تعد صناعة الحرير من دودة القز مشروعًا تجاريًا رائدًا لاستخراج الحرير، واستخدامه فيما بعد في صناعة الملابس، وصناعة مواد التجميل المفيدة للبشرة والجلد. واندلعت فكرة هذا المشروع التجاري منذ العصور القديمة، وكانت أولها في طريق شيان الصيني. الذي يعرف باسم طريق الحرير العظيم، والذي كان مركزًا لإنتاج الحرير وتوريده إلى البلدان الأخرى. فكيف تستطيع تلك الدودة الصغيرة تصنيع الحرير؟ هذا ما سوف نتعرف عليه من خلال مقالنا التالي.
مراحل إنتاج الحرير من دودة القز
تصنع دودة القز الحرير، وكأنها آلةٌ تتولى جميع المهام لإنتاج هذا المنتج الجذاب من نوعه. حيث يمر إنتاج الحرير بعدة مراحل، تتجلى فيما يلي:
- تتكون الشرنقة الحريرية حول الدودة حيث يبلغ طولها حوالي 6-7 سم.
- بعدها تحيك الدودة الحرير حولها بشكلٍ منتظم ابتداءً من الرأس باتجاه الأسفل على شكل رقم 8.
- تتكرر الحياكة بعدد كبير من المرات حوالي 200000 مرة حتى يصبح طول الحرير حولها ما يقارب 1000م.
- تصبح الشرنقة جاهزة بعد حوالي يومين، وتبقى اليرقة فيها عدة أسابيع قبل أن تتحول إلى فراشة.
- تُقتل اليرقات بوضعها في الماء المغلي لإزالة الطبقة الواقية حتى لا تخرج الفراشات من الشرنقة، وتفسد الخيوط الحريرية.
تاريخ صناعة الحرير من دودة القز
في العصور القديمة قبل حوالي 5000 عام كانت الصين هي الوحيدة التي تمتلك دودة الحرير. وتنتج الحرير الطبعي، حيث كانت تحتكر الفكرة لنفسها لتبقى مسيطرة على السوق العالمي للحرير. لما له دورٌ كبير في التجارة العالمية، واستمر ذلك حتى القرن الثالث الميلادي، حيث هُرّبت ديدان القز وبذور شجر التوت إلى مناطق أخرى لتربيتها.
استخدامات الحرير الناتج من دودة القز
الحرير الذي تنتجه دودة القز له استخدامات عديدة، نظرًا لخصائصه الطبية والتجميلية، ومن هذه الاستخدامات نذكر ما يلي:
- صناعة الملابس وخاصةً الملابس النسائية الفاخرة باهظةُ الثمن، بسبب تميزه بالنعومة الفائقة، والمناسبة للجسم على عكس الأنواع الثانية من الملابس التي تعتمد على القطن مثلًا التي تسبب حساسية الجلد.
- تصنيع إطارات السيارات والهواتف الذكية، بالإضافة إلى الأقمشة والستائر التي يصعب على الحشرات اختراقها بسبب متانة الحرير.
- صناعة خيوط تضميد الجراح، لأنه صديق للجلد، ولا يسبب الحساسية، ويعد مناسبًا للجروح.
- صناعة مواد التجميل، مثل كريمات البشرة والشعر، لما له من فوائد لنعومة البشرة وتقوية الشعر.
أشهر البلدان التي تنتج الحرير
بعد فشل الصين في المحافظة على دودة القز، انتشرت صناعة الحرير في العديد من البلدان الأسيوية، ومنها:
- شمال شرق الهند، حيث تنتج ثلاثة أنواع من الحرير الخام (حرير موغا، والحرير الذهبي، وإيري)، وجمعيها تنتج من موطنها الأصلي ولاية أسام.
- دولة الهند، يعرف الحرير في شرقي الهند باسم “ريشام” وفي جنوبها “باتو”.
- بنغلاديش التي تنتج ثلاث أصناف من الحرير الطبيعي (التوت، والندى، والتسار)، حيث كان الحرير البنغالي عنصرًا هامًا في التجارة الدولية.
- الشرق الأوسط، حيث تنتشر صناعة الحرير في تونس، ومصر، والأردن، بسبب الطبيعة الخضراء وتوفر أشجار التوت التي تتغذى على أوراقها دودة القز لتنتج أجود أنواع الحرير في العالم.
- أوروبا الوسطى، في العصر الحديث أصبحت إيطاليا أهم بلد في إنتاج الحرير، وبعدها انتقلت إلى دول فرنسا وإسبانيا، ومن بعدهم إنجلترا، ولكن مشروعها باء بالفشل بسبب طبيعة الأرض غير المناسبة للديدان.
نصائح لمشروع ناجح في إنتاج الحرير
عند البدء بفكرة افتتاح مشروع لتربية دودة القز لإنتاج الحرير الطبيعي. يجب اتباع عدة قواعد مهمة جدًا حتى لا يتعرض المشروع للفشل وخسارة الأموال:
- يجب توفر أشجار التوت بكثرة، حيث أن دودة القز تعتمد في غذائها على أوراق التوت. وإذا لم يتوفر فأشجار البرتقال مناسبة، ولكن ستكون جودة الخيوط الحريرية أقل نوعًا ما.
- تربية الديدان في غرف ذات تهوية جيدة بحيث توفر البيئة المناسبة. وتكون محكمة الإغلاق حتى لا تتسرب إليها الحشرات المعادية.
- التعقيم الدوري بالمحاليل الطبية، وخاصة تعقيم الحاضنات التي توضع فيها الحشرات حتى لا تتعرض للأمراض.
- الاستعانة بخبراء في تربية الدودة حتى يتم المشروع على أكمل وجه، فحتمًا الخبراء يعلمون ما يجب القيام به في كل مرحلة من مراحل دورة حياة دودة القز.
وفي الختام، نلاحظ أن جميع أنحاء العالم تحتاج إلى الحرير الطبيعي، لذلك تتزايد الحاجة إلى مثل هذه المشاريع يومًا بعد يوم، لتغطية كل استخدامات الحرير المتنوعة. ونظرًا لهذا الأمر لا بد من الاهتمام وتربية دودة القز ضمن مشاريع جدية وحقيقية في سبيل تحقيق هذا الهدف.