سعر صرف الدولار في لبنان بما يتأثر وعلى من يؤثر
عانى اللبنانيون منذ بداية عام 2023 من ارتفاعٍ جنونيٍّ في سعر صرف الدولار الذي تخطى حاجز ال10 آلاف ليرة لبنانية مقابل دولار واحد، مع توقعات بازدياد ارتفاعه دون وجود سقف محدد له، في المقابل، يحافظ الدولار لدى الصرّافين على حاله، بين 3850 ليرة للشراء، و3900 ليرة للبيع، وهو الدولار الغير متوفر عملياً؛ في ظل هذه الأوضاع يشهد لبنان انهياراً اقتصادياً شاملاً يُصيب كل مكنونات الدولة، وقال صندوق النقد الدولي قبل أيام: “إنّ تشكيل حكومة لبنانية جديدة ذات تفويض واضح ضروري لتنفيذ إصلاحات اقتصادية تشتد الحاجة إليها لانتشال البلد من أزمته المالية”، ويقول المانحون الأجانب أنّهم لن يقدموا يد العون للبنان، الغارق في الديون، ما لم يعالج الساسة اللبنانيون مشاكل الفساد والهدر باعتبارها السبب الرئيسي للانهيار.

أسباب ارتفاع الدولار

من المعروف أنّ سعر صرف الدولار يُحدَّد وفقاً للعرض والطلب، فإن ارتفع الطلب أكثر من العرض، يرتفع السعر إلى حدّ مساوة العرض والطلب. وبالتالي، السبب الرئيسي لارتفاع سعر صرف الدولار بشكلٍ عام هو ارتفاع الطلب على العرض، أما العوامل التي تؤثر على العرض والطلب في لبنان تحديداً، فلخّصها الخبير الاقتصادي “جاسم عجاقة” بـ 7، يأتي في مقدمتها انعدام الثقة بالاقتصاد والقطاع المصرفي، وهذا الأمر يزيد من مخاوف الناس ويرفع الطلب؛ الوضع المالي للدولة اللبنانية الذي تأزّم بعد إعلان الحكومة عجزها عن دفع استحقاقاتها من الأوروبوندز، وهذا الأمر يوقف توافد الدولار إلى لبنان ممّا يُقلّل العرض بحكم أن الدولارات المتوافرة في مصرف لبنان والمصارف اللبنانية محدودة؛ تدهور الاقتصاد اللبناني إلى الحضيض مما يحدّ من قدرة التصدير خصوصًا مع تفشّي فيروس كورونا، وهذا الأمر يُقلّل من التصدير وبالتالي يحدّ من العرض؛ عدم توفر خطّة إنقاذية من الحكومة، مما يؤدّي حكمًا إلى فقد ثقة المستثمرين (إنخفاض العرض) والمواطنين (إرتفاع الطلب)؛ “المضاربة” حيثُ خرج سوق الصيارفة غير المرخصين عن السيطرة على الرغم من بدء عملية ملاحقتهم من قبل الأجهزة الأمنية، ما يزيد من مخاوف المواطنين ويرفع من سعر الدولار اصطناعيًّا؛ التخزين الكبير للمنتجات الذي قام به المواطنون والشركات، ما قلّل من قيمة العرض؛ وأخيراً العقوبات الأميركية التي حدّت من توافد الدولار الأميركي إلى السوق اللبناني.
من جهةٍ أُخرى صرّحت مجلة “الجمهورية” عن تحليل أوساط مطّلعة قائلةً أنّ ارتفاع سعر الدولار حتى العشرة آلاف ليرة يعود إلى الأسباب التالية: مبادرة بعض المصارف الى “شفط” الدولار من السوق لرفع رساميلها، وفق ما طلبه مصرف لبنان المركزي؛ إعادة فتح الأسواق بعد إقفال الأسابيع الماضية، وحاجة التجار الى الحصول على الدولار لشراء بضاعة جديدة؛ انسداد كل المنافذ السياسية وافتقاد الناس الى الأمل والأمان ما يدفعهم الى استبدال ما يملكونه من ليرات بالدولار تحسّباً للمجهول.

رد فعل اللبنانيون على هذه الأوضاع

غرّدت الباحثة في مركز كارنيغي مها يحيى “في هذه الأثناء تنهار ليرة لبنان أكثر فيما الجمود السياسي مستمر ولا سياسات لوقف الانهيار! دعم الفقراء اللبنانيين المثقلين بالتضخم لا يكفي”، وينعكس الانخفاض في العملة المحلية على أسعار السلع والمواد الغذائية وكل ما يتم استيراده من الخارج. وقد ارتفعت أسعار السلع بنسبة 144%، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، الأمر الذي جعل أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر جائعين متحسرين على أيام الليرة الثابتة، ومع تجدد التحركات الشعبية الاحتجاجية في الشارع اللبناني، نُقل عن مرجع سياسي غضبه الشديد من وصول الأوضاع إلى هذا الحد قائلاً: “استغرب كيف أنّ الناس تأخروا حتى يثوروا، وكيف انّ نقمتهم لا تزال ضمن هذه الحدود؟”.