استفاد العرب من الإبل منذ القدم، وسخروها لخدمتهم، فكان الجمل رفيقهم في الزراعة والتجارة، ووسيلتهم للتنقل في الصحراء، فضلًا عن أهميته في المجال العسكري والحروب. ويمكننا التماس أهمية الإبل عند العرب من خلال تضمينها في أشعارهم.
بالإضافة إلى ذلك كان مهر العروس قديمًا عبارة عن عدد من الإبل، كلما ازداد عددها كلما علا شأن العروس. فما هي أهمية الإبل عند العرب؟ وما هي مواصفاتها وأنواعها؟ وما هي ألقابها وصفاتها؟
الموطن الأصلي للإبل وأصنافها
تشير أغلب الدراسات إلى أن آسيا وتحديدًا شبه الجزيرة العربية هي الموطن الأصلي للإبل، مما يدل على أهمية الإبل عند العرب منذ القدم. ثم انتقلت بعدها إلى إفريقيا في القرن الأول من الميلاد، ويتوزع حاليًا عدد كبير من الجمال في المناطق الصحراوية على امتداد الوطن العربي.
فيما ادعى بعض الباحثون أن الموطن الأصلي للجمال هو القطب الشمالي عندما اكتشفوا وجود بعض العظام التي تنتمي إلى عائلة الإبل تعود إلى ملايين السنين.
ويوجد نوعان من الإبل وهما أحادية السنام، والجمال ذات السنامين. والجمل العربي ينتمي إلى النوع الأول الأحادي، وله عدة أصناف مثل المجاهيم أو النجدية والتي تتسم بغزارة إدرارها للحليب ولونها الأسود، والوضح وهي تنتج كمية متوسطة من الحليب، والشعلاء التي تتميز بسرعتها في الجري. مما يظهر أهمية الإبل عند العرب في السباقات أيضًا.
ميزات الجمل العربي
يتميز الجمل العربي بقدرته على حمل ما يقارب نصف طن لمسافة 40 كيلومتر تقريبًا، وذلك لعدة أيام دون تقديم ماء الشرب له. فهو يتسم بقوته وصبره على التعب لمدة 12 ساعة متواصلة دون أن يستريح. إذ يمتلك الجمل العربي ذو السنام الواحد قدرة عالية على التحمل، وهو على عكس الصنف الآخر من الإبل ذو السنامين الذي لا يتحمل العطش الشديد في الصحراء.
بالإضافة إلى ذلك يمكن للجمل العربي السير دون شرب الماء لستة أيام، كما تكفيه بعض النباتات الخضراء الرطبة للسير عدة شهور. وتساعدها رقبتها الطويلة على الوصول لأوراق الأشجار البعيدة.
والجمل العربي حيوان عاشب يتغذى على النباتات الشوكية والجافة، وبشكل عام أي نبات موجود في الصحراء يمكن للجمل أن يقتاته. كما أن سلوك الإبل غير عدائي، فهي حيوانات صحراوية بامتياز تقيها الرموش الطويلة من الرمال. وكل هذه الصفات المميزة للجمل العربي تجعل أهمية الإبل عند العرب كبيرة.
مكانة الإبل عند العرب
ورد ذكر الإبل في القرآن الكريم وهذا أكبر دليل على مكانتها. وميزها الله بصفات وظيفية تتميز عن سائر الحيوانات. كما ضرب العرب بها الأمثال في صبرها وتحملها للإرهاق، واحتلت مكانة هامة فكانت تُقدم كمهر للعروس. وكانوا يفتخرون بها، فالقبيلة التي تملك عددًا كبيرًا من الإبل لها شأن ومكانة كبيرة.
وكانت رفيقة البدوي في أسفاره عبر الصحراء، تحمل متاعه وبضاعته، ويستفاد من لحومها، وحليبها، ووبرها. علمًا أن علاقة الجمل العربي بالإنسان قديمة إذ تعود إلى 1800 سنة تقريبًا. كما دلت الأشعار القديمة على أهمية الإبل عند العرب ومكانتها.
أسماء الإبل عند العرب
أطلق العرب على إبلهم عدة أسماء وصنفوها إما حسب اللون أو العمر وغيرها. ومن الأسماء التي أطلقوها على الإبل حسب لونها: أدم للجمل وأدماء للناقة وفيها تكون الإبل ناصعة البياض. أما أعيس وعيساء فهي للإبل ذات اللون الأبيض المخالط للأشقر الخفيف. وإذا كان لونها مائلًا للأحمر ويغلب عليها الأشقر سموها أصهب وصهباء. وأحمر وحمراء في حال كان لونها أحمرًا خالصًا.
وقسمها بعضهم بحيث نسبوها إلى القبائل التي تنتمي إليها، على سبيل المثال الأموية نسبةً إلى قبيلة بني أمية. أما في قبيلة بني عبس سموها العبسية، فيما سموا الجمال البيحانية نسبةً إلى رئيس قبيلة بيحان، وغيرها من الأسماء التي تدل على أهمية الإبل عند العرب.
بالإضافة إلى ذلك صنفوها حسب الجنس والعمر إلى الجمل وهو الذكر، والناقة هي الأنثى، والفصيل أي الذي يفصل عن أمه بعد إتمامه لعام من الرضاعة. أما الجمل الكبير في السن سموه فحلًا، والقعود أطلقوها على الإبل التي أتمت العامين من عمرها، وبالتالي يمكن للإنسان ركوبها.
ويوجد عدة صفات أطلقها البدو على إبلهم مثل الحوار أي الإبل الحديثة الولادة، وذلول للإبل التي تتميز بسرعتها في الجري. ووصفوا الناقة الأم التي فقدت حوارها وما زالت تتردد إلى مكان وجوده بالخلوج، ومسوح للناقة التي أنجبت حوارها فأبعدوه عنها واستفادوا من حليبها.
وأخيرًا نجد أن الدلائل كثيرة على أهمية الإبل عند العرب. فقد أطلقوا عليها أسماء وصفات عديدة. وكانت مدعاة للفخر والتباهي بينهم، كما استأنسوها منذ القدم لتكون شريكتهم في أسفارهم الطويلة والشاقة. وهي أحد براهين الخالق على عظمته، ومثال نحتذي به في صبرها وقوتها.