تعتبر تربية ملكات النّحل العملية الأهم لدى مربّي النّحل لِكون الملكات العامل الأساسي لضمان استمرارية السّلالة، بالإضافة لدورها في تنظيم العمل داخل الخليّة وتحفيز العاملات على بذل المزيد من الجّهد في أداء المهام المختلفة. فما هي أفضل الطرق المتّبعة في هذا المجال؟ وكيف نحصل على ملكات نحلٍ ذات جودة عالية؟ هذا ما سوف نتعرف عليه خلال مقالنا التالي، مع العلم أنه قد قل استخدام الطرق الطبيعية في الفترة الأخيرة لعدم قدرة المربي على التحكم بظروف العملية من أعداد وصفات ومواعيد ظهور الملكات، مما قد لا يتناسب مع خلية النحل وحاجة المربي على حد سواء. لذلك سنخص بالذكر أهم الطرق الصناعية في تربية ملكات النحل.

تربية ملكات النّحل بالتطعيم (طريقة دوليتل Doolittle)

أولاً نختار خلية جيّد تحتوي على الكثير من العسل وحبوب اللقاح والعاملات اليافعة لتربية خلايا الملكة. ثم نختار مخزون الملكة الذي نريد إعادة إنتاجه ونأخذ منه إطارًا مليئًا باليرقات والبيوض الجديدة. وبعد ذلك نصطفي يرقاتٍ عمرها يومٌ واحد باستخدام أداة تطعيم صغيرة بحذر. ثم نضعهنَ في أكواب ملكة بلاستيكية مصطفة على إطار خشبي.

وبعدها، نضع الإطار مع الأكواب في بادئ الخلية لتبدأ العاملات بإطعام اليرقات غذاء ملكات النّحل أثناء تحديدهنّ لخلايا الملكة بالشّمع. وبعد نحوِ 4 أيام تُملأ الخلايا بالشمع لتبدو كالفول السوداني المشمّع. وبعدها بـ 6 أيام نضع الخلايا المكتملة في المستعمرات التي نريدهم أن يقودوها. ولا ننسَ أنّه يجب إزالة الملكات الأصلية في تلك المستعمرات في اليوم السّابق.

وفي اليوم الرابع عشر تخرج الملكات من حجراتهن وتتعرّفن على مستعمراتهنّ الجديدة، ليذهبن بعدها في رحلات تزاوج لبضعة أيام. حيث تتزاوج الملكات خلالها مع ما يقارب 20 ذكر من أجل حدوث الإخصاب ووضع البيوض لبقية حياتهنّ.

طريقة جنتر (Jenter) لتربية الملكات

وهي من أفضل طرق تربية ملكات النّحل. تعتمد هذه الطريقة على استخدام صندوق حضنة مزدوج مليء بالنّحل، حيث نحتجز الملكة في صندوق الحضنة السفلي، ثم نرتب الصندوق العلوي بإطارات من يرقات يافعة، بيوض، وحضنة مغلقة لكي تؤمن توافر النّحلات المربيات الإضافية. ونتركها لبضعة أيام ريثما تستقر (5 أيام تقريبًا).

بعدها نختار الملكة التي نريد استخدامها لكي تضع البيوض ونضعها في قفص جنتر (Jenter) ونتركها لمدة 24 ساعة. وبعد يومين، نزيل صندوق الحضنة السفلي ونعثر على الملكة ونزيلها، ثم ننقل النّحل إلى الصندوق العلوي بعد وضعه على اللوح الأرضي. وفي اليوم التالي نأخذ كأس الخليّة من القفص والذي يحتوي على اليرقات التي عمرها يوم واحد، ونضعها في خلية الإدراج ثم في النّاقل الخلوي.

وبعد ذلك، نضعها في الرّف الحامل ضمن صندوق الحضنة الخالي من الملكة ونتركها لمدة 9 أيام. وخلال تلك الفترة نحضّر بعض المستعمرات لإيوائها. والآن لم يتبقَ إلّا تغذية المستعمرة وتحديد مكان يتوفر فيه النّحل الذكر من أجل الإخصاب.

التربية بتقسيم السّرب

يعرف انقسام السّرب بأنه حالة طبيعية تصيب مستعمرة النحل، وتحصل عندما يبدأ النّحل بتربية ملكة أخرى ضمن المستعمرة حتى تفقس لتأخذ نصف الخلية معها وتغادر. ولحسن الحظ، يمكن ملاحظة بوادر هذه الحالة من تصرّفات الملكة الأصلية التي ستشعر بالازدحام ولن تجد مساحة كافية لوضع البيوض، فنلاحظ عندها بدء ظهور خلايا الملكة فجأةً.

وفي تلك الحالة يجب علينا إمّا إمساك الملكة جسديًا أو باستخدام أداة خاصة. وبعد فصلها عن الخلية نقسّم الإطارات بالتساوي، وندخلها بحيث تكون الحضنة ذات الخلية الملكيّة في المنتصف، وأخيرًا نضع إطارات حبوب اللقاح على كلا الجانبين والإطارات الفارغة مع المشط من الخارج. خلال ثلاثة أسابيع ستفقس البيوض من الملكة الجديدة، وسيكون للخلية عندئذ غذاءٌ خاصٌّ بها.
وفي العادة تكون الخلية نشطة في تلك الفترة وإن لم نرَ ذلك نزوّد الخلية بملكة جديدة. الشّيء الوحيد المتبقي هو مراقبة كل جزء قفير نحل من أجل معرفة ما إن كان هناك أي بوادرٍ لحصول انقسام آخر.

حصن الملكة Queen Castle

ما يميز هذه الطريقة عن باقي طرق تربية ملكات النّحل هو سهولة التنفيذ، والقدرة على تربية عدة ملكات في نفس الوقت. ولكن علينا في البداية شراء صندوق خاص يدعى بحصن الملكة. وهو يتألف من 4 مداخل و4 حجرات مغلقة، وكل قسم يحتوي إطارَين؛ أحدهما للبيوض واليرقات اليافعة والآخر لحبوب اللقاح والعسل.

أي أنّنا نقوم بعمل 4 انقسامات فعليًّا. ثم نضيف قدر ما استطعنا من النّحل في كل قسم، ليتولى مهمة إيجاد البيوض القابلة للنمو لإنتاج الملكات. وفي العادة، يحتوي كل إطار ما بين الواحد إلى عشر خلايا ملكة. لذلك عند اكتمال تطور الخلايا، إمّا نوقف العملية، أو نتركها لتمر بمرحلة انقسام طبيعي في النهاية.

كما توجد طرق أخرى لتربية ملكات النّحل مثل طريقة هوبكنز، طريقة سميث، طريقة ميللر، طريقة كيس وغيرهم الكثير. إلا أننا فضلنا الحديث عن أشيع وأفضل الطّرق المتبعة حاليّاً. ولكن هذا لا يعني أن عالم تربية ملكات النّحل محدود، بل هو بحرٌ شاسع؛ كلّما تعمّقنا فيه كلّما وجدنا طرقًا أكثر فعاليّةً وربحاً وأقل تكلفةً وجهدًا. فما على مربّي النّحل إلا البحث واتّباع ما يراه مناسبًا له.