يمكن وصف العرض والطلب بانه حركة السوق التجارية للشد والجذب. والتي تتأثر بعدة عوامل وأسباب. لكن أبرز ما يؤثر على هذه الحركة هو وجود أقطاب تجارية متنافسة ومترأسة للأسواق وذات نفوذ تجاري عالي يؤثر على حركة البيع والشراء العامة. إذ تفرض هذه الأقطاب منتجاتها بقوة على التجّار لجعلهم يرتبطون بها ويتعاملون معها دون غيرها من الجهات التجارية الأخرى، ومن هنا يصبح التبادل التجاري مع هذه الأقطاب وشراء منتجاتها أمرًا تلقائيًا ومفروضًا على الراغبين بالعمل في هذا السلك وبدء مشاريعهم التجارية الخاصة.

إلا أن نظرية العرض الطلب تفترض عكس هذا تمامًا. وتنظر إلى السوق على أنه في حالة تنافس مستمرة لا تكسبها جهة أو شركة معينة، أي ليس هناك طرف مهيمن في هذه المعركة، غير أن هذا الافتراض بعيد عن الواقع ولا يرقى إلى مستوى التفكير العلمي بسبب التفاوت بين الجهات التجارية من حيث أحجامها ونطاق تجارتها، ومصادر تمويلها الخاصة أو الحكومية والبضائع، والمنتجات التي توزعها على الأسواق وحجم الإقبال عليها من قبل المستهلكين.

كل هذه التفاصيل وغيرها سنتناولها في مقالنا هذا، الذي سنتحدث فيه عن الواقع العملي للعرض والطلب في الأسواق بشكل عام. والتعريف الأساسي لكل منهما، كما سنوجز الحديث عن آلية العمل التي تسبر واقع البيع والشراء للمنتجات المعلنة في الأسواق. وتأثير الوسائل والطرق المتّبعة في تنظيم الأسعار على إقبال المشترين إليها، والدور الذي تؤديه مرونة الطلب السعرية في الحركة التجارية للأسواق عامةً.

تعريف الطلب

هو الحاجة الأكيدة للمستهلك والمرهونة بقدرته المادية لشراء منتج معين خلال فترة محددة، في الوقت الذي يكون فيه لسعر هذا المنتج تأثير كبير في حجم الطلب عليه من قبل المشتري، وتجري دراسة الطلب وفق آليه محددة تعتمد إمّا على مخطط، أو منحنٍ، أو معادلة خاصة، تحددها الدراسة التي تجرى.

تعريف العرض

هو آلية التسويق التي يجريها المنتجون لعرض بضائعهم خلال زمن ما عقب تسعيرها بثمن معين، لتظهر فيما بعد نتائج الإقبال على شرائها في الأسواق وتأثير السعر المعلن على حجم الطلب عليها، وهل كان لذلك السعر دور رئيسي في ارتفاع سعرها لاحقًا في حال غلبة الطلب عليها على العرض أم كان له أثر في انخفاض سعرها في حال غلبة العرض على الطلب.

عمليات العرض الطلب

بشكل عام يلجأ المهتمين بالشأن الاقتصادي والتجاري إلى استخدام العرض والطلب لدراسة النشاط التجاري في الأسواق. ومعرفة الكميات المعروضة من السلع والمنتجات المختلفة وتأثير أسعارها على حركة البيع والشراء وكميات الطلب عليها.
فإذا أردنا وضع دستور للعرض والطلب فسيكون على الشكل التالي: وهو أن أصحاب المنتجات يتجهون في حالة الاستقرار التجاري (غياب المؤثرات الأخرى) لزيادة مبيعاتهم في حال ارتفاع الأسعار، وتخفيض تلك المبيعات عند انخفاض الأسعار وهذا ما يسمى بقانون العرض.

بينما ينص قانون الطلب كذلك في حالة الاستقرار على توجه المستهلكين للشراء بشكل أكبر في حال انخفاض الأسعار. وبشكل أقل في حال ارتفاع الأسعار. وبالتالي نجد أن العلاقة بين تفاوت الأسعار والكميات المعروضة من المنتجات تأخذ منحًى طرديًا في العرض. وذلك لارتباط مستوى الإنتاج للشركات بالأرباح التي تدرها عمليات البيع وخصوصًا عند ارتفاع الأسعار، بينما تأخذ العلاقة في الطلب طابعًا عكسيًا وذلك لتدني حركة الشراء عند ارتفاع الأسعار.
من ناحية أخرى تتعلق عملية الطلب بعدة عوامل ومتغيرات جانبية. كالأحوال المعيشية السائدة في البلاد، ومتوسط الدخل العام للأفراد ووجود البدائل لبعض المنتجات التي قد تغني عن غيرها إلى جانب عوامل أخرى مختلفة.

زيادة على ذلك فإن العلاقة بين العرض والطلب إجمالًا عكسية بامتياز وذلك منطقي للغاية كون ازدياد الطلب على منتج معين. يدل على قلّة المعروض منه، بينما تدل زيادة المعروضات من السلع على قلة الطلب عليها. الأمر الذي يؤدي إلى برمجة الأسعار لتتناسب مع حجم المعروضات من المنتجات. ونتيجةً لذلك فإن كل تلك المتغيرات تخضع للدراسة والمتابعة من قبل مختصين. وفيما يعرف اقتصاديًا بعلم الاقتصاد الجزئي الذي يدرس تأثير تلك العوامل على بعضها البعض وانعكاسها على حركة السوق، والحلول التي تلجأ إليها الشركات لزيادة أرباحها وردة فعل المستهلك عليها. ومن هنا تأتي أهمية ودور الجهات الرقابية في ضبط الأسواق التي تحد من أطماع الشركات، والاستخفاف بمنتجاتها على حد سواء بهدف ضمان الاستقرار التجاري لحركة البيع والشراء.

ما هي مرونة الطلب السعرية

هو مصطلح اقتصادي يعبر عن الارتباط بين أسعار السلع والمنتجات المعروضة في الأسواق وإقبال المستهلكين لشراء هذه المنتجات، والطلب عليها ويطلق على العلاقة بين تغير كمية المبيعات تبعًا لتغير أسعارها بدرجة المرونة السعرية.

تصنيف المنتجات بحسب مرونة الطلب

منتجات مرنة الطلب

وهيي المنتجات التي يتأثر الطلب عليها بشكل كبير عند تغير أسعارها ولا سيما نحو الارتفاع، وتكون نسبة تغير الطلب عليها أكبر من نسبة التغير في سعرها، كزيادة الطلب بنسبة 30% عند انخفاض سعره بنسبة 15% وخير مثال على هذه المنتجات تذاكر حجوزات الطيران.

منتجات غير مرنة الطلب

وهي التي لا يخضع حجم الطلب عليها كثيرًا لتغير أسعارها. كانخفاض الطلب على المنتج بنسبة 10% عند ارتفاع السعر بنسبة 20% ومن هذه المنتجات ماركات علب السجائر.

منتجات متكافئة المرونة في الطلب

وهي المنتجات التي تكون نسبة التغير في أسعارها مساويةً لنسبة تغير الطلب عليها، كارتفاع الطلب على المنتج بنسبة 10% عند انخفاض سعره بنسبة 10% وهذا النوع من المنتجات محدود جدًا على أرض الواقع.

منتجات عديمة المرونة في الطلب

وهي أنواع المنتجات التي لا تتغير بنسبة الطلب عليها مهما كانت نسبة التغير في أسعارها. كأدوية الأمراض المستعصية والوبائية الخطيرة التي لا يوجد بدائل لها في الصيدليات والأسواق الطبية.

منتجات لا نهائية المرونة في الطلب

في هذا النوع من المنتجات يرتبط حجم الطلب على الكمية بأي تغير بسيط في الأسعار، ومن أشهر أمثلة هذا النوع قوارير مياه الشرب في المتاجر، والتي لها بدائل كثيرة ومتنوعة على أرض الواقع.

العوامل المحددة لمرونة الطلب السعرية

توافر البدائل للمنتجات والسلع المطلوبة

من العوامل الرئيسية المؤثرة في مرونة الطلب على المنتجات. ولا سيما إذا كانت هذه البدائل ناجحة الترويج ولديها إقبال واسع من المستهلكين، إلا أن هذا العامل يتعلق بوجود بديل للمنتج كالزيوت والسمن على عكس كثير من المنتجات التي لا بديل لها، كالخبز وبيض الدجاج الذي تكون مرونته السعرية أقل لهذا السبب.

نوع المادة

فالمواد الأساسية والضرورية التي لا غنى عنها لا شك أن مرونة الطلب عليها أقل من مرونة الطلب على الكماليات، التي تتأثر مبيعاتها كثيرًا لاسيما عند ارتفاع أسعارها.

مرونة الطلب حسب سوق المنتجات

عندما ندرس مرونة الطلب في أسواق المواد الغذائية نجد أنها منخفضة جدًا. وذلك للتنوع الكبير في سلع المواد الغذائية. وعلى العكس تمامًا فإننا نلاحظ ارتفاع مرونة الطلب في الأسواق الضيقة والمحدودة المنتجات.

تغير مرونة الطلب مع مرور الزمن

أي أنه عند تأثر الطلب على منتج معين لارتفاع سعره سينخفض مستوى شرائه لفترة زمنية محددة. ثم يعود مستوى الطلب عليه إلى سابقه بعد رواج السعر الجديد. واعتياد المستهلكين عليه، ولا سيما إذا كان هذا المنتج من المواد الأساسية كالمحروقات.

حساب مرونة الطلب السعرية

بفرض أنه لدينا منتج تباع منه 100 قطعة بسعر 20$ للقطعة الواحدة. ثم ارتفع سعر القطعة الواحدة إلى 30$ فانخفضت كمية مبيعاته بنسبة 10% أي أصبح عدد القطع المباعة 90 قطعة، وبالتالي فإن فرق المبيعات بين الحالتين هو 10 قطع.
نحسب نسبة التغير في الكمية وهي فرق المبيعات بين الحالتين مقسومًا على الكمية الأصلية للمبيعات بالمئة (10/100)100%=10%.
ونسبة التغير في السعر هي فرق السعر بين الحالتين مقسومًا على السعر الأصلي للقطعة بالمئة (30-20)/20
100%=0.5%.
أما في حال كانت نسبة التغير في الكمية مقسومة على نسبة التغير في السعر فإن الطلب غير مرن (10/50=0.2<1). لكن يجب الانتباه عند حساب نسب التغير في الكمية والسعر لتكون دقيقةً ومتناسبةً مع بعضها.

وفي ختام الحديث عن نظام العرض والطلب في الأسواق. نجد أنه يخضع في كثير من الأحيان للعديد من المتغيرات العملية والدائمة، والمؤقتة والمفاجئة ومرتبط كذلك بالحالة الاقتصادية والمعيشية في البلاد وحجم الحركة التجارية القائمة فيها.