الصناعات الدوائية في الأردن؛ تأسست الصناعة الدوائية في الأردن منذ عام 1962، وأصبحت من أهم القطاعات الاستراتيجية الصناعية الأردنية التي تدعم الاقتصاد الوطني من خلال مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وإجمالي الصادرات الوطنية. وجاء ترتيب هذا القطاع في المرتبة الثانية في إجمالي الصادرات الأردنية لعام 2012. وبالتالي، أصبح الأردن البلد الوحيد في المحيط الجغرافي الذي يصدر أكثر من وارداته من الأدوية. لذلك يعتبر هذا القطاع من القطاعات الرائدة التي بدأت التصنيع في بداية الستينيات وتطورت باستمرار حتى أصبحت رمزا للصناعة الوطنية.

يتم تصدير معظم إنتاج شركات الأدوية المحلية إلى دول الشرق الأوسط والعالم العربي نتيجة لجودتها العالية ومطابقتها لأفضل المعايير والمواصفات العالمية. يتميز السوق الأردني بالانفتاح والمنافسة حيث لا قيود على الملكية الأجنبية أو تحويلات رأس المال. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الأردن من أكثر الدول التي تلتزم بحماية حقوق الملكية الفكرية، وهو أمر مهم جدًا لهذه الصناعة. علاوة على ذلك، فإن توافر العمالة المؤهلة والمتخصصين الأكفاء في هذا المجال يعتبر من أهم مزايا هذا القطاع. خلال الخمسين عامًا الماضية، حدثت العديد من التغييرات في الصناعة الدوائية في الأردن وسوق المنتجات الصيدلانية.

التطور التاريخي للصناعة الدوائية في الأردن

حققت الصناعة الدوائية في الأردن نمواً ملحوظاً منذ إنشاء أول مصنع للأدوية الأردنية عام 1962. وبحلول نهاية عام 2012، كان هناك 17 شركة للأدوية البشرية، بالإضافة إلى سبع شركات استشارات بحثية تدعم مصانع الأدوية في الأردن.

أول شركة لتصنيع الأدوية البشرية، شركة العربية للمستحضرات الصيدلانية تأسست عام 1962، ومثلت الصناعة الدوائية الأردنية بالكامل حتى منتصف السبعينيات. في النصف الثاني من السبعينيات دخلت شركات جديدة: دار الدواء للتنمية والاستثمار تأسست عام 1975، تلتها شركة أدوية الحكمة عام 1977، ثم الشركة الأردنية لإنتاج الأدوية عام 1978. ثمانينيات القرن الماضي، تأسس المركز العربي للصناعات الدوائية عام 1983، تلاه شركة عمان والشركة المتحدة عام 1989. وشهدت صناعة الأدوية توسعاً كبيراً خلال التسعينيات. تم إنشاء ثماني شركات: شركة رام للصناعات الدوائية، تأسست عام 1992، تلتها شركة فيلادلفيا والشرق الأوسط عام 1993. في عام 1994 تم إنشاء الشركة الدولية للأدوية، بالإضافة إلى شركة الحياة، ثم الشركة الأردنية السويدية في عام 1996، تلتها شركة الكندي عام 1997، ثم شركة نهر الأردن عام 1999. وفي عام 2003 تم إنشاء شركة التشانية للصناعات الدوائية والتي عرفت باسم “TREMFARMA”، تليها شركة “IFADA” للصناعات الدوائية في عام 2005.

قنوات تسويق الصناعة الدوائية في الأردن

على الرغم من أن الصناعة الدوائية في الأردن قد نجحت في دخول الأسواق الخارجية من خلال صادراتها التي تشكل حوالي 71٪ من إنتاجها، إلا أن حصة الصناعة من السوق المحلي لا تزال صغيرة نسبيًا، حيث تشكل حوالي 29٪ من إجمالي مبيعاتها. وهي في الواقع نسبة ضئيلة. تمتلك هذه الصناعة أسواقًا راسخة في العديد من الدول العربية والأجنبية، حيث سجل الطب الأردني وفقًا للمعايير الدولية في حوالي 65 دولة في قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية. ومع ذلك، يجب أن تهتم الصناعة بالسوق المحلي بالإضافة إلى أسواق التصدير، مع ضرورة إدراك أن نجاح هذه المهمة يعتمد إلى حد كبير على قدرتها على توفير المنتجات الصيدلانية التي تلبي احتياجات السوق المحلية.

وهذا يعني أن صناعة الأدوية الأردنية يجب أن توفر منتجات متنوعة تلبي احتياجات السوق المحلية. على الرغم من حقيقة أن قيمة صادرات الأردن من المستحضرات الصيدلانية تزيد عن قيمة وارداته، إلا أن سوق الأدوية الأردني لا يزال مستورداً صافياً لمعظم احتياجاته من الأدوية. وهذا يمثل فجوة كبيرة بين العرض والطلب في السوق المحلية. مما يوفر فرصة جيدة لزيادة حصة الأدوية الأردنية في السوق المحلية من خلال تطبيق سياسة استبدال الواردات.

المعرفة التقنية والتكنولوجية في الصناعات الدوائية في الأردن

تمتلك الصناعة الدوائية في الأردن مستوى جيداً من المعرفة والخبرة مقارنة بمعايير الصناعة في المنطقة وفي الدول النامية. حيث أصبح الأردن من بين الدول المصدرة المؤهلة التي يمكنها تقديم المساعدة الفنية لصناعة الأدوية في العديد من الدول العربية والأفريقية. ومن الجدير بالذكر أن أكثر من نصف مصانع الأدوية الحالية قد تم بناؤها وتجهيزها بمعدات متطورة وتكنولوجيا صناعية. مما يوفر منظور إنتاجي كبير. من ناحية أخرى، فإن الفشل في الاستخدام الأفضل لهذا المستوى من المعرفة التقنية والتكنولوجية المتاحة لصناعة الأدوية سيؤدي إلى هدر في الطاقة الإنتاجية.

توفر الموارد البشرية في الصناعات الدوائية في الأردن

يعد توفر الكوادر البشرية المدربة والمؤهلة أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في تطوير الصناعة الدوائية في الأردن. تشير إحصاءات عام 2012 إلى وجود تسع كليات جامعية تقوم بتدريس العلوم الصيدلانية لنحو 7500 طالب وطالبة. هناك أيضًا حوالي 14000 طالب وطالبة في الجامعات الأردنية يدرسون تخصصات دعم العلوم الطبية. بالإضافة إلى كليات المجتمع التي تدرس تخصصات معينة تتعلق بالعلوم الطبية. وبالتالي، يمكن لهذه الموارد البشرية تلبية معظم احتياجات صناعة الأدوية إذا لم تتسرب هذه الخبرات إلى بلدان أخرى.

في الواقع، يجب على شركات الأدوية أن توفر ظروف عمل تنافسية ومشجعة ويجب أن توفر بيئة عمل محلية مناسبة من أجل تقليل تسرب القوى العاملة الطبية الأردنية المؤهلة إلى الخارج.

البحث والتطوير في الصناعات الدوائية في الأردن

عند دراسة الصناعة الدوائية في الأردن، يمكن ملاحظة أن متطلبات البحث العلمي والتطوير لا تزال غير مكتملة. معظم المنتجات الصيدلانية التي تنتجها شركات الأدوية في الأردن تقليد للمنتجات الصيدلانية الأجنبية الأصلية التي يتم تصنيعها بموافقة الشركات متعددة الجنسيات. وهذا مؤشر واضح على أن سياسة تصنيع الأدوية في الأردن لا تدعم البحث العلمي.

بلغت نسبة الإنفاق على البحث والتطوير حوالي 4٪ من إجمالي المبيعات في صناعة الأدوية في عام 2011. ويقدر عدد العاملين في البحث والتطوير بحوالي 5٪ فقط من إجمالي القوى العاملة في هذا القطاع.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن لجنة الحوار الاقتصادي برئاسة وزير الصناعة والتجارة الأردني كانت قد أوصت في عام 2011 بضرورة تعزيز صادرات قطاع الصناعة الدوائية من خلال زيادة القدرة التنافسية لصناعة الأدوية الأردنية وتشجيع البحث والتطوير في هذا القطاع.

أسعار الطاقة وتكاليف الإنتاج في الصناعات الدوائية في الأردن

شهد الأردن منذ فترة 2011-2012 ارتفاعًا مستمرًا في أسعار المشتقات النفطية والطاقة. مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض هوامش الربح بين المنتجين. وفي الواقع، تمثل أسعار الطاقة المرتفعة عقبة رئيسية أمام تطور الصِناعة الدَوائية في الأردُن ومستوى قدرتها التنافسية ؛ خاصة أنها تمثل صناعة تصدير مهمة.

آفاق الصناعة الدوائية في الأردن

بعد تحليل هيكل الصناعة الدوائية في الأردن يمكن الاستدلال على أنها تتميز بدرجة كبيرة من التركيز. ووجود حواجز دخول قد تكون بسبب زيادة حجم السوق للشركات واندماجها، والتي أدت إلى مزيد من القوة الاحتكارية بحيث أن القليل من شركات الأدوية الكبيرة تنتج الحصة السوقية الأكبر. علاوة على ذلك، تركز الشركات في هذه الصناعة على التخصص وتمايز المنتجات. وبناءً على ذلك، فإن هذه الصناعة أقرب إلى احتكار القلة بقوة سوقية ضخمة.

بذلك وصلنا إلى نهاية مقالنا الذي حمل عنوان ما هي الصناعات الدوائية في الأردن. حيث تحدثنا عن عدة جوانب تطال الصناعات الدوائية سواء في تاريخ الصناعة الدوائية أو العمالة اللازمة لها.