارته لأكثر من 75 درجةً. وإلا سيفقد قيمته الغذائية.
دعم فعاليات الهجن في الإمارات
دعمًا لتربية الإبل في الإمارات تنظم دولة الإمارات 3 بطولاٍت و14 مهرجًا سنويًا لفعاليات هجن السباق (سباق يقام على ظهر الإبل)، ومزاينة الإبل (عروض الجمال). وتخصص 34 ميدانًا للسباق موزعًا على دولة الإمارات كلها. لتسهل على جميع المواطنين المشاركة بها.
إذ يبلغ إجمالي الجوائز التي تقدمها الدولة حوالي 30 مليون درهٍم سنويًا. عدا عن السيارات والكؤوس الذهبية. كل ذلك لتشجيع الشعب الإماراتي على تربية الإبل.
كما تتراوح أعداد الإبل التي تشارك في السباق بين 200 و260 يوميًا. وتبلغ صفقات البيع والشراء في المهرجان حوالي مليون ونصف مليون درهم يوميًا.
تصدير الإبل ومنتجاته في الإمارات
في إطار الاهتمام المتزايد بتربية الإبل في الإمارات، دعمت الدولة جميع مشاريع تصدير منتجات الإبل من الحليب، واللحوم، والجلد، والصوف، والوبر عن طريق توفير مراكز شحن لنقل البضائع بأجوٍر منخفضٍة.
ويعتبر حليب الإبل الإماراتي ومشتقاته من أكثر المنتجات طلبًا وتصديرًا حول العالم. لتوافقه مع جميع المعايير الصحية. ويرسل مسحوق الحليب لمعظم الدول الأوروبية، والآسيوية، وخاصةً النمسا التي تصنع منه حوالي 100 طٍن من الشوكولاته سنويًا. ويعود 51%من أسهم شركات النمسة للإمارتيين.
كما تصدر دولة الإمارات للسعودية أعدادًا كبيرةً من الإبل. للاشتراك بسباق الهجن والمزاينة. إذ تبلغ صادرات المملكة من الإبل ومنتجاتها أكثر من 261.749 مليون درهٍم خلال تسعة أشهر.
دعم الإمارات لمشاريع تربية الإبل
شُيد مركز إكثار لتربية الإبل في الإمارات في عام 1990 بناءً على توجيهاٍت، ودعم سمو الشيخ حمدان بن زايد. للمحافظة على الإبل العربية الأصيلة. وذلك عن طريق تطوير تقنيات التلقيح الصناعي خارج الرحم (الإخصاب في الأنبوب)، ونقل الأجنة، ودراسة وظائف الأعضاء التناسلية للإبل لتعزيز إنتاجها، والإكثار من جنيات نخبة هجن السباق.
حيث مكنت تقنية زرع الأجنة الناقة من إنجاب 5 مواليد في السنة الواحدة. بدلًا من مولود واحد كل سنتين. وشهد هذا المركز منذ عام 1992 وحتى اليوم ولادة 1875 مولودًا من هجن أصلية. ويعتبر المركز الوحيد في العالم الذي ينتج هذا العدد عن طريق الزرع.
كما أن المركز فتح أبوابه للراغبين من الاستفادة من إمكانيات المركز، وتطبيق هذه التقنيات على جمالهم بشتى أنواعها. وأكثر ما يهتم به المركز هو تكاثر سلالات هجن السباق الأصلية والمنتجة للحليب.
مشاكل تربية الإبل في الإمارات
- اكتشاف النفط والبترول الذي أغوى مربي الإبل لترك إبلهم، والعمل بالمعامل، أو تأسيس معامٍل لاستخراج الثروات الباطنية.
- توقف تصدير واستيراد الإبل لفترةٍ بعد انتشار فايروس كورونا. لأن الجمل ناقل وحاضن جيد للفايروس، وهذا ما أدى لتراجع تربية الإبل في الإمارات.
- التطور الصناعي الهائل الذي قلل من أهمية الإبل في أمور النقل والتجارة.
- انتشار الأمراض وضعف الخدمات البيطرية التي تقدمها الحكومة مقارنةً بالأعداد المتزايدة من الإبل، فيلجأ مربوها لنقلهم لعياداٍت خاصةٍ تكلفهم مبالغًا كبيرةً.
- رفع بعض التجار من جنسيات آسيويةٍ أسعار الأعلاف بشكل غير مبرر، بسبب غياب الرقابة عليهم.
- اقتناء كميةٍ كبيرةٌ من المواشي المستوردة، التي تعاني أحيانًا من الهزل والمرض. فيلجأ مربوها لتسمينها وعلاجها والصرف عليها.
وفي النهاية تربية الإبل في الإمارات مستمرة منذ القدم وستبقى متوارثة عبر الأجيال. فهي تمثل الجزء الأكبر من حضارة البلاد من الناحية الثقافية والاقتصادية.