ما هي دعائم الاقتصاد الناجح؟ لقد كان الاقتصاد على مرّ العصور السّبب الرئيسي لقيام الثّورات الصّغرى والكبرى. كما أنّ الاقتصاد هو المحرّك الأوّل للشّعوب والأب الشّرعي للسّياسة. ومن المعروف أنّ تقدّم أيّ دولة يرتبط بشكلٍ مباشر بتقدّم اقتصادها. وعلاوةً على ذلك فإنّ للاقتصاد أهميّة كبيرة ليس فقط للدّول والحكومات والسياسيين، بل أيضًا للمواطنين بمختلف فئاتهم. فمن ناحية تعكس قوّة الاقتصاد قوّة ونفوذ الدّولة والإدارة القائمة عليها، ومن ناحية أخرى ينمّ عن مستوى رفاهية السّكان في الدّولة ومستواهم المعيشي.
فالمقولة التي تقول إنّ الاقتصاد والسّياسة وجهين لعملة واحدة صادقة إلى حدٍّ كبير، ففي كثيرٍ من الأحيان تكون السّياسة هي المحرّك للاقتصاد وأحيانًا الاقتصاد يحرّك السّياسة. كما لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإدارة الرّشيدة للاقتصاد هي مفتاح نهضة الشّعوب وتقدّمها وازدهارها. حيث أنّ الإدارة النّاجحة لموارد الدّولة توفّر موارد إضافيّة لاستثمارها في جوانب أخرى، مثل النّهوض بالعملية التّعليمية والخدمات الصّحيّة. بالإضافة إلى تأسيس جيش قوي وامتلاك بحث علمي موثوق.
إذًا فلا بدّ للاقتصاد النّاجح من دعائم يرتكز عليها ليحقّق التطوّر والازدهار الاقتصادي، فما هي دعائم الاقتصاد النّاجح؟ هذا ما سنسلّط عليه الضوء في مقالنا التّالي.
مفهوم الاقتصاد
الاقتصاد هو النّشاط البشري الّذي يشمل إنتاج وتوزيع وتبادل واستهلاك السّلع والخدمات. كما يمكن القول إنّ الاقتصاد هو مجموعة واسعة من الأنشطة الإنتاجيّة التي يقابلها نشاط استهلاكي واسع. كما يجري بينها عملية تبادل (بيع وشراء)، تساعد في معرفة أفضل سبيل لتوظيف الموارد النّادرة للدّولة. بالإضافة إلى ذلك، يشمل مفهوم الاقتصاد مفاهيمًا كثيرة منها: المفهوم الذي تدرسه العلوم الاقتصاديّة التي يرتكز على النّظريات الاقتصادية والإداريّة لتنفيذها.
كما يشير مصطلح الاقتصاد إلى الاقتصاد بالمعنى الواسع أو الحالة الاقتصاديّة لبلدٍ أو منطقة ما، أيّ بمعنى وضعها الاقتصادي أو الهيكلي. ويعدّ الاقتصاد تطبيق نمط من أنماط الدّراسات للتّعرف على سلوك الشّخص، والنّشاطات المجتمعيّة المتعلّقة بالمجالات الاستهلاكيّة والإنتاجيّة. وذلك من خلال استخدام الموارد المتوفّرة لإشباع الحاجات المختلفة في الوقت الرّاهن والقادم. وبعبارة أخرى يعتبر مصطلح الاقتصاد بديلًا للاقتصاد السّياسي الذّي هو الوضع الاقتصادي لدولة ما أو منطقة ما وذلك بما يتعلّق بالدورة الاقتصادية أو وضعها الهيكلي.
وبهذا المعنى إنّ مصطلح الاقتصاد يعدّ مرادفًا لكلّ من النّهج أو النّظام الاقتصادي. والأهم من كل ذلك لا بدّ للاقتصاد أن يكون ناجحًا ليعمّ النّجاح الدولة والمجتمع، فما هي دعائم الاقتصاد الناجح؟
دعائم الاقتصاد الناجح
لا بدّ أن يرتكز الاقتصاد على دعائم قويّة ومتينة تجعل منه اقتصادًا ناجحًا. ولنحكم على مدى نجاح الاقتصاد يجب أن يستند إلى بعض المعايير والمؤشرات التي بدورها تدلّ على مدى نجاح الاقتصاد وقوّته وأهم دعائم الاقتصاد الناجح هي:
- تحقيق الرفاهية والاستقرار: من أهم دعائم الاقتصاد الناجح، والتي تعتبر مؤشرًا على نجاحه وقوتّه هو تحقيق الرفاهية والاستقرار للمواطنين. فالاقتصاد الناجح يعتمد بشكل أساسي على النّمو المجتمعي وعلى مستوى الرّفاهية التي يعيشها المواطنون. بالإضافة إلى عمليات الاستهلاك والإنتاج الذي يتمّ داخل المجتمع، فكلّما زادت عمليات الاستهلاك تزيد نسب الإنتاج؛ مما يؤدي إلى زيادة مستويات الناتج المحلّي الإجمالي. وهذا أفضل مؤشر من مؤشرات نجاح ونموّ الاقتصاد، كما أنّ رفاهية الأفراد تدلّ على النّجاح الاقتصادي الكبير والنموّ والازدهار.
- تشجيع الاستثمار: من أهم دعائم الاقتصاد الناجح هو زيادة عدد المشاريع الاستثماريّة، بالإضافة إلى تشجيع جميع الاستثمارات المحليّة والأجنبيّة بمختلف الأساليب والوسائل. وذلك من خلال تخفيض الضّرائب المفروضة على تلك المشاريع ومنح العديد من المزايا والحوافز لجذب المستثمرين. إضافةً إلى بعض الأساليب المنهجية التي تتبعها الدولة للحد من هجرة الشّباب والقوى العاملة إلى الخارج. كما تعمل الدول على جذب رؤوس الأموال في الخارج وتوظيفها واستهلاكها داخل البلاد لتحريك العجلة الاقتصادية.
- القيم الاجتماعية: تعدّ من دعائم الاقتصاد الناجح الهامة. من العوامل الأساسية والتي تساعد على تحقيق التّنمية الاقتصادية والنّجاح والنّمو الاقتصادي، هو أن تعمل السياسات الحكوميّة على تشجيع السّعي نحو التّقدم والتّطوّر. حيث أنّ المجتمعات التي تشجّع وتقدّر المكاسب والقدرات الشّخصيّة؛ تحقّق أعلى مستوى من المكاسب الشّخصيّة للأفراد في المجتمع إضافة إلى التّطوّر والنّجاح الاقتصادي والإنجازات، وكذلك عمليات بناء الثروة بشكلٍ عام.
قياس الأداء الاقتصادي
إلى جانب دعائم الاقتصاد الناجح، هناك عدّة طرق لقياس الأداء أو النّشاط الاقتصادي منها:
- الإنفاق الاستهلاكي: أي ما يحصل عليه الأفراد أو الأسر من السّلع والخدمات، وتمثّل أكبر جزء من الطّلب الإجمالي على مستوى الاقتصاد الكلّي. وهناك عنصران للإنفاق الاستهلاكي هما:
- الاستهلاك المحدث: حيث يتأثر الاستهلاك المحدث بمستوى الدّخل.
- الاستهلاك الحر: وهو الاستهلاك الذي لا يتأثّر بمستوى الدّخل.
- سعر الصرف: تعدّ آليّة سعر الصّرف العنصر المحوري في اقتصاد الماليّة الدولية. كما أنّ له أهمية كبيرة في تعديل وتسوية ميزان المدفوعات للدّولة وخاصّة في الدّول النّامية.
- الناتج المحلي: هو القيمة السّوقية النهائية لكل السلع والخدمات المعترف بها بشكل محلّي، والتي يتم إنتاجها في دولة ما خلال فترة زمنيّة محددة. وذلك على اعتبار إجمالي الناتج المحلي للفرد مؤشّرًا لمستوى المعيشة في الدولة.
- الناتج القومي الإجمالي: هو مقياس لحجم الإنتاج الاقتصادي من السّلع والخدمات. ويتم ذلك من موارد مملوكة من قبل سكان منطقة معيّنة في فترة زمنية ما. بالإضافة إلى أنّه أحد المقاييس التي تستخدم لقياس الدّخل القومي والمصروفات العامّة للدّول. كما تحسب قيمة السّلع والخدمات المنتجة من الموارد المملوكة محليًّا.
- سوق الإيرادات المالية والبورصة: حيث تختلف عن غيرها من الأسواق فهي لا تعرض ولا تملك البضائع والسّلع، حيث أنّ البضائع والسّلع المتداولة في سوق البورصة ليست أصولًا حقيقة بل أوراقًا ماليّة. إلى جانب أنّ هذه البضائع غالبًا تكون على شكل أسهم وسندات. بالإضافة إلى أنّ البورصة عبارة عن سوق ذات قواعد قانونية وفنيّة تحكم أداءها وكيفيّة اختيار ورقة مالية معيّنة وتوقيت التّصرف بها.
- سعر الفائدة: وهو السعر الذي يدفعه البنك المركزي على إيداعات البنوك التجارية سواء أكانت استثمارًا لمدة ليلة واحدة أو أكثر. كما يساعد سعر الفائدة البنك المركزي في التحكّم في عرض النّقد في التداول. وذلك من خلال تغييير السّعر صعودًا أو نزولًا على المستوى المتوسّط. كما أنّ رفع الفائدة يعني كبح عمليات الاقتراض، وبالتالي تقليل نسبة السّيولة في السّوق، وكنتيجة لذلك تنخفض نسبة التّضخّم.
أنواع الاقتصاد
بعد أن تعرّفنا على أهم دعائم الاقتصاد الناجح ماهي أنواع الاقتصاد؟ حيث يضمّ الاقتصاد أربعة أنواع رئيسية ولكلّ نوع طابعه المتفرّد الذي يميّزه عن غيره وفق التالي:
الاقتصاد التقليدي
يعدّ من أقدم أنواع الاقتصاد فقد اضمحلّ أثره في الدول ذات القوى الاقتصادية العظمى. كما ويعرف بأنّه نظام يعتمد على التّاريخ والعادات والمعتقدات القديمة، واستخدم بشكل كبير في الأسواق الناشئة والدّول النّامية. ومن أبرز خصائص الاقتصاد التقليدي: أنّه يقتصر على قبيلة أو عائلة تشترك بنفس العادات أو على مجموعة حرفيّة صغيرة كـصيادي الأسماك.
الاقتصاد الموجه
وهو نوع من أنواع الاقتصاد يمثّل نظامًا تتحكّم به سلطة مركزيّة كالحكومة التي تدير شؤون الدّولة، ولهذا يعرف بالاقتصاد المخطّط. حيث تمارس السّلطة في الاقتصاد الموجه إدارة الإنتاج بدلًا من السّوق الحر، كما تحدّد الحكومة السّلعة الواجب إنتاجها وقدر الإنتاج وسعر المبيع والعرض. ويسمى الاقتصاد الموجه بالاقتصاد الشيوعي أيضًا فهو يمثّل سمة أساسيّة من سمات المجتمع الشّيوعي كمجتمع كوريا الشّمالية وكوبا وغيرها. إلّا أنّ للاقتصاد الموجه بعض العيوب وهي:
- عدم قدرة الاقتصاد الموجه على تخصيص السّلع بكفاءة عالية.
- عدم القدرة على تحديد مقدار الإنتاج.
- مشاكل الزّيادة أو النّقص في السّلع.
- التّسعير غير الفعّال.
اقتصاد السوق
و هو من أنواع الاقتصاد ويعني الاقتصاد الحرّ، الذي يجمع أغلب القرارات الاقتصاديّة الأساسيّة التي يحدّدها السّوق والتي تتحكم بها قوى العرض والطّلب. ومن أهم وأبرز خصائص اقتصاد السّوق ما يلي:
- الملكية الخاصة للسلع.
- المصلحة الذّاتيّة.
- حرية الاختيار في إنتاج وبيع وشراء السلع والخدمات.
- تحديد دور الحكومة في فتح الأسواق والعمل بشكل أفضل.
الاقتصاد المختلط
وهو مزيج من النّظامين الاقتصاديين الحر والموجّه، وفيه يكون السّوق حرًّا من مليكيّة الحكومة باستثناء عدد قليل من المجالات الرئيسية.
وباختصار يمكن القول إنّ دعائم الاقتصاد الناجح تقوى بقدر ما تحققّه من ازدهار وتطوّر واستثمار في حياة الفرد والمجتمع. كما يشمل النّظام الاقتصادي لأي بلد العمالة ورأس المال والموارد الطّبيعية والصّناعة والتّجارة، بالإضافة إلى توزيع واستهلاك السّلع والخدمات. كما يمكن وصف الاقتصاد بأنّه شبكة اجتماعية محدودة مكانيًّا يتم فيها تبادل للسلع والخدمات وفقًا للعرض والطّلب.