لا تزال المشاكل البيئية هي الشغل الشاغل للعالم بأسره، مثل تلوث الهواء وتأثيرات الاحتباس الحراري والاختلالات البيئية. لذلك أصبح تضمين القضايا البيئية في عمليات التسويق الحالية، اتجاهًا جديدًا لتسويق المنتجات الصديقة للبيئة. وذلك عن طريق تقديم منتجات أو خدمات ذات مواصفات عالية، تشجع الأشخاص المهتمين بالبيئة على شراء هذه المنتجات.
وسمي هذا التوجه الجديد بالتسويق الأخضر، ولفهمه بشكل أدق لا بد من الغوص في تفاصيل عناصر التسويق الأخضر. ونفذت الشركات العديد من الإستراتيجيات لتلبية متطلبات العملاء ذوي الوعي البيئي لأنهم يدركون تمامًا ما يستهلكونه. وتدمج هذه الشركات بشكل كامل القضايا البيئية والمسؤولية في أعمالها وتعالج القضايا المتعلقة بالمزيج التسويقي للبيئة.
وبعبارات بسيطة يمكننا القول إن التسويق الأخضر يشير إلى عملية بيع المنتجات والخدمات على أساس فوائدها البيئية، أو ينتج ويعبأ بطريقة صديقة للبيئة. وبالتالي فهو يشتمل على مجموعة واسعة من الأنشطة. وهي: تعديل المنتج، والتغييرات في عملية الإنتاج، وتغييرات التعبئة والتغليف، وكذلك تعديل الإعلانات.
مفهوم التسويق الأخضر
ظهر مفهوم التسويق الأخضر في أواخر الثمانينيات، ويعرف وفقًا لجمعية التسويق الأمريكية بأنه: تسويق المنتجات التي يُفترض أنها آمنة بيئيًا.
وبكلمات أخرى: يتكون التسويق الأخضر، أو البيئي، أو المسؤول، من جميع الأنشطة المصممة لتوليد وتسهيل أي تبادلات تهدف إلى تلبية الاحتياجات أو الرغبات البشرية، مع الحد الأدنى من التأثير الضار على البيئة الطبيعية.
ويفترض ذلك أن المستهلكين المحتملين سوف ينظرون إلى خضرة منتج أو خدمة على أنها فائدة، ويتخذوا قرار الشراء بناءً على ذلك. وقد يكون المستهلكون على استعداد لدفع المزيد من المال مقابل المنتجات الخضراء أكثر مما قد يدفعونه مقابل منتج أقل مراعاة للبيئة.
أهمية التسويق الأخضر
تظهر أهمية التسويق الأخضر في جوانب متعددة نذكرها فيما يلي:
- مزايا بيئية: عندما تهتم الشركات بتقليل استخدامها للطاقة التي تبعث غاز ثاني أكسيد الكربون تساهم في تقديم خدمات قيمة للبيئة. وبالتالي تساهم في تقليل الاحتباس الحراري.
- مزايا اقتصادية: التوجه نحو البيئة يخفض الكثير من الأعباء الاقتصادية ويوفر المال المصروف على المرافق والوقود واللوازم المكتبية، وبالتالي يولد تدفقًا نقديًا فوريًا. كمثال على ذلك نذكر: تقليل النفايات، واستخدام المصابيح الصديقة للبيئة، وتوفير استهلاك المياه، وإعادة التدوير الإلزامي.
- الاستدامة: إن التحول إلى البيئة الخضراء يعني الاستدامة. تُترجم هذه الاستدامة إلى أرباح مستدامة في القطاعات الخضراء ذات العقود الآجلة الآمنة. حيث تشمل الأسواق الآمنة في المستقبل المواد الحيوية، والمباني الخضراء، والنقل الشخصي، والشبكات الذكية، وتطبيقات الهاتف المحمول وتنقية المياه.
- الاستخدام الفعال للموارد: المطالب والاحتياجات البشرية حاليًا غير محدودة ولكن الموارد قليلة ولا يمكنها تلبية الاحتياجات البشرية.
- جذب المستهلك: تجذب المنتجات الصديقة للبيئة المستهلكين. يعتبر التسويق الأخضر بمثابة تسويق متنامٍ يساعد على تصميم منتجات اجتماعية ومستدامة.
- الابتكار: يساعد التسويق الأخضر على إنتاج منتجات مبتكرة تستهلك موارد أقل وذات الأسعار المعقولة اقتصاديًا والتي تلبي احتياجات الإنسان بكفاءة.
- الميزة التنافسية: تكتسب الشركات التي تتبنى هذه التقنيات ميزةً تنافسيةً أكثر من الشركات الأخرى. حيث تطور هذه الشركات منتجات وخدمات مبتكرةً بأسعار معقولة تحقق التنافسية في السوق.
عناصر التسويق الأخضر
يصمم المنتجون أربع عناصر بشكل مناسب وفعال مع البيئة، وهي:
المنتجات الخضراء من عناصر التسويق الأخضر
من المعروف أن المنتجات التي تستهلك المزيد من الطاقة، وتستخدم مواد كيميائية سامةً، ولا يمكن إعادة تدويرها، وتشكل تهديدًا للبيئة لأنها تؤدي إلى التدهور البيئي والتلوث. بينما تساهم المنتجات التي تساعد في توفير الطاقة، أو تستخدم المكونات الطبيعية، أو المعاد تدويرها، في الحفاظ على البيئة. لذلك تُعرف المنتجات التي تنتج في انسجام مع البيئة باسم المنتجات الخضراء. والتي تساعد في الحفاظ على الموارد الطبيعية والاشتراك في المستقبل المستدام.
السعر الأخضر من عناصر التسويق الأخضر
تزداد النفقات عند إنتاج منتجات خضراء كون ذلك يحتاج تعديلات في طريقة الإنتاج. ومن المعروف أن زيادة التكلفة تؤدي إلى زيادة سعر هذه المنتجات مما يجعل قبول المنتج في السوق أمرًا صعبًا. وذلك بسبب احتمالية تجاوز الأسعار لقدرة المستهلكين على الدفع. ويُعرف الفرق بين سعر المنتج الأخضر والمنتج غير الأخضر باسم فجوة التسعير.
ولضمان توزيع المنتجات الخضراء بشكل أكبر يجب تقليل سعر هذه المنتجات، أو رفع اهتمام الزبائن المحتملين لهذه المنتجات وبالتالي تقدير قيمتها من قبلهم وإنفاق المزيد من المال للحصول عليها.
المكان الأخضر من عناصر التسويق الأخضر
من المهم تأمين مراكز لتوزيع المنتجات لا تسبب ضررًا بيئيًا. وذلك من خلال استخدام مصادر الطاقة الصديقة للبيئة مثل الطاقة الشمسية والكهربائية. كمثال على ذلك نذكر: توفير المصاريف في التوزيع من خلال الإنتاج المحلي، وبالتالي تقليل تكاليف النقل وانبعاثات الكربون. بالإضافة إلى ذلك البيع عبر الإنترنت.
الترويج الأخضر من عناصر التسويق الأخضر
تنفق الشركات مبالغ ضخمةً من الأموال والموارد في الوقت الحاضر على الإعلان والترويج للمنتجات الخضراء بطريقة صديقة للبيئة. مثل استخدام مواقع الشبكات الاجتماعية لنشر ملفات التعريف المتعلقة به. كمثال على ذلك: أطلقت شركة Nike بحملتها “Better World” أول إعلان تلفزيوني معاد تدويره بنسبة 100%، عن طريق إعادة استخدام ودمج فيلم من حملاتها السابقة.
وفي الختام نقول إن الموارد محدودة والاحتياجات البشرية غير محدودة، فمن الضروري للمسوقين استخدام الموارد بكفاءة، بحيث تتحقق الأهداف التنظيمية دون إهدار الموارد. لذا فإن التسويق الأخضر أمر لا مفر منه، وأصبحت عناصر التسويق الأخضر أساسيةً في عالم التسويق الحالي والمستقبلي، فنحن الآن في عصر التسويق الأخضر.