يعتبر التسويق السياحي من أهم أدوات التنمية السياحية المعاصرة، وكذلك من أهم مظاهر التنمية الاقتصادية المستدامة. لذا سنتحدث في مقالتنا هذه عن التسويق السياحي وعلاقته بالتنمية المستدامة. أصبحت السياحة من أهم الظواهر الاقتصادية والاجتماعية التي تحتل موقعًا مهمًا في اقتصاديات العديد من الدول المتقدمة والنامية. نظرًا لمساهمتها الفعالة في الدخل القومي وفي مستوى الاستثمارات الوطنية والدولية في المناطق السياحية. كما لها العديد من الآثار على المستويين الجزئي والكلي.
بدأ الاهتمام والتركيز على مبدأ الاستدامة في السياحة منذ ثمانينيات القرن العشرين. حيث لم يعد يقتصر المفهوم الجديد للسياحة المستدامة على المنظور الاقتصادي فحسب. بل أصبحت هناك استجابة لمقتضيات التنمية المستدامة بخصوص انعكاسات النشاط السياحي على البيئة الطبيعية والبشرية. بما تضمنه من حماية للبيئة الاجتماعية والثقافية ورعاية حقوق الأجيال المقبلة، ومن خلال نمو قطاع السياحة واستدامته وزيادة منافعه الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
كما تعتبر قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية هي أعمدة التنمية المستدامة، ويعتمد المستقبل على مدى قدرة البشرية على إحداث التوازن بين هذه العناصر الثلاثة. نظرًا لأهمية السياحة في الاقتصاد العالمي والقومي، فإن السياحة تصبح قطاعًا اقتصاديًا رائدًا للتنمية المستدامة.
مفهوم التنمية السياحية المستدامة
يعتبر قطاع السياحة من أهم القطاعات الاقتصادية المساهمة في تحقيق التنمية الشاملة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. لذلك أصبحت الأنشطة السياحية محل دراسة واهتمام القائمين على القطاع السياحي بهدف جعل الأنشطة السياحية قائمة على فكرة الاستدامة.
من هنا ظهر مفهوم التنمية السياحية المستدامة التي يعرفها البعض بأنها تنمية يبدأ تنفيذها بعد دراسة علمية كاملة ومخططة داخل إطار التخطيط المتكامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية داخل الدولة ككل، أو داخل أي إقليم من الدولة تتجمع فيه مقومات التنمية السياحية من عناصر جذب طبيعية وحضارية أو أيهما، كما يعرفها البعض الآخر بأنها التنمية التي تلبي احتياجات السياح والمجتمعات المضيفة الحالية وضمان استفادة الأجيال المستقبلية، كما أنها قائمة على إدارة الموارد بأسلوب يحقق الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والجمالية مع الإبقاء على الوحدة الثقافية واستمرارية العمليات الإيكولوجية والتنوع البيولوجي ومقومات الحياة الأساسية، ومن هنا يتضح لنا أن التنمية السياحية المستدامة تقوم على تلبية مختلف الاحتياجات المادية والمعنوية للسائحين، واحتياجات الأجيال المحلية الحالية والمستقبلية من خلال الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة لتعظيم المنافع الاقتصادية والاجتماعية للقطاع السياحي مع المحافظة على البيئة.
أهمية التنمية السياحية المستدامة
تعتبر التنمية السياحية المتوازنة والمستدامة من أحدث المفاهيم السياحية. حيث تشمل مختلف البرامج التي تهدف إلى تحقيق التوسع المستمر المتوازن في الموارد السياحية، وزيادة الجودة وترشيد الإنتاجية في مختلف الخدمات السياحية، سواء كان ذلك بالنسبة للسياحة الدولية أو الداخلية.
التنمية السياحية هي عمليات موجهة لاستحداث تحولات هيكلية في بناء وتركيب المنتجعات السياحية التي تقدمها أي منطقة جغرافية. وذلك عن طريق الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية لهذه المنطقة. بما يتفق مع طلب واحتياجات الحركة السياحية. وذلك بهدف تكوين قاعدة اقتصادية فعالة يتحقق بموجبها تزايد نمو الحركة السياحية إلى المنطقة، وبالتالي زيادة في الدخل الحقيقي الناتج عن النشاط السياحي. وتعد التنمية السياحية أحد أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة لما لها من قدرة على تحسين ميزان المدفوعات وتوفير فرص عمل وخلق فرص مدرّة للدخل، فضلًا عن المساهمة في تحسين أسلوب ونمط الحياة الاجتماعية والثقافية لعموم أفراد المجتمع. كما دفع الاهتمام المتزايد بالسياحة إلى تعاظم دورها في التنمية من حيث تشجيع الاستثمار في إنشاء المشاريع السياحية، ومشاريع البنى التحتية، خاصة في ظل مفهوم الاستدامة.
دور التسويق السياحي في التنمية الاقتصادية المستدامة
تعد السياحة أحد القطاعات الأكثر أهميةً وديناميكيةً عبر العالم. فهي صناعة تصديرية لها دور فعال في تحقيق التنمية المجتمعية. كما تمثل التنمية السياحية مختلف البرامج التي تهدف إلى تحقيق الزيادة المستقرة والمتوازنة في الموارد السياحية، وتعميق وترشيد الإنتاجية في القطاع السياحي. وهي تمثل بالتالي هدفًا تسعى إليه المؤسسات الخدمية السياحية. ولا يتحقق إلا بالاهتمام الكبير بالتسويق السياحي الذي يعتبر محركًا للسياحة وعاملًا مهمًا في تحقيق تنميتها. نظرًا لما يقوم به من دور في التعريف والترويج للمنتج السياحي، وإقناع العملاء بزيادة طلبهم على المنتجات السياحية.
خصائص التنمية المستدامة
- تنمية طويلة المدى والتخطيط لأطول فترة زمنية مستقبلية.
- تنمية تراعي حق الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية للمجال الحيوي لكوكب الأرض.
- تلبي الحاجيات الأساسية للفرد وفي المقام الأول (الغذاء، المسكن، الملبس، التعليم، الخدمات الصحية والرياضية)، وكل ما يتصل بتحسين نوعية حياتهم المادية والاجتماعية.
- الحفاظ على المحيط الحيوي في البيئة الطبيعية بعناصره ومركباته الأساسية (الهواء، الماء، التربة، الموارد الطبيعية، مصادر الطاقة، العمليات الحيوية).
- تنمية متكاملة تقوم على التنسيق بين سياسات استخدام الموارد واتجاهات الاستثمار والاختبار التكنولوجي مما يجعلها تعمل بانسجام داخل المنظومة البيئية، بما يحافظ عليها ويحقق التنمية المتواصلة المنشودة.
مبادئ التنمية السياحية المستدامة
تقوم التنمية السياحية المستدامة على مجموعة من المبادئ يمكن ايجاز أهمها في النقاط الآتية:
- المحافظة على مستوى إنتاجية الموارد السياحية لضمان استمرارية عوامل جذب السياح من خلال الإبهار والمتعة.
- الحفاظ على التنوع البيئي لضمان استفادة الأجيال الحالية، والمستقبلية من الموارد السياحية. وذلك تطبيقًا لمبدأ الاستدامة القائم على تجنيب الطبيعة السياحية أي عوامل من شأنها تقليل إنتاجيتها مستقبلًا.
- إيجاد صيغ توفيقية بين ثقافة المجتمع المحلي المضيف والسياح لتنمية، وتدعيم الثقافة المحلية، وضمان استمراريتها ونقلها للسياح.
- اشراك المجتمع المحلي في عملية التنمية السياحية المستدامة من خلال إسهامهم في إكساب المناطق السياحية الخصائص الكفيلة بجذب السياح والمستثمرين معًا.
وأخيرا، نستنتج من بحثنا عن التسويق السياحي وعلاقته بالتنمية المستدامة. أن السياحة تمثل قطاعًا متسارع النمو ومصدرًا مهمًا للدخل وخلق مناصب جديدةً للعمل لمختلف فئات المجتمع، ونظرًا لتداخل هذا القطاع واحتياجاته مع مختلف القطاعات الاقتصادية، ساهم في تحقيق التنمية المستدامة. مع العلم أن تحقيق ذلك مرتبط بالترويج للمنتجات السياحية المتوفرة وتكييفها مع حاجات ورغبات السائحين وتوفيرها بأسعار مناسبة وتنافسية.