لا بد أنك جربت طرقًا عديدةً للدراسة وخاصةً فيما يتعلق بحفظ الدروس وإعادة استذكارها، ولكن هل ذكرت أمامك طريقة الخريطة الذهنية؟ هل هي فعالةٌ في رأيك؟ وما هي خطوات رسم الخريطة الذهنية؟
تعد الخريطة الذهنية استراتيجيةً فعالةً في التعليم تربط المعلومات المقروءة في الكتب والمذكرات بواسطة رسوماتٍ وكلماتٍ على شكل خريطةٍ تحوي رموزًا ممزوجةً بالألوان ومتعددة الأشكال في ورقةٍ واحدةٍ. بحيث تعطي المتعلم مساحةً واسعةً للتفكير والإبداع.
كما تعمل الخريطة الذهنية على ربط الأفكار ببعضها والمساعدة في حل الكثير من المشاكل عن طريق ترتيب المعطيات حسب الأهمية، وتلخيص الأفكار وتفنيذها على الورقة، مثل ما يقوم دماغ الإنسان بفعله أثناء التفكير والتحليل.
ما هي الخريطة الذهنية
ظهر مصطلح الخريطة الذهنية Mind Mapping أول مرةٍ بواسطة الكاتب والمستشار التعليمي الملقب بأستاذ الذاكرة توني بوزان عام 1971، وعرفت بأنها تقنيةٌ وأداةٌ للتفكير تستعمل لإعادة تمثيل المعرفة عن طريق تنظيمها في مخططٍ شبكيٍ متشعبٍ، حيث يوضع المفهوم الرئيسي في الوسط وترسم فروعٌ متصلةٌ به بشكلٍ متسلسلٍ. فتزود المتعلم بصورةٍ بصريةٍ قويةٍ تمثل المعلومات المعقدة، وتربط بين المعلومات السابقة والجديدة.
وقد ربط بوزان الخريطة الذهنية بدماغ الإنسان لأنها تبنى على شكل الخلية العصبية، حيث تتألف الخلية العصبية من نواةٍ مركزيةٍ وأذرعٍ تشكل مشابكًا عصبيةً مع خلايا الجسم الأخرى. وهي طريقة الدماغ في تنظيم المعلومات داخله واستدعاء الأفكار بسرعةٍ كبيرةٍ.
أدوات رسم الخريطة الذهنية
- دفترٌ لكتابة كافة الأفكار وترتيبها عند عصفها ذهنيًا أو نقلها من الكتب.
- أقلامٌ ملونةٌ لخلق رؤيةٍ بصريةٍ جميلةٍ.
- مخيلتك لأنك ستحتاجها في خلق الأفكار وطريقة إسقاطها على الورق.
- ورقةٌ كبيرةٌ كورق الرسم لترسم عليها مخطط خريطتك الذهنية.
خطوات رسم الخريطة الذهنية
اعتمدنا هنا مبدأ بوزان لرسم الخريطة الذهنية، لأنه يحاكي الواقع التفكيري، وذلك وفق الخطوات التالية:
- اقرأ الموضوع المراد دراسته وتطبيقه كخريطةٍ ذهنيةٍ جيدًا، وسجل الأفكار الرئيسية والفرعية على ورقةٍ جانبيةٍ، وحدد الأفكار الهامة من غير الهامة حتى ترتبها صحيحًا بشكل يمنع اختلاطها أثناء وضعها في التفرعات.
- ابدأ بوضع العنوان الرئيسي في منتصف الورقة، ولا تضع العنوان في أعلى الصفحة أو أسفلها لأن وجود الفكرة الرئيسية في منتصف الورقة يعطيك نوعًا من الحرية والانسيابية في رسم التفرعات في كل الاتجاهات.
- ضع العنوان الرئيسي ضمن شكلٍ معينٍ، وحاول ألّا تختار شكلًا تقليديًا واختلق شكلًا من مخيلتك. مما يؤثر أفضل على الدماغ.
- ارسم تفرعاتٍ عن الموضوع الرئيسي بشكل خطوطٍ منحنيةٍ لإعطاء طابع جمالي، مما يجذب الدماغ أكثر.
- استخدم لكل فرعٍ لونًا فالألوان تعد من أهم الأدوات التي تنشط الذهن وتسرع من تذكر المعلومات.
- ضع كلمةً دلاليةً لكل فرعٍ ولونه بلونٍ مختلفٍ عن الآخر. وحاول تحديد كلمةٍ واحدةٍ عنوانًا للفرع لتسهل عملية ترسيخ الأفكار.
- ارسم أفرعًا ثانويةً عن الأفرع الأساسية. ولون كل مجموعة أفرعٍ بلونٍ مختلفٍ عن المجموعات الأخرى.
- ضع دائرةً أو مربعًا حول الأفكار التي تراها مهمةً لكي تبرزها من ضمن الأفكار المتبقية، وتترسخ في دماغك أكثر.
- ضع رسمًا لفرعٍ معينٍ لتعبر عن معناه، وليساعدك في استذكاره أكثر.
- يمكنك استعمال الأسهم عند ربط فكرتين متقاربتين أو أكثر بالطريقة التي تريدها.
- لا تقيد نفسك بشكل معين، وابتكر الشكل الخاص بك مع الالتزام بتطبيق المبادئ السابقة بحذافيرها.
رسم خريطة ذهنية باستخدام الحاسوب والهاتف المحمول
هناك الكثير من التطبيقات على الحاسوب والهواتف المحمولة، يمكن من خلالها إعداد الخرائط الذهنية بحرفيةٍ عاليةٍ كتطبيق: Canva وBubble.us وFreeMind وXMind وغيرها الكثير.
إذ توفر تلك التطبيقات الكثير من المميزات التي تغني الخريطة الذهنية خاصتك وتعطيك أفضل النتائج وحرية العمل عليها، ما عليك سوى تحميل تطبيق خريطةٍ ذهنيةٍ معينٍ كتطبيق Canva مثلًا، واتباع الخطوات التالية:
- اختر قالبًا يعجبك يناسب خريطتك الذهنية.
- اضغط فوق كتابة نصٍّ لتضيف عنوانك الرئيسي وأفكارك الفرعية.
- خصص خطوطًا وأشكالًا وألوانًا من اختيارك لكافة الأفرع والأفكار المنبثقة منها.
- يمكنك أيضًا اختيار الرسوم البيانية في حال كنت تريد إضافتها إلى أفرعك.
- احفظ تصميمك وشاركه.
فوائد الخريطة الذهنية
- تحفيز فصَّي الدماغ الأيمن والأيسر: حيث أن الفصَّ الأيمن للدماغ هو المختص بالإبداع، والذي يعتمد على الخيال والاكتشاف والألوان والصور. في حين أن الفصَّ الأيسر للدماغ المسؤول عن التحليل والمنطق، إذ يعتمد على الدقة والتنظيم والأرقام والرياضيات. وهنا يأتي دور الخريطة الذهنية في تحفيز عمل الفصَّين مع بعضهما والتي تعطي نتائجًا مذهلةً عند الدراسة أو التخطيط والعصف الذهني والحفظ بالمقارنة مع التركيز على استخدام كل فصٍّ على حدى.
- تساعد المتعلمين في تنظيم المعلومات وفهمها بطريقةٍ ميسرةٍ وبسيطةٍ ومفهومةٍ لهم. كما تنمي قدرتهم على تذكر المعلومات واسترجاعها.
- تساعد الطلاب على تذكر الأفكار المهمة. وترفع ثقتهم بأنفسهم، وبالتالي ترتفع تحصيلهم العلمي.
- تضفي المتعة على المادة التعليمية وتشوق الطلاب لدراستها.
- تطوير مهارات الكتابة من خلال تصميم المخططات الفكرية ومخاطبة العمليات العقلية كالملاحظة والتقويم.
- تساعد الطلاب على استخدام التفكير النظري الذي يقود إلى التفكير البصري الملموس.
- تقديم الأفكار بطريقةٍ منظمةٍ في صورة مخططاتٍ تعتمد على اللغة البصرية أكثر منها اللغة الشفهية. مما يزيد التركيز على الأفكار، ويخفف العبء عن الذاكرة، ويعطي حرية الاستكشاف والتفكير بطرق متنوعة.
- تساعد الطالب على المشاركة الفعلية في وضع بنيةٍ تفكيريةٍ ومعرفيةٍ متماسكةٍ مرتبطةٍ بمفهومٍ أساسيٍ. مما يوفر مناخًا تعليميًا جماعيًا.
أنواع الخرائط الذهنية
هناك أنواعٌ عديدةٌ للخرائط الذهنية حسب هولمان وماركس وفلنتز، نذكر منها:
- الخَريطة الدائرية: تتكون من دائرتين لهما المركز ذاته مع اختلاف طول القطر. وتستعمل لمساعد المتعلم في تحديد فكرة المحتوى، وتمثيل الأفكار الناجمة عن العصف الذهني.
- الخريطَة الشجرية: تتكون من عنوانٍ رئيسيٍ مستعرضٍ يتفرع منه مجموعةٌ من الأفرع حسب عدد الأفكار أو المفاهيم المصنفة.
- الخرِيطة الفقاعية: عبارةٌ عن دائرةٍ مركزيةٍ تحيط بها أذرعٌ وفي نهاية كل ذراعٍ دائرةٌ أخرى، تستعمل لوصف الأفكار وخصائصها المنطقية.
- خريطة التدفق المتسلسلة: وهي مجموعةٌ من المستطيلات المتتالية ترسم خلف بعضها البعض، ويمكن رسم مستطيلاتٍ فرعيةٍ صغيرةٍ تتفرع عن المستطيلات الرئيسية. وتستعمل هذه الطريقة في تحديد الصلة بين المراحل، والخطوات الفرعية لمحورٍ معينٍ وبشكلٍ منظمٍ.
استعمالات الخريطة الذهنية
- تستعمل في الدراسة والتخطيط الدراسي، وفي أساليب التدريس، والتقويم وتلخيص الكتب للحفظ وتحسين الذاكرة وكتابة المقالات والبحوث.
- التحليل والتخطيط وترتيب الأفكار، وتمييز العلاقات بين الأفكار الرئيسية والفرعية.
- حل المشاكل واتخاذ القرارات وجلسات العصف الذهني، وتنظيم جداول الأعمال، وتنظيم الوقت والمواعيد.
- إدارة المعلومات في محاضر الاجتماعات بكافة مراحلها بدءًا من التخطيط إلى مرحلة التنفيذ والمتابعة.
النظريات التي تستند عليها الخريطة الذهنية
- نظرية أوزبل: تعتمد نظرية أوزبل في الخريطة الذهنية على مبدأ التعلم ذي المعنى، حيث يرى أوزبل أن كل مادةٍ تعليميةٍ لها بنيةٌ تنظيميةٌ تختلف فيها عن المواد الأخرى، وفي كل بنيةٍ تشغل الأفكار الأكثر شموليةً مكانها على القمة، ثم تندرج تحتها الأفكار الأقل شموليةً وتليها المعلومات الدقيقة. كما ترتب الأفكار في الخريطة الذهنية من المركز والذي هو الفكرة الرئيسية إلى الأفرع الأساسية والثانوية التي تحوي الأفكار الفرعية والمعلومات الأخرى.
- النظرية البنائية: تعتمد على أن الخريطة الذهنية تستعمل لإعادة تمثيل الأفكار وتنظيمها في مخططٍ شبكيٍ غير خطيٍ، ويرى الباحثون هذه الاستراتيجية تتوافق مع النظرية البنائية في التدريس، والتي تؤمن بأن المتعلمين يؤسسون معرفتهم الجديدة بالتفاعل والربط بين معرفتهم السابقة والأفكار الجديدة التي هم بصدد تعلمها.
مما سبق نرى أن اعتماد الأشخاص على استخدام الخريطة الذهنية يعد عاملًا أساسيًا في حل مشكلاتهم بطريقةٍ أسرع وتسهيل دراستهم وترتيب أفكارهم وجدولة مواعيدهم، وتنظيم وقتهم واستعمال أقصى إمكانيات دماغهم. مما يؤدي إلى تطور إدراك الناس وقدرتهم على توسيع آفاقهم المعرفية.