من منّا لم تبهره أنواع البسكويت التي تضج بها أجنحة العرض stand في السوبر والميني ماركات التي تحيط بنا؟! من منِّا لم تحرّض شهيّته تلك الأصناف التي لاحدود لنكهاتها، ولا سيما إذا كانت مع فنجان القهوة الصباحية. وخاصة الفاخرة منها ذات الاسم اللامع والشهرة العالمية. لكن البعض منّا فقط يعرف أن صناعة البسكويت ومكونات صناعة البسكويت تعتبر من أسهل ما قد تحضره ربّات البيوت، لتسعد به أسرها وضيوفها على حد سواء.
ولكن السؤال المطروح هنا هل يرتقي التطبيق اعتمادًا على وصفات الإنترنت التي لاحدود لتنوعها، ومدارسها إلى بلوغ النكهة الحقيقية لأشهر أنواع البسكويت ذات العلامة التجارية المرموقة؟ هذا ما سنتعرف عليه من خلال رحلةٍ فيها من الحلاوة ما يمنح شعورًا بالمتعة. نعود من خلالها إلى أصل وتاريخ صناعة البسكويت وتطوره عبر الزمن.
تاريخ صناعة البسكويت في العالم
تشير المصادر المتخصصة إلى أن أصل تسمية البسكويت تعود إلى اللاتينية عبر اللغة الفرنسية المتوسطة، ومعناها المخبوز مرتين. أما في اللغة الإيطالية تعني كلمة (biscotti) نوع من الكعك الصغير المحلّى أو المقرمشات. و نشير هنا إلى أن فكرة صناعة البسكويت بزغت لتلبية حاجة البحّارة إلى طعام مغذّي، لايفسد بسرعة ويسهل حمله، والتنقل به خاصةً في الرحلات البحرية الطويلة التي قد تستغرق عدة شهور وسنوات.
وقد جاء في كتاب الطهي الروماني للطاهي الشهير (ماركوس غافيوس أبيشيوس) طريقة صناعة البسكويت ومكونات صناعة البسكويت التي اعتمدها الرومانيون. وتتألف من عجينة سميكة من دقيق القمح تفرد في وعاء. ثم تُغلى على النار. وتقطع عندما تجف. ثم تقلى بالزيت حتى تنضج وتقدم مع الفلفل أو مع العسل.
وكانت الوثائق التاريخية قد ذكرت أنه في عام 1588 كان على متن السفينة البحرية الخاصة بالملكة البريطانية رطل كامل من البسكويت. وتجدر الإشارة إلى أنه بدأت صناعة البسكويت خلال فترة حكم الملكة فيكتوريا. حيث جُهز البسكويت الخاص بالبحرية الملكية البريطانية بطريقة آلية، في الورشة الملكية للتموين التي تقع في (كلارينس)، غوسبورت بمقاطعة هامبشاير.
وكانت قطع البسكويت تدمغ بحرف من اسم الملكة ويطبع عليها رقم الفرن الذي خبزت به، وتُموّن السفن البحرية بكميات كبيرة منها.
بسكويت العرب يصل أوروبا عبر الفتوحات الإسلامية
عندما وصل المسلمون عبر سلسلة فتوحاتهم إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، انتقلت طرائق صناعة البسكويت العربي ومكوناته إليهم. وأعقب تلك الفتوحات الحملات الصليبية، وقد واكبها ازدهار تجارة التوابل. فانتشرت تقنيات صناعة البسكويت و مكونات صناعة البسكويت العربية في جميع أنحاء العالم، حتى وصلت إلى شمال أوروبا. ويذكر أن الملك ريتشارد الأول ملك إنجلترا والذي يُعرف بلقب قلب الأسد أحضر معه خلال الحملة الصليبية الثالثة (1189 – 1192) بسكويت المسلمين. وكانت مكوناته مؤلفة من شعير الذرة، ودقيق الفول، والدقيق العادي.
كما ذكرت الكتابات الأثرية الموجودة في دير فادستينا في السويد، والتي تنسب إلى عام 1444، شرح طريقة صنع بسكويت الزنجبيل. كما أشار مؤلف العديد من كتب صناعة البسكويت وتقنياته “الدوكان مانلي” في مقالة حول انتشار المطبخ العربي في أوروبا خلال القرون الوسطى إلى أن جذور تقاليد الغذاء الإسبانية ترجع إلى الفينيقيين، الذين بنوا مدينة قادس (Cadiz) في العام 1100 قبل الميلاد، وكذلك الرومان الذين جعلوا من إسبانيا مصدر الغذاء الأساسي لهم ، ولاسيما زيت الزيتون والقمح.
مكونات صناعة البسكويت
إنَّ صناعة البسكويت تتطلب وجود مكوناتٍ أساسية، تعتبر القاسم المشترك بين جميع أنواع البسكويت إضافةً الى الماء.
وفي مقدمتها الدقيق وتتمثل أهميته باعتبار أنه المادة الأساسية لتكوين العجينة. ويصنع من القمح الأبيض المنخفض البروتين (7،5% بروتين) حتى يعطي القوام الناعم للبسكويت. ثانيًا المواد الدهنية من الزبدة والسمن وهي التي تمنح الطراوة والسماكة المطلوبة.
كما أنها تزيد من مدة صلاحية البسكويت لقدرتها على الاحتفاظ بالماء. ثالثًا مادة السكر، ويمكن أو يستحسن استبدالها بالعسل الأبيض أو الأسود. والجدير بالذكر أن البسكويت المحلى بالعسل يحتفظ بليونته لفترات أطول.
مكونات أخرى لصناعة البسكويت
تحتاج صناعة البسكويت إلى مكونات أخرى أهمها المواد السائلة، وتتمثل بالماء أو الحليب والعصائر واللبن. وهي ضرورية لتكوين الغلوتين، فبدونه لا تتكون العجينة المطاطة، ولا تذوب المواد الجافة كالسكر والبيكنغ باودر، والملح. أما المكوّن الثاني فهو البيض الذي يدخل في صناعة بعض الأنواع من البسكويت، إلا أن الإفراط في كميته يجعل البسكويت صلبًا غير مستحب الطعم.
خطوات صناعة البسكويت
تختلف طرق صناعة البسكويت باختلاف أنواعه والكميات المطلوبة منه. وبالتالي تختلف مقادير مكونات صناعة البسكويت على هذا الأساس. ويمكن للقارىء المهتم البحث في كتب الطهي والحلويات عن طريقة صنع الأصناف التي يرغبها من البسكويت.
إلا أن هذه الطرق تشترك في الخطوات العامة للتصنيع. وأولها وزن الدفعة ويعني كمية العجينة اللازمة لصناعة البسكويت، والزمن المطلوب لإنتاجها. ونذكر هنا أن لكل دفعة من دفعات المنتج رمز (code) يمكّن فريق الجودة النوعية في المصنع من مراقبة المنتج في الأسواق عند اكتشاف أي خلل في عملية التصنيع، ومتابعة الإجراءات الواجب اتخاذها في هذه الحالة.
وتأتي مرحلة خلط المكونات لتشكيل العجينة. ثم تنقل من ماكينة الخلط إلى خط الإنتاج بواسطة سير متحركة. بعدها تشكل العجينة حسب الأشكال المطلوبة عبر الميكنة وبعدة أساليب. في المرحلة ما قبل الأخيرة يُخبز البسكويت ثم يُبرّد من خلال سير ناقل. تليها عملية سكب الشوكولاه أو الكريمة لبعض أنواع البسكويت. حيث تُغطى بهذه المواد أو استعمالها كحشوة داخلها.
وأخيرًا ينقل المنتج من سير التبريد الى التغليف سواء كان آليًا أو يدويًا. كما توضع بطاقة على عبوات البسكويت توضح تاريخ الصلاحية والمكونات. ويعبأ المنتج في عبوات تجمع في كراتين، ثم تنقل من خلال سير متحرك إلى مخازن المصنع، ومنها إلى نقاط التوزيع.
أشهر أنواع البسكويت في العالم
هناك أنواع لا حصر لها من البسكويت عالي الجودة، بعلامات تجارية مرموقة. نذكر منها:
- كلوب (Club): وهو من أجود أنواع البسكويت ، وله العديد من النكهات أشهرها نكهة العسل التي اعتمدت منذ عام 2012.
- بسكويت الماكرون (Macaron): وهو من الأنواع الهشة المصنوعة من البيض مع السكر واللوز المطحون، وتتميز بمذاق فرنسي فريد.
- الكوكيز (cookies): وهي عبارة عن كيكة حلوة لينة وهشة مستوية وصغيرة. وتعتبر الأكثر انتشارًا شعبيًا على مستوى العالم.