المقصود من تأجير شهادات الصيدلة في سوريا

لابد وقد سمع أحدنا بحالات إسعافيه لمرضى وصلوا إلى غرف الاسعاف بعد تناولهم لدواء وصفه لهم شخص يعمل في الصيدلية يعتقد الكثيرون بأنه صيدلاني، وفي حقيقة الأمر فإن عدد من العاملين في الصيدليات لا يحملون أكثر من شهادة معهد، و قاموا بالخضوع لدورات تمريض بسيطة وجلسوا في الصيدليات وكأنهم تخرجوا من عشرات الأعوام ويحملون الخبرة الكافية لدرجة تخوّلهم وصف الدواء لأي مريض يأتيهم، في حين يكون صاحب الشهادة الأصلية يعمل في شركة أدوية طمعاً براتب الشركة وبتأجير شهادته كمصدر رزق ثان.

– الانتشار: لابد هنا من الإشارة إلى أن انتشار ظاهرة تأجير شهادة الصيدلة أو استخدام شخص غير صيدلاني لإدارة الصيدلية يختلف من منطقة لأخرى، ويمكن ملاحظة هذا التفاوت اعتمادا على بعض العوامل:

مراكز المدن:

 تنتشر هذه المخالفات بشكل قليل ضمن مراكز المدن وخاصة الكبيرة منها ، وربما يعود ذلك لعدة عوامل منها تكرار الجولات الرقابية وارتفاع تكاليف تأسيس صيدلية أو استئجارها قائمة.

الأرياف والعشوائيات:

 تنتشر هذه الظاهرة بشكل أكبر وأكثر وضوحاً في الأرياف ومناطق السكن العشوائي، حيث نجد البعض يقومون بتأجير شهاداتهم لأشخاص لبسوا الدور بإتقان، وأطلقوا على أنفسهم لقب ” الدكتور”، فإما أن يستأجر الشخص الشهادة، أو يستأجر الصيدلية التي تكون عادة مفتوحة على اسم أحد الصيادلة النظاميين، ليجد المواطنون بهؤلاء الصيادلة غير الحقيقيين ضالتهم بشراء أي نوع من الدواء دون الحاجة لوصفة طبية بعد أن أصبح الذهاب للطبيب مسألة تحتاج للكثير من التفكير والحساب المادي نتيجة ارتفاع معاينتهم بشكل كبير.

المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة:

 ونجد فيها أن الوضع أسوا كثيراً مما نتخيل حيث يلحظ فيها أن وضع المهنة لا يخضع لأي قوانين ناظمة مما سهل كل أشكال المخالفات سواء تأجير الشهادات وانتحال الصفة العلمية أو بيع الأدوية المهربة وحتى الإتجار بالأدوية المخدرة دون حسيب أو رقيب .

التمييز بين مساعد الصيدلي ومنتحل الصفة:

من الطبيعي أن يكون هناك مساعدون للصيادلة في صيدلياتهم وهو شيء شرعه المرسوم 12 لعام 1970 الناظم لعمل المهن الطبية ، إلا أنه لا يحق لهم أن يصرفوا وصفات طبية من تلقاء أنفسهم، فالصيدلاني هو الضامن الأساسي لوصفة الطبيب، وتعليمات صرف الدواء بالشكل الأمثل للمريض.

أسباب تأجير الشهادة:

 هناك أسباب كثيرة قد تكون السبب بدفع البعض لسلوك هذا الفعل يمكن تلخيصها بما يلي :

أ-ارتفاع تكاليف افتتاح الصيدلية بشكل كبير خلال سنوات الأزمة.

ب-مصدر دخل ثاني للصيادلة العاملين في مجال الدعاية أوفي معامل الأدوية.

ت-اكتفاء بعض الصيادلة الإناث بالعمل المنزلي بعد الزواج.

ج-رسم عدم مزاولة المهنة للصيادلة الغير قادرين على افتتاح صيدلية.

ح-خدمة الريف سبب يدفع الصيدلاني لتأجير الشهادة واستئجار شهادة ترخيص دائم للعمل ضمن المدينة.

‏الرقابة والعقوبات:

عملية الرقابة على الصيدليات تتم عن طريق نقابة الصيادلة بالتعاون مع دائرة الرقابة الدوائية التابعة لمديرية الصحة وعادة ما يقوم ثلاثة أشخاص على الأقل بهذه الجولات. ‏

عند وجود مخالفة يوجّه الإنذار للصيدلي ثلاث مرات، يعقبها تنبيه، وفي حال تكررت المخالفات يحوّل الصيدلي إلى مجلس تأديب من قبل نقابة الصيادلة ثم يجري تحقيق معه من قبل مديرية الصحة.

كما يغرم الصيدلي بمبلغ يتراوح بين 3000ـ 5000 ليرة سورية، وعند تكرار الشكاوى يتم إغلاق الصيدلية لمدة

أقصاها شهر، كما يتم سحب رخصة الصيدلي كحل أخير في حال عدم الالتزام.

الحلول المقترحة:

أ- تكثيف الجولات الرقابية وتشديد العقوبات الرادعة للحد من هذه الظاهرة.

ب- تقديم تسهيلات مالية للخريجين الجدد غير القادرين على تحمل أعباء افتتاح صيدلية جديدة، حيث تصل هذه

التكاليف للملايين وأحيانا عشرات الملايين، وهو رقم كبير جدا بالنسبة لعدد كبير من الخريجين الجدد خاصة أبناء

الريف والعشوائيات.

ت- مناقشة إمكانية إلغاء خدمة الريف، خاصة بعد أن تزايد عدد الصيادلة بشكل كبير وتوافر صيادلة كثر من أبناء

الريف في العديد من هذه المناطق، والقدرة عن الاستغناء عن أبناء المدن لتخديم هذه المناطق.

ج- إلغاء رسم عدم مزاولة المهنة لتخفيف الأعباء عن الصيادلة.

– المواطن شريك في الحلول: تسعى النقابة إلى اجتثاث هذه الظاهرة التي أساءت إلى سمعة المهنة من خلال التنسيق

مع جميع الجهات المختصة لإعطاء الصيدلاني دوره الحقيقي والفاعل في المجتمع، ولكن هذا الضبط يحتاج إلى

تعاون من قبل المواطنين، وذلك بإخطار الجهات المسؤولة عن المخالفات عند ملاحظتها، فإذا لم ترد الشكوى من

المواطنين أنفسهم سيكون عمل النقابة والهيئات الرقابية ضعيفاً، لذا المطلوب هو التعاون الحقيقي من قبل المواطنين .