الاستثمار في التعليم وأهميته . للتعليم أهمية كبيرة في حياة الفرد وفي حياة المجتمعات، فلولاه لا نهضت أمة ولا قامت
حضارة، ولكنه كما جميع الجوانب المجتمعية يحتاج إلى تمويل وإلى دراسة النواحي الاقتصادية فيه، لذا ركزت أحد
جوانب الاقتصاد على التعليم بشكل أساسي، ويدعى هذا الفرع “اقتصاديات التعليم”
تُعدّ اقتصاديات التعليم أو اقتصاد التربية أو اقتصاد التعليم فرعاً من فروع الاقتصاد، وهي تبحث في جوانب العملية
التربية التي تتعلق بالاقتصاد، منها: التدريب والتعليم في جميع المراحل التعليمية، وتدريب القوى البشرية التي تبحث عن عمل. وبشكل عام، يهتم اقتصاد التعليم بالعلاقة بين المنفعة والنفقة ويهتم بتكاليف التعليم ومردوده، سواء على
مستوى الاقتصاد الوطني أو على مستوى الفرد.
وعُدّت التربية صناعة مربحة، مردودها أكبر من تكاليفها لذا فقد ظهرت الحاجة إلى تنظيم الاستثمار لكي يحقق أكبر
مرود ممكن وأفضل نتيجة ممكنة.
سنستعرض في مقالنا تعريف الاستثمار في التعليم، وأهميته، وجميع ما تحتاج إلى معرفته حول هذا المصطلح.
ما هو الاستثمار في التعليم
نشطت الدعوة إلى تنظيم الاستثمار في التعليم أو “الاستثمار التعليمي” في ستينات القرن الماضي، وكانت وراء زيادة
الإنفاق على التعليم، بغض النظر عن أيّ نتيجة سلبية مثل تخريج عدد كبير جداً من قوى العمل المتعلمة بما لا يتناسب مع سوق العمل.
وبطبيعة الحال، فقد عارض البعض “النظرة الاستثمارية” للتعليم، لأنهم يرون أن التعليم عملية إنسانية تكوّن القيم الروحية والثقافية في الإنسان. لذا، فهم يعدّون النظر إليها على أنها استثمار واقتصاد هي حطّ من قدرها وانحراف بها عن الدور الأساسي والأهم لها. ولكن، لم تلقَ هذه المعارضة تأييداً واسعاً، وذلك لأنه كما يعتقد معظم الأفراد: لا يتعارض دور التعليم في ترسيخ وإعداد الإنسان والقيم الروحية والثقافية مع دوره في ترسيخ الاقتصاد والنهوض به.
العلاقة بين الاقتصاد التعليمي وبين تقدم الدول
يتحدد مستوى الإنفاق على التعليم ومستوى التعليم وجودته بمستوى التطور الاقتصادي للدول. ولذا نرى أنّ مستوى
التعليم في الدول المتقدمة أعلى منه في الدول النامية وذلك لأنّ المخصصات التي توفرها البلدان المتقدمة على التعليم تفوق ما تخصصه البلدان النامية.
تكاليف الاستثمار في التعليم
من الخطأ الاعتقاد أن الاستثمار في التعليم أو الاستثمار في رأس المال البشري لا يكلّف شيئاً. عادة، تتحمل الحكومات (خاصة في البلدان الأوروبية) معظم نفقات التعليم، إلا أن الأفراد يتحملون بعض التكاليف أيضاً. وقد تكون هذه الاستثمارات مكلفة في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أنفقت دول الاتحاد الأوروبية (كحكومات) عام 2005 بين 3%-8% من الناتج المحلي الإجمالي على التعليم. ولكن هذا تقدير غير دقيق لأنه لا يضع بالحسبان تكاليف مثل: التكاليف التي يتم التنازل عنها بسبب عدم عمل الطلاب أثناء دراستهم. وبذلك، تقدر تكاليف التعليم مع تكاليف الفرص
ضعف التكاليف المباشرة وهي حوالي: 10% من الناتج المحلي الإجمالي في دول الاتحاد الأوروبي عام 2005.
عائدات الاستثمار في التعليم
يتم الاستدلال على عائدات الاستثمار في التعليم من خلال الفارق بين الأجور بين الأشخاص المتعلمين والأشخاص
غير المتعلمين، والأشخاص الذين يحملون شهادة دراسات عليا عن الذين يحملون شهادة بكالوريوس، أي الفارق في الأجور بين الأشخاص ذوي مستويات التعليم المختلفة.
بحسب هول وجونز والبيانات الدولية، فإن عائدات التعليم تبلغ متوسطياً 13.4% في سنوات التعليم الأربع الأولي (الصفوف 1 إلى 4)، وحوالي 10.1% في السنوات الأربع التالية (الصفوف 5 إلى 8، وحوالي 6.8% بعد ثماني سنوات. لذا، يمكن التوقع أن الشخص الذي درس لـ 12 سنة، فهو يكسب في المتوسط 3.161 ضعف ما يكسبه شخص لم يتلق تعليم أبداً.
تمويل التعليم: التعليم قبل الابتدائي مثالاً
غالباً ما تموّل الحكومات التعليم المدرسي وتوفره بشكل مجاني أو شبه مجاني.. حيث يؤدي التمويل العام للتعليم المدرسي إلى ازدهار التعليم العالي. بشكل عام، يوجد انقسام بما يخص توفير التعليم الحكومي العام، حيث يعتقد مؤيدو المدارس الحكومية أن توفيره يعزز المساواة في الفرص، والتماسك الاجتماعي، وثقافة الأفراد، وكذلك يزيد من عدد الأشخاص الذين يلتحقون بالتعليم العالي.
لا تزال البيانات حول التعليم ما قبل الابتدائي قليلة، ولكن يمكننا الاستنتاج أن تمويله غير كاف، لا سيما إذا نظرنا إلى الفوائد المتوقعة. فعلى الصعيد العالمي، يمثل التعليم قبل الابتدائي أدنى نسبة من الإنفاق العام على التعليم.