أعطى القانون المصري ببنوده التي تغطّي جميع مناحي الحياة، الجوانب التجاريّة أهميّة كبيرة. ولم يترك منحىً منها إلّا وسلّط الضوء عليه. وبالتأكيد أولى اهتمامه للشركات التجارية وقوانينها التي تسيطر على السوق المصرية وطرق التداولات فيها وتبعاتها، بالإضافة إلى الأهميّة الكبيرة للشركات التجارية والقوانين التي تحكمها في تحسين اقتصاد البلد، ووضع الخطط الاقتصادية المستقبلية. تابع القراءة للتعرّف على أنواع الشركات التجاريّة في مصر وميّزات كلٍّ منها، كما سنتوقف عند بعض النقاط الأساسية التي يجب مراعاتها عند إنشاء الشركة.
بدايةً سنعرض لمحة موجزة عن تاريخ القانون المصري، بعد ذلك سنتابع في موضوع مقالنا.
لمحة عن تاريخ القانون المصري
يعتبر القانون المصري الفرعوني من أقدم النصوص القانونيّة في العالم، وقد تبلور بعد توحيد شقّي مصر تحت حكم الملك مينا. بعد ذلك تطور خلال تاريخ الغزو والاحتلال الروماني. وحتّى هذا الوقت كان القانون عبارة عن كلامًا محكيًّا فقط. لكن مع حلول القرن السابع قبل الميلاد، بدأ استعمال الكتابة الهيروغليفية لكتابة القوانين والحجج والعقود. بالتالي اكتسب القانون المصري أهميّة كبيرة في ذلك الوقت. ثمّ تتالت التطوّرات تبعًا لمتطلّبات الحياة فانفصلت السلطات وازدادت التصنيفات تباعًا. حتى وصل القانون المصري إلى ما هو عليه الآن من تطوّر، وإلمام بجميع النواحي القانونية بما فيها الجوانب التجارية.
شركات الأشخاص في مصر
سميّت بهذا الاسم نظرًا لاعتمادها على الأفراد بشكل شخصي. وتتكوّن من عدد قليل من المشاركين. وغالبًا ما يكونوا من الأصدقاء أو الأقارب، ممّا يشعرهم بالراحة والانسجام. وإن أبرز ما يميّز هذا النوع من الشركات أنها تنحلّ بوفاة أحد القائمين عليها أو انسحابه منها. كما ينصّ بند شركات الأشخاص في القانون المصري إلى أنه لا يمكن لأحد الشركاء التنازل عن نصيبه في هذه الشركة، إلّا بموافقة باقي أعضاء الشركة. وتنقسم شركات الأشخاص إلى ثلاث أنواع، وهي:
- شركات التضامن: تعتمد بتكوينها على أشخاص متضامنين مع بعضهم البعض، هذا يعني أن جميع الأعضاء شراكة في المسؤوليات الأساسية للشركة وبديونها وحساباتها كافة. لهذا النوع من الشركات نظام يقضي بوجوب الاعتماد على رأس المال الشخصي للمالكين في حال تعرّضت الشركة للإفلاس. انتبه! يتطلّب هذا النوع من الشركات تفرّغ تام، أي لا يجوز أن يكون أحد الشركاء موظف حكومي.
- شركات المحاصة: تُشكّل هذه الشركات في الخفاء، ولا يعلم بوجودها من الناحية القانونيّة إلّا الشركاء، هذا يعني أنها لا تملك سجلّ تجاري أو ضريبي، بالإضافة إلى عدم امتلاكها رأس مال محدّد. تخضع لأحكام الفصل الأول من الباب الثاني للقانون التجاري المصري لعام 1883، كما تخضع للقواعد العامة المنظمة لعقد الشراكة المذكورة في القانون المصري المدني. وإذا تعارض حكم مذكور في القانون المدني مع حكم مذكور في القانون التجاري ، يطبّق حكم القانون التجاري، لأنه قانون خاص.
- شركات التوصية البسيطة: تتميّز بوجود شريك أو أكثر، وينقسم الشركاء بدورهم إلى نوعين. شركاء متضامنون يمتلكون نفس الصفات المذكورة مسبقًا في شركات التضامن، إضافةً إلى اكتساب الشريك المتضامن صفة تاجر فور انعقاد الشراكة. أّمّا النوع الثاني فهو الشركاء الموصون، وهم المسؤولون عن تسديد ديون الشركة في حدود الحصّة التي يمتلكونها. وبحسب القانون المصري، يناسب هذا النوع من الشركات الأشخاص الممنوعين من امتلاك منشآت تجارية مسجّلة باسمهم مثل الموظفين الحكوميين. بحيث يستثمرون أموالهم بصفة شريك موصي في شركة ذات توصية بسيطة.
شركات الأموال في مصر
ترتكز هذه الشركات على الاعتبارات المالية، وليس لشخصية الشريك أهمية في هذه الشركات، فهي تعتمد على تجميع رأس المال لتحقيق هدف الشركة. مثل شركات المساهمة التي تتكوّن من شركاء لا يجمعهم سوى الاعتبار المالي، ويقسم رأس المال فيها إلى أسهم متساوية في القيمة. ولكلّ من الشركاء بحسب ما وضع فيها من أسهم.
شركات المسؤولية المحدودة في القانون المصري
استحدث هذا النوع من الشركات في القانون المصري عام 1954، ثمّ ألغي مع حلول 1981م ،وهو يشبه بمبدئه نظام شركات الأموال مع وجود بعض الاختلافات. وهي تتكون من شريكين أو أكثر، وكل شريك مسؤول عن ديون الشركة بحسب حصّته.
شركات التوصية بالأسهم في القانون المصري
ينقسم الشركاء في هذا النوع من الشركات إلى نوعين، هما:
- شركاء متضامنون: حسب القانون المصري يجب ألّا يقل عددهم عن اثنين. وهم المسؤولون عن تسديد ديون الشركة والتزاماتها في حال إفلاسها، ولهم حق الإدارة في الشركة. كما تتميّز حصتهم بعدم قابليّتها للبيع.
- شركاء مساهمون: يجب ألّا يقل عددهم عن ثلاثة. وهم مسؤولون عن تسديد التزامات وديون الشركة أيضًا لكن في حدود الحصّة التي يمتلكوها فقط. ليس لديهم الحق في إدارة الشركة. وليس عليهم دفع ديون الشركة من أموالهم الخاصة على عكس سابقيهم.
النقاط الأساسية في تحديد نوع الشركة التجارية
بينما أنت تفكّر بتأسيس شركتك، عليك الانتباه إلى أدقّ التفاصيل التي تحدّد مدى نجاح أو فشل شركتك، نذكر فيما يأتي أهمّها:
- الهدف الرئيسي من تأسيس الشركة: أترغب في تأسيس الشركة للحصول على الأوراق القانونية التي تثبت تواجد نشاطك التجاري بأساس قانوني فقط، أم يحتاج نشاطك التجاري إلى إبرام عقود وصفقات مع مؤسسات وجهات تجارية أخرى؟
- وجود الشركاء: هل يوجد شركاء، وكم عددهم؟ وما هي الصلة التي تربطك بهم وتربطهم ببعضهم؟ كما يجب عليك الانتباه إلى طريقة توزيع المهام والمناصب فيما بينكم بما يتناسب مع خبرات كل شخص.
- حجم رأس المال: كم يبلغ حجم رأس المال المتواجد بين يديك في الوقت الحالي؟ وفي حال وجود شركاء ما هي قيمة رأس المال الذي يفترض أن يساهم به كل شخص؟
- حجم النشاط التجاري: وهذا يخضع لرأس المال بشكل رئيسي، بالإضافة إلى أنّه يحتّم عليك الإجابة على بعض الأسئلة مثل هل ستحتاج إلى تبديل المسمّى القانوني لشركتك بعد فترة قصيرة أم لا؟
- قوانين الشركات في الدولة: فمثلًا ما ذكرناه في الأعلى من أنواع للشركات التجارية وميّزاتها يخصّ القانون المصري فقط، ولكلّ دولة قوانين تجارية خاصة بها.
في الختام نستطيع القول أن القوانين في جميع بلدان العالم، بما فيها القانون المصري تولد من رحم الحاجات والتجارب للحصول على أسس وبنود ومعايير أفضل لتنظيم الحياة المدنيّة والعسكرية والتجارية.