طرح الدولار الرقمي قريبا بعد اصدار بعض العملات الرقمية من قبل البنوك العالمية المركزية. حيث تتنافس البنوك العالمية المركزية حول إصدار العملات الرقمية الخاضعة لإشرافها من أجل الفوز بثقة المتعاملين بالسوق المحلية والخارجية. وتبرز أهمية الدولار الرقمي كأحد أهم العملات التي تم ترشيحها لجذب اهتمام المتعاملين. ذلك نظراً لقوة البنك الفيدرالي الأميركي وسلطته في قيادة أسواق النقد، بالإضافة إلى الثقة التي يمتلكها أكبر اقتصاد في العالم.

وعلاوةً على ذلك فإن العالم يترقب إصدار الدولار الرقمي الذي سيكون أحد الركائز لمواجهة التذبذب الحالي في واقع العملات متضمناً الدولار الأميركي نفسه.

تجارب البنوك المركزية العالمية حيال إصدار العملات الرقمية

وفق بيانات صدرت عن بنك التسويات الدولية، فقد أجريت تجارب على أكثر من 60 دولة في العالم خلال الأشهر الـ 12 الماضية، وكانت هذه التجارب على عملات رقمية وطنية.

وفي آذار من العام الماضي، أصدرت الصين “اليوان الرقمي” وذلك في محاولة لبسط نفوذ تجارة الصين حول العالم. بالإضافة إلى الحد من نفوذ عمالقة المدفوعات الإلكترونية المحلية، كتطبيقي الدفع الإلكتروني “بلي باي”، الذي تملكه مجموعة “آنت غروب”، و”وي شات باي”، التابع لمجموعة “تينسنت هولدنجز” الصينيتين.

وفي نفس السياق تمثل التجارة الإلكترونية في الصين أكثر من 50 في المئة من مبيعات التجزئة العالمية على الإنترنت، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

علاوة على ذلك دفعت ارتفاعات أسعار العملات المشفرة، وفي مقدمتها “بيتكوين”، العديد من المستثمرين ورجال الأعمال والشركات العالمية إلى التداول فيها. وذلك على الرغم من مستوى المخاطرة العالية المرافقة لها. مما يجعل من إطلاق عملات رقمية وطنية مستقرة الأسعار غير مرغوب لدى كثيرين من مستثمري الربح السريع.

وضمن الربع الأول من العام الحالي، صرحت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، إن هنالك تفكيراً ضمن العمل لاستخدام الدولار الرقمي. ويعتبر الدولار الرقمي شكلاً جديداً من أشكال العملة الإلكترونية. والذي سيعتبر كنظام دفع أسهل للأميركيين، ويفترض بأن عليه منافسة عملة “بيتكوين” والعملات المشفرة الأخرى.

طرح الدولار الرقمي من قبل البنوك المركزية العالمية

صرح محلل الأسواق العالمية، أحمد نجم، إن طرح الدولار الرقمي يعتبر خياراً محتملاً بشدة خلال الفترة المقبلة. ولذلك البنوك المركزية العالمية تتنافس بما يخص التحول الرقمي المميز في عملاتها.

بحيث يواكب متطلبات العصر الحديث الذي يعتبر التكنولوجيا المالية في أولى الأولويات. هذا وأضاف نجم بأن الدولار الرقمي أصبح أمراً لا يمكن التغافل عنه.

خاصة في ظل سعي البنوك المركزية الكبرى إلى البحث عن حل لمشكلات ومخاطر العملات المشفرة على الاقتصاد العالمي وذلك في ظل انخفاض الكلفة أولاً. وعدم الحاجة الى عمليات التعدين المكلفة كثيراً من الطاقة والنقود ثانياً.

وبينَّ أن العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية تتجاهل تماماً سبب ارتفاع “بيتكوين” الكبير مع بدء ضخ الأموال الرخيصة. بالإضافة إلى الترويج للعملات المشفرة بأنها بالمنأى عن مخاطر التضخم وفقدان قيمة الأصل بسبب عمليات التحفيز.

وعلاوة على ذلك فإن فكرة اللامركزية وعدم التتبع لعمليات تحويل الأموال، وهذا شيء لا يطبق على الدولار الإلكتروني نتيجة عدم مشروعية هذه السمة بالنسبة للحكومات والنظام المصرفي. وأيضاً لغياب وجود نظام التعدين المخزّن لتلك المعلومات والذي يثبت صحتها.

وأضاف نجم بإنه “في ظل فقدان “بيتكوين” نحو ثلث قيمتها، يأتي الدولار الرقمي بفرصة حقيقية نتيجة لمشروعيته بالنسبة إلى الحكومات والدعم الحكومي الأمريكي ذي المصداقية الأعلى. بالإضافة إلى ما يدعم هذا الدولار من سمعة أكثر،فيمنحه فرصة الانتشار وبقوة خلال الفترة المقبلة”.

فوائد العملات الرقمية بالتجزئة

تقرير وكالة “فيتش” للتصنيفات الائتمانية أعلن بأنه سيوفر الاعتماد الأوسع بما يخص العملات الرقمية للبنوك المركزية ذات الأغراض العامة للسلطات. وصرحت “فيتش” في تقريرها حيال الفوائد الرئيسة للعملات الرقمية بالتجزئة. إذ تكمن قدرتها بتعزيز المدفوعات غير النقدية المدعومة من السلطة إضافة للابتكارات التي تتوافق مع الرقمنة الأشمل للمجتمع.

وأضاف التقرير أن البدء باستخدام أنظمة الدفع الرقمية سيكون لها تأثيرات شبكية قوية. وقادراً على خلق احتكارات القلة بين مقدمي أنظمة الدفع. وذلك غالباً من القطاع الخاص، ويمكن أن يؤدي الاستخدام الواسع النطاق للعملات الرقمية للبنوك المركزية إلى انكماش سيطرة هؤلاء المزودين على البيانات المتعلقة بالمدفوعات. بالإضافة إلى دعم قدرة البنوك المركزية على تتبع بيانات المعاملات المالية. وهذا يساعد في منع الجرائم المالية.

وأضاف التقرير، “إذا كانت عملات البنوك المركزية تمنح خصوصية أقل من النقد، أو تضع العديد من القيود على المبالغ المحجوزة في المحافظ الإلكترونية. فسوف يتم ردع العدديد من الناس عن استخدامها. وقد تفتح العملة الرقمية للبنك المركزي خيارات سياسية جديدة، كالتحويلات إلى حسابات عملات البنوك المركزية باعتبارها جزء من جهود الإغاثة أو التحفيز”.

 بدء العمل على طرح الدولار الرقمي

بالموازاة مع ذلك صرح المدير التنفيذي لشركة “آي ماركتس” للاستثمارات المالية، أحمد معطي، إن بدء تنفيذ العمل على الدولار الرقمي بات وشيكاً.

خصوصاً بعد تصريح جانيت يلين وزيرة الخزانة الأميركية بالتفكير جدياً في العمل بالدولار الرقمي، بالإضافة إلى أنه تم بالفعل حتى اللحظة تجربة 60 دولة حول العالم لعملاتها الرقمية المركزية.

هذا وأوضح أن معظم الدول أصبحت تتجه لتنفيذ عملتها الرقمية المركزية. وذلك تبعاً لما لها من ميزات لمواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة. وقد أكد على أهمية طرح الدولار الرقمي ليواكب بذلك الدول التي نفذت عملتها الرقمية بالفعل، كالصين التي نفذت “اليوان” الرقمي حقاً.وهذا ما صب الزيت على نار المنافسة بين البنوك المركزية العالمية حيال إصدار العملات الرقمية الخاضعة لإشرافها من أجل الفوز بثقة المتعاملين.

طرح الدولار الرقمي ليكون منافس للبيتكوين

وأشار إلى أن الدولار الرقمي سيكون منافسا لـ “بيتكوين”، ولكن تأثيره مقتضب.

مؤكداً على الاختلافات بين العملتين التي يأتي في مقدمها عدم وجود شرعية ولا قانونية لـ “بيتكوين”، على النقيض مع الدولار الرقمي الذي يعتبر عملة قانونية مركزية.

وأكمل حديثه أن الاختلاف الثاني هو طريقة الاستخراج، فـ “بيتكوين” يتم استخراجها من طريق التعدين بأجهزة حاسوب آلية. وبمواصفات معينة وهذه المواصفات تعتبر مضرة للبيئة.

أما بالنسبة للدولار الرقمي فهو سيكون بأرقام متسلسلة من قبل الفيدرالي الأميركي، ولا حاجة لتعدينها من قبل أجهزة الحاسب الآلي. إضافة أنها لن تكون مضرة بالبيئة. موضحاً أن تعدين العملات الافتراضية بحاجة لطاقة كهربائية بحجم الطاقة الكهربائية المستهلكة في الأرجنتين تقديرياً.

ونوه معطي أن الدولار الرقمي و”بيتكوين” يتشابهان في أنك عدم حاجتك للذهاب للبنك لفتح حساب.

فالمعاملات تجري “أون لاين” عن طريق محفظة إلكترونية. إضافة إلى التشابه في سرعة تحويل المعاملات وانخفاض كلفة التحويل وصعوبة تزوير العملة.

وأكد أيضاً أن العملات الرقمية تتمتع ببعض المميزات أبرزها انخفاض الكُلفة وصعوبة التزوير والسرقة والسهولة بالتعامل بها.

وصرح بإن إطلاق الدولار الرقمي لن يؤثر في الدولار التقليدي الذي سيتوقف التعامل به بمرور الزمن. ولن يكون هنالك تغيير في طباعة الأموال، فعدد الاموال المقدرة بالدولار التقليدي ستتم طباعة دولار رقمي مقابلها.

مصلحة البنوك للسيطرة على العصر الرقمي

أما محمد مهدي عبدالنبي، مستشار أسواق المال العالمية، فأكد بإن عمل البنوك المركزية بمشاريع النقد الرقمي يبين عين الحقيقة لما يحصل بالاقتصاد العالمي.

وهذا يزيد رغبة ومصلحة البنوك المركزية في السيطرة على معطيات العصر الرقمي التي بدأت بفرض نفسها.

إضافة إلى تلافي أخطاء النظام المالي العالمي الحالي منذ نصف قرن مضى.

واعتبر بإن فكرة مشروع الدولار الرقمي المناقشة من قبل الفيدرالي الأميركي حالياً ليست وليدة اللحظة على العالم.

فقد سبقها بنك الشعب الصيني لليوان الرقمي بدراسة مبكرة، بدأت في العام 2014 وتطورت خلال السنوات الخمس التالية.

 

اقر أ أيضاً

بعد تداول البيتكوين في السلفادور .. الباراغواي تدرس إمكانية البدء بتداول البيتكوين أيضا !