بعد أن تفاجأ العديد من المستخدمين الأستراليين من حظرهم عن مشاركة ورؤية المحتوى الإخباريّ على منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك، والذي شملَ حتى محتوى الطقس و مؤسسات الصحة وخدمات الطوارئ وحتى بعض الجمعيات الخيريَة،  نتيجة النزاع بين الحكومة الأستراليّة و فيسبوك حول القانون الجديد المثير للجدل الذي فرضته الحكومة القاضي بأن يُدفع للمحتوى المُشارك إخبارياً على منصات التواصل الاجتماعي، تم الاتفاق على أنّ فيسبوك سيوفر مجدداً عرض المحتوى الإخباري لكل مستخدم أسترالي الجنسيّة.
مما يعني وصول الطرفان المتنازعان الى حلٍ منصفٍ يُرضي كليهما، الّا وهو عبارة عن أربعة تعديلات على مشروعِ القانون، وأهمُها استثناء فيسبوك من بعض الرسوم إن كان باستطاعته تقديمُ “مساهمةٍ عظيمةٍ” للصحافة المحليّة الاستراليّة، كما وتشمل التعديلات فترة نقاهة تمتد لشهرين قبل البدء بالتحكيم مما يمنح الطرفان المتنازعان وقتاً أطول للوصول الى اتفاق خاص، و أعُلن عن تعاون بين فيسبوك و وكالة نيوز كورب الأسترالية ضمن مشروع هذا القانون .

اتفاقيّة الشراكة بين فيسبوك و نيوز كورب

أُعلنت اتفاقيّة الشراكة يوم الاثنين الموافق للخامس عشر من مارس، و الذي سيسمح بعرض المحتوى الإخباري لوكالة الإعلام المحليّة نيوز كورب المملوكة لروبرت مردوخ على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، و تُضاف هذه الاتفاقية إلى سلسلة من الشراكات الجديدة التي وقعتها نيوز كورب مع جوجل في أستراليا في الأسابيع الأخيرة . ووفقاً لوكالة سي أن أن الأمريكيّة , فإنّ شركة نيوز كورب تتعاون بالفعل مع فيسبوك و جوجل في الولايات المتحدة الأمريكيّة , لكنّ الشركة كانت تضغط على الحكومة الأستراليّة من أجل قواعد جديدة في أستراليا، حيث كان الجدل محتدماً حول قانونٍ يُجبر الشركات التكنولوجيّة وشركات التواصل الاجتماعي الضّخمة على الدفع للناشرين مقابل الأخبار التي يتم مشاركتها على منصاتهم.

وتُغطي الصفقة جميع محتويات و فروع وكالة نيوز كورب في أستراليا، والتي تُسيطر على حوالي سبعين فالمئةِ من الصحف الأستراليّة كصحيفة “الأستراليّ” و “ذا ديلي تيلغراف”.

و أَكَدَتْ نيوز كورب أنّها من أشدّ المؤيدين للقانون الذي فرضتُه الحكومة في أستراليا , و قد أثّرَ في قرارها جائحة فيروس كورونا، حيثُ اضطرَّتْ الشركة إلى قطعِ العديد من الوظائف وإغلاقِ عشراتِ الصحف التابعة للوكالة في أستراليا العام الماضي مترافقةً مع تضخمٍ في أسعار أسهم شركات التكنولوجيا العملاقة , قادت نيوز كورب لحملة ضغط في أستراليا – بدعم من منافسيها التقليدييّن – لحمل السياسيين على جعل شركات التكنولوجيا كفيسبوك و جوجل و أمازون تدفع مقابل المحتوى الإخباري الموجود على مواقعها، قائلةً أنها كانت ضربة أكبر من أن تتحملها كما وصفه “روبرت تومبسون” الرئيس التنفيذي لشركة نيوز كورب في بيان صدر يوم الاثنين : أنّ “لاكلان مردوخ” قادَ نقاشًا عالميًا , بينما كان الآخرون في صناعتنا صامتين أو مستلقين .

وأضاف “هذه الخاتمة الرقميّة كانت في طور التكوين منذ أكثر من عقد, و تُعد الاتفاقيّة مع فيسبوك علامة فارقة في تغيير شروط التجارة للصحافة, وسيكون لها تأثير مادي وهادف على أعمالنا الإخباريّة الأستراليّة”. جاءت هذه الاتفاقيّة بموجب قانونٍ سيساعد في رفع هيمنة مواقع التواصل الاجتماعيّ في استقطاب ناشري المحتوى و المُعلينين , بعدَ خسارة العديد من وسائل الإعلام الأستراليّة و العالميّة إيراداتها في العقد الماضي , حيث تحول المعلنون إلى عمالقة الإنترنت مثل جوجل و فيسبوك أيضًا ، و لكنْ ما لم يتم اختباره حتى الآن هو كيف ستتفاعل شركات كفيسبوك مع التحكيم القسريّ و القوانيّن المفروضة من الدول إذا لم يُتمكن من التوصل إلى صفقة مع شركة إخبارية معينة. تذكّر ، فعندما كانت الحكومةُ تدافعُ عن هذا التشريع، قالَتْ إنّ أحد أهدافها هو إمالة ميزان القوة هذا في الديناميكيّة المنحرفة بين عمالقة التكنولوجيا ووسائل الإعلام , و ربما حتى بين هؤلاء الشركات و الحكومات ! , فهل تسلك الدول نهج أستراليا لتعويض خسائرها ؟ أم أنّ الشركات التكولوجيّة العملاقة ستُعارض و تحاول الالتفاف حول هذه القوانين في ظلّ دعمهم من الحكومة الأمريكيّة ؟ .