تغيرت الوقائع الجديدة التي فرضت معطياتها على حركة بيع وشراء السيارات في سورية المفاهيم الثابتة في عالم الاقتصاد، وباتت التوقعات المبنية على قراءات استنتاجية مرتبطة بعوامل معهودة ، تلك التي كانت تحكم الأسعار سابقا” من حيث الارتفاع أو الانخفاض ، باتت ضربا” من التكهنات العبثية، وذلك في ظل الفشل الذريع الذي طالما دحضه الواقع المخيب للآمال .
ففي كل مرة نشطت فيها التوقعات باتجاه انخفاض الأسعار ، تأرجحت معها الأحلام المشروعة ما بين الواقع المفروض الذي تمليه تلك العوامل المقيدة ، والوهم المأمول لدى الشارع المترقب .
معوقات لم تفلح في تخفيض أسعار السيارات .
فعلى الرغم من تصاعد التعقيدات التي اعترت حركة السيارات بدءا” من الارتفاعات المتلاحقة في أسعار البنزين خلال الأشهر السبعة المنصرمة ، بالتوازي مع شح هذه المادة الحيوية أصلا” ، وتعثر انسيابها في محطات الوقود على مستوى المحافظات كافة بما فيها العاصمة دمشق، انتهاء” بالانخفاض المحرز في سعر الصرف مؤخرا” بعد الارتفاعات الجنونية التي شهدها خلال فترة وجيزة لا تتجاوز الشهرين ، إلا أن مجمل هذه العوامل وغيرها خيبت توقعات الشارع السوري بانخفاض ملحوظ لأسعار السيارات ، على المدى المنظور ، وبقي الجمود النسبي هو الغالب على الأجواء .
استطلاعات ميدانية
ومن خلال نظرة سريعة إلى أسعار السيارات ما قبل هذه القفزات الجنونية نجد أنه من الصعوبة إقناع من خمن له السماسرة ( وما أكثرهم ) قيمة سيارته ب ٥٠ مليون ليرة سورية قبل شهرين على سبيل المثال أن يخسر فيها حوالي ٢٠ مليون إذا تماشى مع المعطيات المنطقية اليوم .
ولنقس على ذلك لنتعرف على أحد أسباب جمود الأسعار واقعيا” رغم ارتفاعها وهبوطها الوهميين عبر ما يتردد في الأوساط العامة .
و السبب حسب ما أوضح العديد من تجار السيارات وأصحاب المعارض والشركات لتجارتنا نيوز خلال الاستطلاع الذي أجرته في دمشق أنه إضافة إلى العوامل السابقة التي نتجت عن ضغوطات الحرب الاقتصادية ومفرزاتها على سورية ، كتوقف الاستيراد منذ سنوات وقلة الطرح ، وتوقف التجميع محليا”، وتعثر الحصول على لوازم السيارات لأنها تستورد بالقطع الأجنبي وبالتالي تحدد تسعيرتها وفقاً لذلك، وغيرها من العوامل التي عايشها المواطن خلال ما يقارب عشر سنوات ماضية ، كان لقفزات سعر الصرف ما قبل الشهر الماضي ، انعكاس مباشر كما أسلفنا على الارتفاع غير المسبوق في أسعار السيارات المستعملة بلغ ٢٠٠ بالمئة خلال عام ٢٠٢٠ فقط، تماشيا” مع انهيار سعر الليرة السورية .
فوصل سعر السيارة كيا ريو على سبيل المثال باعتبارها من أكثر الأنواع طلبا” ما بين ٥٠ و٦٠ مليون ليرة سورية ، فيما كان سعرها لا يتجاوز ٣٠ إلى ٣٥ مليون ليرة سورية قبل فترة وجيزة .
مؤشرات إيجابية فيما إذا ؟
بالرغم من كل ما تم الوقوف عليه من معوقات لا خيار لنا سوى التفاؤل والتسليم بالتوقعات التي ذكرناها في بداية الاستطلاع مع الأخذ بعين الأهمية ثلاثة من ال ( إذا ) الظرفية لما يستقبل من الزمن .
● إذا أسقطنا من حساباتنا حركات السماسرة والمتاجرين اللاهثين وراء أرباح يسعون لتصاعدها فيروجون عادة لأسعار لا وجود لها في الواقع ، وذلك إما من منطلق تعديهم على المهنة ، أو اللامبالاة بها بحكم فوضى الأسعار عموما”
● وإذا اعتبرنا أن عروض التقسيط التي تروج لها بعض وكالات السيارات ومكاتبها مؤشرا” إيجابيا” لا بأس به لكسر جمود الأسواق .
● وإذا علمنا أنه خلال الفترة القادمة ستطرح في الأسواق السيارات التي تنتجها شركة سيامكو الإيرانية السورية في معملها على الأراضي السورية بعد وصول التوريدات ، وذلك حسب التصريحات الرسمية عبر وسائل الإعلام .
وأنها ستكون بسعر ٣٥ مليون ليرة سورية بمواصفات أكثر من جيدة وتتناسب مع متطلبات السوق بسعر يقارب نصف سعر السيارات المماثلة لها.
● وأخيرا” إذا استمر سعر الصرف بالهبوط ، أو حافظ على ثباته الحالي بما ينعكس إيجابيا” على كافة الأسعار بما فيها أسعار السيارات . عندها فقط يمكن أن يقارب واقع أسعار السيارات ذلك الوهم المنشود .