تمتاز خدمات النقل البري بأقدميّتها وشيوعها، فمن المتعارف عليه أنّ الإنسان هو أوّل من حمل الأشياء على ظهره أو على رأسه لنقلها. ثمّ عمد إلى استخدام الطرق البدائيّة للتنقل بغية تأمين حاجاته الضرورية، ومن هذه الوسائل نذكر: الحيوانات القادرة على تحمّل تقلّبات المناخ والطرقات الوعرة مثل: الإبل، الثيران، الأحصنة وغيرها.
ومع مرور الوقت تطوّرت هذه الخدمة، إذ قام الإنسان باستحداث الطرقات القاسية وتأهيلها، كما أنشأ البنى التحتية وطورها. ممّا دفع العديد من الشركات إلى اختراع وسائل نقل جديدة تتناسب معها كالدراجات، السيارات، الحافلات والقطارات. ولا ننسى أيضًا شركات النقل التي تعتمد شاحنات النقل الحديثة التي تواكب التطوّر السريع الذي يشهده عالم صناعة البضائع وتجارتها، ولاسيّما الصناعة الغذائيّة. حيث نرى أنّ غالبيّة هذه الشّاحنات مكيّفة ومهيّئة ضمن الشروط التي تكفل إمكانيّة نقل البضائع من بلد إلى آخر أو من محافظة إلى أخرى. بالإضافة إلى ذلك تطوير وسائل نقل الأفراد بما يتناسب مع راحتهم وسلامتهم. ولكن عمليّة النقل هذه تتطلّب العديد من التراخيص وأنظمة السلامة التي تنظم عملها وتحميها من المخاطر والحوادث.
خدمات النقل البري
لعلّ أهمّ خدمات النقل البري هي ما نعرضه فيما يلي:
- نقل الأفراد: أي نقل الركاب بواسطة الطرقات التي تربط ما بين القرى والمدن. يتنقّل الأفراد برًّا بواسطة عدّة وسائل مثل: الباصات والحافلات والسيارات والقطارات. ما يميّز هذه الخدمة عن غيرها انخفاض كلفتها. بالإضافة إلى ذلك، تطوّر شبكة المواصلات ووسائلها. ناهيك عن قدرتها على السير مسافات طويلة.
- شحن البضائع: الشحن البري أو Land Freight عبارة عن شحن البضائع من دولة إلى أخرى أو من محافظة إلى أخرى بواسطة الطرقات. تشحن البضائع بوساطة الشاحنات شرط ألا يتخطى وزن حمولة البضائع 30 طُنًّا على عكس سائر وسائل النقل. ولكن تبقى عملية شحن البضائع أقلّ كلفة من غيرها.
- خدمة السفر: حيث يمكن السفر برًّا بواسطة القطارات والحافلات المكيّفة والمهيّئة بما يتناسب مع حاجات الأفراد وراحتهم النفسيّة والجسديّة. ولا بدّ أن نشير إلى أنّ هذه الخدمات هي الأقلّ كلفة مقارنة مع سائر خدمات وسائل النقل الأخرى.
مزايا النقل البري
تتعدّد مزايا خدمات النقل البري على صعيد البضائع، ويمكن أن نوجزها في الآتي:
- تتمّ عمليّة النقل البري في أي وقت كان عكس سائر وسائل النقل، ذلك لأن دوام تنقلها محدد مسبقًا، ولا يستطيع الفرد أن يقوم بتغييره أو تحديده.
- سهولة الوصول إلى مواقع تواجد البضائع، إضافة إلى ذلك إمكانية الوصول إلى أماكن تفريغها في المستوعبات الخاصّة بها.
- إمكانيّة نقل البضائع على اختلاف نوعها، حجمها ووزنها.
- كلفة نقل البضائع برًّا منخفضة مقارنة مع وسائل النقل البحريّة والجويّة.
- القدرة على متابعة حركة البضائع وترقّب ساعة وصولها لتفريغها.
على صعيد خدمة نقل الأفراد:
- تطوّرت وسائل النقل البري بما يتلاءم مع راحة الأفراد الجسديّة والنفسيّة وعدم تعرّضهم للإرهاق.
- خدمة السفر البري أقلّ كلفة من سائر وسائل النقل، وبالتالي قدرة الأفراد على السفر برًّا.
- إمكانية إقامة الرحلات العائليّة الترفيهيّة الخاصّة ضمن مسافات طويلة.
مشاكل النقل البري
يعاني قطاع خدمات النقل البري من كثرة المشاكل التي نعدّدها كالتالي:
- بروز المواصلات الحديثة: أدّى انتشار المواصلات الحديثة إلى تعدّد مشاكل خدمات النقل خصوصًا في البلدان المتطوّرة التي تعتمد بشكل كبير على استخدام السيارة الخاصة في المواصلات. ولا بدّ أن نشير إلى أنّ غياب التنظيم والعديد من التحسينات في خدمات القطارات بين المدن هي من المشاكل التي تعترض خدمات النقل.
- سلامة حركة المرور: تمتاز معظم وسائل المواصلات بمحركات فائقة السرعة، ممّا يعرّض حركة المرور للخطر وبالتالي انخفاض مستوى السلامة عند سائقي السيارات.
- فقدان تدريجي لاحتياطي الوقود: يشكل الوقود الطاقة الأساسية للمواصلات. وأي انخفاض في مستوى احتياطه ينعكس سلبًا على الخدمات التي يقدمها النقل البري.
- المشاكل البيئيّة: زحمة السيارات واختناق حركة السير، لا سيما في المدن المكتظة. إضافة إلى ذلك التلوّث الناجم عنها الذي يسبب في ثقب طبقة الأوزون.
- غياب المعايير الخاصّة بعمليّة نقل الركاب والبضائع وبالتالي استغلال المستفدين للعمالة وكلفة النقل.
تأثير النقل البري على الاقتصاد
يعتبر قطاع خدمات النقل البري من أهمّ القطاعات الدّاعمة للهيكل الاقتصادي، إضافة إلى الاقتصاد القومي. وذلك من خلال التطوّر المستمرّ، وبطريقة أكثر دقّة تحقيق النمو المتوازن بين مختلف القطاعات الاقتصاديّة. كما أنّ تطوّر صناعات النقل في الآونة الأخيرة ساهمت في تسريع عمليّة التوازن هذه من خلال توسيع الأسواق واستغلال الموارد الطبيعيّة لاسيما البشريّة وبالتالي زيادة الإنتاج.
بالإضافة إلى ذلك، ساهم قطاع النقل في تنمية الاقتصاد عن طريق ربط مواقع إنتاج السلع بمواقع وجود الأسواق الاستهلاكيّة والمستهلكين. إضافة إلى تأمين نقل الأفراد والبضائع من وإلى مناطق استثمارها. ولا ننسى أنّ خدمة نقل البضائع ساهمت في انخفاض كلفة المنتج النهائية. هذا لأنّها كلفة النقل تُعدّ من أكثر العناصر المؤثرة بها. كما يوفر قطاع النّقل العديد من فرص العمل، ذلك لأن الفرد هو الركن الأساسيّ الذّي تقوم عليه عملية النّقل نظرًا لما تتطلبه من جهد بشري لإتمام مهمتها. ولا بد من توفير الأدمغة البشرية لمواكبة التطور الحاصل في هذا القطاع. وبالتالي خلق فرص عمل جديدة لمختلف الاختصاصات.
وفي النهاية لا بد من القول إن تفاقم حاجة الأشخاص إلى التنقل ونقل كميات كبيرة من البضائع برًّا براحة وأمان خلق الحاجة إلى وجود وسائل نقل متطوّرة وفعالة تفي بهذا الغرض. هذا فضلًا على ضرورة تأهيل الطرقات لضمان حركة تلك الوسائل وحماية السائقين من الحوادث التي تعترضهم، لتشكل مجتمعة عوامل تساعد في تقديم خدمات النقل البري بالشكل الأمثل.