يتساءل الكثير من النّاس عن الفرق بين التهرب الضريبي والتجنب الضريبي، وخصوصًا أصحاب الشّركات التجارية أو المؤسسات، أو الأفراد الذين يعملون في المجال التجاري. ومن الجدير بالذكر، أنّ هناك الكثير من الأشخاص الذين يخلطون بين الأمرين، وفي الواقع فإنّ هناك فرقًا كبيرًا بين التهرب الضريبي والتجنب الضريبي، وهو موضوعٌ يطولُ شرحه.
منذ بداية تأسيس النّظم الاقتصاديّة للدّول، ووضعها لقوانين الجباية الضّريبية، وموضوع الضّرائب هو الشّغل الشّاغل للتجار والمؤسسات والأفراد، إذ أنها باتت تشكّل مشكلةً كبيرةً لهم، ومما لا شكّ فيه، أنه لا أحد يحبّ أن يدفع الضّرائب مقابل عمله أو أرباحه، ومنذ القِدم، تتوالى المحاولات للتملّص من دفعها، بشكلٍ أو بآخر.وقد بدأ الاقتصاديّون والتّجار، بالاستعانة بخبراء القانون، أو القضاة أو المحامين، يبحثون عن طرقٍ وأساليب، منها ما هو قانونيّ، أو غير قانوني، للتخلّص من الضريبة المترتبة على أعمالهم. أو تخفيضها قدر المستطاع على أقل تقدير.
ضريبة، ضرائب، دفع، فرض، لا شَكّ أنّها مفرداتٌ لها تأثير سيءٌ على السّمع والنّفس، ولن يتوانى أيٌّ منّا أن يتّبع أي طريقة يقال عنها: “أنها طريقةٌ ستساعدك في التخلّص من تأثير هذه المفردات” وهذا المقال لحسن الحظ هو تجسيدٌ حيّ وعمليّ لهذه الطّريقة.
سنتعرّف في مقالنا هذا على معنى الضّرائب وتعريفها، وأنواع الضّرائب المفروضة وشرحها. وسنعرّفك على الفرق بين التهرب الضريبي والتجنب الضريبي بتعريفٍ واضحٍ وشاملٍ لكلٍ منهما، وذلك لتفادي تعرضك للعقوبة إزاء سوء فهمهما، كما سنتطرّأ إلى أهم الأساليب التي يتّبعها المتهربون والمتجنّبون ضريبيّا. وقبل أن ندخل في الفروقات والتّفاصيل، دعنا نبدأ أولًا بالإجابة على السّؤال “ما هي الضّريبة؟” تابع معنا عزيزي القارئ.
ما هي الضريبة
الضريبة: هي المبلغ النقدي أو المادي الذي تجنيه الدولة من المؤسسات والشّركات والأفراد بهدف تمويل خزينة الدّولة في كلّ القطّاعات الخاضعة لتمويل الدّولة، كالتّعليم والجيش والشّرطة، أو لتسديد نفقاتها حسب نظامها الاقتصادي، مثل تطبيق الدّعم لبعض السّلع التجارية أو تمويل البنية التحتيّة، مثل بناء الطرق والسدود، أو التأمين على البطالة.
الجدير بالذّكر أنّ قيمة الضرائب يتم تحديدها من خلال قوانين يتم المصادقة عليها من قبل ممثلي الشّعب. إذ تكون القطّاعات الماليّة المختلفة التّابعة للوزارة هي المسؤولة عن جمع الضّرائب وجبايتها حسب ميزانيّة الدّولة.
قديمًا كانت الضّرائب عبارة عن مبالغ نقديّة، أو عطايا عينيّة. على سبيل المثال: كأن يدفع الفلّاح جزءًا من المحصول الذي ينتجه في السّنة كضريبة. أمّا اليوم فإن فهي تقتصر حصرًا على النّقود.
ما هي أنواع الضرائب
هناك الكثير من أنواع الضرائب التي يتم فرضها على الأفراد والمنشآت والشركات. والتي تختلف تبعًا للقوانين والتشريعات الضريبية من بلد لآخر، ومنها:
- ضريبة الدّخل: تفرض هذه الضريبة على المصاريف والتي يتم الاعتراف بها من قبل المؤسسات الحكوميّة الربحيّة والتي تفرض حسب كميّة الأرباح في المؤسسات الخاضعة لها خلال مدّة معيّنة.
- الضرائب الرأس مالية: تقتصر هذه الضّريبة على نوع محدد من الأموال، والتي يتم فرضها من قبل الحكومة على رأس المال الذي تمتلكه المؤسسات أو الأفراد أو المنظمات الربحيّة. سواء كان رأس المال ثابت أو متغيّر.
- ضريبة القيمة المضافة: يتم فرضها على مالكين البضائع أو السّلع، كنتيجة للفوائد المتزايدة، ابتداءً من مراحل الإنتاج المختلفة، وانتهاءً بمرحلة الاستخدام من قبل المستهلك. كما يطلق على هذه الضّريبة اسم “ضريبة السّلع والخدمات”.
- الضريبة التصاعديّة: تعتمد هذه الضّريبة في مضمونها على على معدّل الضّرائب صعودًا وهبوطًا. إذ تنخفض مع انخفاض الدّخل وترتفع مع ارتفاعه.
- الضرائب النوعية: هذا النّوع من الضّرائب يختلف تبعًا للصنف الذي يتم فرض الضّريبة عليه. على سبيل المثال: الضّريبة المفروضة على العقارات تختلف عن الضرائب المفروضة على الأرباح.
- ضريبة المبيعات: يتم فرض هذه الضريبة على عمليات الإنتاج في مراحله الأولى، وتتعلق بعمليات الاستهلاك عمومًا.
- ضريبة الرّسوم الجمركيّة: تعتبر الأعلى قيمةً بين أنواع الضّرائب، والتي يتم فرضها على البضائع المستوردة من خارج البلاد. ويؤدي ارتفاع قيمتها إلى ارتفاع أسعار البضائع وتكلفة شرائها بالنّسبة للمواطنين المحليّين.
الفرق بين التهرب الضريبي والتجنب الضريبي
إنّ مصطلحا التهرب الضريبي والتجنب الضريبي هما أسلوبان يستخدمهما الأفراد أو المؤسسات أو الشركات لتخفيض قيمة الضّرائب المفروضة. أو لتفادي دفعها بالكامل. وقد يكون هذان المصطلحان متشابهان شكليًا، إلّا أن هناك العديد من نقاط الاختلاف الجوهريّة بينهما، وتكمن أهم نقاط الاختلاف بأنّ أحدهما قانوني ومسموح ولا يستوجب العقوبة. والآخر غير قانوني وتعاقب عليه الدّولة. ولكي نستطيع التّفريق بشكل واضح بين الأمرين، لا بدّ لنا من تعريف وشرح كلّ واحدٍ منهما على حدى.
التهرب الضريبي
هو مصطلح عام، يشير إلى الجهد الذي يبذله الأفراد أو المؤسّسات أو الشّركات للاحتيال والتهرب بشكل غير قانوني من دفع الضّرائب. ويتم ذلك بوسائل كثيرة مشروعة ويعاقب عليها القانون، ويتضمن ذلك تقديم تقارير ضريبية مزيّفة. كأن يتم التّصريح عبر التقارير بأرباح أقل من الأرباح الحقيقية التي تجنيها الشركة أو المؤسسة. حيث يعتبر التهرب الضريبي عمليًا هو إخفاء أو تشويه للوضع الحقيقي للمكلّف تجاه السّلطات المسؤولة عن جباية الضّرائب.
إن التهرب الضريبي أيضًا هو نشاط مرتبط بالاقتصاد غير الرسمي. ويتمثل بمصطلح “الفجوة الضّريبية” للقيمة غير المصرّح عنها من الأرباح. وهي عبارة عن الفرق بين مقدار الأرباح التي يتم تبليغ السّلطات الضريبية عنه، ومقدار الأرباح الفعلي.
التجنب الضريبي
وهو مصطلح يعتمد على تجنّب دفع الضّرائب بشكل جزئي أو كلّي. ويتم ذلك عن طريق إيجاد بعض الثغرات في القانون والتشريع الضّريبي والاستفادة منها، أو عن طريق التّلاعبات التي تنشأ من التعاملات بين الأطراف والتي يجب أن يقدّم تصريح كامل عنها لإثبات أن هذه المعاملات تمت بطريقة حياديّة. ويتم ذلك بشكل قانوني وفق التشريعات الضّريبية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن ينشأ التجنب الضريبي من خلال ما يسمّى “بالتحويل التسعيري” بين الشّركات وفروعها الخارجيّة أو الدّاخليّة أو بين الشّركات متعددة الجنسيّات.
يجب الإشارة إلى أنّ جميع أشكال التجنب الضريبي التي تحدث بسبب بعض الثغرات غير المقصودة من قبل الحكومات، تعتبر جميعها قانونيّة. إلّا أنها أساليب غير قانونيّة تبعًا للرأي العام. وقد تواجه الشّركات التي تتبعها ردّة فعل عنيفة من قبل عملائها النشطين أو عبر شبكات الإنترنت. إلا أن المحكمة العليا في الولايات المتحدة ذكرت أنه «لا يمكن التشكيك بالحق القانوني للفرد في خفض مبلغ ما كان يمكن أن يصبح من ضرائبه أو أن يتجنبه بالكامل عبر وسائل يسمح بها القانون.
طرق وأساليب التجنب الضريبي
هناك العديد من الأساليب التي يمكن أن يتّبعها الأفراد أو الشّركات من أجل تجنّب الالتزام الضريبي، وسنذكر منها:
- تسجيل الشركات أو المؤسسات في أقاليم يطبّق عليها قانون الإعفاء الضّريبي، أو يستفيد من التخفيضات الضريبيّة، بينما تزاول هذه الشركة نشاطاتها في أقاليم ودول أخرى خاضعة لقوانين دفع الضرائب.
- نقل البضائع من الشّركات التّابعة للشّركة الأم مقابل أسعار منخفضة للتحويل، والتي بالكاد تغطّي التكاليف. مما يؤدي إلى انخفاض الأرباح، وبالتّالي انخفاض الضّرائب المترتبة عليه في بلد الإنتاج.
طرق وأساليب التهرب الضريبي
في الحقيقة هناك الكثير من الأساليب التي يتّبعها المتهرّبون ضريبيًا، والتي في مجملها تعتبر أساليبًا غير قانونيّة، وتعرّض المتهرب للعقوبة، وسنذكر منها:
- إخفاء بيانات الدّخل: ويتم ذلك بعدم الإفصاح عن الدّخل الحقيقي للمؤسسات أو الأفراد. حيث يتم الإفصاح عن مبالغ أقل منه بكثير. إلى جانب إخفاء المصدر الحقيقي للدّخل.
- المبالغة في وضع تكاليف المصاريف: ويتم ذلك على سبيل المثال بإدخال المصاريف الشّخصية على أنها مصاريف تجاريّة.
- تقديم معلومات مغلوطة لمصلحة الضّرائب: يتم ذلك عبر تخريف المعلومات الخاصّة بالنفقات التجاريّة وغيرها.
- التّزوير: وذلك بإنشاء قيود غير صحيحة في السجلات أو دفاتر الضّرائب، وإخفاء الأصول التي تعود للأفراد أو المؤسسات وعدم الإفصاح عنها.
- التّسويق والمبيعات الإلكترونيّة: تعتمد هذه الطريقة على عدم وجود أي مقر للشّركة التي تقوم بنشاطها إلكترونيًا على أرض الواقع. وبالتالي صعوبة جباية الضّرائب المترتبة على مبيعات هذه الشّركة.
وختامًا عزيزي القارئ، فقد تعرّفنا في مقالنا هذا على تعريف الضّرائب، وأهم أنواعها ووظيفة كلٍ منها، كما تعرّفنا على الفرق بين التهرب الضريبي والتجنب الضريبي، وقد شرحنا كل واحد منهما بشكلٍ مفصّل، كما زودناكم بالمعلومات حول أهم الطرق والأساليب المتّبعة في تطبيق التهرّب والتّجنّب الضريبي.