يُعرّف السعر من وجهة النظر الاقتصادية بأنه كمية النقود الّتي يتوجب التّضحية بها للحصول على الشيء المرغوب به. بمعنى آخر يمكن تعريف السّعر بأنّه كمية النقود التي نقدّمها  للحصول على السّلع والخدمات المرغوبة بالمقابل. وكما نعلم إنّ تسعير المنتج من أكبر العقبات التي تواجه أصحاب المشاريع الصّغيرة والكبيرة. لذا يتوجّب عليهم دراسة أهداف توزيع وتسعير المنتج، والسّوق وغيرها من الأمور لتحقيق أهداف مشروعهم. ولا يغيب عن ذهن أحد الأهمية التي يتمتّع بها السّعر، فهو يؤثر بشكل مباشر في أرباح الشّركات والمنظّمات الرّبحيّة وحتّى في المنظّمات غير الرّبحية.

فالسّعر يؤثر في موارد المنظّمة وقدرتها على القيام بأعمالها. ومن هنا فإنّ أخطاء التّسعير قد تكون ذات آثار ثقيلة مما ينعكس بشكل مباشر على ربحية المنظمات. إذًا لا بدّ لروّاد الأعمال من الاطّلاع على أهداف توزيع وتسعير المنتج. حيث أنّ استراتيجيات التوزيع المختلفة الّتي تتبنّاها العلامات التّجاريّة في جميع أنحاء العالم لضمان قدرتها على تلبية المتطلّبات المتزايدة للسّوق الحالي. كما تستلزم العمليّة بالضّرورة نقل المنتج من الشّركة المصنّعة إلى المستهلك.

فعلى الرّغم من أنّه قد يبدو واضحًا، إلّا أنّ استراتيجيات التّوزيع الحديثة يمكن أن تكون معقّدة للغاية من أجل تقليل التّكاليف وزيادة الأرباح. فالمبيعات هي مفتاح الإيرادات والموظفين. ومع ذلك لن تكسب عملاء متكرّرين إلّا إذا قدّمت منتجًا بشكل فعّال وتأكّدت من أنّ المستخدمين يمكنهم تلقّي العنصر بسهولة. حيث يتمّ ذلك باستخدام استراتيجية التوزيع التي تتوافق مع احتياجات عملك. كما يجب أن تعرف ما هي أهداف توزيع وتسعير المنتج؟ هذا ما سنتحدّث عنه في مقالنا التّالي.

أهداف توزيع المنتج

ما هي أهداف توزيع وتسعير المنتج؟ التوزيع عبارة عن مجموعة من الأنشطة التي تعمل على انسياب وتدفّق السّلع والخدمات بعد الانتهاء من عمليات الإنتاج إلى غاية وصولها للزّبون، بطريقة مباشرة أو مرورًا بعدد من الوسطاء المقدمين للخدمات اللازمة والكافية للزبائن. إذًا تتمثّل أهداف التوزيع المنتج بما يلي:

  • تسهيل اقتراب المنتج من الزّبون: عن طريق مختلف الأنشطة التوزيعية يقترب المنتج أكثر فأكثر من الزّبون، رغم بعده الجغرافي والمكاني عنه.فأنشطة التّوزيع تقرّب المسافة وتوحّد الصّلة بين المنتج والزّبون.
  • ضمان تدفّق وانسياب السّلع: حيث يعمل على توفير الحاجات بشكل دائم ومستمرّ وإيصالها إلى الزّبائن. فالتّوزيع إذًا يضمن تدفّق وانسياب السّلع وحتّى الخدمات إلى الزّبائن في أحسن الظروف وفي الأوقات المناسبة والأماكن المحدّدة.
  • التقليص من عدد المبادلات: إنّ الكلام عن التّوزيع يعني الكلام عن انسياب وتدفّق السّلع والخدمات إمّا بطريقة مباشرة، أي من المنتج إلى الزّبون مباشرةً وبذلك يكون عدد المبادلات كثيرة. وإمّا بطريقة غير مباشرة، أيّ عن طريق وساطة بين المنتج والزّبون وهي الطّريقة الأكثر انتشارًا. كما أنّ وجود هؤلاء الوسطاء يؤدي للتقليل والتّقليص من عدد المبادلات. حيث أنّ الوسيط يتصل بالمنتج، ومن ثمّ بالزّبون وهذا يقلّل التّكاليف والجهود من كلا الطرفين.
  • القضاء على المضاربة: كما أنّ قلّة السّلع المتداولة في السّوق يؤدي إلى ظهور بعض المؤسسات الوسطية الانتهازية الاحتكارية التي تعمل على تقليل حركة هذه السّلع. بالإضافة لظهور السّوق الموازية ويضطر الزبون للتعامل مع الانتهازيين وبالتالي اللجوء إلى المضاربة. إلّا أنّ قيام المنتجين والمؤسسات التوزيعية المتخصصة بالتّوزيع بمختلف الأنشطة التوزيعية يوفّر السّلع في أماكن تواجد الزّبائن وفي الوقت المناسب. وهذا يقضي على المضاربة.
  • توزيع الأخطار: إنّ قيام المنتج والمؤسسات التوزيعية بمختلف الأنشطة التّوزيعية يخرج السلع من مخازن المنتج إلى مخازن المؤسسات الوسطية وعلى رأسها متاجر الجملة. كما أنّ المنتج يقسّم التكاليف وكافة الأخطار المتعلّقة بالسّلعة بينه وبين باقي شبكة التوزيع.

وظائف توزيع المنتج

بعد أن تعرّفنا على أهداف التوزيع التسعير المنتج، والآن ننتقل لوظائف توزيع المنتج. لما كان التّوزيع التسعير المنتج يتمثّل في انسياب السّلع والخدمات من أماكن إنتاجها إلى أماكن تواجد الزّبائن، كما أنّ له عدّة وظائف وهي:

  • تجزئة كميات السلع إلى كميات أصغر: وذلك عن طريق شراء السّلع بكميات كبيرة وتجزئتها وجعلها بأحجام صغيرة تتناسب مع استهلاك كل أسرة أو وحدة مستهلكة.
  • تجميع العديد من السلع والخدمات: ويتمّ ذلك من خلال تجميع عدد كبير من السّلع المتشابهة فيما بينها داخل مجموعة سلعيّة. كما يقوم تاجر الجملة بجمع عدد من السّلع من عدّة منتجين، وكذلك الحال بالنّسبة لتاجر التجزئة.
  • النقل والتخزين للسلع: حيث تقوم المؤسسات التّوزيعيّة الوسطية بتخزين السّلع في مختلف مخازنها حتى تكون جاهزة للبيع وتغطية الطّلب عليها. بالإضافة إلى خلق توازن بين العرض والطّلب حسب الظّروف الاقتصاديّة.
  • الاتصال وجمع المعلومات: إنّ وجود المؤسسات الوسطيّة كحلقة وصل بين المنتجين والزّبائن في السّوق وبطريقة دائمة ومستمرة لجمع المعلومات من كافّة الزّبائن. وذلك من حيث الأذواق والرّغبة ومدى القابليّة للشّراء والعادات الشّرائية وغيرها.
  • تقديم الخدمات لتجار التجزئة والزبائن: حيث يقوم تجار الجملة والوكلاء بتقديم خدمات استشاريّة وتقنيّة لتجار التّجزئة تمكّنهم من عرض السّلع، القيام بالعمليات المحاسبيّة، تنظيم أماكن البيع، وغيرها. كما يقدّم تجار التجزئة بدورهم خدمات للزّبائن قد تكون خدمات قبلية أو بعدية من أجل تسهيل عمليّة استعمال السّلع، والقيام بعمليات الشّراء. على سبيل المثال من الخدمات المقدّمة للزّبائن توضيح كيفيّة استعمال المنتج، إبراز أهميّة وفوائد المنتج إضافةً لخدمات الصّيانة وغيرها.
  • خدمات الائتمان:  تقوم المؤسسات الوسطية في بعض الحالات ببيع المنتجات لأجَل أو بالتّقسيط، أو عن طريق بطاقات الائتمان، أو الدّفع المسبق لقيمة المشتريات للمنتج. وبناءً على ذلك تمنح المؤسسات الائتمان إما للمستوى الأعلى أو الأدنى. كما أنّ هذه الخدمات تسهم في اكتساب زبائن جدد ممّن لا يمتلكون القدرة الشّرائية بالنّقد الفوري للسّلع.

مفهوم قنوات توزيع المنتجات

إنّ قنوات التوزيع هي المسار الّذي تتحوّل من خلاله السّلعة أو الخدمة من المنتجين إلى المستخدمين أو المستهلكين. كما تُعرف قنوات التّوزيع بأنّها مجموع الوسطاء الّتي تأخذ على عاتقها مختلف أنشطة التّوزيع. والّتي تسمح بانسياب السّلع من المنتج إلى الزّبون. فهي إذًا الطّريق الّتي تمرّ من خلالها السّلع والخدمات من المنتجين إلى الزّبائن. وذلك عن طريق مجموعة من المؤسسات أو الأفراد كحلقة وصل بين المنتج والزّبون باستخدام الوسائل المختلفة.

كما أنّ قنوات التّوزيع بمفهومها الواسع عبارة عن وسيلة لتنظيما لنّشاط الخاصّ بتحريك أو نقل السّلعة من المنتج للمستهلك. وهي بذلك تسدّ الفجوة التي بينهما من خلال مجموعة وسطاء تتمثّل في الوكلاء والسماسرة إضافةً إلى تجّار الجملة وتجّار التّجزئة. حيث يهدف عمل الوسيط لتحقيق منافع زمانية أو مكانية ومنفعة ملكيّة من خلال توزيع المنتج أو الخدمة. إذًا يشمل نشاط قناة التوزيع وظائفًا متعدّدة بعضها يختصّ بعمليّة تبادل المنتج أو السّلعة كالبحوث اللازمة لتسهيل عملية التبادل. إضافة لنشاط التّرويج بوسائله المختلفة للتّعريف بالسّلعة أو الخدمة، والإاصالات لإيجاد مشترين للسلعة.

إلى جانب التجانس في شكل وحجم السّلعة ومدى إشباعها لرغبات ومتطلّبات المستهلكين. والبعض الآخر من وظائف قنوات التوزيع يختصّ بالأنشطة الخدمية ويشمل عادةً أنظمة التوزيع لنقل وتخزين السّلعة.

منافع قنوات توزيع المنتج

يضيف أعضاء قناة التوزيع قيمة على المنتج بغلق فجوات الوقت والمكان والحيازة الفاصلة بين المنتجات والمستهلك كما يلي:

  • المنفعة الزمانية لقنوات التوزيع: ويقصد بها القيمة المدركة في السّلعة من طرف المستهلك نتيجة توفرها في الوقت الملائم.
  • منفعة مكانية تقدمها قنوات توزيع التسعير: أيّ القيمة المدركة في السلعة من طرف المستهلك بسبب توفرها في المكان المناسب.
  • المنفعة الشكلية : وتعني القيمة المدركة في السلعة من طرف المستهلك عندما تأخذ شكلًا معيّنًا؛ عن طريق طرح المنتجات بالأشكال والأحجام التي يرغب الزبون فيها.
  • الحيازية والتملّك: وهي القيمة المدركة من قبل المستهلك نتيجة امتلاكه للمنتج.

 استراتيجيات تسعير المنتج الاحترافية

سنستعرض فيما يلي بعض استراتيجيات التسعير المنتج التي تعتمدها الشركات عادةً وهي:

إغراء العملاء بعروض المنتجات

إنّ ما يحدث في مواسم العروض مثل الجمعة البيضاء، حيث تشارك المتاجر بهذه العروض للتّخلص من المنتجات المتراكمة لديها بخدعة تحطيم الأسعار. كما تبدو هذه الخدعة للعملاء كفرصة ذهبية وينتظرها البعض من عام لآخر. ولكن ما لا يدركه الناس هو أنّ أصحاب هذه المتاجر يحقّقون أرباحًا خيالية بهذه الحيل التي تعدّ استراتيجية تسعير كبرى تتبنّاها أشهر المتاجر العالمية بطريقة ملحمية كل عام.

على سبيل المثال: بلغت مبيعات AMAZON في AMAZON Prime Day حوالي 7.16 مليار دولار أمريكي في عام 2019. فإنّ استخدام حيلة الخسارة لزيادة العملاء تعتبر استراتيجية التّسعير الأشهر والأكثر فعالية.

استناد التسعير على المنافسين

وهي استراتيجية التسعير القائمة على المنافسة، حيث تركّز على سعر السّوق الحالي لمنتج ما فلا تأخذ بعين الاعتبار تكلفة المنتج أو طلب المستهلك. بل تركّز على أسعار المنافسين وتتخذها كمعيار لتسعير منتجاتها. تتبنّى هذه الاستراتيجية الشركات التي تتنافس في مساحة ضيّقة لأن اختلاف السعر الطّفيف قد يكون العامل الحاسم للعملاء. حيث يمكن للشركات من خلال هذه الاستراتيجية تسعير منتجاتها بسعر أدنى بقليل أو أعلى من المنافسين.

استغلال الإشارات البصرية في تسعير المنتجات

يعتقد 84% من محترفي التّسويق والإبداع الرّقمي أنّ الشّركات التي تتّبع هذه الاستراتيجية تتفوّق على منافسيها. كما أنّ محور هذه الاستراتيجية هو التّأثير على قرار المستهلكين عن طريق خداعهم ببعض الإشارات البصرية في التّصميم. حيث أنّ مفتاح تسعير المنتجات يرتكز على التباين المرئي بين أسعار الخصومات والأسعر الأصلية بوساطة الّلون أو الحجم ليزيد الفارق. فنجدهم يستخدمون اللون الأحمر مثلًا للـتأكيد على انخفاض السّعر  وتكتب نسبة التخفيض ضمن دائرة حمراء أيضًا.

كيف يمكنك أن تفوّت هذا العرض الرّائع؟ هذا هو التّأثير الذي ترسله الصّورة للعقل الباطن للمشتري.

جعل العمليات الحسابية سهلة للعقل في التسعير

احرص على جعل العمليات الحسابية سهلة للعقل في حالة المقارنة بين سعر المنتج قبل وبعد التخفيض. على سبيل المثال: إذا كان سعر المنتج 20 دولار اجعل السعر المخفض 15 دولار حيث يستطيع العميل بلحظة معرفة أنّه قد حصل على تخفيض بقيمة 5 دولار. بينما في حال كان التخفيض يحتوي كسور مثل 13.54 دولار فهنا تضع المشتري في حيرة حسابية ليعرف كم سيكسب من هذا التخفيض.

سحر الرقم تسعة في تسعير المنتجات

يستخدم الرقم تسعة في تسعير الكثير من المنتجات وخاصّة أثناء الدّعاية والتّخفيضات 49.00، 19.99، 99.9. وهي حيلة قديمة قد أدركها الكثيرون اليوم، ولكنّها مازالت فعّالة ومازال العملاء يتّجهون لاختيار الرقم 9 مع المنتجات ذات السعر المنخفض والمرتفع حتى ولو كان 49 دولار أو 79 أو 99. في دراسة أجرتها كلًّا من جامعة شيكاغو ومعهد ماساتشوستس MIT، أرسلت ثلاثة إصدارات من مجلّة مصوّر للملابس لعيّنة عشوائية من العملاء، حيث حدّد سعر المنتجات في إحدى النسخ ينتهي بالرقم 9 مثل 39 دولار .

أمّا في الإصدار الثّاني وضع سعر أقل بـ 5 دولار أيّ 34 دولار وفي الإصدار الثالث كان السعر أكثر بـ 5 دولار أيّ 44 دولار. فكانت النتيجة ميل الأشخاص لشراء منتجات السعر الذي يحتوي رقم 9 يعني ذات السعر 39 دولار اكبر بنسبة 40%.

وختامًا نجد أنّ أهداف توزيع وتسعير المنتج جميعها تعمل على انسياب وتدفّق السلع والخدمات بعد الانتهاء من الإنتاج إلى أن تصل للزّبون. كما يمرّ ذلك الأمر عبر وسطاء كتجارة الجملة وتجارة التجزئة والشركات. كما أنّ هناك استراتيجيات سحرية يجب اتباعها لتسعير المنتجات لكسب العملاء وضمان عدم كساد المنتجات، وتحقيق الأرباح المنشودة من المشروع التجاري.