يعدّ الإبل من أهمّ الثروات الحيوانيّة في الدّول العربيّة، وبشكل خاص في المناطق اَلصَّحْرَاوِيَّة. نلاحظ في عصرنا هذا أنّ تربية الجمال في البلدان العربيّة بدأت تتراجع. والأمر مردّه إلى العديد من التغيّرات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، التي تعتبر من معوقات تربية الجمال في الوطن العربي. لذا سنحاول التّحدث في هذا المقال عن معوقات تربية الجمال في هذه الدول، وصولاً إلى ذكر العديد من الحلول التي قد تساهم في إعادة تحسين تربية الجمال.

الثروة الحيوانية في الوطن العربيّ

تنتشر الثروة الحيوانيّة في مراعٍ تبلغ مساحتها 256 مليون هكتار. وقد ساهمت الأراضي الواسعة، الجافّة والظروف الطبيعيّة القاهرة على تربية الحيوانات على اختلاف أنواعها كالأغنام، الماعز، والأبقار، والجمال والخيول. تختلف الدول العربيّة اختلافًا كبيرًا في حجم الثروة الحيوانيّة. حيث تبلغ نسبتها في السودان، الصومال وموريتانيا ما يزيد عن 50%. وتعتبر هذه الدّول المصدّر الرئيسي للحيوانات الحيّة والأولى في استيراد منتجات الحليب ومشتقاته.

بينما تتفاوت نسبة استيراد الحيوانات والمنتجات الحيوانيّة بدرجات عالية في الدّول العربيّة الأخرى منها دول الخليج. وتعاني الثروة الحيوانيّة في البلاد العربيّة من صعوبات ومعوقات كثيرة حالت دون تحقيق الاكتفاء الذاتي في منتجاتها في كثير من الدّول العربيّة بل، والاعتماد بشكل كبير على الاستيراد من الخارج، وما يتبع ذلك من إهدار للعملة الصّعبة والتبعيّة الاقتصاديّة.

ولكن قُدّرت الثروة الحيوانيّة من الإبل في الدول العربيّة لعام 1977 بحوالي 12 مليون رأس. وقد بلغ معدل النّمو السنوي خلال الفترة 1977-1997 حوالي 1. 1% من الجمال. ولا بدّ من أن نشير إلى وجود العديد من المعوقات التي تواجه تربية الجمال في الوطن العربي.

أسباب انتشار تربية الجمال في الوطن العربي

  • انتشار المناطق الصحراويّة والجافّة. وبما أن الجمل من الحيوانات القادرة على تحمل الظروف القاسية، فكان الخيار الأنسب لتلك الظروف الصحراوية الصعبة.
  • وجود أكياس من الماء في منطقة البطن التي تهدف بشكلٍ أساسي إلى تخزين الماء، ومساعدة الجمال على هضم الأعلاف الخشنة.
  • شكله المميّز ومقوّماته الجسديّة التي تساعده على الصّمود أمام العواصف الرمليّة كالأهداب التي تغطي عينيه، وتمتّعه بعضلات مزدوجة عند منطقة الأنف تتحكّم بفتحه وإغلاقه عند الحاجة.
  • ضخامة جسمها حيث يصل وزن الجمل البالغ إلى 690 كلغ. ويتراوح طوله بين 2.5 و3 أمتار.
  • متوسّط عمر الجمل الذي يبلغ 55 عامًا.
  • اعتباره الوسيلة الأساسيّة للتّنقل. كما أنّه المصدر الأساسي لتأمين الاكتفاء الذاتي من البروتين الحيواني.

معوقات تربية الجمال في الوطن العربي

تواجه تربية الجمال(الإبل) في المناطق العربيّة العديد من المعوقات التي تختلف في حدّتها. نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

  • العوامل البيئية: كقلّة معدّلات هطول الأمطار وطول فترات الجفاف، ممّا يحدّ من إنتاجيّة المراعي الطبيعيّة. إضافة إلى ذلك، ندرة موارد المياه وعدم انتظامها ممّا يؤدّي إلى تعرّض الجمال للعطش. ولا ننسى التّفاوت بدرجات الحرارة بين فترات النّهار وَاللَّيْل الذي يتسبّب بإصابة الجمال بالأمراض.
  • العوامل الاجتماعيّة: نجد أنّ رعاة الجمال يمرون بمراحل عسيرة، ذلك لأنّه يشعرون مع تطور الوضع الاقتصاديّ  للدّول العربيّة استغنى العديد عن الجمال، وباتوا يستخدمون وسائلًا حديثة، مما أدّى إلى تقليص عدد الرعاة، ناهيك عن بحثهم عن عمل جديد في المدن.
  • مورد الأعلاف: من أكثر العوائق التي تواجهها تربية الجمال، حيث تعتبر المراعي الطبيعية مصدرًا أساسيًّا لتغذية الجمال. وقد أثّرت العوامل البيئيّة سلبًا في نسبة إنتاج الأعلاف، ممّا ساهم في اتساع الفجوة بين هذه الموارد، والاحتياجات الغذائية للجمال.
  • زيادة عدد السكان في عدد من المناطق: والسبب  مردّه إلى ازدياد في نسبة النزوح من القرى إلى المدن.
  • عدم توافر خبرة حديثة: ما زالت تعتمد الطريقة التقليديّة في تربية الجمال. كما أدّى سوء إدارة واستخدام المراعي إلى تفاقم هذه المشكلة. حيث يؤدي الرعي المبكر، وقطع الأشجار، وعدم تحسين المراعي إلى انتشار التصحّر في المراعي، وبالتالي فقدان المراعي الطبيعيّة للجمال.

طرق تطوير تربية الجمال عند العرب

  • وضع خطط طويلة الأمد تهدف إلى التخلّص من معوقات تربية الجمال في الوطن العربي.
  • تنفيذ  العديد من المشاريع لتنمية الثروة الحيوانية وبشكل خاص الجمال.
  •  الاستفادة من المساحات الشاسعة غير المستثمرة في الريف، واستحداثها بغية تربية الجمال وفق طرق حديثة.
  •  تطبيق نظم الدعم المالي لشراء الأعلاف والأدوية الخاصة في الجمال.
  • مساعدة الرعاة حتّى يتعرفوا على المشاكل التي تمنع من إنتاج الإبل، إضافة إلى ذلك وضع العديد من الحلول، وذلك من خلال إنشاء العديد من  البرامج الداعمة، إضافة إلى إجراء العديد من الأبحاث الخاصة في هذا المجال.
  • يجب أيضًا التنسيق مع  مراكز خاصة تدعم الأبحاث الخاصة لتطوير تربية الجمال. والسعي للحصول على تمويل مناسب لهذه الأبحاث. إضافة إلى تشجيع الاتصالات، وتسهيلها بين المراكز المهتمة في تكوير تربية الجمال وبين  الباحثين.
  • ومن المفترض تدريب الرعاة من قبل فنّيين في الدول العربية قاموا بدورهم بالعديد من الدراسات حول كيفية تطوير تربية الإبل وفق مجالات إنتاج الجمال المتنوّعة.

وأخيرًا تعتبر الجمال من المصادر الأساسيّة في عدد من الدول العربية لسدّ حاجتها من البروتين، لكنّ هذه الثروة تتعرّض للعديد من المعوقات التي تؤدّي إلى انخفاض في نسبة الإنتاج. لذا حاولنا في هذا المقال التكلّم على الطرق التي تساهم في تطوير تربية الجمال وفق طرق حديثة بغية زيادة القدرة الإنتاجيّة.