يعتبر مشروع تربية دودة القز في تونس من أكثر المشاريع إنتاجية للحرير الأبيض في البلاد الخضراء. وخاصةً ضمن المناطق التي تزرع شجر التوت، باعتبار أن أوراق التوت أفضل غذاء لهذه الحشرة من ناحية جودة الحرير الناتج ونعومته. كما تعد تونس من أبرز الدول المصدرة للحرير في وقتنا الحاضر نظرًا لكثرة أشجار التوت فيها. وسنتعرف من خلال مقالنا هذا عن تربية دودة القز في تونس.
تطور إنتاج الحرير في تونس
كان إنتاج الحرير في تونس منذ حوالي عقدين من الآن، أي خلال فترة الاستعمار الفرنسي ضعيفًا نوعًا ما. حيث كانت تقتصر على تربية الشرانق ومن ثم بيعها في السوق الفرنسي حتى يقوم بإنتاج الحرير منها. مع العلم ام تكن تونس قادرةً على تربية دودة القز، لأنها كانت فقيرة من حيث احتوائها على أشجار التوت التي تتغذى عليها الديدان.
فاعتمدت في صنع الملابس الحرارية على استيراد الحرير من البلاد الأوروبية، حيث كانت تستورد حوالي 150 طنًا من الحرير الخام سنويًا. وتخصص مقدار ربعه لصناعة الأنسجة التي تروج في السوق المحلية.
لكن في عام 2005 سرعان ما انطلقت فكرة مشروع زارعة أشجار التوت بشكل موسع، بقصد تربية دودة القز لإنتاج الحرير والاستغناء عن استيراده. وكانت كوريا الجنوبية الممول الأساسي لهذا المشروع الضخم. وبعد البحث عن أفضل مدينة بمناخها المناسب لزراعة أشجار التوت، فتبين أن مدينة طبرقة هي الأنسب، باعتبارها تتميز بتربتها الخصبة ومناخها المناسب.
مشروع تربية دودة القز في تونس
بتمويل من كوريا الجنوبية على اعتبارها من أكبر منتجي الحرير في العالم، أطلق مشروع تربية دودة القز في تونس وتحديدًا في مدينة طبرقة، حيث بدأ المشروع بزراعة 20 هكتار من أشجار التوت بحوالي 12 ألف شتلة، وبناء وحدة بمساحة 330 متر مربع ضمن معهد الغابات والمراعي بطبرقة بهدف إكثار البيض وإنتاج الديدان، كما زود المشروع بحوالي 20 وحدة صغيرة لتربية الديدان وإنتاج الشرانق.
وبعد ذلك أحدثت وحدة صناعية لإنتاج الحرير الخام. وجهزت بالآلات الصناعية اللازمة لاستخراج المادة الخام عن طريق عملية تحويل الشرانق إلى خيوط حريرية. وبدء تشغيل المعمل وإنتاج الحرير بالاعتماد على حوالي 100 ألف دودة، تربت ضمن المعهد العالي في طبرقة. كما حُلل الحرير الناتج، ليتبين أنه من أجود أنواع الحرير نعومةً وملمساً في العالم.
عوامل النهوض بتربية دودة القز في تونس
هنالك عدة عوامل مهمة للنهوض بتربية دودة الحرير وزيادة العائد من الإنتاج المحلي من الحرير الخام. ومن هذه العوامل نذكر ما يلي:
- توفر أشجار التوت: من الضروري الإكثار من المشاتل الزراعية لزراعة أشجار التوت ذات الأصناف الجيدة، ومن ثم بيع نواتج تقليمها إلى مشاتل أخرى للإكثار منها عن طريق العُقَل.
- طريقة تربية دودة القز: يجب تحديد عدد مواسم التربية في كل عام، عن طريق دراسة المناخ وتقلبات درجات الحرارة في مختلف محافظات البلاد واختيار البيئة الأنسب لها. هذا فضلًا عن اختيار أنواع البيوض الخالية من الأمراض والمناسبة لمواسم التربية المختلفة سواءً ربيع أو صيف.
- الحرير الناتج: يجب الاستفادة من الحرير في شتى المجالات ليس فقط في صناعة الملابس. إذ يدخل الحرير الناتج في صناعة المراهم المفيدة جدًا لالتئام الجروح، بسبب امتصاصها السريع من خلال الجلد. والأهم من ذلك كله من الضروري الاستفادة من عادم الحرير وعدم اتلافه، حيث من الممكن صناعة خيوط الغزل منه. يكما مكن صناعة مواد التجميل منه، بسبب خواص البروتين الموجود فيه، والتي تحمي من الأشعة فوق البنفسجية، وتحافظ على رطوبة الجلد.
سعر كيلو الحرير الخام في تونس
بالتأكيد أصبح مشروع تربية دودة القز أمرًا واضحًا من جميع النواحي من حيث المتطلبات، والمخرجات من الحرير الخام. ولكن ماذا عن أسعار بيع الحرير بعد استخراجه؟
يُحدد سعر كيلو الخام بعدة مقاييس، وذلك عن طريق طرح تكاليف الإنتاج وأجور العمالة، ومن ثم طرح أجور النقل من المزارع إلى أسواق البيع. ليكون الناتج المتبقي هو سعر تكلفة كيلو الحرير الخام. ولكن بشكل عام يبلغ سعر كيلو الحرير الخام في السوق التونسي حوالي 24.5 دينار.
وفي الختام، يمكن القول إن تربية دودة القز لإنتاج الحرير مشروع مربح ومفيد. ولكن يجب أن يكون طبقًا للشروط والمواصفات المطلوبة، لضمان الربح. ويعد هذا المشروع رابحًا في تونس بسبب طبيعتها الخضراء ومناخها المناسب.