مرونة الطلب السعرية من أبرز المصطلحات التجارية الهامة. والتي يجب على كل من يعمل بالتجارة فهمه وإدراكه بشكل جيد.
تخضع العلاقة المتبادلة بين السلع والمنتجات وأسعارها المعلنة لكثير من العوامل. منها ما هو مرتبط بأهمية تلك المنتجات وحاجة المجتمع إليها. وآخر مرتبط بالارتفاع والانخفاض الذي تشهده أسعار هذه المواد تبعًا لكميتها المصنّعة والتكاليف المترتبة عليها. بالإضافة إلى ما قد تتعرض له الشركات المُصنّعة من ضعف الإنتاج أو الإفلاس المفاجئ. مما يؤدي إلى توقف عمليات التصنيع واختفاء السلعة من الأسواق لحين استئناف النشاط الإنتاجي للسلعة وإعادة توافرها في الأسواق.
ومن هنا نجد أن النشاط التجاري لسلعة محكوم بعدة قواعد وأسس منها ما قد يكون خارج الحسبان. إلا أننا في مقالنا هذا سنتحدث عن التفاوت في الكمية المطلوبة من المنتج وارتباطه بتغير السعر المعلن له. ويسمى ذلك ضمن النطاق التجاري بمرونة الطلب السعرية التي تتفرع إلى مفاهيم سنقدم شرح وافيًا وموجزًا لأهم عناوينها الرئيسية. وكذلك الفرعية المتضمنة لفحوى هذا المصطلح التجاري وتأثيره على أنظمة البيع والشراء.
تعريف مرونة الطلب السعرية
هي نسبة التغير المئوية سواءً بالزيادة أو بالنقصان الذي تشهده الكمية المطلوبة من سلعة أو منتج معين عند التغير في سعر هذا المنتج بمقدار 1%. أي دراسة مدى تأثر الطلب على المنتج بتغير سعره سواءً بارتفاع أو بانخفاض ذلك السعر.
ويعود أصل هذا المصطلح ودراسته إلى واحد من أبرز أعلام ومؤسسي علم الاقتصاد في القرنين التاسع عشر والعشرين. وهو البروفيسور الإنكليزي ألفرد مارشال مؤلف كتاب مبادئ الاقتصاد. وواضع أهم أسس علم الاقتصاد الحديث بما فيه المرونة السعرية والعرض والطلب. وغيرها من القواعد الاقتصادية المبدئية التي أصبحت مرجعًا هامًا ومقرًا لدراسة تبدلات أنماط الحركة التجارية وتغيراتها وانعكاساتها على أرض الواقع.
حساب مرونة الطلب السعرية
عمومًا فإن المرونة السعرية تبين مدى حساسية الطلب على المنتج لتبدل سعره من وضع لآخر، ويمكن حسابها على أنها حاصل قسمة نسبة التغير في الكمية المطلوبة على نسبة التغير في السعر المعلن الذي يساوي مقدار التغير في السعر مقسومًا على السعر الأصلي.
فبفرض أنه لدينا 200 قطعة من منتج معين تباع الواحدة منها بسعر 40$، ليرتفع سعر القطعة لاحقًا إلى 50$. مما أدى إلى انخفاض المبيعات بنسبة 20% ليصبح عدد القطع المباعة 180 قطعةً. ومنه فإن فرق المبيعات بين الحالتين الأولى والثانية يصل لـ 20 قطعة، لذلك تحسب نسبة التغير في الكمية المطلوبة وفق الآتي:
(20/200)*100%=10%
ونسبة التغير في السعر في هذه الحالة تساوي:
(40/(50-40))*100%=4%
وعندها نحسب المرونة السعرية كما يلي:
(4%/10%)=0.4
وبالتالي نجد أنه بحال كانت قيمة المرونة السعرية للطلب أصغر من 1 كما في مثالنا السابق فإن الطلب يعد غير مرن. أما إذا كانت أكبر من 1 يكون عندها الطلب مرنًا تمامًا. ونعتبر الطلب غير مرن تمامًا إذا كانت قيمة ناتج المرونة السعرية مساويًا للصفر.
أهم استخدامات مرونة الطلب السعرية
- مرونة الطلب السعرية في عالم التجارة والأموال والضرائب: ويجري ذلك بدراسة مرونة الطلب على السلعة قبل فرض الضريبة عليها، لا سيما وأن الهدف الأساسي لفرض الضرائب هو زيادة العائدات التجارية. فإذا كان المنتج يتمتع بمرونة في الطلب ستؤدي الضرائب المترتبة إلى ضعف الحركة الشرائية لهذا المنتج، بينما تؤدي الضرائب التي تفرض على السلع ذات الطلب غير المرن إلى رفع قيمة المردود العائد من تجارتها. لكنها وإن قل الطلب عليها فذلك لن يؤدي إلى نتائج سلبية بالمطلق. وخير مثال على هذه المنتجات سجائر التدخين التي يلعب رفع أسعارها دورًا إيجابيًا في تقليل نسبة المدخنين في المجتمع.
- توظيف المرونة لاحتكار بعض السلع من قبل التجار: وهو أسلوب تجاري ربحي يلجأ له الكثير من التجار لزيادة أرباحهم، فيفرضون أسعارًا مرتفعةً في أسواق السلع الرخيصة ذات الطلب غير المرن. في حين يتوجه بعضهم إلى تخفيض أسعارهم في أسواق الطلب المرن ذات الحركة التجارية المتفاوتة. وذلك بغرض الترويج لمنتجاتهم وسط أنواع المبيعات الأخرى التي يتغير الطلب عليها من وقت لآخر.
- المرونة المرتبطة بتحسين الوضع المعيشي ومستويات الدخل العامة: وذلك عندما يستشعر المُنتج فرص زيادة الدخل العام للمستهلكين، تتصاعد وتيرة العمل لإنتاج كميات أكبر من السلع والمنتجات ذات الطلب غير المرن مع إمكانية رفع أسعارها دون الاكتراث لحجم الإقلاع المتوقع من قبل المشترين. إلا أن النية تتوجه لخفض أسعار السلع ذات الطلب المرن في محاولة لبيع أكبر كمية ممكنة، والتي ستتفوق أرباحها على حجم الخسارة الناجمة عن خفض السعر فور تحسن الدخل العام للمشتري.
العوامل المؤثرة في مرونة الطلب السعرية
- وجود السلع والمنتجات البديلة في السوق: إذ يؤدي توفر البدائل للمنتج إلى زيادة مرونته السعرية كسوائل الاستحمام، والتنظيف، والمأكولات الجاهزة في الأسواق، على عكس المنتجات التي يؤدي تفردها بالنوعية والجودة إلى ضعف المرونة السعرية لها.
- أهمية المنتج بالنسبة للمستهلك: فالسلعة ذات الأولوية تكون مرونتها السعرية منخفضةً مقارنةً بمبيعات الدرجة الثانية، أو الثالثة التي تتميز بالمرونة العالية في الطلب عليها.
- اتساع رقعة نوعية المنتجات: وذلك مرتبط بحجم التنوع في أصناف السلع من حيث نوعيتها، فالملابس على سبيل المثال نجد أنها كثيرة، ومتنوعة (صيفية، وشتوية، وطويلة، وقصيرة، وسميكة، ورقيقة). لكنها ليست بحجم التنوع في المواد الغذائية التي تكون مرونتها السعرية أقل لكثرة منتجاتها التي لا حصر لها.
- تقلب المرونة من وقت لآخر: إذ إنه بمجرد رفع سعر منتج ما نلاحظ ضعف الإقبال عليه تلقائيًا فور إعلان السعر الجديد. لكن الحال لن يدوم هكذا فسرعان ما سيعتاد المشتري ويعود الإقبال إلى سابق عهده. وذلك بحكم أهمية المنتج الذي كانت مرونته السعرية منخفضةً لهذا السبب.
وفي ختام مقالنا بعد توضيح أبرز المفاهيم والنقاط المتعلقة بمفهوم المرونة السعرية للطلب، وجدنا أنها ذات تأثير كبير على حركة الأسواق التجارية، ونجاح منتج على حساب آخر إلى جانب كونها مرتبطةً بالعديد من الأسس والمتغيرات المتبدلة من حين إلى آخر.