عُرفت تربية النحل في افريقيا منذ القدم، حيث اعتمدت على طرق بدائية قائمة على الأفكار الفردية في القرون الماضية. ارتقت بعد ذلك وحازت على اهتمام مجتمعي، وصولًا إلى الاهتمام الدولي الذي جعل منها نشاطًا اقتصاديًا هامًا. فاهتموا بتحسين النوع ومعالجة الأمراض التي قد تصيب النحل. وحاولت المؤسسات المهتمة بهذا المجال جذب أعداد كبيرة من الشباب للعمل بالنحالة في القارة الافريقية. وبالطبع لاقت هذه المشاريع نجاحًا كبيرًا؛ فالغذاء متوفّر واليد العاملة موجودة.
سنقدم لك في هذا المقال لمحة عن مشروع تربية النحل في افريقيا، والعائد الاقتصادي لهذا المشروع في مختلف الدول.
ما هي تربية النحل
هو ممارسة يومية يقوم بها نحّال أو مجموعة من النحّالين. تبدأ بتشكيل الخلية ووضع النحل فيها، وبعد ذلك الاهتمام بطعامه وحفظه من الأمراض، ومحاولة تحسين العوائد الناتجة من تربيته كمًا ونوعًا. وتتعدد الطرق المتّبعة في تربية النحل تبعًا لنوع النظام المستخدم في الخلية، حيث يوجد نوعان رئيسيان لهذه الأنظمة هما خلية لانجستروث “Langstroth Hive”، والقضيب العلويّ “Top -bar Hive”.
مشروع عسل النحل في الدول الإفريقية
وهو عبارة عن حاضنة للأعمال المحدودة لمربّي النحل في افريقيا، أسسها عام 2007 “Guy Stubbs”، وهو رجل أعمال لديه خبرة واسعة في مجال تربية الحيوان. تدعم هذه الشركة شركات تربية النحل الصغيرة في جنوب إفريقيا، وتساعدهم بعدّة طرق، نذكر منها:
- إقامة دورات تدريبيّة مجانيّة تختص بالاهتمام بتربية العسل.
- توفير فرص لتسويق العسل المنتج.
- تحسين التقنيات المستخدمة في تربية النحل واستخراج العسل منه.
- تقديم أفكار ومقترحات جديدة لتخفيض كلفة العسل المنتج.
- تقديم المواد أو المعدّات الأساسية للمستثمرين الجدد في المجال.
تعتمد الشركة في الغالب على فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 26 عام. يقضون حوالي سنة ونصف في التدريب، لينطلقوا بعدها إلى الحياة العملية لصالح هذه الشركة.
في حين تمرّ دورة حياة العسل الذي تنتجه الشركة بعدّة مراحل، وهي:
- النقل من مزارع الحضانة في الجنوب الإفريقيّ إلى مصنع معالجة مركزي.
- التعبئة ووضع الملصقات عليه.
- أخيرًا، يوضع في الصناديق للنقل والتوزيع.
أهم أفكار مشاريع تربية النحل
يقدّم نحل العسل فرصة للحفاظ على الحياة البريّة، علاوةً عن الأهميّة الاقتصادية والغذائية الكبيرة لإنتاج العسل. وسنذكر فيما يلي مجموعة من أهم أفكار المشاريع المهتمّة بتربية النحل في افريقيا:
- مشروع “Agrodata Networks”: أُقيم تحدٍّ بين عامي 2018 و 2019 لتقييم مجموعة من الأفكار لمشاريع ناشئة في العديد من بلدان العالم، حيث جُمعت الأفكار الجديدة من أكثر من 55 بلد، مع حوالي 50000 مشاركة، ليستوفي أكثر من 13000 منها الشروط المطلوبة في المسابقة. أما عن المرتبة الأولى فكانت من نصيب النيجيريّ “أوغونبانجو أولوميد” عن مشروعه الهادف إلى الترويج للزراعة العضوية من خلال تزويد المزارعين بخلايا نحل مجانية عن طريق تربية النحل المجتمعية. وتستفيد الشركة من الأساليب الطبيعيّة للحفاظ على النحل داخل النظام الإيكولوجي.
- مشروع “تريني كاترلاند”: التي تصرّ على توسيع أبعاد مشروعها الهادف إلى إنتاج العسل من النحل المتغذّي على أشجار السنط (الأكاسيا) عضويًّا في المناطق الشماليّة الجافّة من دولة كينيا في افريقيا. وقد لاقت إقبالًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة، نظرًا للبطالة التي يعاني منها الشبّان من جهة، وللتخلّص من العمل بتربية المواشي من جهةٍ أخرى.
تربية النحل الافريقي
تنتشر تربية النحل على طول النطاق الافريقي، مع دخل اقتصادي كبير في العديد من الدول، نذكر منها:
- الجزائر: الأولى عربيًا في إنتاج عسل النحل الصافي، ولكن تراجع الإنتاج في الآونة الأخيرة بسبب المبيدات الحشرية من ناحية، وقلّة الغذاء من ناحية أخرى.
- تونس: تعدّ من الدول الافريقية المهمّة في تربية النحل وإنتاج العسل وتصديره. وبحسب إحصائيات الحكومة التونسيّة عام 1975، فقد أنتجت تونس حوالي 475 طن من العسل، ثمّ ارتفع الإنتاج بشكل ملحوظ ليصل إلى حوالي 3000 طن عام 2009، ولكنّه عاد للتراجع منذ بداية عام 2011. ويعود هذا التراجع إلى أسباب عديدة تأتي المبيدات الحشرية واستخدامها الكبير في مقدّمتها.
- المغرب العربي: تتنوّع أنواع العسل المغربي حسب نوع الأزهار الذي أخذ النحل منها الغذاء. مثل عسل الحمضيات، وعسل السدر، وعسل الزعتر، وعسل الخروب، وعسل الدغموس؛ ولكلٍّ منها فوائده الخاصّة. وتشتهر المغرب بصناعة العقاقير الطبيّة باستخدام العسل الملكي.
- مصر: تحتلّ جمهورية مصر المرتبة الثانية عربيًا في إنتاج العسل؛ حيث تجاوز إنتاجها للعسل 4700 طن عام 2007، وهو ما اعتُبر حالة غير مسبوقة فيها.
في الختام نستطيع القول أن تربية النحل في افريقيا من أهم المشاريع الاقتصادية الآخذة في التطوّر والتحسين. كما من الممكن أن تُعتبر النشاط الاقتصادي الأساسي لكثير من بلدانها في المستقبل ولا سيّما في ظلّ هذا الاهتمام الكبير.