لعلّك لا تعلم ذلك لكن فوائد تربية النحل كثيرة لدرجةٍ ستجعلك تؤمن بأن تربية النحل مهنةٌ تقوم بإنقاذ الأرض حرفيًا. فالنحل رغم كونها مجرّد حشرات؛ إلا أنها تلعب دورًا رئيسيًا في تلقيح النباتات الزراعية وغير الزراعية. لذا قد ندين الربيع على الأرض بشكلٍ أو بآخر للنحل، فضلًا عن الكثير من الفوائد الأخرى التي سيحاول المقال التالي أن يتناولها بالذكر.
لا نحل اليوم يعني لا محاصيل غدًا
يعتمد النحل في نظامه الغذائي على الرحيق، الذي سيحصل عليه من أزهار النباتات البرية أو المحاصيل الزراعية طبعًا. هذا الأمرٌ غاية في الأهمية بالنسبة للغطاء النباتي والمحاصيل الزراعية، فأثناء قيام النحلة بقطاف الرحيق من الزهرة تعلق حبّات الطلع على قوائمها وأجنحتها. وبشكلٍ طبيعي لن تبقى حبات الطلع ملتصقةً بأجسادها بل ستنتقل من زهرةٍ إلى أخرى أثناء حركتها وطيرانها.
يجدر بالذكر أن النحلة العاملة تسافر في اليوم الواحد أكثر من مئة رحلة بين مستعمرتها والحقل الذي تعمل فيه. ما يعني أنها قد تستقر في سعيها للحصول على الرحيق على أكثر من ألف زهرة يوميًا. لذا بإمكانك الآن أن تتخيل الدور المفصلي التي تلعبه بشكلٍ مثيرٍ للدهشة؛ كائناتٌ ضئيلة الحجم كالنحل في إلقاح المحاصيل.
الأمر الذي يفسّر وجود معظم المناحل في أماكن زراعية، وبأن نسبة كبيرة من النحّالين هم في الحقيقة مزارعين اكتشفوا أن النحل مسؤولٌ عن تلقيح أكثر من 85% من المحاصيل الزراعية في العالم.
منتجات النحل غيّرت حياتنا
قد يبدو الأمر مبالغةً لكن منتجات النحل أثرّت فعلًا بشكلٍ كبير في حياتنا، فهي الحشرة الوحيدة في الطبيعة التي تنتج غذاءً يمكن للإنسان أن يستهلكه. فتركيبة العسل الغنية بالعناصر المغذية والعلاجية جعلته يدخل في الصناعات الطبية والغذائية والتجميلية. الأمر قديمٌ للغاية في الواقع، فبعض الحضارات القديمة اعتمدت على مختلف أنواع العسل للاستطباب، أو إدخاله ضمن الحمية الغذائية. وهو ما استمر الإنسان بالقيام به، فاليوم أكثر من الماضي نعتمد على العسل كبديلٍ طبيعي للسكر الصنعي. كما أننا نفضّل أي مستحضر للعناية بالجمال يحوي العسل وشمع العسل الذي تفرزه النحلة من غدد خاصة.
لذا فوائد تربية النحل الأهم تكمن في منتجاته من العسل والشمع، فشمع العسل بمفرده من أكثر السلع تحت الطلب في عالم التجارة والصناعة. لأنه يدخل في صناعة عشرات المنتوجات المختلفة، فنجده في مرطب الشفاه، والطلاء الشمعي لحفظ المأكولات، وطلاء الأثاث الخشبي، وفي علكة المضغ، ومركبّات العناية بالبشرة والشعر، ولصنع شموع الإنارة طبعًا والكثير غيرها.
مشروع تربية النحل لن يغنيك ولكن سيكفيك حتمًا
لن يحقق لك هذا النوع من المشاريع الثروة، لكن بالنسبة لرأس المال الذي يحتاجه والجدوى المادية الأمر ليس بهذا السوء. ومن فوائد تربية النحل أنك لا تحتاج لبدء تجارةٍ مربحة من منتجاته إلى متطلّبات كثيرة، ولا حتى وقتًا أو جهدًا كثيرين. وفي حين يلجأ إليه في الغالب المزارعون لزيادة محاصيلهم، نجد اليوم الكثير من الشباب يسعون للبدء بتربية النحل لأنها تجارة شبه مضمونة الربح. بل وقادرة على إعادة رأس المال لك خلال أقل من عام، بحيث يمكنك توظيف الربح الإضافي للقيام بخطواتٍ تقترب فيها من أهدافك. أو على الأقل تغطية تكاليف المشروع بالإضافة لنمط حياتك أو تكاليف دراستك أو دراسة أبنائك.
تربية النحل يعدك بروتين عمل متجدد
عندما يرتدي النحّال بدلة الحماية ومعدّات الوقاية ويبدأ بالعمل في كشط إطارات العسل، يبدو الأمر ممتعًا حقًا. فعمله لا ينطوي فقط على رعايتها وتدفئتها أو تقديم الطعام عند الحاجة، بل يشمل أمورًا أخرى. فهو مسؤول عن تقسيم طرود النحل (ملكة ومجموعة أفراد)، إما لإضافة خلايا جديدة أو بيعها لمناحل أخرى. بحيث يمكن لمنحلة أن تتضاعف في أقل من عام بناءً على خبرة النحّال. وبالحديث عن الخبرة؛ فإن هذه المهنة أو الهواية تعتمد كثيرًا على الخبرة المتراكمة وقابلية التعلّم المستمرّة للنحّال.
فوائد اقتصادية كثيرة لتربية النحل
تشمل فوائد تربية النحل الاقتصادية الكثير من المجالات، فتجارة العسل والشمع ليست المنتجات الوحيدة له. فتربية ملكات النحل وبيعها أمرٌ مربح للغاية، أو إنتاج الطرود وهو أمر مربحٌ أكثر. وبالطبع إنتاج حبوب اللقاح، وسم النحل الذي يستخدم لعلاج الأمراض الروماتيزمية، وغراء النحل “البروبوليس”. فضلًا عن تجارة وصناعة ما يرتبط بهذا المشروع من تجهيزات، كخلايا خشبية، وأدوات ومعدّات النحالة وغيرها.
لتخفيف مستويات التوتر قم بتربية النحل
أثبتت الدراسات أن تربية النحل نشاطٌ قادر تمامًا على أن يخفض مستويات الضغط والتوتر لديك. وعلى الرغم أن بعض الأشخاص ترى النحل كائناتٍ مخيفة أو عدوانية، ستجد أنها عكس ذلك كليًا. فبإمكانك اعتبار هذه الكائنات على أنها نسخة غير مروّضة من ماشيتك الخاصة، وليس نوعًا من المستعمرات العدوانية. هذا لن يسهّل التعامل معها فقط، بل سيجعلك تستمتع بهذا العمل. بالتالي من فوائد تربية النحل إراحة الذهن ممّا يشغله فينخفض بذلك مستوى الإرهاق والضغط النفسي.
وجود النحل يجعل الطبيعة أكثر طبيعية
بعيدًا عن فوائد تربية النحل الملموسة؛ والكثيرة أيضًا، يضفي وجود النحل في الطبيعة حيوية ولونًا إضافيًا. فألوان النحل وأصوات أجنحتها وحركتها الدائمة تعطي المنظر الطبيعي ديناميكية أكثر وتضفي جمالًا أكبر. ولا أظن بأنك ستجد الأمر طبيعيًا لو لم تصادف نحلًا أثناء نزهتك في الطبيعة، حتمًا ستشعر بأن المكان ينقصه شيء. لذا فالأثر النفسي الإيجابي لتواجد النحل في المكان يمكن اعتباره فائدةً لا يجدر أن يفوت ذكرها.
تربية النحل هو في الحقيقة منفعة متبادلة
نستنتج أن فوائد تربية النحل كثيرة، لكن ما الذي يجنيه النحل؟ ببساطة الحماية والاستمرارية.
فالبيئة اليوم تخضع للكثير من التغيرات المناخية بسبب التلوث الناجم عن سوء تقدير البشر لأخطار الصناعات ومخلّفاتها. وبالرغم أن التلوث لم يهدد حياتنا بشكلٍ مباشر إلّا أنه يهدد بقيّة الكائنات من حيوانٍ ونباتٍ بينها النحل. لذا من الأفضل أن نتصرّف. وتربية النحل هي إحدى الطرق التي سنقوم فيها بذلك. فيؤمن النحال الحماية والرعاية المستمرّة لأفراد منحلته، ما يضمن الحفاظ على أعداد النحل بشكل مستقرّ. فهي تتعرّض في البرية لأخطار قاتلة أكبر من السابق حين كان بإمكانها حماية مستعمراتها البرية؛ أما اليوم وعند تدجينها في خلايا يمكن تجنّب فقدانها. كما يمكن مدّها بالطعام في فترات الركود، وتكييف حرارتها في الأوضاع الجوية الحادة، ومدّها بالعلاج في حال تعرّضها لنوع من الأمراض.
يمكن للحديث عن فوائد تربية النحل أن يطول أكثر لكن الصورة أصبحت واضحة الآن. فتربية النحل ليس فقط عملًا يعود بفائدته على صاحبه، بل لصالحنا جميعًا كبشر ولصالح بيئتنا أيضًا. وهي ميزة يتفرّد بها هذا العمل عن غيره، لذا في حال توافرت لديك شروط إنشاء مشروع تربية النحل لا تتردد، لكن قم بواجبك من البحث والدراسة فهو مسؤولية بالطبع.