مع دخولنا عصر طريق المعلومات الفائق السرعة الذي أصبحت فيه التجارة الالكترونية Electronic Commerce , واحدة من أكثر الأنشطة الاقتصادية فعالية وأهمية في الاقتصاد العالمي، فأصبح من الواجب علينا التعرف على مفهوم هذه التجارة, والمبادئ التي تحكم سير عملياتها التجارية.
تعريف التجارة الإلكترونية Definition of Electronic Commerce
قد يكون من الصعوبة بمكان تحديد تعريف معين للتجارة الإلكترونية, فقد اختلفت التعريفات وتعددت، وكل منها له خصوصيته حسب الجهة التي يصدر منها، فالتجارة الالكترونية من وجهة نظر قطاع الخدمات فيتناولها بصيغة اعتيادية ومن جانب مالي محدود والبعض الأخر يتناولها بصيغة موسعة.
مفهوم التجارة الإلكترونية
فيرى الأول ما هي إلا أداة من أجل تلبية رغبات الشركات والمستهلكين, والمسؤولين عن إدارة الشركات, في خفض كلفة الخدمة المقدمة, مع الأخذ بالاعتبار أن يتم ذلك بالموازاة مع الرفع من كفاءة تلك الخدمة, وفي الوقت نفسه العمل على تسريع تنفيذ أو إيصال الخدمة المحددة المطلوبة
والثاني الذي يوضح من خلال عرضه نوعية الخدمات بشكل أوسع, ومن وضع يسود فيه الجانب المهني, فيرى أن التجارة الالكترونية ما هي إلا عمليات الإعلان والتعريف بالبضائع والخدمات الممكن تقديمها للمستهلك, ثم كيفية تنفيذ عمليات عقد الصفقات وإبرام العقود, ثم البيع والشراء لتلك البضائع والخدمات, ومن ثم سداد القيمة الشرائية لما تقدم عبر شبكات الاتصال المختلفة, سواءً أكانت شبكة الانترنت أم غيرها من الشبكات التي تربط بين المشتري والبائع.
أما وجهة نظر الاقتصادية, فترى أن التجارة الالكترونية, هي ذلك النوع الحديث من التجارة الذي تصفه, بأنه ما هو إلا وسيلة حديثة للتعاقدات بين المستهلك والبائع, أو بين التاجر وبقية التجار أو المستثمرين, وإن هذا النوع يختزل المناقشات الكبيرة والكم الهائل من الأوراق التي تستخدم في تثبيت وتفعيل التعاقدات التجارية, هذا فضلاً عن الأوقات الطويلة التي تستغرق في المناقشات وعقد الاتفاقيات ومن ثم تنفيذها.
أنماط التجارة الإلكترونية Categories of Electronic Commerce
أفرزت التجربة العملية لانتهاج سياسات التجارة الإلكترونية إن كان من قبل القطاع الحكومي أو القطاع الخاص عن العديد من أنماط استخداماتها، فقد تراوحت ما بين استخدامات قطاع الشركات والقطاع الحكومي والمستهلكين، فضلاً عن ظهور طرق أخرى لتطبيقها غير الطرق الاعتيادية التي نشأت عليها (باستخدام الحاسوب وشبكة الأنترنت الدولية).
ولكن المهم هو ان تتعرف الجهة المستخدمة لها في اي مجال يمكنها الاستفادة أكثر في هذا النوع من التجارة، حيث هناك فئات تناسبها تطبيقات التجارة الإلكترونية أكثر من غيرها، فالسوق التجارية في ظلها تشمل على أنواع مختلفة للتعامل واطراف مختلفة للمتعاملين. مما أظهرت أنماط للتجارة الإلكترونية للأنواع الأكثر أهمية وثقلاً ونصيباً في اجمالي هذه التجارة ومن ثم ـنواع أقل مشاركة ونصيباً فيها، وهي:
اولاً: التجارة الإلكترونية من قطاع الشركات –الى- قطاع الشركات Business –to- Business Electronic Commerce وتسمى اختصاراً (B-to-B) أو (B2B) والبعض يسميها (قطاع الأعمال –الى- قطاع الاعمال) وكثيرة هي التطبيقات والفعاليات التجارية الإلكترونية التي تنضوي تحت هذه التسمية، فكانت هناك تطبيقات الكترونية لهذا النمط من التجارة يمكن تسميتها بـ (أسواق الجملة الالكترونية)، فمنذ أن عرفت البشرية التجارة،
والناس بين بائع ومشتري يتبادلون المواقع، وإن اختلفت المعايير، في الكم، والنوع، والكيف، وكل واحد منا يعرف أن هناك سوق جملة في مدينته وإن اختلفت تسمياته حتى داخل الدولة الواحدة، الا أن أسواق الجملة من مشارق الارض الى مغاربها، تجمع بينها عوامل مشتركة كبيرة لعل اهمها:
- قلة عدد المحلات فيها، بالمقارنة مع أسواق المستهلكين (البيع بالمفرد).
- روادها قليلون، ومعظمهم تجار أصلاً.
- تتميز صفقاتها بالمبالغ الكبيرة التي تتجاوز عادة حد النفقات الاعتيادية.
- الزبون فيها يعرف تماماً ما الذي يبحث عنه، ولديه مواصفات محددة لما يود شراءه.
هذا الواقع نفسه يمكن تخيله في أسواق الجملة الإلكترونية والتي أُصطلح على تسميتها أسواق (B2B) دلالة على المبادلات التجارية التي فيها عادة، والتي تقتصر على الشركات فيما بينها، لذلك نجد قليلاً هذا النوع من المواقع من على شبكة الإنترنت إذا ما تمت مقارنته مع مواقع التجارة الإلكترونية الباقية، الموجهة مثلاً للمستهلكين والتي يكون طرفيها تاجر ومستهلك وذلك لكون المواقع أعلاه لا يرتادها سوى التجار، فهي تظهر تماماً كسوق الجملة التقليدي الذي عرفته البشرية منذ نعومة اظفارها.
وتشمل أمثلة هذا النمط من التجارة، المتاجرة عبر شبكة الأنترنت بصورة مباشرة في السلع المختلفة مثل الصلب، والبلاستيك، والكيمياويات، ونطاق الترددات المستخدمة في إرسال المعلومات عبر الشبكة (تبادل المعلومات والبيانات)، كما تشمل ايضاً التحالفات بين شركات صناعة السيارات وصناعات الطيران والفضاء، وحتى شركات البيع بالتجزئة (المفرد).
ثانياً: التجارة الإلكترونية قطاع الشركات –الى- قطاع المستهلكين Business-to-consumer وتسمى اختصاراً (B-to-C) او (B2C)، او كما يسميها البعض نمط التجارة الإلكترونية بين التاجر (شركة او مؤسسة) والمستهلك، وتعني بيع السلع والخدمات من الشركات الى المستهلك او تعاملاتها التجارية من خلال بيع التجزئة الإلكترونية (البيع بالمفرد) للمستهلك حيث يطلق عليها البعض تسمية التسوق الالكتروني (Electronic Shopping)، او تجارة التجزئة الإلكترونية (Electronic retailing) لتمييزه عن التجارة بين قطاع الشركات وبعضه البعض
وقد انتقلت ظاهرة الأسواق التقليدية من المجتمع الاعتيادي الى شبكة الأنترنت، حيث تم انشاء أعداد كبيرة من المواقع التسويقية على الشبكة لتكون بمثابة سوق افتراضية (Virtual market) واسعة تبيع بالتجزئة تشكيلة واسعة من السلع والخدمات للمستهلكين قد تتراوح ما بين الملابس والأجهزة الإلكترونية والأفلام والاقراص المدمجة والكثير من الخدمات المختلفة التي تخدم المستهلكين بشكل او بأخر، وبما أنّ المستهلكين هم أكثر الرواد الذين يرتادون شبكة الأنترنت
لذا فان هذا النوع من الأسواق قد انتشر بشكل كبير، فمن الممكن القول بأن التجار الأكثر ربحاً في هذا النوع هم التجار الذين لازالوا في عملهم الذي يخاطب المستهلكين بصورة كاملة ويهتمون بكيفية الوصول الى تحقيق نسب جيده من العوائد من خلال استخدام خبراتهم في التجارة التقليدية وتوظيفها في هذا النمط الجديد من التجارة.
ثالثاً: التجارة الإلكترونية من قطاع الشركات –الى- قطاع الحكومة Business-to-Government وتسمى اختصاراً (B-to-G) او (B2G) ويشمل هذا النمط من التجارة جميع التعاملات التي تخص الشركات ومدى تعلقها بالأجهزة الحكومية، كما ينضوي تحت هذا النمط من التجارة، المشتريات الحكومية الإلكترونية من السلع المختلفة من الشركات فضلاً عن الأعمال والتعاقدات التي تخص أعمال الحكومة حيث يتم عن طريق هذا النمط من التجارة طرح المناقصات الخاصة بالأعمال الحكومية المختلفة للمشاركة بها من قبل الشركات.
رابعاً: التجارة الإلكترونية من قطاع الحكومة-الى- قطاع الحكومة Government-to-Government وتسمى اختصاراً (G-to-G) او (G2G) حيث تشمل التعاملات التجارية الإلكترونية، تبادل المعلومات والتنسيق بين الأجهزة الحكومية. ولكنها يمكن أن تشمل اعمالاً ذات طابع تجاري كأن تؤجر هيأة الاوقاف اراضي معينة لهيئات حكومية او تؤجر بنايات الى دوائر حكومية وهكذا.
خامساً: التجارة الإلكترونية من قطاع الحكومة –الى- قطاع الشركات Government –to-Business وتسمى اختصاراً (G-to-B) او (G2B) وفي هذا النمط من التجارة الإلكترونية حيث تستخدم الحكومة شبكة الانترنت في تبادل المعلومات مع الشركات، ومنها المعلومات الخاصة بالضرائب التجارية والضرائب الجمركية وما الى ذلك من معلومات، كما تشمل الخدمات التي تقدمها الأجهزة الحكومية للشركات سواء في مواقعها الإلكترونية او في مواقعها التقليدية في العالم الواقعي وليس الافتراضي.
سادساً: التجارة الإلكترونية من قطاع الحكومة –الى- قطاع الأفراد المستهلكين Government-to-Consumer وتسمى اختصاراً (G-to-C) او (G2C) وفي هذا النمط من التجارة يتم تبادل المعلومات بين الأجهزة الحكومية وبين المستهلكين، وكذلك يشمل هذا النمط الخدمات التي تقدمها الأجهزة الحكومية للمواطنين كالخدمات التعليمية او الثقافية والطبية او لتزويد الباحثين المتخصصين بفرع علمي معين بالإحصاءات والبيانات، وكذلك يشمل هذا النمط إعلانات الأجهزة الحكومية عن الوظائف الشاغرة لديها.
سابعاً: التجارة الإلكترونية من قطاع المستهلكين –الى- قطاع المستهلكين Consumer-to-Consumer وتسمى اختصاراً (C-to-C) او (C2C) ويستخدم هذا النمط عندما يبيع مستهلك الى مستهلك آخر سلعة ما بصورة مباشرة ومن الأمثلة على ذلك عندما يقوم مستهلك ما بالإعلان عن وجود سلعة معينة يمتلكها (كأن تكون تحفه فنية) ويرغب في بيعها من على موقعه على شبكة الانترنت، ومثل آخر قامت به شركة أميركية من على موقعها على الشبكة وهي (eBay.com) حيث يمكن للمستهلكين من خلال هذا الموقع تبادل وبيع السلع والخدمات المختلفة المتوافرة لديهم بصورة مباشرة دون الحاجة الى تدخل وسيط تجاري بينهما.
ثامناً: التجارة الإلكترونية من شخص مستقل –الى- شخص مستقل Peer-to-Peer وتسمى اختصاراً (P-to-P) او (P2P) والبعض يطلق عليها التجارة الإلكترونية من (النظير –الى- النظير) وهذا النمط يمكن مستخدمي الشبكة ان يتشاركون في ملفات الكترونية معينة على الحاسوب بشكل مباشر بدون الالتجاء الى برامج البحث في شبكة الأنترنت
فمثلاً شخص لديه ملف أو برنامج الكتروني معين سبق وأن اشتراه يقوم ببيعه الى شخص آخر واحتمال أنْ يكون بسعر أقل من الشركة الأصلية الصانعة لهذا الملف او البرنامج وبالطبع دون ترخيص منها، وغالباً ما يتم ذلك في حالة الملفات الموسيقية وبشكل مباشر بدون أي تدخل او تحويل من طرف ثالث كوسيط الكتروني
وقد سعى بعض المستثمرين المغامرين الى انشاء مواقع على شبكة الأنترنت تعمل على تسهيل عملية المشاركة والاتصال بين اطراف هذا النمط من التجارة الإلكترونية ومساعدتهم في البحث عن ملفات موسيقية عرفت بملفات (MP3) مثل موقع (Napster.com) الذي قد أسس لكي يساعد مستخدمي الشبكة في المشاركة والبحث في الشبكة عن ملفات موسيقية.
تاسعاً: التجارة المتنقلة Mobile Commerce وتسمى اختصاراً (M-Commerce)، والتجارة المتنقلة احد أنماط التجارة الإلكترونية الأكثر حداثة لما تتضمنه من استخدام لأجهزة تكاد يكون تطورها فصلياً ان لم يكن أقل من ذلك، والتجارة المتنقلة تشير الى إستخدام أجهزة الاتصال اللاسلكي الحديثة والتي تحتوي على ذاكرة كبيرة وشاشة رقمية كأحد الادوات الرقمية التي تمكننا من عقد الصفقات من على شبكة الانترنت وقد عرفت التجارة المتنقلة بأنها (بيع وشراء السلع والخدمات باستخدام ادوات لاسلكية محمولة باليد مثل الهواتف المتنقلة او أجهزة مساعدات البيانات الشخصية (PDAs) (Personal data assistants)
لكن جوهرياً يتم استخدام شبكات الاتصال اللاسلكية لتوصيل الهواتف النقالة وادوات الاتصال المحمولة باليد الى شبكة الأنترنت، منذ عام 1998 حدث نمو كبير في عدد المستخدمين للهواتف النقالة حول العالم يكاد يتجاوز معدل النمو في استخدام الخطوط الهاتفية الثابتة، حيث توسع من (50 مليون مستخدم) في عام 1998 الى ما يقارب (1 بليون مستخدم) في عام 2002.
وهذا ما زاد بالتالي من اهتمام المستثمرين بأنشاء مواقع تجارية الكترونية يمكنها التواصل مع الهواتف النقالة مثل موقع (Amazon.com) الذي جعل موقعه موصول بأدوات الهاتف المتنقل اللاسلكية، لذا فالمحللون يتوقعون أن يكون هناك اهتمام انفجاري بالتجارة المتنقلة.
وأخيراً تشير الادبيات المتعلقة بالتجارة الإلكترونية بأنه كي يكون للمهتمين بها وقع ومكانه مؤثرة في عالم هذه التجارة سواء على مستوى الدول او الشركات التجارية وعلى وجه الخصوص الدول العربية عليهم ان يأخذوا بنظر الاعتبار مسألة مهمة، هو لكي نتمكن من ابداء دور ومشاركة فاعله في عالم التجارة الإلكترونية وقبل ان نسرع باتجاه تطبيق هذه التجارة علينا أن نأخذ بنظر الاعتبار السعي اولاً لاستيعاب متطلبات هذه التجارة ومن ثم الالمام بالشروط اللازمة لنجاح عملها على مستوى الدولة وكذلك اتخاذ الاجراءات المناسبة التي يتعين على الجهات المسؤولة إتخاذها للمساهمة في التشجيع على دخول غمارها إن كان على مستوى الشركات او الافراد
ولذا يجب ان نعمل على توفير متطلبات قيام تجارة الكترونية ناجحة وهي وجود البنية التحتية الصلبة القادرة على تلبية المقتضيات التقنية المطلوبة ومن ثم نعمل على توفير الشروط التي نراها لازمة لنجاح عمل التجارة الإلكترونية على مستوى الدول العربية.