يعد الاقتصاد حجر الأساس في بناء أي دولة وتطورها، لذلك فقد كان تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد التونسي، هو الهاجس الأكبر للحكومة التونسية في بداية الانتشار الكبير لوباء كورونا في بداية العام 2023.
بينما كان العالم يسير بعجلة متسارعة في طريق التطور والإبداع في كافة المجالات، متناسًيا القوة الخارقة للطبيعة، والتي بجبروتها قد تقلب الموازين رأسًا على عقب. ظهر هذا الكائن المجهري الصغير المسمى فايروس كورونا COVID-19 ليثير القلق والرعب في كل العالم ويغير سياسات دول بأكملها.
حيث أثر فيروس كورونا على كافة قطاعات الحياة، وكان التأثير الأكبر على القطاع الاقتصادي. وقد كانت تونس من أكثر الدول تأثرًا بتداعيات انتشار فيروس كورونا، وذلك لسرعة تفشي الوباء فيها. وكذلك بسبب قرارات الإغلاق التي اتخذتها الحكومة التونسية لحماية شعبها من المرض. وكان لتلك القرارات تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد إلا أنها أنقذت البلاد من الانهيار. وسنتعرف في هذا المقال على تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد التونسي.
الاقتصاد في تونس قبل جائحة كورونا
شهد الاقتصاد التونسي قبل جائحة كورونا العديد من التقلبات نتيجة الأوضاع السياسية التي مرت بها البلاد. لذلك فقد اعتمدت تونس على إجراء العديد من الإصلاحات الاقتصادية التي حركت السوق التونسي. كما توقع البنك العالمي في تقريره “المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” عودة النمو الاقتصادي إلى تونس من جديد، من خلال تشجيع الصناعات المحلية المختلفة، وتنشيط حركة التجارة الخارجية وكذلك منح المستثمرين فرصًا جديدةً للإنتاج والتسويق.
كما شهد قطاع النفط في تونس نموًا كبيرًا في الفترة ما قبل جائحة كورونا. حيث تشير التقارير الدولية مثل تقرير المؤسسة الأمريكية للمسح الجيولوجي إلى أن تونس تسبح فوق حوض كبير من النفط. حيث أن 97 مليار برميل من البترول و38.5 تريليون م3 من الغاز الطبيعي السائل موزعة ما بين تونس وليبيا.
كما أكدت بعض البحوث التي أجرتها منظمة أكسفورد للدارسات الاقتصادية أن احتياطي تونس من النفط والغاز الطبيعي غير المعروف والمستغل يسمح لتونس بأن تكون ضمن الدول المنتجة للنفط. وفيما يخص قطاع الصناعة تعتبر تونس من أكبر قطاعات الصناعة في قارة أفريقيا. كما تمتلك موقعًا جغرافيًا مميزًا، فهي صلة وصل مع البحر الأبيض المتوسط، وكذلك مع الأسواق الأوروبية، حيث أن أغلب صادرات تونس تتجه نحو هذه الأسواق.
ولا ننسَ قطاع الزراعة التونسي الذي يمثل 12% من الناتج الإجمالي المحلي. أيضًا قطاع التعدين والصناعات الغذائية والتي تعتبر من أكبر موارد الدخل للاقتصاد التونسي. كذلك تعد السياحة في تونس من أكثر القطاعات تأثرًا بجائحة كورونا، حيث تتميز تونس بغناها بالمساحات الخضراء والمناظر الطبيعية الخلابة بالإضافة إلى عراقتها ومدنها الأثرية الرائعة.
الاقتصاد في تونس بعد جائحة كورونا
تأثرت تونس كغيرها من دول العالم بانتشار فايروس كورونا. وحرصًا من الحكومة التونسية على سلامة شعبها، فقد اتخذت العديد من الإجرارات الاحترازية والتي أثرت على مختلف القطاعات الاقتصادية على النحو التالي:
أثر جائحة كورونا على قطاع التعدين في تونس
يعد قطاع التعدين من أكبر القطاعات المنتجة في تونس. وكذلك المشغل الأكبر للأيدي العاملة خصوصًا في حوض إنتاج الفوسفات في قفصة. وقد أدت جائحة كورونا إلى تراجع الإنتاج في قطاع التعدين فيه بشكل كبير. حيث كان من المتوقع قبل تفشي جائحة كورونا أن يصل الإنتاج إلى 5.5 ملايين طن في العام 2023، إلا أنه لم يتخطى 4.5 مليون طن، لأن 30% فقط من العمال تمكنوا من العمل خلال تطبيق إجراءات الحظر والإغلاق في تونس بين آذار وأيار.
أثر جائحة كورونا على قطاع الكهرباء في تونس
وضعت وزارة الكهرباء والطاقة في تونس خطةً لزيادة إنتاج الكهرباء بمقدار 30% بحلول العام 2030. لكن جائحة كورونا أدت إلى تعطيل العديد مشاريع الطاقة المتجددة. لذلك أبدى مسؤولون حكوميون تخوفهم من عدم القدرة على تحقيق هذا الهدف ضمن الإطار الزمني المحدد.
أثر جائحة كورونا على قطاع النفط والغاز في تونس
تراجع الإنتاج في قطاعي النفط والغاز في تونس بشكل ملحوظ بعد جائحة كورونا. وذلك بسبب نقص الأيدي العاملة بسبب الحظر المفروض على البلاد، وكذلك التراجع الكبير في أسواق النفط العالمي في تلك الفترة. مما جعل تونس تخفض من إنتاجها للنفط حتى لا تخسر مواردها. كذلك تأثرت العديد من شركات النفط الهامة في تونس بقرار الإغلاق مثل شركة النفط الوطنية التونسية (ETAP) والتي تعد ركنًا رئيسيًا من قطاع الطاقة في البلاد. حيث تسهم هذه الشركة في إنتاج 80% من النفط و 70% من الغاز، حيث تفتقر هذه الشركة إلى القدرات الفنية والمالية للعمل بمفردها.
أثر جائحة كورونا على القطاع الصناعي في تونس
أدت جائحة كورونا إلى تباطؤ معظم القطاعات والأنشطة الصناعية. حيث تشير الإحصائيات إلى وجود تراجع كبير في جميع الصناعات في تونس سواءً الصناعات الغذائية، أو النسيجية، أو صناعة قطع السيارات وغيرها. وذلك بسبب الإجراءات الاحترازية التي طبقتها الدولة للحد من انتشار الفيروس.
أثر جائحة كورونا على السياحة في تونس
يعد قطاع السياحة من أكثر القطاعات تأثرًا بجائحة كورونا. ليس فقط في تونس وإنما في جميع بلدان العالم، بسبب إجراءات الحظر التي اتخذتها الحكومات لحماية مواطنيها. وقد أدى الانتشار السريع لفايروس كورونا في تونس إلى إلغاء الموسم السياحي بشكل كلي. كما اعتبرت تونس منطقة خطر بسبب الانتشار السريع للوباء داخل أراضيها. وألغت بعض الدول الأوروبية زيارة الوفود إلى تونس والتي كان من المتفق عقدها في شهري تموز وآب.
في نهاية المقال، وبعد أن تعرفنا على تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد التونسي. نجد أن هذا الفيروس استطاع أن يغير خط سير الاقتصاد في تونس، حيث أن تأثيراته السلبية الكبيرة على القطاعات الاقتصادية المختلفة دفعت المعنيين إلى إيجاد حلول بديلة حفاظًا على اقتصاد الدولة من الانهيار.