ببغاءٌ صغيرٌ يصنع حيوانًا أليفًا وساحرًا، إنه طير الحب (Lovebirds)، أحد أكثر أنوع الببغاء شهرةً وانتشارًا حول العالم. طائرّ ذكيٌّ وجذاب ومحبوبٌ. لأولئك ممن يعرفونه لا يبدو كلامي غريبًا. ولمن لم يتعرف به بعد أدعوه لمتابعة هذا المقال عن تجارة وتربية طيور الحب بشكل صحيح.
نُسجت الأساطير حول مواهبها وسلوكها، فالبعض يعتقد بقدرتها على الكلام، والبعض الآخر يجد فيها شريكًا وفيّا لما يشاع عن عدم قدرته على العيش بدونه. عمومًا طير الحب من الطيور الفضولية والنشيطة. تتمتع بشخصيةٍ فريدةٍ فهي كائن اجتماعيٌّ ومحبٌّ. وبمجرّد تواصلك معه واهتمامك به سيكوّن معك رابطةً قويةً ومحبة، ليكون من أوفى أصدقائك.
على مدى مئة عام استطاعت طيور الحب نشر محبتها في قلوب مربيها، وأثارت الرغبة لناظرها في امتلاكها. فبدأت عروض شرائها، وبدأت معها عمليات الاستغلال في محاولة للاتجار بها، إذ دفع الطلب الدولي الكبير على طيور الحب بالكثيرين إلى الصيد الجائر لها، مما عرّضها للخطر. فإن لم تخضع للعناية والتربية الصحيحة لن تستطيع التأقلم مع ظروفها الجديدة.
يعيش طير الحب لعشرين عام، يمكن له خلالها أن يكون شريكًا جيدًا لحياتك وحياة عائلتك، مميزٍ بسلوكه الفردي، ولكن قبل ذلك لا بدّ من تأمين كافة احتياجاته ومستلزماته، لضمان النمو الجيد والصحي له. وللتعرف على طير الحب وأنواعه والطرق الصحيحة لتربيته والتجارة به فلنتابع معًا.
مواصفات طيور الحب
هي تسعة أنواعٍ من الببغاوات التي تتبع لجنس (Agapornis)، والذي يترجم إلى (Agape) وتعني في اللاتينية الحب، وإلى (ornise) وتعني الطير، من هنا كانت تسميتها بطيور الحب. يعود أصلها جميعًا للقارة الإفريقية ومدغشقر. على الرغم من انتمائها إلى الببغاوات إلا أنها صغيرة الحجم، فيصل طولها إلى 13- 18 سم، مما يسهّل تربيتها في المساحات الصغيرة، والعناية بها بالمقارنة مع أنواع الببغاء الأخرى الكبيرة، مثل الماكاو والكوكاتو. ولكنها من الطيور البدينة نسبيًّا، وقصية الذيل، وذات المنقار الأحمر، وحلقة العين البارزة. تتشابه عمومًا مع بعضها مع اختلافات صغيرة فيما بينها.
أهم أنواع طيور الحب
طير الحب الحبشي: هو ما يُعرف بطير الحب ذي الجناح الأسود. تتميز ذكوره عن الإناث بجبهةٍ وحلقةٍ من الريش الأحمر حول العين، واللون الأسود لريش الوجه السفلي لأجنحتها، في حين يكون أخضرًا في الإناث. عاش سابقًا في المرتفعات العالية في إثيوبيا، ثم انتقل منها لاحقًا بالاستيراد في أوائل القرن الماضي ليدخل سوق تجارة الطيور.
طير الحب أسود الخدود: يختلف عن النوع الحبشي بلونه، فهو أكثر غمقًا في الرأس، والذي يظهر بلون بنيٍّ غامقٍ. ويتدرّج جسمه بدرجات اللون الأخضر الزيتوني في الرأس والداكن للأجنحة، ويمتلك حلقة بيضاء حول العين. وجد في وديان زامبيا وشلالات فيكتوريا، ومن هناك بدأت رحلته إلى العالم في أوائل القرن العشرين، حيث استورده التجار.
طير الحب فيشر: هذا النوع الجذاب من الطيور لا يمكن تمييز ذكوره عن إناثه بصريًّا لا باللون ولا بالشكل، لتماثل الجنسين. يتميز بحلقة جلد بيضاء حول العين، ولون أخضر غامق على الأجنحة، وأفتح على الأجزاء السفلية، وجبهة وردية وبرتقالية وذيل بنفسجي وأزرق. يعيش في هضاب تنزانيا الشمالية، ويتكاثر بسرعة ويربى في مستعمرات.
طير الحب المقنع: كما سابقه، لا يمكن التمييز بين الجنسين المتماثلين شكليًّا. يمتلك ريشًا أسود وبني على الوجه، وحلقةً بيضاء حول العينين، وطوقًا أصفر حول العنق، وجسمًا أخضر بشكلٍ عامٍّ. وجد في هضاب تنزانيا الداخلية، وكان أول ظهور له في أواخر القرن التاسع عشر، ولكن لم يبدأ استيراده حتى القرن لعشرين. أما الطفرة الزرقاء فحدثت في البرية قبل بدء استيراده إلى سوق الطيور لاحقًا.
تجارة طيور الحب
طيور الحب من الأنواع الذكية والجذابة والاجتماعية، ففي حين يعتقد البعض أنها لا تستطيع العيش دون شريكها إلا أنها كائناتٌ اجتماعيةٌ قادرة على تكوين علاقات قوية مع الآخرين، والعيش في حياة أسرية؛ لذلك تعد من أكثر الطيور الأليفة شيوعًا في سوق تجارة الطيور العالمي، والذي نشط بشكلٍ كبيرٍ بعد اكتشاف جميع أنواعه في أوائل القرن العشرين في إفريقيا. ومنها بدأت عمليات الاستيراد والتربية لهذه الطيور. ولكن في العقود الأخيرة أصبحت بعض أنواعه مهددةً بالانقراض بسبب الصيد غير الشرعي للتجارة فيه في السوق السوداء. مما انعكس سلبًا على عمليات تربية طيور الحب وأسعارها في الأسواق العالمية.
تعيش طيور الحب في الغابات الاستوائية المطيرة. ولكن وبسبب تعرض هذه الغابات للتدمير لتربية الماشية والزراعة؛ تحوّلت تلك الطيور لآفاتٍ زراعيةٍ. وتحوّل السكان المحليين لاستخدام المصائد للتخلص منها أو لتجارة الطيور المشروعة أو تهريبها غير المشروع؛ للبيع كحيواناتٍ أليفةٍ أو لأغراض بحثيةٍ. حيث أن تجارة الطيور في السوق السوداء هي ثالث أكبر تجارة غير مشروعة بعد تهريب الأسلحة والمخدرات.
ساعدت اتفاقية التجارة الدولية بالأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية في تنظيم عمليات صيد الطيور والاتجار بها. وحددت الدول المسموح بالاستيراد منها والتي تخلو من أمراض الطيور السارية، وقد وتشكّل خطرًا على البشر والحيوانات الأليفة المحيطة بها. ولكنها لم تشمل طير الحب الخوخي لأنه ليس من الأنواع المهددة بالانقراض.
حاليًا يوجد ضمن بيانات طيور الحب أكثر من 73 مشترٍ في 17 دولة، وعثر على 58 مورّدٍ في 25 دولة، وتصدر 25 دولةٍ مصدرة أكثر من 280 شحنة تصدير.
الشروط الصحيحة لتربية طيور الحب
تُصنّف طيور الحب ضمن فئة طيور الزينة، ولتربيتها عليك أن تتحلى بالصبر وتمتلك ما يكفي من الوقت للتعامل والتدريب المنتظم لترويض طير الحب. يفضّل البعض أن يبدأ بتربية طير حب صغير. في حين يفضله البعض الآخر أكبر سنًا وهنا لابد أن يكون مدرّبًا لتسهيل الأمور عليك.
ولحماية الطير من إصابته بمشاكل صحية، والمحافظة على صحته لا بد من إتباع نظامٍ غذائي متوازن، وغني بالعناصر الغذائية وشبيه بالنظام الغذائي للأنواع البرية. وهو ما نجده في الحبوب والخضروات الطازجة والأعشاب. ويمكن استكماله بالبذور بنسبةٍ تقلّ عن 25% من إجمالي النظام الغذائي. قد يتأخر البعض في التأقلم على الظروف الجديدة مما يؤثر على شهيته، فبالإمكان إدخال بعض المكملات الغذائية لتعويضه.
ولا بد من الزيارة الدورية للطبيب البيطري ليخضع طير الحب للفحوص الدورية العامة للكشف عن أية أمراض، وتلقي اللقاحات اللازمة للوقاية من الأمراض الخطيرة.
يمكن لهذا الببغاء الصغير أن يعيش في أقفاصٍ صغيرةٍ لا تقلّ أبعادها عن 70×70×70 سم، ولكن يفضل توفير مساحات أوسع ضمن القفص. فإن أمكن ابحث عن قفص أكبر في الطول أكثر منه بالارتفاع؛ لمساعدة الطائر على فرد جناحيه والطيران ضمن القفص. على القضبان أن تكون أفقية تسمح للطائر بالتسلق عليها، وفي الوقت ذاته لا يمكنه إخراج رأسه من خلالها.
تمتلئ طيور الحب بالحيوية؛ فهي طيور نشيطة ومرحة وذكية. وللحفاظ على سلوكهم الحيوي المحبب يجب أن تؤمن لهم العديد من الألعاب في القفص لإبقائهم مشغولين. مع مراعاة شروط الحماية للطائر؛ فأكثر ما يحبه طير الحب هو مضغ الأشياء، لذلك احرص على عدم تواجد مواد سامة كالزنك والرصاص في تكوين ألعابه. ويجب ألا تحتوي على خيوطٍ أو أسلاكٍ قد تتشابك وتعلق في أصابع أو منقار أو رأس الطير.
علينا جميعًا أن نحمي هذه الطيور الجميلة مما تتعرض له من سلوكياتٍ خاطئةٍ وغير مشروعةٍ. وبتسليط الضوء على تجارة وتربية طيور الحب بشكل صحيح، ربما أكون ساهمت ولو بجزءٍ بسيطٍ في حمايتها من الأخطار المحدقة بها.