تُعد قناة السويس التي تفصل أفريقيا عن الشرق الأوسط وآسيا، واحدة من أكثر طرق التجارة ازدحاماً في العالم، إذ يمر عبرها حوالي 12 في المئة من إجمالي التجارة العالمية، في ظل الأوضاع الحرجة التي سببها فيروس كورونا بالفعل تعطلت قناة السويس بسبب سفينة الحاويات “ايفرغرين” التايوانية التي يبلغ طولها ٤٠٠ متر(١٣٠٠ قدم)، وحمولتها ٢٢٤ ألف طُن، العالقة بشكلٍ صعبِ الانزياح بين ضفتي القناة؛ أدّت هذه الكارثة إلى إيقاف طريق مرور السفن في كلا الاتجاهين مما تسبب في واحدة من أسوأ أزمات الاختناق المروريّ الملاحيّ، كما سبّب توقف قناة السويس انفعالاً نجمَ عنه ارتفاع تكاليف الشحن لناقلات المنتجات البترولية إلى المثلين تقريباً.
حلول بديلة مؤقتة
تُعطِّل سفينة نقل الحاويات إيفرغرين الضخمة العالقة في قناة السويس بضائع تقدر قيمتها بنحو 9.6 مليار دولار كل يوم، بحسب بيانات الشحن، أدى هذا إلى التفكير في حلول بديلة مؤقتة، ولأنّ فكرة تفريغ السفينة هو السيناريو الأسوأ وقد يستغرق أسابيعَ متعددة، تعيّن على السفن سلوك الطريق الثاني الأقل طولاً الا وهو ” رأس الرجاء الصالح” في جنوب أفريقيا، وهو ما يضيف الى رحلتها من ٧ الى ١٠ أيام مستهلكةً فيها وقوداً إضافي سيتحمل تكلفته المستهلكون في نهاية الأمر، قال “ما” من شركة سي باي أنّ الالتفاف حول طريق أفريقيا قد لا يكون حلاً قابلاً للتطبيق بسبب مخاطر اتخاذ طرق غير مألوفة وامتداد أوقات الشحن، من جهةٍ أخرى فكرت بعض الشركات مثل كاتربيللر لصناعة المعدات الثقيلة في نقل منتجاتها جوياً إذا لزم الأمر وفقاً لوكالة بلومبرج، في حين تبحث بعض الشركات إمكانية استخدام الشحن الجوي لنقل بدائل للمنتجات ذات القيمة العالية، أو نقلها عبر قطارات؛ كما قالت شركتا شحن كبيرتان، هما مايرسك وهاباغ لويد أنّهما تبحثان عن خيارات لتجنب قناة السويس نهائياً، يرى بيتر بيردوفسكي (الرئيس التنفيذي لشركة Boskalis، الشركة الأم لشركة Smit Salvage الهولندية)، أنّ السفينة كانت ثقيلةً للغاية بحيث لا يمكن ببساطة سحبها من موقعها الحالي وقد تستغرق العملية “أسابيع”، وقال: “إنها مثل حوتٍ ضخم على الشاطئ، وهي تمثِّل وزناً هائلاً على الرمال”. وقال لوسائل إعلام هولندية: “ربما يتعيَّن علينا العمل بمزيجٍ من تقليل الوزن عن طريق إزالة الحاويات والزيت والمياه من السفينة، وسحب السفينة، وجرف الرمال”.
القطاعات الأكثر تضرراً
يُعد قطاع السيارات الأكثر تضرراً خاصةً موردي السيارات أكثر من مصديرها، وقال المحللون “هذا بسبب أنهما يديران سلاسل إمدادات حسب الحاجة، مما يعني أنهما لا يخزنان المكونات ويكون لديهما في المتناول ما يكفي لفترة قصيرة، ويستوردان المكونات من شركات التصنيع الآسيوية، وحتى إذا تم حل الموقف سريعا فإن اكتظاظ الموانئ ووقوع المزيد من التأخيرات في سلاسل التوريد المقيدة بالفعل لا مناص منه”، وأضافوا أنّ وسائل النقل البديلة غير مناسبة، فقدرات الشحن الجوي تعاني شحاً بسبب انخفاض حركة السفر الجوي العالمية، بينما النقل بالسكك الحديدية بين أوروبا وآسيا محدود ويقترب من طاقته الكاملة، كما نقلت الوكالة عن “مارك ما” مالك شركة سي باى إنترناشيونال التى تتعامل مع البضائع الصينية المباعة على منصات مثل أمازون أنّ لديها 20 إلى 30 حاوية على السفن في انتظارعبورالقناة المتوقفة، وقالت بلومبرج: أنّ الأزمة تأتي في الوقت الذي تُكافح فيه الشركات بالفعل ضغوط تكييف سلاسل التوريد للتعامل مع طفرة التجارة الإلكترونية المرتبطة بالوباء؛ بينما تعمل لوائح التعامل مع كورونا في الموانئ على إبطاء مرور بعض المنتجات”، ووفقاً لبيانات التتبع الخاصة بمجلة لويدز ليست، هناك أكثر من 160 سفينة تنتظر عند طرفي القناة، بينها 41 ناقلة ضخمة و24 ناقلة نفط خام بالإضافة إلى انتظار أكثر من 200 ناقلة وحاوية في البحرين الأحمر والمتوسط على جانبَي القناة، ويتزايد عددها بمعدل 50 سفينة كل يوم، كما أضافت شركة “لويدز” للتأمين أن الانتظار يكلفهم أكثر من 400 مليون دولار كل ساعة، أما القاهرة لا تعاني ضرراً مالياً كبيراً في الوقت الحالي على الأقل، لكنها تستعد للضرر الذي ربما يلحق بالقناة من حيث التسويق لها في منافسة البدائل، حيثُ عبّر أحمد درويش، الرئيس الأسبق للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، عن اعتقاده في حديث لصحيفة “وول ستريت جورنال” بأن الضرر الناجم من الحادث ربما يكون ضرراً تسويقياً أكثر منه ضرراً مالياً.