أصبحَت سلسلة من أنابيب الغاز التابعة لشركة غازبروم الروسية العملاقة تحت مسمى مشروع “نورد ستريم2″، والتي سوف تصل بين روسيا و ألمانيا عبر سلسلةٍ من الدول محطّ صراعٍ دوليّ، حيثُ قسّمَ أوروبا كما واجَه معارضةً وانتقادات من الولايات المتحدة, كما حثَّت الشركاء في المشروع على وقفه وعدم التكلف به واصفةً المشروع “بالصفقة السيئة لأوروبا”، إلّا أن أعمال التوسيع ومدّ الأنابيب في المياه الإقليمية الدنماركية ما زالت قيد الإنشاء بدعمٍ ألماني التي أعربَت بدورها أنّها تنظر للمشروع الروسي من وجهة نظر اقتصاديّة بحتة, بينما أبدت دول البلطيق والاتحاد الأوروبي قلقهم من المشروع، حيثُ ستتمكن روسيا عبر شركة غازبروم من احتكار الغاز واستعماله كأداة سياسيّة.
مشروع نورد ستريم2
يتمُ تشييد المشروع عن طريق الشركة السويسريّة “نورد ستريم2 أجي”، والتي تُعَدُّ غازبروم أكبرَ مساهمٍ فيها، بالإضافة لتغطيتها تمويل نصف المشروع، حيثُ سينقل الأنبوب الجديد الغاز الطبيعي من بحر البلطيق-حيثُ أكبرُ خزانٍ لاحتياطات الغاز في العالم في روسيا- إلى ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية, وسوف يبلغ طول الأنبوب الجديد حوالي 1.230 كيلومتر, ويمر في خط قريب إلى حد كبير بالتوازي مع أول خط أنابيب “نورد ستريم الأول”، الذي ينقل بنجاح حوالي 55 مليار متر مكعب من الغاز إلى ألمانيا منذ عام 2012. وسيوفر الأنبوب الجديد نفس الكمية, وهو ما يكفي لتزويد 26 مليون أسرة بالغاز. وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع حوالي عشرة مليارات يورو بتمويلٍ مشترك تابع لسيادات كلٍ من روسيا وألمانيا وفنلندا والسويد والدنمارك, حيثُ كانت الدنمارك آخر دولة وافقت على المشروع بتأكيدٍ من الدول الأوروبية السابقة على الأهمية الاستراتيجية للمشروع بالنسبة للاتحاد الأوروبي, مع الزيادة في الطلب على هذه المادة, حيثُ تقومُ عدة اقتصادات أوروبيّة على الصناعة, وأهمها أكبر اقتصاد في القارة,الاقتصاد الألماني, حيثُ تعتمد الصناعات على استهلاك هائل للطاقة, مثل الصناعات الكيميائية أو الصناعات الصحيّة, حيثُ يلعب الغاز الطبيعي دوراً محورياً باعتباره كثاني أكبرَ مصدرٍ للطاقة في ألمانيا لهذه الصناعات, حيثُ يشكل الغاز الروسي حوالي نصف واردات الغاز الألمانية منذ نهايّة الحرب الباردة. كما رجحت كريستن فيستفال, خبيرة شؤون الطاقة في مؤسسة العلوم والسياسة في برلين, في تصريحٍ لموقع شبكة “إن.دي.إير” الألمانية ازدياداً مطرداً لحاجيات ألمانيا من الغاز الطبيعي, وقالت “نحن في طور التخلي تدريجياً عن الطاقة النووية، وهو ما سيمثل 8.5 غيغاوات خلال العامين المقبلين، حيث ستُغلق ست محطات للطاقة النووية. وبعد ذلك سنخرج تدريجياً من الفحم بحلول عام 2038. وقبل كورونا رأينا بالفعل أن الطلب على الغاز الطبيعي آخذ في الازدياد”.
زيادة العقوبات على روسيا
هددَت الولايات المتحدة بمزيد من العقوبات على روسيا, وأضافَت الدول والشركات التي تساعد في تمويل المشروع إلى لائحة العقوبات, حيثُ قامت إدارة ترمب السابقة في أخر شهورها بتوسيع نطاق العقوبات ضد مقدمي الخدمات وسفن التمويل المشاركة في بناء “نورد ستريم2 ” في محاولةٍ جديدةٍ لمنع اكتمال المشروع, ما أثار غضب عواصم غربية, خصوصاً برلين التي ترى في المشروع وسيلةً لضمان أمنها الطاقي والاقتصادي, كما أكدت برلين على لسان وزير خارجيتها هايكو ماس تمسكها بموقفها من المشروع,بالإضافة إلى إيضاحه أنه لن يكون هناك حديث عن السيادة الأوروبية إذا كان سَيُفْهَم من هذا إننا سنفعل مستقبلاً كل شيء فقط حسبما تريده واشنطن والولايات المتحدة. و أشارَت تقارير أنّه بانتهاء المشروع ستشتمل خطوط الأنابيب التابعة لشركة غازبروم على التدفق الشمالي والتدفق الجنوبي, أي بالتالي ستصبح المصدر الرئيسي للغاز لقارتي آسيا وأوروبا, و الذي سيؤدي إلى تحدياتٍ كثيرة للاقتصاد الأمريكي المهيمن وطبيعة تحالفاته الخارجيّة خصوصاً مع الدول الغربيّة للاتحاد الأوروبي.