يعتبرُ النحل من أهم الحشرات الّتي تساهم بتحقيقِ الكثير من الفوائد الاقتصادية والبيئية، وقد تحدثنا سابقًا في مقالاتٍ عدة عن النحل وأمراض النحل، الّتي تتنوع بين الفطري والطفيلي والفيروسي. وفي مقالنا هذا سنخص بالذكر الفيروسات الّتي تصيب النحل آخذين بعين الاعتبار طرق الوقاية منها.

ما هي فيروسات النحل؟

الفيروسات الّتي تصيب النحل مثلها مثل الفيروسات الّتي تصيب البشر والحيوانات، فهي تهاجم كل أشكال الحياة. وتضم عددًا كبيرًا من الأنواع المختلفة. حيث أن كل نوع منها يصيب مضيفًا محددًا أو عددًا محدودًا من المضيفات الحيّة. وتتكون بشكلها العام من غلاف واق بروتيني إما RAN او DNA.

مع العلم أن أغلب فيروسات النحل صغيرة جدًا (قطرها لا يتجاوز 200 ميللي ميكرون)، بحيث يمكن أن ترى فقط باستخدام تقنيات خاصة (ميكروسكوب إلكتروني). كما تنتشر الفيروسات بشكل مستقل، وتسبب للنحل حالات مرضية شديدة، لأنها تترافق مع الأمراض الأخرى.

أخطر الأمراض الّتي تسببها فيروسات النحل

مرض شلل النحل

يصيب النحل بكل الأعمار وخاصة في نهاية الربيع وبداية الصيف وله مسببان:

  • فيروس شلل النحل الحاد Acute bee paralysis virus.
  • فيروس شلل النحل المزمن Chronic bee paralysis virus.

ويرافق هذا المرض مجموعة من الأعراض التي تتجلى فيما يلي:

  • الرعشة الّتي تصيب جسم النحلة وعدم قدرتها على الطيران.
  • تضخم بالبطن وامتلاء معدة العسل بالسوائل.
  • تفقد النحلة شعيراتها وتبدأ بالتحول للون الأسود الغامق.

 فيروس الأجنحة المشوهة DWV

غالبًا ما يظهر هذا الفيروس في الطوائف المُصابة بطفيل الفاروا. ويسبب تشوه في جناح النحل المصاب، بالإضافة إلى صغر حجم الجسم مع عدم القدرة على الطيران.

تكيس الحضنة

مرض فيروسي يصيب يرقات النحل المكشوفة، ويسبب موتها مباشرًة بعد تغطية العيون السداسية. مع العلم تعتبر اليرقات بعمر اليومين أشد حساسية للإصابة بالفيروس.

فيروس خلايا الملكة السوداء BQCV

يؤثر هذا الفيروس على تطور يرقات وعذارى الملكات. وتتميز اليرقات المصابة بأنها ذات جلد صلب قاسي، لونه أصفر شاحب دهني مشابه لمرض تكيس الحضنة. وتموت العذارى المصابة وتتحول إلى اللون الداكن. كما يسبب ظهور بقع بنية وسوداء على جدران العين السداسية الخاصة بها. مع العلم تظهر الإصابة في فصل الربيع والصيف خاصًة في الخلايا الّتي استخدمت عدة مرات لتربية الملكات.

فيروس الجناح المتلبد CWV

يصيب النحل البالغ، وعادةً ما يترافق مع الإصابة بشلل النحل المزمن. وهو كغيره من الأمراض الفيروسية لا يوجد علاج مباشر له، ولكن من الممكن اتباع عدة خطوات للوقاية منه، والتي تتجلى فيما يلي:

  • الحفاظ على قوة الطائفة.
  • التغذية الجيدة للطوائف عن طريق إضافة بعض الفيتامينات مع المحاليل السكرية.
  • تغيير الملكة لتغيير السلالة.
  • مكافحة الأمراض الأخرى مثل قراد الفاروا وغيره.

آفات تهدد النحل

تسمم النحل

يعتبر من أخطر الآفات الّتي تواجه النحل وله مُسببان هما، إحداهما طبيعي ناتج عن امتصاص رحيق أزهار النباتات السامة، والآخر غير طبيعي ناتج عن الأسمدة والمبيدات الحشرية التي تصل إلى النحل بإحدى الطرق التالية:

  • تسرب المبيدات بشكل مباشر إلى داخل الخلية بفعل الرياح القوية.
  • تعرض النحل لرذاذ المبيدات أثناء طيرانه.
  • شرب النحل لماء ملوث بآثار أسمدة كيميائية أو مبيدات حشرية.
  • جمع العاملات لأزهار وحبوب طلع ملوثة بالمبيدات.

وتزداد خطورة هذا التسمم، عندما تكون المبيدات بطيئة التأثير ولا تؤدي لموت النحل مباشرة ممّا يعرض الخلية كلّها للإصابة، كما تختلف درجة التأثير بحسب درجة سمية المبيدات (عالية، متوسطة، ضعيفة). أما فيما يتعلق بأعراضه فيلاحظ ما يلي:

  • زحف أفراد النحل المصاب، وعدم قدرته عبى الطيران.
  • شلل حركة الحشرة المصابة، وخاصةً بالأرجل.
  •  موت عدد كبير من النحل عند الخلية أو بعيدًا عنها.

الحشرات والمتطفلات

تتنوع وتختلف هذه المتطفلات باختلاف الجغرافيا وتنوع المناخ، فمنها من ينشط في الأماكن الحارة، ومنها في المناطق معتدلة. ومنها نذكر ما يلي:

قمل النحل Bee Louse

حشرة صغيرة تتطفل على النحل، وخاصة العاملات المرضعات. تعيش بين أوبار الصدر في المنطقة الفاصلة بين الرأس والصدر، كما من الممكن أن تصيب الملكات. ويتراوح طولها بين 1.2 و1.5 مم، تتغذى على الغذاء الملكي عندما تغذي العاملات المرضعات الملكة، باعتبار أن فمها من النوع الماص الذي لا يمكنها من إحداث ثقب في جسم النحلة.

خنفساء خلية النحل الصغرى

سميت بهذا الاسم لتمييزها عن خنفساء الخلية الكبرى. كان انتشارها محصورًا في قارة افريقيا، إلا أنها لاحقًا انتقلت وانتشرت بعدة مناطق في العالم. يتراوح طولها بين 5 و7 مم. لونها أسود وتتواجد أسفل الخلية أو تحت الغطاء الداخلي. يظهر أثر تلك الحشرة عندما تضعف الخلية، حيث تتغذى بيوضها على العسل، وتحفر أنفاق في الشمع، مما يسبب هجر النحل للخلية.

ذبابة اللحم Senotainia tricuspis

تنتشر في مناطق البحر المتوسط والمناطق الحارة. تشبه ذبابة المنزل. تتطفل على ذكور النحل والعاملات. وتتواجد على سطح الخلية الخارجي، وعند خروج النحلة تهاجم الذبابة الخلية لتضع يرقاتها.

الدبور الشرقيّ Oriental hornet

يُهاجم النحل من قِبل نوعين من الدبابير: الدبور الأحمر الشرقي Vespa orientalis، والدبور الأصفر. ويشبه الدبور النمل والنحل بكونه حشرة اجتماعية تعيش ضمن طوائف، لكنها تعتبر من أخطر الحشرات على النحل، حيث يتغذى على المواد السكرية الّتي يأخذها من العسل. فيهاجم عاملات النحل أثناء السروح وعند مدخل الخلية، للحصول على العسل والمواد البروتينية من معدتها.

علاج ومكافحة الآفات المهددة للنحل

مكافحة تسمم النحل

  • في حالة تسمم الخلية كلّها بالمادة السامة، يجب التخلص من إطارات الرحيق وغبار الطلع.
  • استخدام مواد طاردة للنحل وغير طاردة للحشرات المُراد مُكافحتها.
  • التقليل من رش المبيدات في فترة إزهار النباتات.
  • الحفاظ على التوازن البيئي، والتقليل من استعمال المُبيدات الحشرية، واستخدامها فقط عند الضرورة بإشراف مختصين من الوحدة الزراعية.
  • التنسيق بين المُزارعين والنحالين، والتوعية لخطر استخدام المبيدات.

مكافحة الحشرات والمتطفلات

  • البحث عن مكافحات طبيعية للحشرات (حشرة أخرى)، تكون غير ضارة بالنسبة للنحل.
  • استخدام المبيدات بشكل محدد ودقيق جدًا.
  • توعية النحالين لأهم الحشرات والأمراض الّتي تصيب النحل.
  • عدم استيراد الخلايا والملكات من مناطق موبوءة.
  • بالنسبة للحشرة الأخطر الدبور: فإنه يُكافح بقتلِ ملكاته، ووضع الأغذية الّتي تجذبه مثل قطع اللحم مع سم خاص، كما من الممكن وضع مصائد خاصة.

والأهم في المكافحة الفعالة لتلك الآفات والأمراض أن تتظافر جهود الجميع من حكومات ومُزارعين ونحالين لحماية  النحل والحفاظ عليه، باعتباره ثروة طبيعية للفرد والدولة.