هل سمعت بتربية دودة القز في الصين؟ أو بالحرير الصيني؟ لطالما ارتبط اسم طريق الحرير بالصين، كيف ولا وهي المنشأ والأصل وأكبر منتج له، والتي منها انتشر إلى جميع أنحاء العالم. ويعد الحرير الصيني العنصر الأول والعنصر الفخري لتصدير السلالات الإمبراطورية الصينية لعدة قرون، ولا تزال عنصرًا جاذبًا أينما ذهبت، أي بعبارة أخرى لتربية دودة القز مع الصين حكاية طويلة. لذلك سنسلط الضوء على هذه العلاقة من خلال مقالنا التالي.

تاريخ تربية دودة القز في الصين

قبل الحديث عن دودة القز يجب أن نعرف أن لتربية دودة القز أو دودة الحرير كما تشتهر في العالم تاريخ عريق ضارب في جذور الماضي. مع العلم انطلقت بداية اكتشاف إنتاج الحرير على يد بي موري (b.mori). لتكون من المشاريع ذات الربح الاقتصادي المميز. حيث حققت تجارة الحرير الداخلة في التبادل التجاري مع بلاد فارس والشام، ومن ثم إلى الإمبراطورية الرومانية وباقي الدول الغربية. مما جعل لها مكانة عظيمة عند الأسرة الحاكمة في الصين.

فحافظت هذه الممالك والسلالات الإمبراطورية المختلفة في الصين على أساليب سرية خاصة بإنتاج الحرير، لمدة تزيد عن الألف عام. كما صدرت أوامر تتجلى بقتل أي شخص يهرب بيض دودة القز أو شرانق أو حتى بذور التوت. ومن الجدير بالذكر كان الأباطرة والملوك يلبسون الملابس الحريرية، باعتبار ذلك من رموز المكانة الرفيعة، كما منعوا عامة الناس من استخدام الحرير. ولذلك بقيت زراعة ديدان القز وإنتاج الحرير محصورة في الصين. واستمر ذلك حتى القرن الثاني الميلادي حيث بدأت بالانتشار إلى شبه الجزيرة الهندية، وإلى بعض مناطق جنوب آسيا، وكذلك اليابان.

الصين والحرير في الوقت الحاضر

تعد الصين حاليًا المنتج الأول للحرير في العالم، حيث تنتج حوالي 150 ألف طن متري سنويًا. وهذا أكثر بكثير من بقية دول العالم مجتمعة، باعتبارها تنتج 78٪ من الحرير في العالم. وينتج الحرير بشكل رئيسي في جنوب دلتا نهر اليانغتسي. كما يوجد العديد من المناط الصينية المشهورة بتربية دودة القز وإنتاج الحرير مثل: مقاطعات جيانغسو، وتشجيانغ، وسيتشوان. في حين تشتهر مدن مثل Suzhou، وHangzhou، وNanjing، وShaoxing بصناعاتها الحريرية.

التطوير والتحديث في تربية ديدان القز في الصين

لطالما كانت تربية دودة القز أحد أهم الأسس الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الصيني، كما أنها صناعة مميزة في مقاطعة تشجيانغ، لكنها كانت في اتجاه تنازلي في السنوات الأخيرة. مما اضطر المزارعون على ابتكار أساليب جديدة لتحسين الإنتاج.

حيث اعتمدوا في تغذية الديدان على أعلاف صناعية مصنوعة من مكونات مثل فول الصويا، ومسحوق الذرة، ونشا البطاطا الحلوة، ومركب الفيتامينات، كبديل عن أوراق التوت. مما ساعد على تحسين كفاءة تربية دودة القز لأنه خالٍ من حدود المواسم والمناخ.

ولكن في الآونة الأخيرة، أدى اختراع التقنيات الفعالة لإنتاج القماش القطني، ثم اختراع البوليمرات الاصطناعية مثل النايلون والبوليستر إلى تقليل الطلب على الحرير بشكل كبير.

معلومات عن دودة القز

لعل أبرز المعلومات عن دودة القز أنها واحدة من أهم الحشرات النافعة على سطح المعمورة. حيث من الشائع عنها بأنها المصدر الأول والطبيعي لإنتاج أجود وأغلى أنواع الحرير. حيث أنها تصنع شرنقة حول نفسها من خيوط الحرير الطبيعي التي من الممكن أن يصل طول خيوط شرنقتها إلى 1000 متر. ويتراوح وزن الشرنقة الحريرية الواحدة من 1.5 إلى 2.5 جرام.

كما أنها تنتمي إلى فصيلة اللافقاريات من الحشرات المستأنسة التي تحتاج إلى رعاية من قبل الإنسان. ويعد موطنها الأصلي دولة الصين، ومنها انتشرت إلى مختلف دول العالم. ومن الجدير بالذكر يوجد أنواع وسلالات مختلفة من دودة القز إلا أن دودة البومبيكس موري (Bombyx morei) هي الأكثر دودة استخدامًا. إذ أنها حشرة من حشرات العثة من أسرة بومبيسدي.

وأخيرًا يمكن القول إن صناعة الحرير كانت من السلع الفاخرة، وعلى الرغم من اخفاض قيمتها في الوقت الحاضر. إلا أنها لاتزال من الصناعات والتجارات الرابحة، لما للحرير من فوائد مهمة في العديدة من المجالات. ولذلك مازالت تربية دودة القز في الصين من المشاريع المرغوبة التي تسعى الحكومة إلى دعمها وتطويرها.