يتساءل الكثيرون حول مفهوم الاستدامة الإدارية كيفية تحقيق الاستدامة، فهي حقيقةً من المفاهيم العصرية التي يستوجب فهمها، والسعي لتطبيقها وتحقيقها على المستوى الإداري. فإذا ما هي الاستدامة الإدارية؟ وكيف يتم تحقيق الاستدامة؟ حسنًا، تابعوا معنا المقال للتعرف إلى ذلك.
تتعدد أنواع الاستدامة التي انتشرت مؤخرًا بشكل كبير في مجتمعاتنا. عمومًا، ومن خلال الاسم، يتبين أن مفهوم الاستدامة يرتكز على الأشياء التي يفعلها الشخص لإبقاء وضع معين بحالة معينة بشكلٍ مستدام ومطوّر بنفس الوقت. لكن لتلك الاستدامة أنواع وآفاق وآليات كثيرة يستوجب التعرف إليها لمعرفة كيفية تحقيقها، وضمان الوصول إليها. وإحدى تلك الأصناف هي الاستدامة الإدارية التي سنتعرف إلى مفهومها وأهدافها في مقالنا هذا.
مفهوم الاستدامة الإدارية
تعرف الاستدامة الإدارية عمومًا بأنها نهج في إدارة الأعمال يهدف إلى تحقيق التنامي في العمل، وينجم عنه تأثيرات إيجابية على كافة الأصعدة، بما فيها الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. لكن وفق آليةٍ مستدامة تضمن تحقيق الهدف من العمل على المدى البعيد والمستمرّ.
وهذا بالطبع لا يحدث بتلك السهولة، إنّما يتطلب بشكلٍ أساسي دفع السلبيات التي تواجه ساحة العمل، وتعزيز الدعم في النطاق الإداري، ومواجهة المشاكل التي تتعرض لها الشركات. فإذا لم نسعى للتركيز على النواحي الداعمة، لن تكون هناك استدامة أيًّا كان نوعها والغرض منها.
فالاستدامة الإدارية هي بحد ذاتها استراتيجية تتطلب التركيز على المحيط الإيجابي، والحرص على تخفيف الآثار السلبية في العمليات الإدارية بما يتماشى مع آلية العمل، ويتناسب مع الرؤية القيادية للمستقبل، ويلاءم الطبيعة العملية من مختلف نواحيها.
أهمية الاستدامة الإدارية
تكمن الأهمية الأساسية في الاستدامة الإدارية في تشجيع الشركات على لعب الدور الأكبر بنمو المجتمع وتطويره، وبدعم الأعمال، وتعزيز الفرص المستقبلية في نطاق العمل، وبالتالي دعم الاقتصاد العام. وبذلك يتم ترسيخ دعائم المجتمع المستدام.
ومن خلال تطبيق مفهوم الاستدامة الإدارية في مختلف القطاعات العملية، أصبح بالإمكان ابتكار منتجات وخدمات جديدة، وإيجاد منظمات وترتيبات في قضايا عديدة. وبات من السهل السعي للقضاء على الفقر، وحماية كوكب الأرض. من ناحية أخرى، ومما رسخ أهمية الاستدامة الإدارية بشكلٍ أكبر لجوء الشركات والمؤسسات إلى دمج مبادرات المسؤولية الاجتماعية لشركاتهم مع استراتيجيات الاستدامة ضمن أعمالهم اليومية، وواكبوها مع وظائفهم الأساسية. وهذا ساعد بدوره على خلق قيمة مشتركة في نطاق العمل.
كيفية تحقيق الاستدامة
كيف يمكن تحقيق الاستدامة؟ وهل يتطلب تحقيقها الكثير من الإجراءات والتحديات والصعوبات؟ لعلها بالفعل من أكثر الأسئلة التي تتداول في مجتمعاتنا اليوم، خصوصًا في القطاع المؤسسي والإداري، وبعد تنامي المبادرات المنسوبة للاستدامة.
يمكن تحقيق الاستدامة الإدارية بشكلٍ أساسي من خلال تبني مختلف المبادرات التي تراعي أهم مقومات التنمية التي تتمثل بالمجتمع، والبيئة والاقتصاد. على سبيل المثال تلك المبادرات التي تدعم أولويات الاستدامة، وتضع المقاييس المناسبة في سبيل تحديد الأهداف والنتائج.
إضافةً إلى ذلك، يتطلب تحقيق الاستدامة تبني معايير الابتكار، والبحث عن بدائل حلول تقليدية بغية القيام بممارسات هادفة، وأعمال صديقة للبيئة وللمجتمع بشكلٍ أفضل. مما سيدعم بلا شك دوافع الاستدامة عبر زيادة مستويات القيمة السوقية، وبالتالي تطوير تكنولوجيات، وتقنيات جديدة، وتحديث العديد من الآفاق العلمية والعملية.
من ناحيةٍ أخرى، تعتبر ريادة الأعمال الجانب الأساسي بتحقيق الاستدامة الإدارية، خصوصًا في الوقت الراهن. فهي تدعم القطاع الإداري بالناتج المحلي والإجمالي، وتسهم بتوفير فرص عمل جيدة. ليس ذلك فحسب، بل وتضمن تأهيل رواد الأعمال، وتنمية مهاراتهم، وبالتالي رفع مستويات الإنتاجية الإدارية.
محاور الاستدامة الإدارية
تعرف المحاور بأنها الأبعاد الداعمة للاستدامة الإدارية، والتي تعزز من تحقيقها، وتفعّل دورها في مختلف النطاقات. وعليه، يتوجب النظر على أبعادٍ مختلفة، بحيث لا تمسّ الأجيال القادمة، وبالمقابل تلبي الاحتياجات في الوقت الحالي.
وتتمثل محاور الاستدامة الإدارية بما يلي:
- المحور الاقتصادي: والذي يساعد على إعادة توجيه الاستدامة، مع الحفاظ على الأشخاص والأصول الممتلكة عند مستوى معين. وهذا المحور داعم بشكل كبير لكونه يخلق وسائل تساعد بتوليد الثروة وفق أساس التجارة المستدامة، والإنتاجية العامة.
- المُحور الاجتماعي: بالطبع سترتكز الاستدامة على تحقيق الدعم الاجتماعي المتمثل بتوفير العلم والعمل والتعليم، والغذاء والملبس ومقومات الحياة والصحة. فهي من أولى الوسائل التي تعزز نطاق الفرد والشركة لتكوين الاستدامة.
- المحور البيئي: الذي يشير إلى كيفية إدارة الموارد البيئية بعقلانية تامة، وبشكل يضمن بقاء الحياة كجزء لا يتجزأ من تحقيق الاستدامة وتطويرها.
- المحوَر السياسي: بدوره يساعد على تعزيز الانتقال نحو الاستدامة، ومواكبة السياسات الاقتصادية بالتوافق مع الإنتاجية والاستدامة. وهذا المحور مرتبط بشكلٍ كبير مع المحور الاقتصادي.
- المحور الثقافي: وهو التنوع واحترام كافة المظاهر سواء المحلية أو الإقليمية أو الوطنية. فذلك يساعد على تحديد السلوكيات، وتنميتها، وتعزيز نطاقات العمل.
أهداف الاستدامة الإدارية
للاستدامة الإدارية العديد من الأهداف التي تجعل من عملية السعي لتحقيقها دافعًا إيجابيًا وموجبًا على الشركات والمؤسسات. حيث تتركز أهداف الاستدامة الإدارية بشكلٍ أساسي فيما يلي:
- تعاون جميع الأطراف العاملة على اتخاذ الخيارات الصحيحة من أجل تحسين الحياة وفق آلية مستدامة داعمة للأجيال القادمة.
- معالجة الأسباب الجذرية للعوائق التي تتعرض لها القطاعات الإدارية.
- كذلك، تحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي على مستويات عديدة.
- تمكين الموازنة ما بين الإنتاج والاستهلاك في نطاق العمل.
- زيادة كفاءة الموارد.
- اقتراح المبادرات المساعدة في تعزيز العمل، وإدارة المشاريع.
- بناء الوعي من خلال برامج الاستدامة الإدارية المطروحة.
- تكوين المهارات العملية، والخبرات المطوّرة.
- تطوير وتفعيل مبادرات وممارسات مستدامة قادرة على تحقيق نتائج فعالة.
في الختام، وبعد التعرف إلى مفهوم الاستدامة الإدارية كيفية تحقيق الاستدامة. يتبين لنا ضرورة التركيز على الأهداف التي تحققها الاستدامة الإدارية للسعي إلى تحقيق الاستدامة وتعزيزها بأفضل شكل.