لعلّك تريد البدء بمشروعٍ لتربية النحل وتبحث عن ماهية الوسائل المستعملة لهذا الغرض. لحسن الحظ وسائل ومعدّات هذا المشروع متوافرة، ومحدودة، والأهم أنها ليست باهظة الثمن. لمعرفتها يمكنك متابعة القراءة، لكن يجدر بالذكر أن لتربية النحل متطلّبات خاصة لا تقلّ أهمية عن تجهيزات هذا المشروع.
تربية النحل بالعموم
يمتدّ هذا النشاط الإنساني عميقًا في التاريخ، فلا نعرف حتى الآن متى بدأ فعلًا. لكن الإنسان استطاع ترويضها بملاحظته أن النحل هي الحشرات الوحيدة القادرة على إنتاج مادة مغذية قابلة للاستهلاك البشري بالاعتماد على رحيق الأزهار. وكانت مستعمراتها في البرية المصدر البدائي للعسل الذي كان الحصول عليه أمرًا غاية في الخطورة. فالنحل مدافعٌ شرس مجهّز بإبرة متّصلة بجسده للدغ المتطفلين. فقد كان العسل سابقًا سلعةً ثمينة لأهميته الكبيرة شعائريًا وعلاجيًا، أما اليوم فهو سلعة غذائية عالية الطلب.
متطلّبات ضرورية قبل البدء بتربية النحل
ببساطة لا يمكنك تربية النحل في أي مكان، فهي تتغذّى على الرحيق بالتالي تحتاج للكثير من النباتات المزهرة معظم أشهر السنة. ولا يفضّل تواجدها في أماكن مكتظّة بالسكن والسكان، لأنها قد تلدغ أي شخص قد تشعر بأنه تهديد لها. ما يعني أنه لا يمكن تربيتها في المدينة على سبيل المثال، أو في صحراء جرداء كليًا، أو مكانٍ تنخفض فيه درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.
فموقع مشروعٍ كهذا هو الأهم، ولا يمكن أن تبدأ بتربية النحل دون أن تملك مساحةً من الأرض في الريف أو في مكانٍ يحوي غطاءً نباتيًا. بحيث تكون مساحتها 175 مترًا مربعًا على الأقلّ، ومحاطةً إما بمحاصيل زراعية أو نباتات برّية.
بالإمكان أن تكون في البادية فعسل البادية يمتاز بفوائده الطبية، أو في المزارع فوجودها في المزارع قادر أن يضاعف الإنتاج. ذلك أن النحل ببساطة مسؤولٌ خلال رحلته اليومية لإيجاد الرحيق؛ عن إلقاح 85% من المحاصيل الزراعية في العالم. كما يمكن أن تتواجد في الأماكن التي يمكن أن تكون فصول الصيف أو الشتاء فيها قاسية، شرط الاهتمام المستمر بها. بالتالي نصل إلى نوعٍ آخر من متطلّبات هذا المشروع، وهو الرعاية والفحص الدوري وتخصيص الوقت لإمدادها بالاحتياجات التي قد تظهر خلال فترات الركود أو المرض.
بتوافر ما سبق يمكنك الانتقال إلى الخطوات التالية، وهي مراجعة الجدوى لهذا المشروع، وتحديد رأس المال. والرغم من أنه لا يحتاج الكثير لكن من الأفضل معرفة النفقات ودورة رأس المال العامل الشهرية، وما قد يقابلها من مردود. ولا يمكن تحديد النفقات دون معرفة جميع الوسائل المستعملة في تربية النحل والتأكد من إمكانية تغطية هذه التكاليف.
الوسائل المستعملة في تربية النحل
تطوّرت تربية النحل على مدى العصور، وتم ابتكار معدّات للحماية وتنظيف وتبخير وإطعام وتلقيح وفرز وكشط العسل وغيرها من الوسائل كلّما ظهرت حاجة جديدة. إلى أن وصلت تربية النحل إلى ما هي عليه اليوم: آمنة، ومربحة، ومريحة بالمقارنة مع غيرها من المشاريع الصغيرة، وهي:
خلية النحل أو قفير النحل
مسكن صناعي للنحل بأشكال متنوعة، يعد الأهم بين الوسائل المستعملة في تربية النحل. لذا من الضروري أن يصنع من مواد ذي ديمومية عالية كخشب الصنوبر، بحيث يكون قادر على تحمّل كافة العوامل الجوية. يعتبر قفير لانجستروث Langstroth الشكل القياسي الأكثر استخدامًا لخلية النحل. فقد كان القس لانجستروث أول من لاحظ أن النحل يترك ممرّات في مستعمراته البرية بعرض يتراوح بين 6.35 إلى 9.5 مم. ففتح هذا لاكتشاف الباب للبدء بابتكار ملاجئ صناعية أكثر فعالية لتربية النحل وصولًا لبنيتها وشكلها الحالي. ويتألف قفير النحل القياسي من مجموعة طبقات تتوضّع فوق حامل الخلية، وهي من الأسفل:
- قاعدة الخلية وقد تكون ثابتة أو متحركة وهو الأكثر تفضيلًا.
- باب الخلية.
- صندوق الحضنة المزود بالبراويز الخشبية والتي تفصل بينها مسافة تتراوح بين 8- 10 مم.
- حاجز الملكات الضروري لتقييد وضع البيض في أماكن وبعدد محدد، غالبًا ما يكون فولاذيًا أو بلاستيكيًا. تكون فتحاته بأبعاد لا تسمح سوى للعاملات بعبوره، وهو على منطقتين: الأولى للتفريخ، والثانية لتخزين غذاء الملكات.
- عاسلة الخلية المزود بالبراويز الخشبية، والتي يمكن إضافة طبقة عاسلة أخرى فوقها في حال ظهور حاجة للتوسّع.
- الغطاء الداخلي.
- الغطاء الخارجي وهو القسم العلوي من الخلية.
طبعًا هناك نماذج أخرى لخلايا النحل والموجّهة لاستخدامات محددة، منها نموذج دادانت، وخلية لوزانية، وخلية كينيانا، ونموذج قفير صقلّي وغيرها.
الأهم في المسكن هو الحفاظ على نظافته وتفقّده باستمرار لضمان عدم نشوء أي نوع من البكتيريا التي قد تتسبب بأمراض تصيب النحل وتؤدي لهروبه أو نقص أعداده في المستعمرة.
إطار أو برواز الخلية وصفيحة الأساس
توضع داخل طبقتي العاسلة والحاضنة في قفير النحل، وقد يصل عددها إلى 10 إطارات في القسم الواحد. وتكون الإطارات إما خشبية أو بلاستيكية وهي المفضّلة هذه الأيام لأنها أكثر استدامةً وأسهل للتنظيف والاستخدام. يزوّد كل إطار بورقة أساس مثبتة عليه وهي أوراق شمعية رقيقة مطبوعٌ عليها أشكال سداسية في كلا الجانبين. ذلك من أجل تسهيل عملية بناء أقراص العسل، فالشكل الهندسي السداسي الأضلاع هو الشكل المميز لبيوت النحل والأكثر كفاءة.
معدّات وألبسة الحماية من النحل
لتجنّب لدغ النحل الغاضب الذي قد ينتج أثناء محاولة جني العسل يجب على النحال ارتداء معدّات حماية تعد من الوسائل المستعملة في تربية النحل لأنه لا يمكن الاستغناء عنها لأداء هذا العمل. أولها اللّباس الواقي الذي يجب أن يغطي الجسم بالكامل، بالإضافة لقناع شبكي لحماية الوجه والمزوّد بقبعة.
ويفضل أن يكون الرداء باللون الأبيض أو الأصفر والقناع باللون الأسود. أما القفازات وهي هامة للغاية فيفضّل أن تكون طويلة الساق مصنوعة من الجلد ومجهّزة بمطاط في نهايتها لمنع اختراق لنحل إلى الداخل. كذلك هو الأمر لحذاء النحال، الذي يجب أن يكون مغلقًا بالكامل وله ساقٌ طويلة تمنع دخول النحل.
الوسائل المستعملة في تربية النحل
- جهاز استخراج العسل من أكثر الوسائل التي تستعمل، وذلك للحصول على العسل عبر فصله عن الإطارات بواسطة قوة الطرد المركزية. ولها الكثير من الأشكال والأحجام وفقًا للإنتاج طبعًا، كما تتواجد مصنوعة من مواد متنوعة.
- أداة لتصفية العسل وهي أساسية للحصول على عسل نقي خالي من الشوائب كليًا. فهي مصفاة خاصة يفضل أن تكون مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ. حيث أن الاهتزاز القوي الذي تتعرّض له الإطارات داخل جهاز استخراج العسل يؤدي لإنتاج عسلٍ يحوي بقايا شمع وما شابه ذلك من شوائب. تكون مهمتها التخلص منه.
- مدخنة يدوية وهي أسطوانة معدنية يحرق فيها الخشب المجفف أو ما شابه ذلك، مزوّدة بفوّهة ينبعث منها الدخان الناتج عن الاحتراق. وتستخدم لتهدئة النحل وإبعاده أثناء جني العسل مثلًا، من دون إيذائها.
- منفاخ يدوي وهو جهاز يقوم بإحداث دفعة هواء كافية لتحرير النحل من العسل إذا كان عالقًا فيه دون إيذائه.
- فرشاة مجهزة بشعيرات تستخدم لتحرير أقراص العسل من النحل العالق، ويجدر تبليلها قبل استخدامها كي لا يعلق النحل بدوره فيها.
- المكشطة أداة صنعت خصيصًا لتتناسب مع بينة القفير، وتتواجد بعدّة أشكال. تؤدّي أكثر من غرض فهي مفتاح لغطاء القفير، كما تسهّل التقاط إطار النحل من الصندوق، وتستخدم لتنظيف الجزء السفلي من الخلية، وإزالة الشمع الزائد في الإطارات وغيرها.
- جهاز تغذية وهي وسيلة لا يحتاجها النحال سوى في فترات الركود، أي أوقات معيّنة من العام. يوضع بين الغطاء الخارجي وسقف الخلية كي لا يضطر النحال لفتح الخلية بالكامل عند الحاجة لتعبئتها من جديد.
- غذاء الملكات وحبوب اللقاح وهي مواد يتم شراؤها عند الحاجة.
الوسائل المستعملة في تربية النحل تشجع الكثيرين لمزاولة هذه المهنة التي يمكن اعتبارها هواية أو مشروعًا ثانويًا. والسبب في ذلك أنها ليست كثيرة أو باهظة، أو حتى معقدّة الاستخدام، كما أنها ستدوم طويلًا لديك. فهي وسائل لا يمكن صناعتها إلا بجودة عالية ومن مواد مقاومة للاهتراء والصدأ وإلا فستتلف مباشرةً. ويمكن الحصول عليها في مراكز البيع الخاصة بمعدات النحالة أو يمكن شراء بعضها مستعملًا وهو ليس مفضلًا لأنه قد ينقل عدوى ما للخلايا أو قد يكون أقل كفاءة من الجديد.