تواجه العائلات السورية تحديا غير مسبوق في التخلي المستمر عن أبسط مستلزمات موائدها الرمضانية التي طالما كانت عامرة، وهي اليوم تشهد تقشفا” ينحدر بشكل جائر وسريع نحو الحرمان الذي حارت معه ربات البيوت في كيفية التحايل عليه لتعويض هذا الفقد المتصاعد لمواد غذائية أساسية وخضراوات كانت قبل فترة وجيزة تقوم مقام العديد من أصناف اللحوم والفاكهة والحلويات كبدائل تفي بالغرض ،
لكنها لم تعد متوفرة أيضا بحكم لهيب الأسعار المتصاعد بتواتر شبه يومي والذي فاق كل التوقعات، والأقسى أنه لازال في تصاعد يستنزف ماتبقى من صبر ومدخرات عجزت خلاله كل أساليب التقنين عن توفير بدائل لم يعد مهما” أن تكون غذائية بقدر ماهي قادرة على سد رمق شريحة واسعة من أصحاب الدخل المحدود. فصاحب الأسرة المؤلفة من خمسة أفراد وسطيا ، والذي كان قبل عام فقط يستعيض عن الفاكهة واللحوم بالخضراوات لم تعد تفلح حساباته التوفيرية المضنية في تأمين وجبة غداء خالية من اللحوم والدهون ذلك أن كيلو البطاطا وصل سعره اليوم ١٧ / ٤ / ٢٠٢١ إلى ١٢٠٠ ليرة سورية في دمشق ، والبندورة كذلك الأمر ، وقس على ذلك .
أما سعر كيلو الطحين فقد تجاوز ٢٢٠٠ ليرة ، والبرغل الخشن والناعم ٢٠٠٠ – ٢٥٠٠ حسب المنطقة ، ومابين الريف والمدينة أيضا .
كما بلغ سعر كيلو الرز الإسباني ٤٥٠٠ ليرة والمصري بأنواعه ٣٥٠٠ – ٣٧٠٠ ليرة سورية .
ومعلوم أن هذه المواد عماد موائد السواد الأعظم من الأسر الكادحة .
بينما بلغ سعر كيلو الدجاج ٨٥٠٠ – ٨٠٠٠ ليرة ، ولحم الغنم ( المسوف ) أي فيه نسبة من الدهن وسط سوق سريجة الشعبي بلغ سعره مابين ٢٣٥٠٠ – ٢٤٠٠٠ ليرة والهبرة الخالصة ٣٢٠٠٠ – ٣٥٠٠٠ ليرة .
أما سعر الزيت النباتي الذي كان قبل أشهر فقط سلوى الموائد وعزاءهم في ظل وداع السمن البقري والنباتي ، فقد تساوى سعره مع زيت الزيتون ليتجاوز ١٠٠٠٠ ليرة سورية .
ولم تعد عصائر التمر هندي والقمر الدين مثار اشتهاء أو طلب ، بعد أن غدت الشريحة منها بسعر ٦٠٠٠ إلى ٨٠٠٠ ليرة سورية . أما سعر التمر يترواح مابين ٦٠٠٠ إلى ٢٠٠٠٠ حسب نوعه ومصادره .
بالمحصلة وبعيدا” عن كل البيانات والإحصائيات المؤلمة التي ترصدها مواقع وبرامج عالمية حول تصدر سورية للأسف قائمة الدول الأكثر فقرا في العالم ، وتزايد نسبة المواطنين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي ، ورغم بلوغ القلوب الحناجر لدى السواد الأعظم إلا أنهم محكومون بالأمل من منطلق الحب والإنتماء للوطن بأن معالجة هذا الواقع ولو نسبيا لايتطلب إلا تفعيل دور الرقابة التموينية وحماية المستهلك وتطبيق قانون المحاسبة بصورة صارمة من شأنها أن تحد من ظاهرة
الإحتكار للسلع والمواد والتلاعب بوجودها أو فقدانها من السوق ، وكذلك البيع المزاجي تبعا لسعر الدولار دون وازع أو رادع ، أو حتى دراسة موضوعية عادلة ومنطقية لهذا الارتفاع في الأسعار عموما ، وذلك انطلاقا من مفهوم شعبي عميق الإنتماء ، وتقديرا لأبعاد كل الضغوطات الإقتصادية … وإلا ستبقى هذه الأسواق ساحة صراع غير نظيف على لقمة الشعب السوري وكسائه من قبل تجار الأزمات في المقدمة والعاملين تحت تصرفهم ، وضعاف النفوس وقساتها من أبناء هذا الوطن ، فمن الطبيعي حكما أن نعيش حالة من الغلاء العام في ظل ما انتاب الوطن خلال سنوات الحرب على كافة الأصعدة وفي مقدمتها الاقتصاد السوري المستهدف في الصميم ، لكن من غير الطبيعي وغير المقبول شرعا وقانونا وإنسانية التحكم المزاجي بقوت المواطن وأبسط متطلباته المعيشية