إذا كنت قد درست التسويق، أو أنك تدرسه الآن، فلا بدّ أنك على دراية بمصطلح التوزيع. إذ تعتمد الشركات على التوزيع لتوريد منتجاتها وإيصالها إلى العملاء المختلفين في مختلف المناطق. ويقسم التوزيع إلى عدة أنو هي التوزيع الحصري، والتوزيع الانتقائي، والتوزيع المكثف. ويستخدم كل من هذه الأنواع في سياق مختلف، ووفق شروط معينة. فلا يمكن لشركة ما اتباع نهجيين توزيعيين في آن معًا، بل يتوجب على كل شركة دراسة وضع السوق، وملاءمة كل نوع توزيعي لغرضها وهدفها ومنتجاتها وعملائها قُبيل المباشرة في تطبيق التوزيع. وسنتحدث في مقالنا هذا عن مفهوم التوزيع المكثف، والذي يمكن اختصاره بالقول أنه يمثل قرار الشركة بإهمال تجزئة السوق، والتركيز بدلًا من ذلك على توريد منتجاتها إلى كل سوق يمكن الوصول إليه.
ما هو مفهوم التوزيع المكثف
التوزيع المكثف (Intensive Distribution) هو استراتيجية تسويقية تتضمن وضع المنتج في كل قناة توزيع متاحة. أي توجيه الشركة جميع جهود مبيعاتها لتوفير المنتج في أكبر عدد من الأماكن. وذلك بهدف توفير هذه المنتجات إلى أكبر عدد من المستخدمين والعملاء، فلا يشعر أحدهم بالنقص ويضطر للبحث الطويل عن المنتج.
وينطبق هذا النهج التسويقي في الغالب على السلع اليومية التي ليس لها قطاع محدد من السوق، بل يبادر الجميع إلى شرائها. ومن خلال استخدام هذه الطريقة، تستفيد الشركات من التواجد المستمر في حياة العميل اليومية نتيجة توافر المنتجات في محلات البيع بالتجزئة، ومحلات السوبر ماركت، ولدى تجار الجملة والمحلات التجارية الصغيرة. كما قد تتوافر في الأكشاك، والمطاعم، والعديد من المؤسسات الأخرى.
وللعمل وفق هذه الاستراتيجية، يتعين على الشركة إنتاج كميات كبيرة من السلع لتكون قادرة على اكتساح وتغطية المنطقة الجغرافية المستهدفة، والتي عادة ما تكون أهم تجزئة تحدث في إطار هذه التقنية. ومن ناحية أخرى، يتعين على الشركة التعامل مع العديد من العملاء المختلفين وفق طرق تجارية مختلفة لتناسب مختلف آراء وتطلعات العملاء. ويعتبر هذا الأمر بحد ذاته تحديًا كبيرًا يواجه الشركة والعلامة التجارية. لكن في حالة التوزيع المكثف، فالعميل بحاجة إلى توافر المنتج لديه بشكل ضروري ودائم، لذلك يمكن للشركة التحكم بالعميل وفق شروط معينة لتوفر له هذه المنتجات.
أمثلة على التوزيع المكثف
تعتمد إحدى شركات المشروبات المنشطة للرياضيين والأشخاص الذين يفضلون استخدام المرطبات بكثرة في نظامهم الغذائي على إطلاق مسمى Powerfill على علامتها التجارية التي تتكون من مجموعة مختلفة من المشروبات. ومنذ بدايتها قررت الشركة اتباع استراتيجية التوزيع المكثف. فجمعت ما يكفي من المال لإنتاج كمية ضخمة من المشروبات وتوزيعها على نطاق واسع، وبدأوا بتوزيعها في أنحاء البلدة. فعجّت المتاجر والسوبرماركت ومؤسسات الأغذية، حتى امتلأت الصيدليات ومحطات الوقود بها. وقد أثبتت هذه الاستراتيجية فعاليتها في تحفيز العملاء على الشراء، الذي تلاه القدرة على التوسع في مناطق جغرافية أخرى.
وعادة ما تستخدم الشركات المصنعة هذه الاستراتيجية لزيادة الوعي بالعلامة التجارية والمنتج. فيصبح من السهل التعرف على علبة المشروب الغازي على سبيل المثالي لمجرد رؤيتها في أي مكان. إلا أنه ولتحقيق أفضل النتائج، يجب على الشركات التركيز على عدة عوامل قبل اتخاذ أي قرار بشأن مستوى معين من التوزيع. وهذا يشمل التسويق المستهدف، والتسعير، وحجم المنتج، وسياسيات الترويج، وغيرها من التفاصيل الضرورية.
ويتعين على الشركات أن تولي اهتمامًا لتوفير الموارد التنظيمية ومواقع البيع بالتجزئة. وهو ما لا تستطيع معظم الشركات الناشئة توفيره. ومن أبرز الأمثلة الأخرى عن التوزيع المكثف:
- المشروبات باختلافها.
- الصحف.
- ألواح الشوكولا والبسكويت.
- معاجين الأسنان.
- الصابون.
- الشيبس، على سبيل المثال، دوريتوس، وليز، وغيرها.
- سجائر مالبورو.
مزايا وعيوب التوزيع المكثف
لكل استراتيجية تسويقية مجموعة فريدة من المزايا والعيوب. والتي تتمثل في:
مزايا التوزيع المُكثف
فيما يلي مجموعة من أبرز مزايا هذا النوع من التوزيع:
- زيادة الإيرادات: عندما تفكر بذلك، تجد ذلك بسيطًا. فكلما زادت تغطية المنتج للسوق وتوافره فيه، تزداد رغبة المستهلكين في شرائه، وبالتالي تزداد فرص المبيعات والإيرادات بشكل بديهي.
- زيادة دوافع الشراء: من المرجح أن يختار العملاء المنتج الأكثر تميزًا في حال عدم رغبتهم بشراء منتج محدد. وفي حال زيادة توافر المنتج سيشكل ذلك دافعًا للمستهلك لتجربته وشرائه بعدها بشكل دائم.
- التوعية بالمنتج: لعل تحسين الوعي بالعلامة التجارية من أهم ميزات التوزيع المكثف. بالإضافة إلى ذلك، يبدأ العملاء بربط الإعلانات المطبوعة والرقمية بالمنتجات التي يرونها بانتظام في المتاجر.
- أكثر كفاءة: كون الشركة المصنعة قادرة على معرفة أين يتم استخدام المنتج، مما يساعدها على تغيير أسلوب التسويق في بعض المناطق لتحسين عمليات البيع.
عيوب التوزيع المُكثف
على الرغم من الفوائد العديدة للتوزيع المكثف، إلا أن الأمر لا يخل من بعض العيوب، وإليك أهمها:
- مكلف: تتطلب زيادة الوعي بالمنتج كميات كبيرة من المنتجات لتوزيعها في كافة المناطق. بالإضافة إلى ذلك، على الشركة توفير مختلف الإعلانات الطرقية والرقمية والمكتوبة.
- هامش ربح منخفض: عادة المنتجات التي تستهلك بشكل يومي لا يمكن الربح منها بشكل كبير، بل تعتمد نسبة الربح على تراكمية الأرباح الصغيرة.
- السيطرة على تجار التجزئة: يمكن أن يكون الإشراف على العديد من تجار التجزئة مملًا أثناء تنفيذ التوزيع المكثف. وقد تزداد الأمور سوءًا في حال ظهور مشاكل في المخزون أو المنتجات المفقودة.
في النهاية، وعلى الرغم من هذه العيوب، فمن الاسلم القول إن التوزيع المكثف مفيد بشكل لا يوصف للمنظمة التي تدير عملياتها التسويقية بشكل صحيح. ويعتبر خيارًا مفيدًا للمنتجات اليومية التي لا يتطلب قرار شرائها تفكيرًا مطولًا، بل يعمد المستهلك إلى شرائها دون تفكير، وبشكل تلقائي نظرًا لحاجته الضرورية لهذا المنتج. لكن يبقى من الضروري دراسة وتحليل التكاليف والأرباح قبل البدء في تطبيق هذه الاستراتيجية.