ما هو ميتافيرس؟ وما المدى الذي سيصل إليه؟ هل حقًا سيصبح الخيال العلمي حقيقةً؟ وما الغاية من تغيير اسم فيسبوك إلى ميتا؟ وكيف ستؤثر تقنية ميتافيرس على العمل المكتبي؟ هي أسئلةٌ كثيرةٌ، ما لبثت أن انبثقت مع إعلان مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، تغيير اسم شركة فيسبوك إلى ميتا. خلال مؤتمر التواصل السنوي على فيسبوك، محدثًا بذلك ضجّةً كبيرةً على مستوى العالم، تبعتها آلاف التساؤلات.

وهذه ليست المرة الأولى التي تُحدث فيها العوالم الرقميّة ضجةً كبيرةً، إلّا أنّها سرعان ما تتلاشى. لكن يبدو أنّ الأمر مع ميتافيرس مغايرٌ تمامًا، فعندما تغير المنصّة الاجتماعيّة الأضخم في العالم اسمها إلى ميتا Meta، معلنةً بذلك التزامها بميتافيرس، ومؤكدةً انتقالها الهائل إلى تكنولوجيا جديدة، فلاشكّ أنّ ميتافيرس لن يكون مجرّد غيمة عابرة. حيث راهن مارك زوكربيرج على مستقبل شركته على ميتافيرس قائلًا” أعتقد أنّ ميتافيرس هو الفصل التالي للانترنت، وهذا هو الفصل التّالي لشركتنا أيضًا”.

لذا إن لم تكن لديك فكرة واضحة عن ميتافيرس، أو تتساءل عن تأثير تقنية ميتافيرس على العمل المكتبي، وعمّا ستؤول إليه الأمور مستقبلًا مع ميتافيرس. ستجد توضيحًا أكثر في هذا المقال.

ما هو ميتافيرس

لفترةٍ طويلة كان ميتافيرس أو ما يُعرف بالعالم الافتراضي، مصطلحًا شائعًا في الروايات، و أفلام الخيال العلمي. حيث يهرب الأشخاص من أزمة العالم الحقيقي، إلى العالم الافتراضي. لكنّه الآن سيكتسب مفهومًا آخر أشمل بكثير، إذ سيكون ميتافيرس هو التطوّر التالي للانترنت. ويمكننا أنّ نفكر بالأمر كما لو أنّه تمّ إحياء الانترنت، أو ع الأقل تمّ تقديمه في صورة ثلاثيّة الأبعاد. أما مارك زوكربيرج فقد وصف ميتافيرس” بالبيئة الافتراضيّة”، حيث يمكنك الدخول إليه بدلًا من النظر إلى الشاشة.

ليصبح الانترنت عالمًا من المجتمعات الافتراضية، باستخدام سماعات الواقع الافتراضي، وغيرها من الأجهزة الذكيّة، وسيتضمّن بذلك جوانب مختلفة من الحياة. وهذا ما عبّرت عنه “فيكتوريا بيتروك”، محلّلة التقنيات الناشئة، قائلةً” إنّه التطوّر التّالي للاتّصال، حيث تبدأ كل الأشياء بالتّلاقي في عالمٍ سلسٍ. لذا فأنت ستعيش حياتك الافتراضيّة بنفس الطريقة التي تعيش بها حياتك الماديّة”. أي أنّه سيمكنك الذهاب إلى حفلة موسيقيّة افتراضيّة، أو القيام برحلة عبر الانترنت، أو حضور ورشة تدريبيّة. إنّ ذلك مثير للاهتمام حقًا، ويستحقّ ميتافيرس كلّ هذا الزخم المفاجئ الذي اكتسبه.

كيف ستؤثر تقنية ميتافيرس على العمل المكتبي

من المتوقّع استخدام ميتافيرس في أكثر من 23 مليون وظيفة في أنحاء العالم، في أقلّ من 10 سنوات. وستؤثّر تقنية ميتافيرس على العمل المكتبي بشكلٍ كبيرٍ، وربما يصبح من الماضي فقط. إلّا أنّ تأثير ميتافيرس سيكون إيجابيًا بشدّة، فهو سيساعد على تنظيم العمل على نطاقٍ أوسع، وبطريقة أكثر إنتاجيّة، إذ سيساعد على العمل معًا، وتقليل المجهود. كما سيكون العمل المكتبي أكثر سهولةً من قبل، حيث لن يكون هناك أي حاجة للتنقّل والذهاب إلى العمل. وبذلك سيغير ميتافيرس قواعد العمل من المنزل، كما حدث في ظلّ هذه الجائحة. وبدلًا من التواصل مع زملاء العمل عبر مكالمات الفيديو، يمكن الانضمام إلى العمل في المكتب الافتراضي. ومن الجوانب المشرقة أيضًا، أنّ ميتافيرس سيخلق فرص عملٍ جديدةً، حيث سيتوسّع العمل عن بعد، والوظائف التي كانت تحتاج سابقًا إلى تفاعل شخصي، ستحصل فجأةً على خياراتٍ افتراضيّة.

ما علاقة فيسبوك بالميتافيرس

أعلن مارك زوكربيرج خلال المؤتمر السنوي لشركة فيسبوك، أنّ الشركة تهدف إلى بناء نسخة جديدة من الانترنت، قائلًا” نعتقد أنّ ميتافيرس سيكون خليفةً للانترنت عبر الهاتف المحمول، وسنكون قادرين على الشعور، كما لو أنّنا موجودون هناك، مع أشخاص بغض النظر عن مدى تباعدنا في الواقع”. وأشار كذلك إلى أنّ فيسبوك جعل من بناء ميتافيرس من أولوياته الكبيرة. حيث استثمرت الشركة مؤخّرًا أكثر من 50 مليون دولار، في تمويل مجموعاتٍ غير ربحيّةٍ للمساعدة في بناء ميتافيرس بشكلٍ مسؤول. وهذه ليست المرّة الأولى لفيسبوك في هذا المجال، إذ استثمرت الشركة بكثافة في الواقع الافتراضي منذ حصولها على الشركة المصنّعة لسماعات الرأس Oculus عام 2014. ولكن بالرغم من ذلك لن يتمّ بناء ميتافيرس بين ليلةٍ وضحاها من قبل شركة واحدة. وتعتقد فيسبوك أنّ الفكرة الرئيسية قد تستغرق 10-15 سنة أخرى.

ما هي الشركات المهتمة بتقنية ميتافيرس

تسعى الكثير من الشركات وتحديدًا شركات التكنولوجيا الكبرى، إلى بناء ميتافيرس، إذ سيكون انتقالًا هائلًا في عالم التكنولوجيا، وسيبني اقتصادًا جديدًا خاصّا به. كما أنّ شركات الألعاب لن تتخلّف عن المشاركة في ذلك. وربما تكون شركة Epic games من أوائل هذه الشركات، فقد استضافت سابقًا خلال لعبة Fortnite الشهيرة، حفلات موسيقية افتراضيّة. وقد عبّر” سويني” الرئيس التنفيذي لشركة Epic games، عن قوة ومستقبل ميتافيرس، قائلًا” إذا تمكّنت إحدى الشركات المركزيّة من السيطرة على هذا الأمر، فإنّها ستصبح أقوى من أي حكومة، وستكون إلهًا على الأرض”.

كما اشترت مؤخرًا شركة المدفوعات Visa، رمزًا غير قابل للاستبدال لمساعدتها على فهم عالم التجارة الرقميّة. كلّ هذه المعطيات تشير إلى أمرٍ واحد، وهو أنّ ميتافيرس سيكون محور اهتمام العديد من الشركات، كما سيتسابق إليه المستثمرون. خاصّةً  أن حجم سوق ميتافيرس قد يصل إلى 800مليار دولار بحلول 2024، حسب توقعات منصّة Bloomberg Intelligence.

في النهاية، يبدو أنّ تأثير تقنية ميتافيرس سيتعدّى العمل المكتبي،فعلى الرغم من عدم وجود أي قواعد أو بنية واضحة بخصوص عمل ميتافيرس حتّى الآن. إلّا أن قيام أكبر الأسماء في عالم التكنولوجيا بالاستثمار فيه، سيدفع الكثير من الشركات والمستثمرين إلى خوض هذه التجربة. وسنتوقّع إثارةً متزايدةً حول مفهوم ميتافيرس مستقبلًا.