سنتعرف في مقالنا عن مفهوم التنمية المستدامة لغة واصطلاحا، تابع معنا.
مع تقدم الإنسان وازدهار الصناعات. أصبحت الأرض تعاني بشدة من التلوث وتدهور البيئة الطبيعية، ومع نهاية القرن 20، طرحت عدة أسئلة حول مصير الكوكب. فانقسم العالم إلى تيارين متناقضين. يرى التيار الأول أن الأولوية للنمو الاقتصادي ولم يعطي للبيئة أي اهتمام، لأننا ببساطة لا يمكننا إيقاف عجلة النمو والعودة للخلف بدعوى أن البيئة ينبغي أن تبقى نظيفةً. فكيف سنطعم 7 مليارات إنسان إذا تخلينا عن الأسمدة والمبيدات الحشرية والصناعات الغذائية؟! وكيف سينتقل ملايين الناس لمسافات طويلة إذا تخلينا عن وسائل النقل. أما التيار الثاني فيرى أن الأفضلية للبيئة ولم تعطي النمو الاقتصادي والتقدم الصناعي أي اهتمام. لأننا ببساطة سندمر الكوكب ونغرق السفينة التي تحملنا على ظهرها. ففيما سينفعنا هذا التقدم حين تقع الكارثة؟ إذًا ما العمل؟ أي طريق سنسلك التقدم أم البيئة؟ هنا وصلت البشرية إلى خيار ذكي ومقبول للجميع ألا وهو التنمية المستدامة.
مفهوم التنمية المستدامة
على الرغم من أن مفهوم التنمية المستدامة لغة واصطلاحا يعبر عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنه يلبي احتياجات الحاضر دون إلحاق الضرر بحاجيات الأجيال المستقبلية. بالإضافة إلى أنها تحافظ على التالي:
- التقدم الاقتصادي وعلى البيئة والموارد الطبيعية في نفس الوقت عن طريق استعمال وسائل وطاقات خضراء صديقةً للبيئة، كتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والريحية. بالإضافة إلى استخدام السيارات الكهربائية، وبالتالي التخلي عن مصادر الطاقة الأحفورية.
- إعادة تدوير وتصنيع المخلفات وبالتالي سينعكس إيجابًا على المردودية الاقتصادية.
على سبيل المثال، تتميز السيارة الكهربائية الذكية والذاتية القيادة بتكاليف صيانة وطاقة أقل بكثير عن غيرها من السيارات حتى إن حوادث السير ستصبح من الماضي.
أهداف التنمية المستدامة
تهدف التنمية المستدامة إلى ضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول عام 2030. حيث أن التنمية يجب أن توازن بين الاستدامة الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية، والتزام البلدان بإعطاء الأولوية للتقدم لمن هم متأخرون. بالإضافة إلى ذلك صممت أهداف التنمية المستدامة للقضاء على الفقر، والجوع، والإيدز، والتمييز ضد النساء والفتيات. يعد الإبداع والمعرفة والتكنولوجيا والموارد المالية من المجتمع بأسره ضروريًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في كل سياق. ومن هذه الأهداف ما يلي:
- القضاء على الفقر والجوع.
- تحقيق الصحة الجيدة.
- تحقيق الرفاهية العالية.
- السعي إلى أعلى مستويات التعليم.
- تحقيق المساواة بين الجنسين.
- تأمين المياه النظيفة والصرف الصحي.
- تأمين طاقة نظيفة وبأسعار مقبولة.
- العمل اللائق والنمو الاقتصادي.
- الصناعة والابتكار والبنية التحتية.
- تقليل التفاوتات في الدخل.
- تغيير كبير في طريقة البناء.
- تغيير طريقة إنتاج واستهلاك السلع والموارد.
- تحقيق السلام والاستقرار وحقوق الإنسان.
خصائص التنمية المستدامة
تختص التنمية المستدامة بمعالجة بعض الأمور وهي:
- المحاولة من تقليل غازات الاحتباس الحراري، وتقليل الاحتراق العالمي والحفاظ على الموارد البيئية.
- التركيز على العمارة الخضراء وممارسات البناء الصديقة للبيئة.
- استخدام مواد البناء الطبيعية القابلة للتحلل.
- استخدام مصادر المياه المتجددة.
- التأكيد على مصادر الطاقة المتجددة مثل، الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
- حماية الموائل الطبيعية.
- الاستبدال المخطط لأي موارد مستخدمة.
- ممارسات البناء والصناعات غير الملوثة.
مبادئ التنمية المستدامة
تعتمد التنمية المستدامة على بعض المبادئ وهي كما يلي:
- الحفاظ على النظام البيئي.
- تنمية المجتمع المستدام.
- الحفاظ على التنوع البيولوجي.
- السيطرة على النمو السكاني.
- تنمية الموارد البشرية.
- تعزيز المشاركة العامة.
أبعاد التنمية المستدامة
- السكان: تسعى التنمية المستدامة إلى القضاء على الفقر والجوع، بجميع أشكالهما وأبعادهما، وعلى ضمان أن يتمكن جميع البشر من تحقيق إمكاناتهم في الكرامة والمساواة وفي بيئة صحية.
- الكوكب: من الأولويات التي تسعى التنمية المستدامة لتحقيها هي حماية كوكب الأرض من الانهيار، ذلك من خلال تنظيم عمليتي الاستهلاك والإنتاج وإدارة الموارد التي تنتجها الطبيعة بشكل مستدام ومحاولة حل أي مشكلة مناخية لدعم الاحتياجات المستقبلية للأجيال القادمة.
- الازدهار: لأنه بتحقيق التنمية يزداد الازدهار وتتطور الشعوب والدول ويزداد التقدم الاجتماعي، والاقتصادي، والتكنولوجي.
- السلام: تسعى التنمية المستدامة إلى رعاية مجتمعات سلمية وعادلة وشاملة خالية من الخوف والعنف. فيرتبط تحقيق الاستدامة بتحقيق السلام.
- الشراكة: تسعى التنمية المستدامة إلى تعبئة الوسائل اللازمة لتنفيذ جدول الأعمال من خلال شراكة عالمية متجددة من أجل التنمية المستدامة، تعتمد على روح التضامن العالمي المعزز، وتركز بشكل خاص على احتياجات الطبقات الفقيرة والضعيفة في المجتمع، وذلك بمساعدة جميع الدول.
أهم التدابير لتحقيق للتنمية المستدامة
بعض التدابير الهامة للتنمية المستدامة وهي كما يلي:
التكنولوجيا من التدابير المهمة لتحقيق التنمية المستدامة
استخدام التكنولوجيا المناسبة هو أسلوب قابل للتكيف محليًا ومناسب ثقافيًا وصديق للبيئة وفعال من حيث الموارد. حيث أنه تنطوي في الغالب على الموارد المحلية والعمالة المحلية. علاوةً على أنه تعتبر التقنيات الأصلية أكثر فائدةً وفعاليةً من حيث التكلفة والاستدامة.
غالبًا ما تؤخذ الطبيعة كنموذج، باستخدام الظروف الطبيعية لتلك المنطقة كمكونات لها. ويُعرف هذا المفهوم باسم “التصميم مع الطبيعة”. يجب أن تستخدم التكنولوجيا قدرًا أقل من الموارد ويجب أن تنتج الحد الأدنى من النفايات.
نهج التخفيض وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير من التدابير المهمة لتحقيق التنمية المستدامة
ويسمى أيضًا 3-R الذي يدعو إلى تقليل استخدام الموارد، واستخدامها مرارًا وتكرارًا بدلًا من تمريرها إلى مجرى النفايات. بالإضافة إلى أنه يقلل الضغط على مواردنا ويقلل من توليد النفايات والتلوث. إلا أنه في هذا النهج، تقطع عملية إعادة تدوير المواد شوطًا طويلًا حتى تحقق الهدف المرجو منه.
تعزيز التثقيف والتوعية البيئية من التدابير المهمة لتحقيق التنمية المستدامة
سيساعد التعليم البيئي جميع عمليات التعلم بشكل كبير في تغيير نمط تفكير الناس وموقفهم تجاه الأرض والبيئة.
إن تقديم مادة مباشرة عن البيئة من مرحلة المدرسة سيغرس الشعور بالانتماء إلى الأرض لدى الأطفال الصغار. سيدمج “التفكير الأرضي” تدريجيًا في تفكيرنا وأفعالنا مما سيساعد بشكل كبير في تحويل أنماط حياتنا إلى أنماط مستدامة.
استخدام الموارد من التدابير المهمة لتحقيق التنمية المستدامة
يمكن لأي نظام أن يحافظ على عدد محدود من الكائنات الحية على المدى الطويل والذي يُعرف بقدرته الاستيعابية لحالة البشر، لذلك سيصبح مفهوم القدرة الاستيعابية أكثر تعقيدًا، ذلك لأن البشر على عكس الحيوانات الأخرى، لا يحتاجون فقط إلى الغذاء للعيش، بل يحتاجون إلى أشياء أخرى كثيرة للحفاظ على جودة الحياة.
حيث تعتمد استدامة النظام إلى حد كبير على القدرة الاستيعابية للنظام. فإذا تجاوزت القدرة الاستيعابية للنظام (على سبيل المثال، عن طريق الاستغلال المفرط لمورد ما)، يبدأ التدهور البيئي ويستمر حتى يصل إلى نقطة اللاعودة، لذا تتكون القدرة على التحمل من مكونين أساسيين وهما:
- القدرة الداعمة، أي القدرة على التجديد.
- القدرة الاستيعابية، أي القدرة على تحمل الضغوط المختلفة.
من المهم جدًا من أجل تحقيق الاستدامة استخدام الموارد بناءً على خاصيتين للنظام أعلاه، علاوةً على ذلك يجب ألا يسمح بحدوث التغييرات بما يتجاوز قدرة تحمل النظام.
تحسين نوعية حياة البشر من التدابير المهمة لتحقيق التنمية المستدامة
لا ينبغي أن تركز التنمية فقط على قسم واحد من الأثرياء بالفعل. بل يجب أن يشمل تقاسم المنافع بين الأغنياء والفقراء. كما يجب الحفاظ على الشعب القبلي، والعرقي، وتراثهم الثقافي. بالإضافة إلى أنه يجب أن تكون هناك مشاركة مجتمعية قوية في السياسة، والممارسة، واستقرار النمو السكاني.
وأخيرًا، بعد أن تكلمنا عن مفهوم التنمية المستدامة لغة واصطلاحا، نجد أنه على الرغم من الإنجازات غير المسبوقة على المستوى العالمي، فإنه مازالت هناك العديد من الإخفاقات والتحديات التي جرى التعامل معها بالشكل المتوقع والمطلوب، فكوكبنا أخذ في التغير. كما أن هناك أناس أكثر فأكثر يعيشون على الأرض، أكثر من أي وقت مضى.