انهيار الليرة اللبنانية مُستمر. حيثُ تراوح سعر الدولار في السوق السوداء اليوم الثلاثاء الموافق 16 آذار 2023. ما بين 14900 و15000 ليرة لكل دولار، وبذلكَ تكون اللّيرة اللبنانية قد خسرت حوالي تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار. فيما لا يزال سعر الصرف الرسمي يساوي 1507.

وإثَر ذلك، خرجت مسيرات احتجاجية في العاصمة اللبنانية بَيروت وعدد من المناطق في شرق البلاد وشماله بعد ظهر أمس الإثنين. وذلكَ بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار أمام اللّيرة اللبنانيّة، وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بشكلٍ كبير.

ففي العاصمة بيروت، قطع عدد من المُحتجين الطريق في ساحة الشهداء بالإطارات المشتعلة. فيما قطع آخرون الطريق في منطقة البربير باتجاه كورنيش المزرعة. وطريق المدينة الرياضية باتجاه الكولا، وأضرموا النيران بمستوعبات النفايات، كما قطَع محتجون آخرون الطريق أمام مصرف لبنان في الحمرا.

لبنان في حالة فوضى

إنَّ العديد من المحال التجارية “السوبرماركت” قد أقفلت أبوابها جراء ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية الذي سجل اليوم ارتفاعاً جديداً حيثُ لامس عتبة 15 الف ليرة لبنانية.

وكانت احتجاجات شعبية قد انطلقت منذ بداية مارس/آذار الحالي بعد بلوغ سعر صرف الدولار عتبة الـ10000 ليرة لبنانية. وشملت كافة المناطق اللبنانية من الشمال إلى الجنوب والشرق وجبل لبنان بالإضافة إلى العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية.

أسباب الانهيار السريع

قالَ الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، “إن الموضوع لم يعد اقتصادياً صرفاً، بل سياسيّ وبإمتياز، لأن سعر صرف الدولار تخطى المنطق الااقتصادي وصار في خانة اللعبة السياسية”.

ورأى عجاقة أن ذلكَ ضِمن مخطط معين هدفه الفوضى، ففي حال صعود الدولار يكون من المتوقع ردة فعل غاضبة من الشارع.

ولفتَ إلى أن أسباب انهيار الليرة اللبنانية تشمل عدم إعطاء المصارف الدولارات وعجز المالية العامة وإحتفاظ المواطنين بمبالغ من العملة الأميركية في المنازل، تحسباً لأيام سوداء.

ويعتبر عجاقة أن أفق الحل مسدود حاليا، إلا إذا عادت الثّقة بالاقتصاد اللبناني، وذلكَ غير ممكن، ما لم يتم الحديث مع صندوق النقد الدولي، وهذا مفقود في غياب الحكومة، وحكومة تصريف الأعمال تعمل في الحدود الدنيا.

وأضاف أن صندوق النقد الدولي جاهز للتحاور مع الجِّهة اللبنانية، لكن ليست هناك حكومة للتفاوض معها، في ظل حالة الفراغ الحكومي.

الاسوأ لم يأتِ بعد

يتزامنُ التدهور الجديد مع ملاحقة السلطات للصرافين وللمنصات الإلكترونية غير الشرعية التي يتابعها اللبنانيون لمعرفة سعر الصرف في السوق السوداء. في خطوةٍ انتقدها محللون ومستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي، باعتبار أنّ المشكلة لا تكمن في المنصات والحل يتطلب اجراءات جذرية من مصرف لبنان والسلطات المعنية.

وباءت محاولات سابقة للسلطات للسيطرة على سوق الصرافة غير الشرعية بالفشل.

وينعكسُ الانخفاض في العملة المحلية على أسعار السلع والمواد الغذائية وكل ما يتم استيراده من الخارج. وتدنّت القدرة الشرائية للمواطنين، بينما ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية بشكلٍ جنوني وبلغت نسبة الارتفاع 144 في المئة. وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي. وباتَ أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، حيث بات الحدّ الأدنى للأجور في لبنان أقل من 50 دولارا أمريكياً.

وعلى وقع شحَ السيولة ونضوب احتياطي المصرف المركزي المخصص لِدعم السلع الاستهلاكية الرئيسية. ينبّه خبراء من أنّ “الأسوأ لم يحدث بعد”، فيمَا تعجزُ القوى السياسية عن تشكيل حكومة تمضي قدماً باصلاحاتٍ عاجِلة لضمان الحصول على دعم المجتمع الدولي.

اقرأ أيضاً : لبنان يعاني من أزمة اقتصادية وانهيار كبير في البلاد