صناعة قمر الدين ومكونات صناعة قمر الدين
لطالما راودني اعتقاد بأن أصل تسمية مادة قمر الدين يعود إلى حكايةٍ ما.
ارتبطت باسم أميرٍ من الأمراء الذين حكموا الدولة الإسلامية في حقبة ما.
وعزز اعتقادي هذا وجود أسماء تاريخية لأمراء وسلاطين دولة في بلاد الشام ، كنجم الدين وتقي الدين وتاج الدين وغيرهم .
إلى أن بحثت في أصل هذه التسمية، بغية رصد ماهية صناعة قمر الدين ومكونات صناعة قمر الدين .
فوجدت أن التسمية ارتبطت بالمادة ذاتها، واقترانها بحلول شهر رمضان المبارك.
لكن حكايتها لم تكن بعيدة بحال من الأحوال عن أحد الخلفاء المسلمين.
فماذا تعرفون عن أصل هذه التسمية ؟
وعن تاريخ وصناعة قمر الدين ومكونات صناعة قمر الدين ؟
هذا الشراب المنعش الذي لاتكاد تخلو منه مائدة من الموائد الرمضانية.
سنتعرف من خلال هذا المحتوى على صناعة قمر الدين ومكونات صناعة قمر الدين .
ونقدم لكم معلومات تجمع مابين العراقة والتطور، بما يؤهله للتصدير الذي وصل إلى مختلف أصقاع الأرض .
أصل تسمية قمر الدين
وموطنه الأصلي
يعود أصل شراب قمر الدين إلى سورية، التي اشتهرت بصناعته وتصديره.
وتفيد بعض الروايات بأن تاريخ قمر الدين يعود إلى 1400 عام
حيث اعتاد الناس في زمن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك على توزيع شراب المشمش عقب ثبوت رؤية هلال رمضان المبارك من كل عام .
ولهذا أطلق عليه اسم قمر الدين .
في حين تشير بعض المصادر إلى أن أصل تسميته تنسب إلى أمهر من كان يقوم بصناعته، و كان اسمه قمر الدين .
بينما يذكر آخرون أن التسمية ترجع إلى قرية اسمها ” أمر الدين” في بلاد الشام كانت مشهورة بصناعة شراب المشمش .
وبكل الأحوال نجد أن هذه التسمية جاءت منسجمة تمامًا مع شكل ومذاق ومناسبة ومواسم تناول هذا الشراب بكل مايتمتع به من خصوصية .
رحلة قمر الدين من دمشق إلى العالم
في مثل هذه الأيام من كل عام تستقطب غوطة دمشق عشاقها، طلبًا للتمتع بثمارها اليانعة.
ولا سيما أشجار المشمش المكتنزة بحباتها الأرجوانية التي تزداد نضوجًا كلما عانقتها حرارة الصيف الدمشقي .
وتبدأ رحلة صناعة قمر الدين القصيرة والتي لا تتجاوز 45 يومًا فقط، مع تسابق الصناعيين على شراء أكبر الكميات من أهم مكونات صناعة قمر الدين.
ألا وهو المشمش الكلابي تحديدًا، وذلك من مزارعي الغوطة.
والمشمش الكلابي هو النوع الأجود المطلوب في صناعة قمر الدين والمربيّات عبر مئات السنين .
الجدير بالذكر أن أغلب المصانع الغذائية تتوضع في غوطة دمشق أيضًا، ولا سيما مدينة عربين .
مكونات صناعة قمر الدين وخطوات صناعته
في” الباخورة ” يضع الصناعيون حبات المشمش لمدة يوم كامل ، وذلك بعد أن يقوموا بنخبها وغلسها بالماء وضخ الهواء وتعقيمها بمادة زهر الكبريت .
والباخورة عبارة عن غرف اعتاد أصحاب المعامل في مدينة عربين الغوطة على إطلاق هذه التسمية عليها .
بعد ذلك يتم نقل كميات المشمش إلى مكنات العصر والتصفية.
حيث يتم فصل الثمرة عن البذرة أولاً، ومن ثم فصل الألياف والقشور عن العصير .
يليها سكب عصير المشمش المصفى في أحواض كبيرة .
ثم تضاف مادة الجلكوز عيار (٢٨) وهو ما يطلق عليه بالقطر الصناعي.
بالإضافة إلى المواد الحافظة “سلفيت” “والبنزوات” و”سوربات” له، وتبدأ عملية الخلط جيدًا ، ثم تفرد على ألواح خشبية مدهونة بزيت الزيتون.
ويتم نشرها تحت أشعة الشمس إلى أن تجف تمامًا .
قمر الدين مابين السوق المحلية و للتصدير
في المرحلة الأخيرة من صناعة قمر الدين يقوم العمال بنقله، وذلك بعد أن يتم تجفيفه على مساطح كبيرة إلى المستودعات.
بهدف تبريده، ثم تقطيعه حسب رغبة الزبائن وذلك من خلال فرد الدفوف والتنقية لآخر مرة.
ثم المسح بالزيت كي يصفى قمر الدين تمامًا ، بعدها تأتي عملية التغليف بالنايلون، ويوضع تاريخ الإنتاج و علامة المنتج ، ومدة الصلاحية .
وهكذا تنتهي رحلة صناعة قمر الدين بجاهزيته للتوريد إلى الأسواق المحلية ، أو للتصدير خارج البلاد .
تجدر الإشارة إلى أن بعض الصناع السوريين المهرة قاموا بنقل هذه الصناعة العريقة التي انفردت سورية في إنتاجها، إلى الخارج .
وإن كانت لم ترتقي إلى نفس الجودة، وذلك بسبب عدم توفر النوعية المطلوبة لصناعة قمر الدين وهي من أبرز مكونات صناعة قمر الدين ألا وهي المشمش الكلابي تحديدًا والتي تنفرد بزراعتها غوطة دمشق الغناء.
إضافة إلى طبيعة المناخ المختلفة، ما دفع بعض المصنعين إلى استبدال أشعة الشمس بالغلي على النار .
وكذلك افتقاد اليد العاملة الخبيرة في صناعة قمر الدين .
في النهاية لابد من التأكيد على أن سورية الأولى عربيًا في صناعة قمر الدين.
والثالثة عالميًا بعد إيران و الولايات المتحدة الأمريكية .