تزامنًا مع اتساع رقعة التنافس التجاري بين الشركات التجارية حول العالم توسّعت مجالات واستراتيجيات التسويق للمنتجات التجارية. وفي مقالنا التّالي سنسلّط الضّوء على استراتيجيات التّسويق الأخضر، وعن أهمّ مزايا هذا النوع من التسويق. فالتسويق الأخضر يعدّ أحد أحدث أساليب التسويق المعتمدة في ميدان التنافس التسويقي حول العالم. علاوة على ذلك فإنّنا نلاحظ تسابق عدد كبير من الشركات التجارية العملاقة في سبيل اعتماد التسويق الأخضر في ميدان التسويق التجاري.
بالإضافة إلى ذلك يعرف التّسويق الأخضَر بعدد من التسميات الأخرى لعلّ أبرزها التسويق البيئي. والمقصود بهذا المصطلح هو كلّ نشاط تسويقي خاص بشركة، أو منظمة تهدف إلى خلق تأثير إيجابي لأحد منتجاتها على البيئة، ونفي أيّ تأثير سلبي لهذا المنتج على البيئة. كما تعرف عملية التسويق الأخضر بأنّها كل عملية تسويقية تهدف إلى ترويج، وتسعير العديد من السلع الّتي لا تلحق أيّ ضرر على البيئة المحيطة. والأهم من ذلك كلّه، يطلق اسم المنتجات الخضراء على المنتجات الّتي يتمّ تسويقها اعتمادًا على استراتيجيات التسويق الأخضر. وفيما يلي سنتحدّث عن هذه الاستراتيجيات، وعن أهم فوائد ومزايا هذا النوع من أنواع التسويق.
تاريخ التسويق الأخضر
يعود ظهور مصطلح التسويق الأخَضر إلى أوائل التسعينيات من القرن المنصرم. وأوّل كتاب مختص بهذا النوع من التسويق كان يحمل اسم التسويق البيئي. وفي وقت سابق من العام 1987 ميلادي صدر تقرير عن اللجنة العالمية للبيئة والتنمية المستدامة يحتوي على ما يلي (احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم). وبات هذا التقرير يعرف فيما بعد باسم تقرير برونتلاند، والّذي يعدّ نقطة انطلاق للتفكير اليومي في استدامة النشاط اليومي. والأهم من ذلك كلّه فقد تجسّدت أوّل الدلائل الملموسة على بداية التسويق الأخضر من خلال طباعة كتابين. كان الكتاب الأول عام 1992 ميلادي للكاتب كين بيتي، الذي صدر في المملكة المتحدة. والكتاب الثاني تحت اسم التسويق الأخضر التحديات والفرص لعصر التسويق الجديد عن طريق الكاتبة الأمريكية جاكلين أوتمان في العام 1993 ميلادي.
وبالنظر إلى رأي الكاتبة جاكلين أوتمان مؤلفة كتاب القواعد الجديدة للتسويق الأخضر فقد نوّهت إلى ضرورة دمج القضايا البيئية مع جميع الجوانب التسويقية المعتمدة في التسويق. علاوة على ذلك يجب تطوير جميع المنتجات الجديدة، والاتصالات العالمية بشكل ملائم للبيئة.
استراتيجيات التسويق الأخضر
تصميم أخضر من استراتيجيات التسويق الأخضر
إنّ الخطوة الأساسية في سبيل تقديمك لخطة تسويقية خضراء هي امتلاكك لمنتج أخضر صديق للبيئة بشكل جدّي. فالتصميم الأخضر لا يقتصر على استخدام اللون الأخضر في الإعلان، ولا يجب استخدام الشعارات الخضراء على سبيل الترويج فقط. علاوة على ذلك كلّه، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار عند قيامك بتصميم منتج أخضر أن تضمن شرط الاستدامة في جميع مراحل إنتاجه. والأهم من ذلك كلّه، يجب عليك مراعاة مصادر المكوّنات الرئيسية للمنتج. وطريقة اشتراك العمال في مسألة الإنتاج، وكيفية التعامل مع المنتج بشكل مناسب للبيئة. ويجب عليك امتلاك الوعي الكامل لمسألة كميّة النفايات الناجمة عن عملية الإنتاج، ومقدار الطاقة الكهربائية، والمائية المستخدمة في مراحل الإنتاج المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، يجب التأكّد من عملية تعبئة المنتج، ونقله، ومعرفة مصير هذا المنتج بعد الاستهلاك. حيث انّ كلّ ما ورد ذكره سيؤثّر على البيئة بشكل إيجابي حال التقيّد بإنتاج منتج أخضر.
الشفافية في الممارسة من استراتيجيات التسويق الأخضر
في حال أردت الحصول على قاعدة عملاء مخلصين تشكّل مسألة الاستدامة أولويّة قصوى لهم، لا بدّ لك من أن تمتلك شفافية مطلقة في عملك. ويتمّ تطبيق العمل بشفافية من خلال ما يلي:
- توفير إمكانية الوصول: وذلك من خلال التأكد من مقدرة العملاء على الحصول على كامل التفاصيل المتعلّقة بالمنتج، والتأكيد على قدرتهم في الحصول على تقرير بأعمالك وممارساتك في مراحل الإنتاج.
- المعايير: وتتم عملية التزامك بالمعايير العالمية من خلال مقاييس الأطر والتقارير العالمية المعتمدة مثل ISO، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والكثير من بروتوكولات وبرامج المجموعات العالمية الأخرى.
- الشفافية الجذرية: فعملك على كشف أكبر قدر ممكن من معلوماتك للعملاء سيضعك في مركز قوّة، وثقة كبيرة من قبلهم.
- تقرير: حيث يجب العمل على الإبلاغ الدوري، والمنتظم بخصوص الاستدامة، وذلك في سبيل وضع العملاء في صورة التقدم المنجز.
- أخبر الأخبار السيئة للعملاء: فبشكل عام يكره العملاء قيام الشركات بإخفاء المعلومات عنهم. وستتمكن من الحصول على ثقتهم المطلقة في حال قمت بإخبارهم بالمعلومات الجيدة والسيدة على حدّ سواء.
التسعير العادل من استراتيجيات التسويق الأخضر
تشير الدراسات العلمية إلى أنّ العملاء على استعداد لمبالغ كبيرة من المال في سبيل الحصول على منتجات مستدامة. وذلك بسبب ارتفاع تكاليف إنتاج هذه السلع، فتكون أسعارها المرتفعة نسبيًا عادلة. ولكن في حال قمت بتحديد أسعار أعلى من الأسعار العادلة لهذه المنتجات فإنّك ستتعرض للعديد من العواقب السلبية الّتي ستؤثر على سمعتك. علاوة على ذلك، فكلّما كان المنتج الأخضر ذو فوائد أكثر. كلّما كانت سمعتك التجارية كشركة جديرة بالثقة في مجال المنتجات المستدامة أكبر. وهذا الأمر يعدّ من أهمّ استراتيجيات التسويق الأخضر.
الاستهلاك المسؤول من استراتيجيات التسويق الأخضر
من أهمّ استراتيجيات التسويق الاخضر، حيث يتوجب عليك عند قيامك بإنتاج منتجات مستدامة ذات عمر قصير نسبيًا أن تقدّم النصائح المساعدة للمستهلكين. وذلك حول كيفية استخدام هذه المنتجات بشكل مسؤول، وإخبارهم بطريقة التخلّص منها بعد استخدامها. علاوة على ذلك فقد أشارت العديد من الدراسات إلى أنّ ما نسبته 90% من المستهلكين يقرّون بمسؤوليتهم الكاملة فيما يخصّ الاستهلاك العادل، والمسؤول للمنتجات. ويقرّون بمسؤوليتهم فيما يخصّ التخلّص من هذه المنتجات بعد استهلاكها. فيما يعتقد 85 % من المستهلكين بأنّ المسؤولية تقع على عاتق الشركة المنتجة في سبيل توفير المعلومات الكاملة عن كيفية استخدام المنتج بشكل مناسب. وتوضيح أفصل طريقة للتخلص منها بعض انتهاء دورة حياتها.
كن أخلاقيا من استراتيجيات التسويق الأخضر
وهذا الأمر من استراتيجيات التسويق الاخضر، حيث ينبغي عليك أن تعمل على وضع الاستراتيجيات، والخطط العملية الصادقة بخصوص تقديمك لمنتجات خضراء من دون غش، أو تلاعب. وعلى الرغم من أنّ إنتاجك لمنتجات خضراء مستدامة سيكلفك مبالغًا أكبر من المال. وفي حال قررت التلاعب، والغش في هذا المجال فإنّك ستقلل التكاليف. ولكن يجب عليك الانتباه لضرورة العمل بأخلاق، وصدق. كما يجب عليك الابتعاد عن كلّ أساليب الغش، وعن الممارسات غير الأخلاقية الّتي ستكلفك فقدان ثقة العملاء بشكل كبير.
مبادئ التسويق الأخضر
يعتمد التسويق الأخضر على 4 مبادئ أساسية في عمله، بحيث يهدف إلى تطبيق هذه المبادئ ويحرص على ألّا يحيد عنها. وهذه المبادئ الأربعة هي:
- التقليل من النفايات بحيث تتركز أغلب جهود التسويق الأخضر في مجال استخدام المواد الطبيعية ذاتية التحلل. وعند انتهاء صلاحية المنتج المصنوع منها فإنّه سيتحلل في الطبيعة دون بقاءه على شكل نفايات صلبة. كما أنّ التسويق الأخضر يشجّع على استخدام المنتجات القابلة لإعادة التدوير، أو ذات قابلية للإصلاح، والصيانة.
- بالإضافة إلى ذلك يرتكز التسويق الأخضر على تصميم منتجات معمّرة بحيث تستخدم لفترات زمنية طويلة.
- علاوة على ذلك فالتسويق الأخضر يركّز بشكل كبير على مسألة التسعير. بحيث ينبغي على المستهلك أن يدفع سعر المنتج بشكل مناسب لقيمة المنتج الحقيقية على اعتباره منتج أخضر. فالمنتج الأخضر لا بدّ له أن يكون معادلًا من ناحية القيمة، والفائدة للسعر المالي المحدّد له.
- والأهم من ذلك كلّه، يعمل التّسويق الأخضَر في سبيل اعتماده كنموذج تجاري للمؤسسات، والشركات.
ومن خلال كلّ ما سبق نلاحظ الأهمية المتزايدة للتسويق الأخضر في العالم. كما أنّ هذا النوع من التسويق يهدف إلى تشجيع إنتاج منتجات أكثر استدامةً، وإفادةً للبيئة المحيطة. ولا بدّ للشركات الكبرى أن تعمل على اعتماد استراتيجيات التسويق الأخضر بشكل أساسي. وذلك في سبيل الحدّ من كميّة النفايات الصلبة المضرّة بالبيئة.