السياحة صناعة المستقبل، لذا سنتكلم في مقالتنا هذه عن التسويق السياحي وأثره على النمو الاقتصادي. فمجال السياحة من المجالات الاقتصادية المهمة لأي دولة من الدول ومصدرًا من مصادر الدخل الكبيرة المتواصلة لها، فلا يمكن لأي دولة أن تستغني عن المجال السياحي. لم تعد السياحة اليوم مجرد نشاطٍ ترفيهي للإنسان ينحصر بين المأكل والمشرب والتنزه فقط، بل أصبحت تعتبر عملاق القرن الواحد والعشرون واحتلت مكانًا متميزًا بالنسبة لمعظم دول العالم، وذلك للأهمية الاقتصادية التي تحققها لهذه الدول.

حيث نجحت السياحة في إصلاح اقتصاديات العديد من الدول. على سبيل المثال، اسبانيا والصين ومما لاشك فيه أن السياحة أصبحت من أكبر الصناعات في العالم. فهي تلعب دورًا مهمًا في عملية التنمية الاقتصادية، إذ يعتبر التسويق السياحي اليوم من أهم الخطوات التي تقوم عليها صناعة السياحة، خاصةً في ظل المنافسة التي تعرفها السياحة على المستوى العالمي، فالتسويق السياحي هو عملية تهدف إلى دراسة السوق السياحي ومتطلباته، ومحاولة تقديم منتج يحظى برضا السياح، باستعمال ما يتوفر عليه البلد من إمكانيات سياحية طبيعية وصناعية.

مفهوم التسويق السياحي وأهميته

يعتبر التسويق من أهم مجالات علم الإدارة الذي أصبح له مكانةً هامةً في جميع المؤسسات مهما كانت طبيعة نشاطها. فنظرًا لأهمية النشاط التسويقي في جميع الميادين أصبح من الضروري الاستفادة من الدراسات التسويقية، وإسقاطها في مجال العمل السياحي، خاصةً بعد تطور صناعة السياحة على المستوى العالمي وتعدد أنواعها. لا يختلف التسويق السياحي عن التسويق في مفهومه العام. ويجب أن يلم صانع السياحة بالمفاهيم الأساسية للتسويق وصياغتها بشكل يخدم مجاله بكل فاعلية واحترافية.

كما يُعرّف التسويق السياحي بصفة عامة بأنه ذلك النشاط الإداري الفني الذي تقوم به الشّركات السياحية داخل وخارج الدّولة لتحديد أسواقها السّياحية المُرتقبة والتّعرف عليها، والتأثير فيها، بهدف تنمية الحركة السّياحية وتحقيق أكبر قدر من الإيرادات السّياحية. ويُستمد التّسويق السّياحي أهميته من الأهميّة المُتزايدة لقطاع السّياحة والتي أصبحت تُمثّل أهم روافد الدخل الوطني.

مميزات التسويق السياحي

  • يعمل التسويق السياحي على تحسين الاقتصاد بجلب المال، لاسيما في البلدان النامية. حيث من الممكن أن يشكل الدخل الناتج نسبة كبيرة من الدخل الوطني.
  • يهتم التسويق السياحي بعملية تبادل المنتج السياحي بين الهيئات السياحية والمنظمات، سواء خارج الدولة أو داخلها بشكل يحقق المنفعة للطرفين.
  • يعمل التسويق السياحي على توفير عدد كبير من الوظائف. حيث تحتاج جميع المطاعم والفنادق والمحلات التجارية إلى موظفين، ومن الممكن أن توفر للسياحة فرصًا للعاطلين عن العمل.
  • يعزز التسويق السياحي الاتصالات الدولية والتي يمكن أن تجلب مزيدًا من التعاون الثقافي والتجاري على المدى الطويل.
  • يعزز أيضًا الوعي بين الثقافات لكل من السكان المحليين للبلد والسياح، ويبني جسورًا من التفاهم بين الثقافات.
  • يمنح التسويق السياحي البلد فرصةً كبيرةً لإظهار نفسها ورفع مكانتها في العالم.

علاقة النشاط السياحي بالنمو الاقتصادي

يمكن أن تساهم السياحة الدولية في زيادة الدخل على الأقل بطريقتين مختلفتين اعتمادًا على فرضية قيادة الصادرات للنمو. وذلك وفق التالي:

  •  رفع مستوى الكفاءة من خلال المنافسة ما بين المشروعات المحلية والدولية للسياحة.
  • تساعد السياحة الدولية في تسهيل عملية استغلال اقتصاديات الحجم (الاستراتيجية المتبعة لخفض التكاليف من خلال زيادة حجم الإنتاج )

أما بالنسبة للمشروعات المحلية، فتقدر مساهمة السياحة على مستوى العالم في النشاط السياحي العالمي بحوالي 5%، بينما تقدر مساهمتها بالنسبة للتوظيف بـ 6-7% من إجمالي الوظائف المباشرة وغير المباشرة في العالم، واستنادًا إلى تقرير منظمة التجارة العالمية للفترة بين 1970-2009 فقط. تضاعفت عائدات السياحة العالمية 48 مرة من 17.9 بليون دولار أمريكي في سنة 1970م إلى 852 بليون دولار أمريكي في سنة 2009م.

الأهمية الاقتصادية للسياحة

لم تعد صناعة السياحة كما كانت منذ سنوات، بل تشعبت فروعها وتداخلت وأصبحت تدخل في معظم مجالات الحياة اليومية، إذ لم تعد السياحة ذلك الشخص الذي يحمل حقيبةً صغيرةً ويسافر إلى بلد ما ليقضي عدة ليال في أحد الفنادق ويتجول بين معالم البلد الأثرية، حيث تغير الحال وتبدل وتخطت السياحة تلك الحدود الضيقة لتدخل بقوة إلى كل مكان.

هذا التنوع هو نتاج تطور صناعة السياحة ونتاج زحفها إلى مقدمة القطاعات الاقتصادية في العالم. حيث تمكنت السياحة من تجاوز كل الأزمات وأثبتت التجارب أنها صناعة لا تنضب ولا تندثر، بل تنمو عامًا بعد عام رغم كل الأحداث المؤسفة التي تمر بها، فالسياحة هي صناعة مرتبطة بالرغبة الإنسانية في المعرفة وتخطي الحدود، بل فإن البعض توقع منذ سنوات أن تقل حركة السياحة مع تطور الإعلام وظهور شبكة الإنترنت التي تعج بالمعلومات والصور والبيانات، ولكن أثبتت السنوات أن السياحة ستظل أكثر الصناعات نموًا وأكثرها رسوخًا، ورغم دخول دول كثيرة في الفترة الأخيرة إلى سوق السفر والسياحة إلا أن السوق يستطيع استيعاب العالم كله، فهي صناعة العالم من العالم وإلى العالم بل، والأكثر تطورًا وتفهمًا وتفتحًا هو الذي يستطيع أن يأخذ منها قدر ما يريد.

عوامل التنمية المستدامة للسياحة

من أهم الحلول والعوامل لتنمية السياحة المستدامة، التعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي تتمثل في الاستثمار  والبنية التحتية، حيث توضح المؤشرات أنه سيكون هناك 1.8 مليار سائح في العالم بحلول عام 2030، وهذا يعني نموًا بنسبة 4% تقريبًا، ويجب أن يقابل هذا النمو يجب نموًا مستدامًا وفعالًا في البنى التحتية، إضافةً إلى تنمية الموارد البشرية، ولهذا الأمر أهمية بالغة وخصوصًا العمل على توفير فرص عمل للشباب والنساء، وردم الهوة بين التعليم ومتطلبات سوق العمل.

أهمية التسويق الالكتروني على مستوى قطاع السياحة

أصبح الاهتمام بالتسويق الإلكتروني في أي مجال أمرًا مفروغًا منه وحتمي. باعتباره من أهم الطرق التي يجب الاعتماد عليها للترويج لمنتج ما أو لتحقيق الأهداف التي وضعها للتسويق لذلك المنتج.
حيث يؤثر التسويق الإلكتروني بشكل كبير على مجال السياحة. على سبيل المثال، يوفر جزءً كبيرًا من التكلفة التي يمكن وضعها في الطرق التقليدية للترويج للمنتج أو الخدمة السياحية. وهو يمثل أيضًا الأعمال الترويجية لجذب السياح لمنطقة، أو منشأة، أو منتج سياحي. كما يشمل الترويج السياحي العديد من النقاط. على سبيل المثال:

  •  تحقيق الأهداف التسويقية للمنشأة السياحية.
  • استخدام الأدوات التسويقية المختلفة.
  • وضع خطة واستراتيجية تسويقية ناجحة.

ومن أكثر الطرق فاعليةً هي استخدام منهج علمي وتحليلي مع توفير المعلومات الكافية والوصول إلى خطوات يمكن اتباعها في القطاع السياحي. حيث يعتمد عليها الكثير من الشركات والمنشآت السياحية للقيام بالدعاية والإعلان عن طريق منتجاتهم أو خدماتهم عبر الإنترنت من خلال الاعتماد على عدة أساليب وطرق تسويقية.

وأخيرًا، بعد أن تحدثنا عن التسويق السياحي وأثره على النمو الاقتصادي، وبالنظر للتوجه الحتمي للاقتصاديات العالمية نحو الاقتصاد الخدمي، نستنتج أن السياحة صناعة اقتصادية متكاملة، وهي صناعة المستقبل.