قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هو المحرك للاقتصاد، كما تعد السياحة مكونًا مهمًا من مكونات النشاط الاقتصادي، وذلك لما تلعبه من دور كبير في تحقيق التنمية الشاملة والرفع من المستوى الاقتصادي، لذا سنتحدث عن السياحة الإلكترونية ودورها في تحقيق النمو الاقتصادي.
تعتبر صناعة السياحة من أهم الصناعات العالمية في الألفية الثالثة. حيث أصبحت تطرح نفسها كبديل لمرحلة ما بعد البترول، كما أصبحت قطاعًا اقتصاديًا مهمًا في اقتصاديات الدول، إذ تشكل بعدًا استراتيجيًا في سياساتها، وأصبحت أيضًا عامل منافسة، وهي تخضع للتطور المستمر، ومن أبرز تلك التطورات نجد السياحة الإلكترونية التي تشكل ذلك المزيج بين السياحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصال، أو بعبارة أخرى الاستخدام الفعال لقطاع السياحة لتكنولوجيا المعلومات والاتصال. فالسياحة الإلكترونية في الوقت الراهن لم تعد خيارًا فحسب، بل ضرورة حتمية فرضتها طبيعة الخدمات السياحية من جهة والتنافس المكثف بين الوجهات السياحية من جهة أخرى. وتأتي أهمية السياحة الإلكترونية لما تقدمه من منافع جمة لمنتجي الخدمات السياحية ومستهلكيها على حد سواء. تتمثل في توفير المعلومات، وانخفاض تكاليف الإنتاج ومن ثم أسعار الخدمات السياحية وتطوير منتجات سياحية جديدة.
مفهوم السياحة الإلكترونية
السياحة الإلكترونية هي أنشطة قطاع السياحة بالنسبة للمستخدمين على شبكة الإنترنت. حيث أنها توفر وسائل لإعداد وتخطيط وحجز السفر الخاصة بهؤلاء المستخدمين، عن طريق الإنترنت من تحديد الوجهة، وشراء وسائل النقل، وحجز أماكن الإقامة، وتبادل المعلومات مع المستخدمين الآخرين. وتعرف أيضا بأنها جميع الأنشطة السياحية المرتبطة بالتجارة الإلكترونية والإنترنت. فهي أداة تساعد أصحاب المصلحة في السياحة الذين يريدون تطوير أنشطتهم عبر وسائل الإعلام.
وهي وسيلة للتميز في المنافسة، وتنفيذ استراتيجية المحافظة على العملاء.
كما نستطيع أن نقول وبشكل أوضح أن السياحة الإلكترونية هي عبارة عن استخدام الأعمال الإلكترونية في مجال السفر والسياحة، واستخدام تقنيات الإنترنت من أجل تفعيل عمل الموردين السياحيين والوصول إلى تسهيلات أكثر فعالية للمستخدمين السياحيين، أي أنها وبشكل من التفصيل نمط سياحي يتم تنفيذ بعض معاملاتها التي تكون بين مؤسسة سياحية وأخرى، أو بين مؤسسة سياحية وسائح، من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال، بحيث تتلاقى فيه عروض الخدمات السياحية من خلال شبكة المعلومات الدولية مع رغبات جموع السائحين في قبول هذه الخدمات السياحية المقدمة عبر هذه الشبكة.
أهمية السياحة الإلكترونية
تنبع أهمية السياحة الإلكترونية من المنافع الضخمة التي توفرها سواء لمقدمي الخدمات السياحية أو للسياح أنفسهم. والتي تساهم في تجاوز الحواجز التقليدية في المعاملات السياحية النمطية، ومن أهم هذه المنافع:
- تيسير تقديم المعلومات التي تعتمد عليها صناعة السياحة. حيث أصبح بإمكان المستهلك السياحي الحصول على جميع البيانات والمعلومات التي يحتاجها عن المنتج السياحي من خلال شبكة الإنترنت، ويشمل ذلك معلومات عن الطيران والفنادق والبرامج السياحية وأماكن تأجير السيارات، كما أسهم ذلك في تحقيق رغبات السائح وإرضاء احتياجاته الأساسية، وهذا من خلال إمكانية قيام السائح بإجراء العديد من المقارنات بين المواقع السياحية المختلفة واختيار الأنسب منها دون أن يحتاج إلى الانتقال من مكان إلى آخر.
- تخفيض تكاليف الخدمات السياحية المقدمة، فالسياحة الإلكترونية تقوم بتسهيل إجراء الصفقات مع شريحة كبيرة من المستهدفين، بالإضافة إلى خفض حجم العمالة. فعلى سبيل المثال، يمكن للسائح تسلم تذاكر الطيران الإلكترونية أو قسيمة التبادل الخاصة بحجز أحد الفنادق من خلال بريده الإلكتروني.
- سهولة تطوير المنتج السياحي وظهور أنشطة سياحية جديدة تتفق مع شرائح السياح المختلفة. وذلك بقياس الآراء التي يمكن من خلالها معرفة التوجهات السياحية الجديدة والخدمات الأساسية والمكملة التي يحتاجها السياح.
- زيادة القدرة التنافسية للمؤسسات السياحية بما يسهم في زيادة مبيعاتها و إيراداتها و أرباحها. وهو ما ينعكس في النهاية على زيادة القيمة المضافة للقطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي.
- شيوع استخدام السياحة الإلكترونية دليل على تقدم البنية التكنولوجية والخدمات الإلكترونية في البلد المتواجدة به. وهذا يسهم بإضافة عوامل أخرى في زيادة الاستثمارات الأجنبية وفي تمتع بنية الأعمال الحكومية، والخاصة بالمصداقية في التقارير الدولية.
الجهود الدولية لترقية السياحة الإلكترونية
ظهرت العديد من الهيئات الدولية التي تهتم بمجال السياحة من أجل تنظيمها وترقيتها. ومن أبرز تلك المنظمات، المنظمة العالمية للسياحة التابعة للأمم المتحدة. والتي تلعب دورًا مركزيًا في ترقية السياحة بشكل مسؤول ومستدام. حيث اعتبرت أن السياحة عامل مهم في النمو الاقتصادي. ووجهت نداء إلى رؤساء الدول والحكومات بإدراج السياحة ضمن كل الإجراءات التي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد. ووجهت نداءً للحكومات لتسهيل الإجراءات الإدارية من أجل ترقية السياحة والقضاء على العوائق البيروقراطية غير المفيدة، والمعرقلة لحركة السياحة، والمؤثرة سلبًا على النمو الاقتصادي.
وعلى المستوى العربي تأسست المنظمة العربية للسياحة. والتي وضعت استراتيجية لتطوير وترقية السياحة على المستوى العربي. حيث تقوم المنظمة بترجمة قرارات المجلس الوزاري العربي للسياحة إلى سياسات وخطط للنهوض بصناعة السياحة في الدول العربية. وتعمل جنبًا إلى جنب مع الوزارات والهيئات السياحية العربية وفق منهج علمي مدروس يساهم في تنمية الإنسان العربي في المقام الأول ويحقق أهداف وتطلعات وآمال القيادات العربية في النمو بقطاع السياحة لكونه أحد أبرز العناصر المؤثرة في الناتج المحلي للدول العربية.
بالإضافة إلى المنظمات المختلفة ومنها المذكورة سالفًا. والتي تهتم بتطوير السياحة، فإن هناك منظمة جديدة تهتم بالخصوص بتطوير السياحة الإلكترونية، تم تأسيس المنظمة الدولية لصناعة السياحة الإلكترونية، والتي تهدف إلى تطوير وترقية السياحة الإلكترونية من خلال استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال في المجال السياحي.
تأثير السياحة الإلكترونية على الاقتصاد
تعد السياحة الإلكترونية أحدث صور القطاع السياحي ولها أهميتها الخاصة، والتي تستمدها من تأثيرها على الأداء السياحي عمومًا وعلى بنيان وأداء الاقتصاد القومي خصوصًا، ذلك لكون أن السياحة تشمل جميع الأنشطة الاقتصادية في الدولة وخارجها فهي تؤثر وتتأثر بنشاط الإنتاج والاستهلاك والنقل والرحلات والاتصالات وغيرها. وهي تتميّز بقدرتها على فتح أسواق جديدة إلى جانب التقليدية، مما يضمن المد السياحي طيلة العام، وبالتالي تساهم بشكل فعال جدًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كما أصبح استخدام أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عاملًا منافسًا لكل من المقاصد السياحية والمؤسسات. أي الاهتمام بالسياحة الإلكترونية لتطوير المنتج السياحي لتحقيق مكاسب أكبر مادية ومعنوية في مجال السياحة. لا سيما بعد ارتفاع نسبة إسهام السياحة الإلكترونية في إجمالي التجارة الإلكترونية ودورها في تنشيط وتطوير السياحة بشكل خاص.
من هذا المنطلق تم تطوير وتفعيل أفضل الحلول وأحدث النظم الإلكترونية للخدمات السياحية من حيث العمل على استراتيجيات التسويق الإلكتروني لتحقيق أداء شامل ومتميز يسهم في تطوير المنظومة السياحية، لدعم التنافسية السياحية العالمية لاستقطاب السائحين والاستثمارات السياحية في ظل توافر البيئة والمناخ الاستثماري والصناعات الداعمة لقطاع السفر والسياحة، بما يسهم في زيادة مبيعاتها وإيراداتها وأرباحها وهو ما ينعكس في النهاية على زيادة القيمة المضافة للقطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي، هذا وإن المؤسسات السياحية التي لم تستطع ملاحقة التطور الذي طرأ على التسويق الإلكتروني للبرامج السياحية وتواكب الجديد في هذا المجال سوف تخرج من السوق السياحية الدولية والمحلية خلال السنوات القليلة القادمة.
أخيرًا، بعد أن تكلمنا عن السياحة الإلكترونية ودورها في تحقيق النمو الاقتصادي. نستطيع القول إن السياحة الإلكترونية أحد أهم العوامل التي تستند إليها المؤسسات السياحية على اختلافها. لجذب السياح وأداء وممارسة أنشطتها التسويقية ولا سيما الترويجية منها. وذلك انسجامًا مع التطور الحاصل في البيئة المحيطة، وتطلعات السياح والتغيرات في طرق تعاملاتهم مع البرامج السياحية.