مازال الخلاف قائماً بين كل من دولة مصر وإثيوبيا وذلك بسبب قيام اثيوبيا بتشييد سد النهضة على نهر النيل وهو ما يعد تهديد مباشر لأمن مصر والسودان المائي ويتمحور الخلاف حول الفترات التي سيتم خلالها ملء السد وكيفية تشغيله. حيثُ رفضَت مصر المقترح الإثيوبي بشأن اختيار وترشيح مشغلي سدود من مصر والسودان للإشراف على التعبئة بجانب الخبراء الإثيوبيين.

وتمسّكَت مصر بموقفها تجاه حل الأزمة بشكلٍ سياسي. إلّا أنّها اعتبرت على لسان المتحدث باسم وزارة الري والموارد المائية، محمد غانم، أنّ الاقتراح الإثيوبي من أجل تبادل البيانات قبل الملء الثاني لسد النهضة يعتبر “التفافاً” على مبدأ الوصول المشترك للدول الثلاث لاتفاقٍ قانوني عادل وملزم لتحديد ملء وتشغيل السد.

حوارات متعرقلة

لفَت الإثيوبي باسم وزارة الري والموارد المائيّة المصرية إلى تقديم مصر لما يقارب 15 سيناريو بخططٍ محكمة للملء الثاني للسد. والتي قوبلَت برفضٍ إثيوبي وانتهاء المفاوضات بين الدول الإفريقية الثلاث في كينشاسا، عاصمة الكونغو الديمقراطية، الأسبوع الماضي دون أي تقدمٍ حول الاتفاق.

نتيجةً لذلك، تلاها رفضٌ من جهة مصر والسودان يوم السبت الموافق ل10/4/2023، حول الاقتراح الإثيوبي عن تبادل المعلومات عن سد النهضة. حيثُ وصفَهُ الإثيوبي بأنه كلامٌ لا معنى لهُ، حيثُ أنّ تبادل المعلومات يتم بعد الاتفاق بين الأطراف، لافتاً لعدم ضرورة إرسال خبراء إلى السد حيثُ يمكن الحصول على المعلومات وبيانات السد من خلال الأقمار الصناعية.

كما أفاد بأن مصر ليس لها مشكلة في تلبية أي دعوة، ولكن يجب أن تكون هناك إرادة سياسية لدى الجانب الإثيوبي للوصول إلى اتفاق، لعدم إضاعة المزيد من الوقت. ودعا إثيوبيا لجولة مفاوضات جديدة ممثلاً الموقف المصري المتمسك بالحل السياسي.

أما وزيرة الخارجية السودانية، مريم المهدي، فقد صرحَت أنّ الجولات السابقة من المفاوضات التي جرت تحت رعاية الاتحاد الأفريقي في كينيا لم تجدي بتاتاً، وأهدرَت 200 يوم من المفاوضات، وكانت نتيجتها تراجعاً حتى عما تم تحقيقه بالفعل وتم الاتفاق عليه في الجولات السابقة.

ونشرَت “جريدة الشروق” خبراً على لسان وزير الري والوارد المائيّة، محمد عبد العاطي، أن مصر لن تسمح بـأزمة مياه.

وبيّنَ عبد العاطي في تصريحاتٍ تلفزيونيّة، مساء السبت، عقبَ الإعلانِ عن رفض المقترح الإثيوبي، أن إثيوبيا “غير جاهزة”، ولفتَ إلى أنه من مصلحة إثيوبيا، ومن مصلحة مصر والسودان، أن يكون هناك اتفاق. وفي حال عدم التوصل لحل ستكون “مشكلةً على الجميع”.

مبادرات مصر والسودان لحل أزمة سد النهضة

اعتبرَ وزير الخارجية المصري، سامح شكري، سابقاً أنّ المفاوضات في الكونغو ستكون الفرصة الاخيرة للأطراف للاتفاق العادل والمتوازن حول ملء وتشغيل سد النهضة، وقبل موسم الفيضان مشيراُ إلى ضرورة توافر الإرادة السياسية والنوايا الحسنة لدى كل الأطراف، كي يكون ممكناً التوصل لحل للأزمة العالقة.

و أكدّ السفير أحمد حافظ بتصريحٍ له أن الجانب الإثيوبي قد تعنت ورفض العودة للمفاوضات مراراً، ووضعَ المفوضات بموقفٍ معيق، سيؤدي إلى تعقيد أزمة سد النهضة وزيادة الاحتقان في المنطقة. وأشارَ لتقدير مصر للجهد الذي بذله الرئيس الكونغولي، فيليكس تشيسكيدي، في هذا المسار، وعن استعداد لإيجاد حل للقضية، بشكلٍ سيعزز من الاستقرار في المنطقة.

وأفادت مصادر في وقت سابق بأن مصر والسودان تمسكوا بمطلب توسيع الوساطة الدولية، وطالبوا باستئناف المفاوضات بين الدول الثلاث بمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى جانب الاتحاد الأفريقي كوسطاء لإنجاز اتفاق.

إلّا أنّ إثيوبيا رفضَت مجدداً المقترح معتبرةً أن الاتحاد الإفريقي كافٍ لرعايّة المفاوضات. وأعلنت إصرارها على الملء الثاني لخزان السد في موسم الفيضان المقبل، والذي يبدأ في يوليو المقبل.

مبادرات دولية في ظلّ تهديدٍ لأمن المنطقة

صرحَ الرئيس المصري قبل عدة أشهر ، عبد الفتاح السيسي، أنّه لن يسمح لأحدٍ بأخذ نقطة مياه من مصر ، وصعدَ الموقف بأنّ مصر قد تلجأ للحل العسكري في حال فشل كل جهود المفاوضات، كما حدثَ فعلاً، في التوصل لاتفاقٍ بالتراضي.

وأكدّ السيسي أنه لا يهدد أحداً، “لكن مياه مصر لا مساس بها، والمساس بها خط أحمر، وسيكون رد فعلنا حال المساس بها أمرٌ سيؤثر على استقرار المنطقة بالكامل”. لكّنه شددَّ على أن التفاوض هو خيار مصر الأول.

وتطالبُ مصر بأن تمتد فترة ملء السد إلى عشر سنوات مع الأخذ في الاعتبار سنوات الجفاف، بينما تتمسك إثيوبيا بأربع إلى سبع سنوات وذلك بدلاً من سنتين إلى ثلاث، حسب مصادر حكومية إثيوبية.

نتيجة للتعثرات المتتالية، حذرت الخارجية الأمريكية من أي خطوات أحادية في أزمة سد النهضة، ودعَت الأطراف لضبط النفس.

وبيّنَ مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، أنّ بلاده مستعدة لتقديم العون لإثيوبيا في حلّ أزمة سد النهضة، وكذلك النزاع الحدودي بين إثيوبيا والسودان، والصراع في إقليم تيغراي.

وبحسب بيانٍ سابق للبيت الأبيض، اتفق الجانبان على أهمية الدعم الذي يقدمه الاتحاد الأفريقي للوصول إلى حل سلمي لأزمتي سد النهضة، وأراضي الفشقة الحدودية بين إثيوبيا والسودان.

اقرأ أيضاً : وزارة التخطيط تطلق حملة مليون ريادي في مصر