يطمح كل الناس إلي التميز والكمال. وخاصةً أصحاب المسؤوليات كالرؤساء والمدراء. فنجاح هؤلاء يتجاوز النجاح الشخصي، ويمثل نجاح كيان جماعي، مثل شركة أو مؤسسة بأكملها. وفشلهم، يعني فشل هذا الكيان بكل ما يحتويه. وبإجراء مقارنة بين المدير الناجح والفاشل، يمكننا الحصول على مفاتيح النجاح في الإدارة. ولكن قبل ذلك، علينا أن نعرف ما هي الإدارة بالضبط؟

يمكن تلخيص تعريف الإدارة ببضعة كلمات بسيطة: هي الخطوات والأساليب، التي تقود أفعال الأفراد وتوجه جهودهم، في سبيل تحقيق هدف منشود. وتندرج العديد من المفاهيم المهمة، مثل التخطيط والتنظيم وإدارة الموارد البشرية والمالية والقيادة وحتى التحفيز، تحت مفهوم الإدارة.

سنقدم في هذا المقال مقارنة بسيطة بين المدير الناجح والفاشل. ولكن قبل ذلك، سندرج لمحة مختصرة عن بعض المهارات اللازمة للإدارة. ثم سندرس في ضوءها الفرق بين المدير الناجح والفاشل. بسم الله نبدأ.

مقارنة بين المدير الناجح والفاشل

يمكننا الآن الخوض في تفاصيل المقارنة بين المدير الناجح والفاشل. وسنبدأ بتعريف المدير الناجح بأنه المدير المحبوب من قبل فريق عمله، والقادر على تنفيذ المشاريع الموكلة إليه مهما كانت تلك المشاريع. ومن هذا التعريف نستنتج أن المدير الفاشل هو المكروه من قبل فريق عمله، وفي نفس الوقت غير القادر على إكمال مهامه وتحمل مسؤولياته.

سنقارن بين المدير الناجح والفاشل من عدة جوانب:

شفافية المدير مع الموظفين

المدير الناجح قادر دائماً على شرح أفكاره للموظفين. وإيضاح الأمور كما يراها هو. وهو يعطي الموظف سبباً منطقياً ووجيهاً لكي ينفذ ما يُسند له من أوامر. أي أن رؤيا المدير الناجح وأهدافه تصبح فيما بعد رؤيا وأهداف الموظفين أنفسهم. مما يضمن عمل كافة الموظفين بكافة طاقتهم لخدمة هذه الأهداف. وذلك لأنها أصبحت أهدافهم، وأصبحوا يعرفون تماماً ما الغاية منها. ولم تعد مجرد أوامر عبثية.

أما المدير الفاشل، فهو يصدر الأوامر دون شرح الغاية منها. وعند سؤاله عن الغاية منها يستشيط غضبًا ويطلب الطاعة العمياء. مما يجعل الموظفين يستاؤون من العمل. وهذا في النهاية ينعكس على العمل نفسه.

تقبل النقد وآراء الموظفين

يسعد المدير الناجح عندما يجد أحداً من موظفيه يبدي رأيه في موضوع معين. ويحاول المدير تشجيعه على التفكير الإبداعي، والاستفادة من رأيه وآراء الجميع لحل المشاكل والعقبات التي تواجه الفريق.

بينما يكره المدير الفاشل الموظف كثير الكلام. ويعتبره إهانة لنفسه ولتفكيره. ويقوم بالتسخيف من رأي كل موظفيه وكأنهم لا خبرة لهم ولا باع في مجال العمل. ويرى رأيه هو الرأي الوحيد السديد، دون أن يلقي بالاً حتى لآراء الغير.

احترام الوقت

يحترم المدير الناجح كافة مواعيده بشكل دائم. فهو لا يتأخر على اجتماع، ولا يعطي الانطباع بأنه كثير المشاغل وليس لديه وقت لرؤية أحد. بينما يأمر المدير الفاشل مساعديه باحترام الوقت، ويسند إليهم هذه المهمة كي لا يحملها بنفسه. وهو في واقع الأمر كثير التأخر عن مواعيده. ويكره الالتزام بالجداول الزمنية لأنها تقلق راحته الشخصية.

اختيار الموظف المناسب وتوزيع المهام بشكل حكيم

المدير الناجح قادر على رؤية الإمكانيات والقدرات الحقيقية لموظفيه. وهو قادر أيضًا على معرفة حدود طاقتهم. بالتالي، يسند إليهم الأعمال المناسبة لقدراتهم. دون أن يجهد موظفًا على حساب غيره. ودون أن يعطي أحداً مهمة لا يستطيع القيام بها على أكمل وجه.

أما المدير الفاشل فهو يوزع المهام بشكل عشوائي على الموظفين. وعندما يجد موظفًا بارعًا ومبدعًا، فإنه يستغل ذلك بإعطائه المزيد والمزيد من المهام الصعبة، التي لا يستطيع غيره من الموظفين القيام بها. مما يؤدي إلى زيادة الموظف الضعيف ضعفاً. وبنفس الوقت إرهاق الموظف الجيد. وبالتالي فشل الجميع سويةً.

التفكير الإيجابي

تختلف طريقة التفكير بين المدير الناجح والفاشل اختلافًا جذريًا. فالمدير الناجح دائماً ما يشحن نفسه أولًا، وموظفيه ثانيًا، بأقوال وأفكار إيجابية، تحفز الجميع على العمل وتخلق جوًا من النجاح.

بينما يُتعب المدير الفاشل نفسه ومن حوله بأقوال سلبية، تجعل من العمل كابوساً للجميع. وتؤدي إلى خلق جو من الكراهية والفشل.

المهارات اللازمة للإدارة

هناك العديد من السمات التي تصنع المدير الناجح. وهناك العديد من المهارات التي يجب أن يمتلكها أي مدير حتى يكون مديراً في الأساس. ولا يمكن إجراء مقارنة بين المدير الناجح والفاشل قبل فهم هذه المهارات فهماً صحيحاً.
لا تصلح هذه المهارات لإدارة المنشآت والمؤسسات والشركات فحسب، بل تصلح أيضاً لإدارة الحياة الفردية. أي أنها مهمة حتى للفرد الواحد. إذ إنها تساعده على تحقيق أهدافه بطريقة منهجية. وتضمن له الوصول في النهاية إلى المكان الذي يرغب به.

المسؤولية والقدرة على اتخاذ القرار

المسؤولية صفة مهمة جداً من صفات المدير. إذ أن المدير مسؤول دائماً عن عواقب الأمور. إنَّه مسؤول عن النجاح كما هو مسؤول تمامًا عن الفشل. وتنبع هذه المسؤولية من مكانة المدير ضمن المؤسسة الإدارية. فهو الشخص الأول المفوض باتخاذ القرار. وبالتالي، فعليه أن يمتلك من الحكمة ما يكفي لاتخاذ قرار جيد. ثم عليه أن يمتلك من المسؤولية ما يكفي لمواجهة تبعات هذا القرار.

القدرة على تنظيم الوقت والمهام بشكل فعال

لا يمكننا الحديث عن تحقيق الأهداف والنجاح ما لم نحدد إطاراً زمنياً لهذا النجاح. فالجميع قادر على تحقيق أي هدف في الحياة في حال أُتيح له الزمن الكافي. لكن قلةً فقط هم القادرون على تحقيق هذه الأهداف ضمن زمن قياسي.

يعي المدراء الجيدين هذه الحقيقة تمامًا. ولذلك، فإنهم يعطون الأولوية للتخطيط الجيد وتنظيم الوقت وتوزيع المهام بين الأفراد. وذلك لضمان إنجاز كافة المهام بالشكل الأمثل وبالزمن المطلوب. وسنرى عند المقارنة بين المدير الناجح والفاشل آثار هذا التخطيط على النتائج النهائية للأعمال الإدارية.

مهارة حل المشاكل وتجاوز الصعوبات والعقبات

خلال تنفيذ أي مشروع، مهماً كان صغيراً أو كبيراً، ستكون هناك عقبات عديدة. وستواجه فريق العمل العديد من المشاكل. ولإكمال تنفيذ العمل، يجب حل هذه المشاكل وتجاوز هذه الصعوبات. وهنا يكمن دور المدير في توجيه دفة القيادة بفريقه، ليجتازوا هذه العقبات. وذلك عن طريق التفكير الإبداعي لدى المدير، الذي يضمن له المرونة والقدرة على التكيف لمواجهة التحديات مهماً كانت.

دائماً ما يملك المدير استراتيجية معينة لإنجاز العمل. وغالباً ما يكون لديه العديد من الإستراتيجيات المختلفة التي تسعفه لتحقيق أنواع مختلفة من الأعمال. ولكن، في حال واجهته مشكلة جديدة غير مألوفة. عليه أن يكون مستعداً، وأن يستطيع التفكير خارج الصندوق لابتكار استراتيجية جديدة لم تكن موجودةً سابقاً. ليستطيع من خلالها تجاوز المشاكل الجديدة.

الدبلوماسية وحسن التواصل مع الآخرين

حتى بدون المقارنة بين المدير الناجح والفاشل، يمكن لأي شخص إدراك أهمية حسن التواصل مع الآخرين. فالتواصل هو الطريقة الأولى لاكتساب معارف جديدة، ولنقل الخبرات والمعارف السابقة للآخرين. وهذه أحد أهم مهام المدير على الإطلاق. ففي البداية عليه أن يعي جيداً الظروف والمستجدات التي تحيط بالعمل الذي يعمل على إنجازه. ولن يتحقق ذلك في حال لم يكن المدير مستمعاً جيداً. ثم بعد ذلك عليه إصدار الأوامر والقرارات التي ستحدد سير العمل. ولن يحسن المدير فعل ذلك ما لم يتمتع باللباقة والأدب الكفيلين بجعل الجميع يستمع إليه وينصاع لأوامره.

في النهاية، فإن هذه المقارنة بين المدير الناجح والفاشل لا تطبق حصرًا على المدراء الحقيقين في شركاتهم وأعمالهم. فكل فرد منا مدير بحد ذاته. مدير لحياته الشخصية ومشاريعه وأهدافه الخاصة. ويمكن لأي إنسان الاستفادة من مهارات القيادة الحكيمة لإدارة حياته بالشكل الأمثل.