ارتفاع مستمر لسعر صرف الدولار في لبنان، اليوم السبت الموافق 13 آذار 2023. حيثُ سُجّل سعر صرف الدولار في السوق السوداء، قفزات متتالية مجموعها قارب 1000 ليرة ليبتعدِ سعر الصرف عن رقم ال 10000 الذي كان منذُ أيامً فقط رقماً مُستهجناً وغريباً وقياسياً !

ووصل السعر الى ما يقارب 12000 ليرة لبنانية في رقم قياسي جديد.

ويجمع الخبراء الإقتصاديون في لبنان، على أن لا مبرر لهذا الارتفاع الجنوني المتواصل. وإن كان اساس الارتفاع باتَ معروفاً وتفاقمه مِنصات التسعير وصرافون يعملون لمصلحة بنوك محددة تقوم بِنهب الدولار من الأسواق.

يُشار إلى أنّ السعر الرسمي للدولار الواحد هو 1500 ليرة لبنانية، أما السعر على المنصة فهو 3900 ليرة للدولار الواحد.

مُلاحقات وعقوبات من الحكومة اللبنانية

يتزامنُ ارتفاع الدولار أمام اللّيرة على الرغم من إجراءاتٍ أمنيّة واسعة للسيطرة على السوقِ الموازية. حيثُ نفذت أجهزة الأمن اللبنانية حملات دهم لمنازل بعض الصرافة.

وحسبَ تقاريرٍ إعلاميّة، تمّ توقيف العديد منهم ومصادرة مبالغ بالدولار بحوزتهم والحملة شملت مناطق في بيروت والضاحية الجنوبية والبقاع.

كما أعلنت هيئة “أوجيرو” في بيانٍ لها، أنّها “قامت بإبلاغ الجهات القضائية المعنية بملف حجب المواقع الإلكترونية والتطبيقات والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي. بتحديد سعر صرف الدولار مقابل العملة الوطنية في السوق السوداء”.

احتجاجاتٌ عارمة

شهدَ لبنان منذ الأسبوع الماضي، ارتفاع مستمر لسعر صرف الدولار، إذ تخطى عتبة الـ 10 آلاف ليرة للدولار. الأمر الذي أعاد تفجير موجة الاحتجاجات وقطع الطرقات في بلادٍ تعاني من أسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخها.

حسبَ المصادر الصحفية في بيروت. يؤثّر التدهور القياسي في سعر العملة على قيمة رواتب موظفي القطاع العام ‏والقطاع الخاص الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية. وباتت قيمة الحد الأدنى ‏الشهري للأجور (675 ألف ليرة) تعادِل 67 دولاراً فقط. رغم أنه وفق سعر ‏الصرف الرسمي يعادل (450 دولاراً). وتتدنى قيمة الرواتب لدى موظفي الفئة ‏الأولى من الدرجة الأولى (مديرين عامين) الذين يتقاضون نحو 4.5 مليون ليرة ‏وباتت تعادل 450 دولاراً. أمّا موظفو الفئة الأولى الذين قضوا سنوات طويلة ‏في الخدمة وحازوا على 22 درجة، فباتت رواتبهم تعادل 900 دولار في الشهر‎.

وفي السياق قالَ رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برّو. “إن القدرة الشرائية للمواطنين تراجعت بنسبة 650%، والحد الأدنى للأجور بات يساوي 65 دولار، وبالتالي من يتقاضى أجورًا زهيدة لا يمكنه الصمود بوجه إرتفاع الأسعار”.

ولفتَ برو في حديثٍ صحفيّ له. إلى أن الأسعار ترتفع دون أيّ قاعدة، بغض النظر عن إستقرار سعر الصرف أو إرتفاعه. وذلكَ بسبب السياسات التي تفاقم الأمور أكثر. وغياب المنطق السليم عنها، كما أن سياسات الترقيع كترشيد الدعم لن تنفع بعد اليوم، فالمطلوب إستهداف الفقراء مباشرةً.

كما رأى برو، أن تحالف بعض التجار الكبار والمصارف والطبقة السياسية يقف وراء هذه السياسات. وهذا التحالف لا يريد أن يتوجه للإصلاحات الإقتصادية والإجتماعية لأنها ستطيح به خارج الحكم، إلّا أن الإستمرار على المنوال نفسه سيوصله إلى هاوية مفتوحة.

أسبابٌ كثيرة للإنهيار

عواملٌ كثيرة أدّت إلى تسريعِ انهيار الليرة اللبنانية في الفترة الماضية، يقسمُها الخُبراء الاقتصاديون بين سياسية، اقتصادية، نقدية ومالية، إضافة إلى المضاربة. يشير برو إلى أن “العملة تعكس بعلم الاقتصاد ثروة البلد، كلما كانَ قوياً كانتِ العملة قوية وبالعكس، كلّ ذلك يحدده بالدرجة الأولى حجم التبادل التجاري مع الخارج. في لبنان الاقتصاد منهار، الدولة غائبة، تهريب دون رادع والتبادل التجاري مع الخارج يكادُ ينعدم.

ما مستقبل الليرة اللبنانية ؟

يتفق خبراء الاقتصاد على أنه لا يمكن لأحد التنبؤ بالرقم الذي قد يصل إليه الدولار بشكلٍ محدد، فذلك مستحيل بعلم الاقتصاد. ويشرحُ الخبير الاقتصادي، البروفيسور جاسم عجاقة. أنّ الحكومات بالعادة تضعُ سعرَ صرف تطمح اليه، وعلى أساسهِ تٌطلق خططاً وإجراءات من شأنها الوصول إلى الهدف بالسعر المحدد. أو في المقابل تحدد جهات أخرى ما تريده من سعر صرف وتعمل اقتصادياً وامنياً وسياسياً على بلوغهِ. هي بالتالي خطة يعمل على أساسها وليست ضرباً من التنجيم أو التوقعات والصدف.

اقرأ أيضاً : قطاع السيارات في لبنان في أزمة كبيرة